د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: الأزمة العالمية تهدد أمن مصر الاقتصادي 22/3/2009, 4:56 pm | |
| الأزمة العالمية تهدد أمن مصر الاقتصادي بقلم: د. طه عبد العليم تهدد الأزمة الاقتصادية العالمية أمن مصر الاقتصادي, الإنساني والقومي, شأن غالبية البلدان. ويتوقف نجاح سياسات مجابهة عواقب وأسباب هذا التهديد علي بناء الثقة بين الحكومة والمجتمع.
وأوجز, فأقول إنه لإقناع الرأي العام المصري بكفاءة وعدالة استراتيجية وبرامج مواجهة الأزمة تنبغي المصارحة بآثار وأسباب الأزمة علي أمن الاقتصاد الوطني والأمان الاقتصادي للمواطن, من جهة, وتجب مراجعة سياسات الإصلاح الاقتصادي المسئولة عن الإنكشاف أمام هذه الأزمة أو غيرها, من جهة أخري, ويلزم قطع الطريق علي سعي' أصحاب الأعمال' إلي' تعميم الخسائر' بعد' خصخصة الأرباح', من جهة ثالثة! وأعلن أولا: فيما يتعلق بمراجعة سياسات الإصلاح الاقتصادي, إن إخفاق' أصولية إقتصاد الأوامر' الإشتراكي في تخصيص الموارد بكفاءة وتحقيق الرفاهية للمجتمع وفر الأساس الموضوعي لبعث أسطورة' اليد الخفية' للسوق الحرة, التي تزعم أن تغليب' المصلحة الأنانية' للفرد من شأنه تحقيق' المصلحة العامة' للمجتمع! لكن كارثة الأزمة الاقتصادية العالمية برهنت مجددا علي أن' أصولية الإقتصاد الحر' الرأسمالي لم تكن أقل إخفاقا بمعايير تبديد الموارد وإفقار العاملين! كما بينت في مقالات سابقة. لكنه إذ' يكاد المريب يقول خذوني' فقد انبري المستفيدون من والمبشرون بالأصولية الرأسمالية, التي قادت للأزمة, يزعمون' إن الأخبار السيئة للأزمة مجرد ترهات! وأن معاودة النمو والازدهار وشيكة!', تماما كما ردد المنتفعون من إدارة بوش والمنظرون لها من الناطقين بلسان' إجماع واشنطن' المحبذين للسوق الحرة سيئة السمعة! وحتي حين' ذهبت السكرة وأتت الفكرة', واعترف' ليبراليونا الاقتصاديون' بخسائر مصر من الأزمة مع تراجع دخل مصر من القناة والسياحة والتحويلات والصادرات والاستثمارات والمعونات بانعكاستها السلبية المحتومة علي الاستثمار والنمو والتوظف والأجور والأسعار وميزان المدفوعات وموازنة الدولة.. إلخ, فقد اعتبروا الأزمة مجرد' نكسة' عارضة! وليست' هزيمة' مريرة, واستمروا في التبشير بذات السياسات الفاشلة, مرددين' رب ضارة نافعة'! واستلهموا ما جري في أمريكا, حين رأي صانعو الكارثة مصدرا جديدا للتربح في زيادة الإنفاق العام بل والتأميم الجزئي للبنوك وفق خطط الإنقاذ, وطالبوا بعدم قطع الطريق علي' تركز الثروة' وفق نظرية إقتصاد العرض, وبالكف عن الحديث الممجوج عن' عدالة التوزيع'! وقد يلزم أن ننوه الي أن جعل' البعد الاجتماعي مكونا في السياسة الاقتصادية' يعني تشجيع الاستثمار الذي يضيف للقدرات الانتاجية ويوفر فرص العمل ويزيد تنافسية الاقتصاد; فحينئذ- وحينئذ فقط- يمكن أن لتركيز الثروة في مصانع كبري ومزارع واسعة وتجارة نافعة وخدمات انتاجية واجتماعية ومنشآت سياحية وغير ذلك من الأصول المنتجة أن يفيد العاملين من ثمار النمو بزيادة دخولهم وأن يفيد المتعطلين بتشغيلهم. وأما' تعظيم ثروةس الشركات الإحتكارية ومكاسب المضاربين بالأراضي ومختلسي ودائع البنوك والمتهربين من الضرائب والمتاجرين بالعملة والمهربين للممنوعات وغيرهم من أصحاب الدخول الريعية, فانها لم- ولن- تتساقط علي الأمة, ولن يفيد' اقتصاد التنقيط' محدودي الدخل, ولن يحرر' الإحسان' الفقراء من أسباب فقرهم! وفي هذا الصدد أكرر ما أصبح العالم بأسره, وفي أمريكا قبل غيرها, يسلم به, وهو أن' الدولة هي الحل وليست المشكلة' وأن الأسطوانة المشروخة بأن' القطاع الخاص جيد والقطاع العام سييء' قد تحطمت في أربعة أرجاء الأرض! وأن' برنامج توزيع صكوك شركات عامة' ومجمل برنامج الخصخصة بحاجة إلي مراجعة قد تقود الي تراجع! بل إن تأميم' الشركات الاحتكارية', وفي الحد الأدني تفكيكها, ربما يكون اجراء لا مفر منه; ولنا في التأميم الكلي والجزئي للبنوك الأمريكية أسوة حسنة! وعلينا أن نراجع أهداف وحوافز جذب الاستثمار الأجنبي المباشر, وأن نضبط تدفقات رؤوس الأموال الي الخارج وتدفقات الأموال المضاربة في البورصة لحماية أهداف التنمية والاستقرار. وليس في كل ما ذكرت تراجع عن التسليم بضرورة الجمع بين أدوار السوق والدولة أو بين القطاع الخاص والقطاع العام, وليست فيه ردة إلي فلسفة' اقتصاد الأوامر' أو إعلاء لشعار' التنمية المستقلة' أو إنكار لمعطي' العولمة الاقتصادية', وإنما دعوة إلي التعلم من بلدان أوروبا وآسيا, السباقة, ومن أمريكا, العائدة, إلي بناء اقتصاد سوق مفتوح, ولكنه اجتماعي ومنضبط ومتقدم! لا يعرف الجمود العقائدي ولا يؤمن بوصفة جاهزة مسبقة ومقدسة ويعلي قيم الكفاءة والعدالة التي كانت ركيزة حضارة مصر منذ أكثر من خمسة آلاف سنة! وباختصار, وكما أكد الرئيس مبارك, فإننا بحاجة إلي' إصلاح اقتصادي يعيد تعريف دور الدولة, بما يحتفظ لها بأبعاده الاجتماعية وبمسئولياتها كمراقب لحركة الاقتصاد وآليات السوق'. وأري ثانيا, فيما يتصل بالآثار السلبية للأزمة علي أمن الاقتصاد الوطني والأمان الاقتصادي للمواطن, أن التعلم الإيجابي من دروس الأزمة الاقتصادية العالمية يكشف لنا مخاطر تراجع نمو الاقتصاد الحقيقي واعتماد النمو علي الاقتصاد الريعي, بمصادره الخارجية أو الداخلية, من جهة, ومخاطر ضعف القوة الاقتصادية المرتكزة إلي التقدم الصناعي والتكنولوجي والمعرفي, من جهة ثانية, ومخاطر الإنكشاف إزاء التقلبات والأزمات والضغوط الاقتصادية الخارجية, من جهة ثالثة. فلا جدال ضعف مناعة الاقتصاد المصري تجاه الأزمة يرجع بالأساس إلي تراجع الصادرات الريعية من قناة السويس وتحويلات العمالة وإيرادات السياحة وصادرات البترول, من جهة, وضعف الاقتصاد الحقيقي كما يتجلي في التأخر النسبي للتصنيع وتراجع الإكتفاء الغذائي نتيجة أسبقية توظيف المدخرات الوطنية في العقارات السكنية علي حساب الاستثمارات الانتاجية, من جهة أخري. وأبادر فأزعم أن تنوع الاقتصاد المصري مزية لا تنكر, بل وينبغي ويمكن أن نضاعف صادرات الخدمات, بشرط أن ندرك أن الأكثر تصديرا لها في العالم من حولنا هو البلدان الصناعية, فهي المنتج والمصدر الأكبر ليس فقط للمصنوعات, بل وللخدمات والغذاء والمعرفة! ولنتذكر هنا أن الأمن الاقتصادي القومي يعني تعظيم القدرة الانتاجية والتنافسية وتقليص الانكشاف والتهديد الاقتصادي بالمحافظة علي التوازن الدقيق بين الانفتاح الاقتصادي والسيادة الاقتصادية, حيث تعني الأخيرة سيطرة الأمة علي معدل واتجاه التنمية الاقتصادية, وحقها في اختيار النظام الاقتصادي وانفرادها بملكية الموارد الطبيعية, برفع معدلات الإدخار والاستثمار, وتحقيق الأمن الغذائي, وخفض معدل نمو السكان; واللحاق باقتصاد المعرفة, ومن ثم القدرة علي مقاومة العواقب السلبية للمؤثرات الخارجية, بل والمشاركة في وضع قواعد النظام الاقتصادي العالمي. ولنتذكر أيضا أن الأمن الاقتصادي الانساني يعني تحرير المواطن من الحاجة والخوف, بمكافحة الفقر والجهل والمرض والتحسين المطرد لمستوي معيشة المواطنين, عبر خلق فرص العمل المنتج وعالي الانتاجية, ومضاعفة الانفاق العام علي التعليم والصحة, وعدالة توزيع الدخل والسياسة الضريبية, وحماية المنافسة ومكافحة الاحتكار. ويتطلب تحقيق الهدفين تفعيل حوار مجتمعي يستهدف بناء وفاق وطني يضع وينفذ استراتيجيات قومية للتصنيع والأمن الغذائي وتطوير التعليم. وأسجل ثالثا: فيما يتعلق بنهج' تعميم الخسائر' بعد' خصخصة الأرباح', أن إدارة بوش للأزمة المالية الأمريكية, التي قادت إلي الأزمة الاقتصادية العالمية, كشفت مخاطر نهج مواجهة الأزمة انطلاقا من فلسفة خصخصة الأرباح وتعميم الخسائر, أي خلق الفرص لتركز الثروة بانفراد الرأسماليين بأرباح الإزدهار المتولد عن الاقتصاد الريعي الورقي قبل أن تنفجر فقاعته, ثم تحميل المواطنين الأمريكيين دفع فاتورة انقاذ أعضاء كازينوهات المقامرة في البورصات والبنوك, دون أن يشاركوها أرباحها, من قبل, مع تشريدهم من بيوتهم وطردهم من وظائفهم, وزيادة أعبائهم الضريبية من بعد. وهو النهج الذي تحيد عنه إدارة أوباما. لكنه بالنسبة لمواطني البلدان الأخري الذين أصابهم حريق شارع المال الأمريكي, فيبدو ان الإدارة الأمريكية الجديدة تواصل تصدير الأزمة اليهم بتقليص فرص التصدير وخفض المساعدة الانمائية, وتراجع الاستثمار المباشر, فضلا عن فصل العاملين في الفروع الخارجية, وهو أيضا ما تدفع إليه بلدان الاتحاد الأوروبي وغيرها من البلدان, مع اشتداد نزعات الحماية ودعم الصناعات الوطنية وتراجع تمويل التجارة والتحول للوقود الحيوي.. إلخ. وقد أختم بتصريح وزيرة القوي العاملة بأن' أصحاب الأعمال قد تراجعوا عن التسريح أو الإغلاق الجزئي.. وأن الحكومة زادت نسبة دعم الشركات التي تقوم بالتصدير في سبيل عدم الاستغناء عن أو تسريح العمالة'! وأقول إن هذا يثبت مجددا ما حذرت منه في مقال سابق, أقصد أن أصحاب الأعمال في مصر, حين يرفضون خفض أسعار منتجاتهم لمجابهة الركود, ويبتزون الدولة بطرد العمالة حفاظا علي مستويات أرباحهم, فانهم يعمقون أسباب الركود باضعاف طلب المستهلك; القادر علي الإنفاق والمطمئن علي وظيفته وبتهديد الاستقرار الاجتماعي! وأضيف أن مثل هذا النهج يفرض علي مصر أن تسعي إلي إقامة' مجلس للأمن الاقتصادي القومي' يستهدف تعزيز الأمن الاقتصادي, القومي والانساني, في ظل التحول الضروري من' الدولة الأبوية' إلي' اقتصاد السوق', وهو ما يستحق إطلالة أخري! نشرت بجريدة الأهرام عدد 22/3/2009
| |
|