إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 من علامات انحراف السلطة بقلم عزالدين مبارك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابوالراشدات
عضو نشيط




ذكر عدد الرسائل : 66
العمر : 69
التخصص : اقتصاد
الدولة : تونس
تاريخ التسجيل : 11/08/2011

من علامات انحراف السلطة بقلم عزالدين مبارك Empty
مُساهمةموضوع: من علامات انحراف السلطة بقلم عزالدين مبارك   من علامات انحراف السلطة بقلم عزالدين مبارك Empty1/9/2012, 4:46 pm

من علامات انحراف السلطة
بقلم عزالدين مبارك*
السلطة حسب المفهوم الديمقراطي الحديث شرعية أو لا تكون من حيث المبدأ والشرعية تعني هنا القبول الشعبي الحر عن طريق انتخابات نزيهة وشفافة. والشرعية ليست مطلقة بحيث تفعل السلطة ما تريد فهناك بالأساس عقد اجتماعي وتفويض مؤقت ومشروط بإنجاز مهمة محددة ببرنامج. فلا يمكنها التلاعب بالإرادة الشعبية والانحراف عن الأهداف المرسومة كما لا يمكنها تغيير آليات اللعبة الديمقراطية كخنق الحريات العامة وتزوير الانتخابات وشراء الأصوات واستعمال المال العام لغايات حزبية لأن ذلك يعد تكريسا للديكتاتورية والتشبث بالحكم بطرق ملتوية والتحايل على الإرادة الشعبية العليا.
وأهم المؤشرات الدالة عن انحراف السلطة تأتي من قراءة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ومستوى الحريات المدنية والسياسية واستقلال القضاء والعدالة الاجتماعية وتعبيرات المجتمع المدني.
فمن مسؤولية السلطة القائمة هو توفير الأمن أولا للمواطنين ثم الخدمات والسهر على تطبيق القانون على الجميع بدون محاباة وتعسف فتكون بذلك مستقلة عن التجاذبات الحزبية ومحايدة فيحترم بذلك المواطن قراراتها ويستتب الأمن والسلم الاجتماعي ويعم الرخاء.
فالسلطة إذا انحازت للحزب الذي جاء حكامها منه أصبحت مرتعا للولاءات بحيث تمنح كل المسؤوليات في الإدارة لأبناء ذلك الحزب دون سواهم حتى ولم تتوفر فيهم الشروط والكفاءة وذلك لتحقيق غايات معينة مثل التأثير على مصير الانتخابات المقبلة وتوجيه المال العام والمنافع لناحية من النواحي وسن القوانين والمراسيم والأوامر لخدمة هدف معين. فنتحول بذلك إلى منطق الغنيمة والقبيلة ويختلط مفهوم الدولة الكيان المستقل بذاته والثابت على الدوام بدواليب الحزب الحاكم الذي هو من فعل المؤقت.
فمن خلال تصرف الحزب الحاكم إزاء احترامه للمواطن والمواطنة والمجتمع المدني وعدم المس بالدولة ومؤسساتها الثابتة والمستقرة ونبذ التداخل بين ما هو تابع للحزب وما هو تابع للدولة التي هي ملك مشترك لعموم المواطنين والأحزاب الأخرى، يمكن لنا تقدير درجة انحراف السلطة.
كما إنه في صورة التأكد من عدم جدية وكفاءة السلطة القائمة بحيث لم تقم بما هو واجب عليها ولم تحقق ما هو مطلوب منها وتردت الأوضاع الأمنية والمعيشية فمن البديهي أن تنتهي شرعيتها الشعبية وتأتي سلطة بديلة عنها. فالانتخابات هي آلية فقط لكي يختار الجمهور من سيحكمه حسب برنامج محدد وشروط معينة والسلطة مطالبة تحت عين الشعب ومراقبته بتحقيق ما التزمت به وإذا لم تقم بذلك تكون قد انحرفت عن المهمة وتفقد بذلك شرعيتها فالمهم والأكيد هو تحقيق الغايات على أرض الواقع وليس النجاح في الانتخابات ثم النوم في العسل.
وأكبر دليل على ذلك فإن الشعب التونسي قام بثورته على حكم شرعي حسب مفهوم الانتخابات والقوانين المعمول بها في ذلك الوقت لكنه غير شرعي بحكم أنه انحرف عن الطريق السوي وعم الفساد البلاد والظلم والمحسوبية فكان من البديهي رفع سيف الثورة في وجهه من طرف أصحاب الحق والشرعية وتغيير النظام وهذا ما تم.
فالثورة الشعبية هي أعلى قمة الشرعية في عالم عربي حكامه استبداديون بالفطرة والثقافة كل همهم السلطة وتأبيدها ثم توريثها والدولة بالنسبة لهم مجرد مزرعة خلفية وملك خاص مباح لهم وحدهم يتصرفون فيه بدون حسيب ولا رقيب والمواطن جرثومة فتاكة يجب القضاء عليها بكل الطرق.
فأي نظام سياسي لا يحقق المطالب الشعبية والتي جاءت بها الثورة من خلال شعاراتها المطالبة أساسا بالحرية والكرامة والشغل في ظل نظام ديمقراطي تعددي ومدني فإنه ينحرف عن التفويض الذي حظي به ويفقد شرعيته. فالشرعية الثورية والشعبية تقاس بما يتحقق على أرض الواقع من هذه الشعارات دون سواها.
أما المسألة الدينية المتمثلة في أسلمة المجتمع التونسي ومقاومة العلمانية بدعوى أنها مبعث للكفر وفرض نمط اجتماعي معين على المواطنين لم يكن من أهداف الثورة ولا من شعاراتها لسبب بسيط وهو أن قضية التدين في تونس محسومة تاريخيا لأن الشعب التونسي مسلم أبا عن جد علما بأن الكل يعرف بأنه لا إكراه في الدين هذا إذا سلمنا بوجود فئة قليلة العدد غير متدينة كما أن العلمانية تعني التبحر في العلوم وليست مفهوما دينيا بحتا ولا تعني الكفر والإلحاد.
فالمشروع الديني غير واقعي ومنتج سياسيا في ظل حرية المعتقد واحترام الدولة للمقدسات والشعائر في بلاد دينها الإسلام دستوريا وفعليا اللهم للاستعمال الانتخابي والحزبي بحيث يكون طريقا فاعلا ومؤثرا لجلب الأنصار والمريدين لكن خطره أن المزايدات السياسية في حمى الانتخابات تقسم البلاد إلى فئتين متناحرتين بين من يدعي الإسلام والرجوع إلى الأصول والحداثيين المتشبعين بالقيم الجديدة.
كما أن الخوض في هذه المسألة الشائكة والعقائدية ونحن في بداية الديمقراطية الناشئة تبعدنا عن جوهر الاستحقاقات الشعبية الملحة كمقاومة الفقر وتكريس العدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة وتنحرف بنا إلى أهداف شعبوية وانتخابية ضيقة تكرس التفرقة والغلو والقلاقل الاجتماعية.

*كاتب ومحلل سياسي واقتصادي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من علامات انحراف السلطة بقلم عزالدين مبارك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التكالب على السلطة في غابة الذئاب بقلم عزالدين مبارك*
» بؤس السياسة في واقع مهزوم بقلم عزالدين مبارك
» الدعم وهدر الموارد بقلم عزالدين مبارك
» جذور الإرهاب بقلم عزالدين مبارك
» الاختيارات التعليمية الفاشلة بقلم عزالدين مبارك

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: