د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: المكتبة المدرسية ودورها في تنمية القراءة عند الأطفال 18/12/2008, 4:34 pm | |
| المكتبة المدرسية ودورها في تنمية القراءة عند الأطفال محمد عيد الخربوطلي لا يختلف اثنان في أهمية المكتبة المدرسية في حسن سير عملية التربية التي تقوم بها المدرسة الناشئة، وأن دور المكتبة المدرسية المنظمة هو دور الموجه والقائد لعملية التربية بكاملها، ولا سيما في سن تكوين شخصية الطلاب وثقافاتهم.
هذا وقد اهتم أجدادنا كثيراً بموضوعات المكتبات عامة والمكتبات المدرسية خاصة، فقد ألحقوا بجميع مدارسهم بدءاً من الكتَّاب وانتهاء بالجامعة والأكاديمية مكتبات غنية بموادها، منظمة أفضل تنظيم بحيث تمكن الطلاب من ارتيادها بسهولة تامة، على أن يبدعوا في التأليف ويغنوا المكتبة العامة بمؤلفات لا تزال خالدة عبر العصور. ومما يؤسف لـه أن مكتباتنا العامة بشكل عام والمكتبات المدرسية بشكل خاص مازالت قليلة وهزيلة بالنسبة لمكتبات الأقدمين والغرب اليوم، فالمكتبات المدرسية النادرة اليوم هزيلة ضعيفة لا تساعد على إنجاز أعمال الطالب بشكل مرضي ولا تعينه على أن يثري ثقافته بشكل منظم. وقد شبهت المكتبات المدرسية بالقلب الذي يمد سائر الجسم بالدماء، كما شبهت بالدماغ الذي هو مركز تفكير الإنسان ودعامة توازنه، فكما أن الجسد لا خير فيه ولا حياة بدون دماغ ولا قلب، كذلك المدرسة تكون بلا روح وشكلاً من غير معنى بدون مكتبة، فالمكتبة جزء من المدرسة لا يمكن الاستغناء عنه لأنها وسيلة من وسائل التربية. وقد أكد مجلس التعليم في بريطانيا عام 1928 على ذلك، كما أكد في نفس العام على حاجات المدارس إلى المكتبات، وعندما خططوا أبنية حديثة للمدارس عام 1931 أكدوا على أنه من الضروري أن يخصص في كل مدرسة مكان للمكتبة بشروطها الصحية. هذه ثلاث توصيات حاسمة صدرت في أربع سنوات وكلها تؤكد على أهمية المكتبات المدرسية، ومع كل ذلك يتهمون أنفسهم بتخلفهم عن غيرهم في تزويد المدارس بالمكتبات. والمكتبة المدرسية شخصيتها المميزة التي تختلف عن أي نوع آخر من المكتبات فهي: أولاً: تتعامل فقط مع الأطفال الذين لديهم شغف بالقراءة، ولكنها تتعامل كذلك مع أطفال متخلفين يقرؤون بصعوبة، فهم بحاجة إلى معين يأخذ بيدهم، وإلى أدوات بصرية تثيرهم على الاهتمام بالدراسة. ثانياً: المكتبة المدرسية يجب أن تحتوي على كثير من الإمكانيات المادية مثل الصور والبطاقات ووسائل الإيضاح المعرفية. ثالثاً: المكتبة المدرسية جزء من مجتمع أكثر من أي مكتبة غيرها، لأنها يجب أن تكون أحد العوامل المتكاملة في حياة المدرسة وعملها، كما يجب أن يكون في الوقت نفسه حلقة اتصال بين المدرسة وكل من المحيط الخارجي وحاجات الكبار. رابعاً: أهم سمات المكتبة المدرسية أنها موجهة نحو أهداف تربوية محددة وعلى المدرسين أن يتفهموا الأهداف التربوية لعمل المكتبة المدرسية. ويمكننا أن نلخص هذه الأهداف في أربعة نقاط: 1- أن تشجع عادة القراءة 2- أن تنمي في التلاميذ القدرة على التعلم من الكتب بلا مدرس 3- أن تحطم التقسيمات الجامدة التي يخلفها الجدول المدرسي بين المواد المختلفة 4- أن تعنى بالتدريب الاجتماعي وأول هذه الأهداف (تنمية عادة القراءة) يعتبر ضرورة عاجلة على المعلم أن يؤديها في ظروف حياتنا الحاضرة، فمن الطبيعي أن كل فرد تقريباً يكتسب عادة قراءة الإعلانات، واتجاهات المرور، ومعظم الناس يقومون بقدر كبير من القراءات الروتينية العابرة كقراءة الاستمارات الرسمية وغيرها، ولكن حين نذكر عادة القراءة إنما نقصد بها قراءة الكتب طلباً للمتعة. فهناك أطفال يتركون المدرسة مبكرين، ومن المحتمل أنهم لن يفتحوا كتاباً لا من أجل المتعة ولا لأي هدف آخر، فربما لا يستلزم عملهم منهم أن يفعلوا ذلك، وعندما ينتهون من عملهم يجدون أمامهم ألواناً عديدة من التسلية أعدت لأمثالهم فهم لا يشعرون أنهم بحاجة إلى الاستمتاع بالقراءة، ومنهم من يكون قد نشأ في بيت خال من الكتب، ولعلهم لم يشاهدوا آباءهم وأمهاتهم يقرؤون، ومن أجل ذلك تراهم لا يقرؤون أي كتاب للمتعة، ولا يمارسون هواية تحتاج الرجوع إلى كتاب ما. هنا يتساءل المدرس عما إذا كان مسؤولاً عن تشجيع عادة القراءة في تلاميذه الذين يظهرون تخلفاً واضحاً، وعما إذا كان واجبه قد يؤدي بأخذ هؤلاء المتخلفين بقدر من القراءة والكتابة يكفي لمواجهة ضرورات الحياة؟ والجواب على ذلك أنه حتى التلميذ الغبي المتخلف ينبغي أن تتاح لـه على الأقل فرصة الاحتكاك بالكتب، لأن كل طفل يجب عليه أن يقرأ لكي يتعرف على شيء من الخبرات التي يعبر عنها الأدب، ولكي يتصل بحياة الآخرين ويلمسها بخياله، ولكي يكتب مجموعة من القيم تجعله يقف في ثبات في عالم الكتب وفي العالم الأوسع الذي سيعيش فيه.. فعلى المدرس أن يحاول تنمية عادة القراءة في تلاميذه للمتعة، كما عليه أن يوجه هذه القراءة ويتحكم بها، فبعض الأطفال يسرفون في القراءة من غير هدف، هنا يأتي دور المدرس فعليه أن يستغل كل ما لدى الطفل من إمكانيات، وألا يدع طفلاً فيه القدرة على التقدم، ولو خطوة واحدة، إلى أن يدفعه ويضمن لـه هذه الخطوة. ومن الواضح أن معظم الأطفال بمجرد استطاعتهم على القراءة سوف يقرؤون، هنا يأتي دور المعلم ليهيئ لهم الكتب الملائمة ويجعلها في متناولهم، ويلاحظ أيضاً أن الأطفال الذين لا يبتدئون القراءة من تلقاء أنفسهم يكون السبب في ذلك هو المدرس نفسه، لأنه لم يعطهم الدافع اللازم لذلك، فمن عادة المدرسين أن يهتموا بالطفل القارئ ويتركوا الطفل الغير قارئ، وبعض المدرسين ينفرون الطلاب عن القراءة، وهذا أمر خطير يجب تداركه، هنا يأتي دور المدرس، فيأخذ الطلاب إلى قاعة مكتبة المدرسة ويعطيهم كتاباً ذا مظهر جذاب، فالإحصائيات تقول إن معظم الطلاب يختارون من المكتبة العامة الكتب التي مظهرها جذاب، هنا على المعلم أن يستغل هذه النقطة فعليه أن يوجههم إلى هذه الكتب، مثلاً يعطيهم كتاباً فيه قصص عن الحيوانات مليئة بالصور الملونة، وبعد أن يختار الطفل الكتاب الجذاب، يجب على المدرسة أن توفر لـه المكان الجذاب أيضاً، فالمكتبة كما يقول تقرير كارنيجي أعظم من مجرد مجموعة من الكتب، فيجب أن يتوفر في المكتبة الهدوء والسعة والأفراد والجمال، والمكتبة المدرسية يجب أن يكون جوها منزلياً مريحا، وأن تكون معدة خير إعداد، وبعد أن وفرنا للأطفال الكتب اللازمة والمكان المريح، يبقى على المدرس اختيار الطريقة المناسبة لتقديم الكتب لهم، وخير طريقة هي الطريقة غير المباشرة، فعلى المدرس أن يشير في دروسه كلها إلى الكتب ويتكلم عنها وعن شخصياتها، ويقتطف مقاطعاً منها ويقرأها على تلاميذه، حتى يستلب إعجابهم، وليترك بعضاً من نسخ الكتاب بأيديهم حتى يتمكنوا من إكمال القصة بأنفسهم، ثم يشير المدرس إلى أن نسخاً من هذا الكتاب الذي يوجد فيه هذه القصة هو في متناول اليد وتحت الطلب للاستعارة من مكتبة المدرسة. ومن أساليب غرس حب القراءة عند الأطفال الأسئلة التي يوجهها المدرس إليهم، فمثلا يسألهم أي منظر أعجبكم في الكتاب؟ وأي شخصية تميلون إليها أكثر؟ ولماذا؟ فهناك قائمة طويلة للأسئلة، وبهذه الطريقة التي يقودها مدرس متحمس يصير طلابه حاذقين للغاية، وعلى المدرس أن، يتحمل كل الأجوبة ولو كانت طويلة. ومن الطرق الأخرى هو أن المدرس يوجه الطلاب الذين استعاروا كتباً وأعجبوا بها إلى أن يتحدثوا إلى زملائهم عما قرؤوه، ومن الحكمة أن يتيح لهم المدرس وقتاً يقرؤوا فيه من الكتاب المستعار أمام زملائهم ويجعلونهم يشاهدون معه الصور التي بداخله. ومن الطرق التي ترغب الطفل بالكتاب أن يأمر مدرس التعبير طلابه بكتابة خطابات لبعضهم البعض موصين بالكتب، كذلك المناظرات والمناقشات والأحاجي والفوازير، ويمكن تنظيم مناظرة بيع الكتب، حيث تخصص فيها جماعات صغيرة من الطلاب للدعاية الشفهية والكتابية والوصفية لأجل بيع كتاب معين لسائر الفصل، وغير ذلك، فعلى المدرس أن يتحين أي موضوع يمكن أن يخلق الرغبة في الكتب. لكن هناك ملاحظة مهمة، هي ألا يحاول المدرس إعطاء الطلاب تعليماته بصفة رسمية، فيجب إعطاء الطفل مادة القراءة الملائمة لهوايته، ويقود ذلك بالطبع لقراءة كتب في موضوعات أخرى، وإجمالاً فإن المدرس يشجع الهواية ليخلف الرغبة في الاستعلام وهذه الرغبة في الاستعلام بدورها تخلف الحاجة إلى القراءة. المصادر: - المكتبة ودورها في التربية ت. د. ر. ج. رالف. - تنظيم المكتبة المدرسية، ت: محمد ماهر حمادة – علي القاسي ط1 دمشق 1969 - مكتبة الأطفال وقراءاتهم – منظمة طلائع البعث 1980 جريدة الاسبوع الادبي العدد 1083 تاريخ 8/12/2007 | |
|