إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الذكرى الثانية لثورة 17 ديسمبر 2010 بقلم :عزالدين مبارك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابوالراشدات
عضو نشيط




ذكر عدد الرسائل : 66
العمر : 69
التخصص : اقتصاد
الدولة : تونس
تاريخ التسجيل : 11/08/2011

الذكرى الثانية لثورة 17 ديسمبر 2010  بقلم :عزالدين مبارك  Empty
مُساهمةموضوع: الذكرى الثانية لثورة 17 ديسمبر 2010 بقلم :عزالدين مبارك    الذكرى الثانية لثورة 17 ديسمبر 2010  بقلم :عزالدين مبارك  Empty19/12/2012, 8:38 pm

الذكرى الثانية لثورة 17 ديسمبر 2010

بقلم :عزالدين مبارك

لم يتوقع أحد من الساسة وعموم الناس انطلاق الشرارة الأولى للثورة من سيدي بوزيد في ذلك اليوم بالذات وعلى تلك الشاكلة بحيث أحرق محمد البوعزيزي نفسه أمام الولاية بعد أن تم التعدي على مورد رزقه البسيط من طرف أعوان التراتيب البلدية

رغم علم الجميع بما تعانيه تلك المناطق من حرمان وتهميش وبطالة وفقر مدقع وما حدث منذ أمد قريب من حراك ثوري في مدينة الرديف والحوض المنجمي.

وقد تلقفت الجموع الغاضبة الحدث فاستوعبته بسرعة وكأنها لحظة تاريخية لن تتكرر فخرجت عن بكرة أبيها باحثة عن الدفع بالظلم والقهر الساكن بين الضلوع متحدية البطش والرصاص فخلخلت صرخاتها المدوية مفاصل نظام الفساد والمحسوبية ففر من فر بجلده هاربا إلى الخارج على عجل ودخل الباقون في الديار إلى جحورهم خوفا من بطش الثوار إلى حين تنقشع الغمامة وتتضح الرؤيا و يلعب مكر السياسة أحابيله.

ودخلنا في مرحلة التلاعب بالعقول وتبريد الثورة وخلط الأوراق وبيع الأوهام والجري وراء الكراسي وتقاسم المغانم وتركة النظام الهارب وتلاشت شيئا فشيئا أهداف الثورة حتى خلنا بعد عامين من الحدث العظيم أننا أخطأنا الطريق وأن قطار الثورة توقف سريعا وتعطب في محطته الأولى.

وكل زائر للربوع التي نبتت منها الثورة وروتها دماء الشهداء لم ير تغييرا يذكر ولم يشاهد تحقيقا للمبادئ التي نادى بها الثوار وهم يواجهون الرصاص والقمع بل عاد البطش بالمحتجين من جديد والتعذيب والتهميش فزاد فقرهم وزادت بطالتهم وكأن الثورة لم تقع أبدا.

فقد سرقت منهم أحلامهم ونضالاتهم وثورتهم واستولى عليها من لم تكن لهم صفة أوأحقية في ذلك وجعلوها أصلا تجاريا يباع في المزاد العلني وتناسوا بؤس وشقاء مفجري الثورة وهم الآن بفضلهم ينعمون بالخيرات والبركات.

وبعد برهة قصيرة خرج النائمون في الجحور والخائفون من القصاص من الظلمة إلى الضوء بعد أن انقشعت الغيوم وأصبحت الطريق سالكة معبدة وصالوا وجالوا في الربوع كالجهابذة يفتون في السياسة وأصبح للثورة آباء جدد يرعونها ويتفننون في مغازلتها بعد أن دفنوا مطالب الثوار في بئر عميق وما يئسوا من نثر الرحمة على قبور الشهداء كذكريات للاحتفال وذر الرماد في العيون.

وبالطبع ليس كمن بيده الجمر ينام جائعا على قارعة الطريق أو يبحث عن ربع عمل بعد أن افنى عمره في الدراسة كمن وجد نفسه في غفلة من التاريخ يعب عبا من المال العام ويأكل حتى التخمة وفي قرارة نفسه أن المضي في هذه النعمة إلى ما شاء الله هي أوكد أعماله ليلا نهارا حتى لا تفلت من بين يديه هذه البحبوحة ولا تهمه في شيء الجموع التعيسة غير بعض دموع التماسيح والكلام الذي لا يسمن ولا يشبع من جوع.

فالثورة أصبحت وجعا وجرحا نازفا وذكرى أليمة بالنسبة للربوع التي انطلقت منها وعايشتها بجوارحها ثم سلمتها في غفلة من التاريخ إلى من لم يعانقها ويجعلها في مقلة العين لأنها ليست ابنته الشرعية ومن صلبه وظن أنها جاءت لخدمته ورعايته حتى يجلس على الكرسي هانئا وبذلك أصبحت غنيمة ومبعث سرور وبهجة بالنسبة لهؤلاء.

فازداد الفساد والبؤس وغلاء المعيشة في البلاد في غياب خطط واضحة للتنمية والعدالة الاجتماعية وكثر اللغط والدجل السياسي العقيم وبيع الأوهام والتلاعب بالعقول ولم يتحقق أي شيء ملموس لا من الناحية السياسية ولا من الناحية الاقتصادية ولا من الناحية الحقوقية.

فلصوص العهود البائدة عاد لها بريقها ولمعانها وغدت الآن أشد جشعا وفسادا في غياب المحاسبة وتلونوا كالحرباء وأصبحوا أسياد النزاهة والطهارة وثوريين لا يشق لهم غبار وبيدهم الحل والربط وتنصبهم الحكومة في أعلى المراتب وهم أصحاب الخبرة في التلون وقلب الحقائق والفساد.

فكيف نبني على أنقاض دولة الفساد مدينة فاضلة يسوسها العدل والنزاهة والشرف وجل الفاسدين متربعين على كراسيهم منذ حقب طويلة يقمعون أصحاب الضمير والمبادئ وهمهم تغيير الولاءات وطمس الحقائق والتنعم بالمال العام وخدمة السلطان حتى وإن كان جائرا وترك حقوق المواطن في سلة المهملات؟

إن ثورة 17 ديسمبر 2010 تعيش في هذه المرحلة أكبر تحدياتها لأنها تكاد تذهب بعيدا عن تحقيق أهدافها وهي بالقطع أهداف الطبقات المحرومة والمهمشة وبذلك تحس الجموع التي ثارت ذات يوم أغبر في بلد الشوك والظلف والأراضي المشققة والحفر والعجاج بالغبن الشديد وهي تكاد تكفر بثورتها التي كانت بردا وسلاما على الغرباء ولم تكن إلا حصرما وحنظلا مرا على أصحابها.

كاتب

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الذكرى الثانية لثورة 17 ديسمبر 2010 بقلم :عزالدين مبارك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدعم وهدر الموارد بقلم عزالدين مبارك
» من علامات انحراف السلطة بقلم عزالدين مبارك
» جذور الإرهاب بقلم عزالدين مبارك
» بؤس السياسة في واقع مهزوم بقلم عزالدين مبارك
» صندوق ضد البطالة والفقر بقلم عزالدين مبارك*

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: