د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: من أجل طفل قارئ : كيف ننمي القراءة عند الأطفال 18/12/2008, 4:31 pm | |
| من أجل طفل قارئ : كيف ننمي القراءة عند الأطفال نزار نجار يتفّق علماء النفس المربّون ورجال التربية والإعلام على أهمية ترسيخ القراءة عند الأطفال في سنواتهم الأولى؛ وهذه السنوات تعدّ مسؤولة إلى حد كبير عن تحديد الملامح الشخصية لكل طفل في المستقبل..
وتؤكد دائرة المعارف البريطانية على أن طفل اليوم يختلف كثيراً عن طفل الأمس، لأن مؤثّرات البيئة المعاصرة التي يعيش فيها الآن تسرع في نضوجه المبكّر، والطفل لا تقتصر قراءاته على كتب الأطفال وحدها، بل يمكنه أن يطالع كتب الكبار أيضاً!! وتهدف ثقافة الأطفال بعامة إلى بناء شخصية الطفل وتشكيل حياته، وهي تمثّل أسلوب الحياة السائد في مجتمع الأطفال، وثقافة الأطفال تضع في اهتمامها دائماً رغبات الأطفال واحتياجاتهم وخصائصهم في إطار من القيم السليمة والمثل القويمة. والتعليم في المدارس وحده لا يكفي لتنشئة الأطفال التنشئة المثلى، لذلك تسعى الدولة الناهضة مع بعض الهيئات والمؤسسات الخاصة إلى توفير مناخ ثقافي يسهم في تزويد الأطفال بالمعارف والثقافة العامة بما يؤدي إلى توسيع مداركهم وفتح الآفاق لهم على عالم أرحب، ورؤية أوسع. ويمكن القول: إن استراتيجيات خطط التنمية تركّز على إعطاء الأولوية للقراءة والاطلاع وتزويد الأطفال بالمعرفة، وتعريفهم كيفية الاستفادة منها.. * القراءة قبل دخول المدرسة (القراءة المبكّرة): يتعلّم الطفل كثيراً من الأشياء في بيئته الأسرية، وتجيء القراءة في مقدّمة اهتمامات الآباء والأمهات، لذا يرغب الأبوان في حثّ الطفل، منذ الصغر، على الكتابة والقراءة، ومتابعة ذلك في وقت مبكّر، ليستعدّ ـ بعدئذ ـ طفلهما لدخول المدرسة... ودخول المدرسة ليس هاجساً عند الأسرة التي تُعنى في السنوات الأولى بأطفالها، وهو لا يشكل مصدر خوف، أو مبعث نفور طالما أن الاهتمام بدأ مبكّراً… وتكوين الحالة الإيجابية في المواظبة على القراءة على الأعمّ الأغلب ـ يبدأ من البيت، من داخل الأسرة، من الأم والأب والأخوة، وقد ثبت ذلك في أكثر من تجربة عملية، ثبتت هذه الحقيقة في مهارات الأبوين اللذين يتابعان تحفيز الطفل على المزيد من القراءة والمطالعة، التحفيز الذي يتّسم بالخصوصية في الأداء وممارسة فنون الترغيب وبعثها في نفسه، وفي شخصيته الجديدة، والقراءة المبكّرة لها أهميتها، القراءة وسيلة إلى السعادة والفرح والمتعة، وهي طريقة أيضاً إلى تفتّح مدارك الطفل والإحساس بما يدور حوله في العالم المحيط به... ولتوجيه الوالدين، وإرشادهما إلى الطرق العملية في حثّ ميول الطفل إلى القراءة؛ أثر بالغ في هذا الإطار، فالوالدان يهيئان الأجواء التي تشيع المتعة والمرح والحب والأمان، وهما أكثر قدرة على استمالة فضول الطفل، أكثر قدرة على تحريك طموحه وتحفيزه وجذبه نحو القراءة، وليس هناك شك أن لكل طفل ذوقه الشخصي الخاص به، ولكن هناك خصائص مشتركة لدى الأطفال بالنسبة إلى القراءة والمطالعة، خصائص يشترك فيها معظم الأطفال... في البداية، تُترك الحرية للطفل ليقوم بالعبث في الكتب والدفاتر، والقصص الملونة، وقراءتها بحسب رغبته، وفي الوقت الذي يحبّ، ولا بأس أن نبعث إليه رسائل بريدية تثير فيه الاهتمام، وتحفزه على معرفة محتواها، وسوف يركض الطفل وهو يحمل هذه الرسائل، يركض خلف أبيه أو أمه لاكتشاف ما في الرسالة وهذا ما يزيد الرغبة لديه في القراءة، ويشعره باستقلاله ووجوده وحضور شخصيته، ثم بعدئذ يطوّر إمكاناته في الكتابة ليستطيع الردّ على تلك الرسائل!! والطفل ـ حين يتلقى الرسائل ـ يشعر بالسعادة، ويندفع في الوقت نفسه إلى قراءتها، ثم تحثّه بعد ذلك على الكتابة والردّ عليها، حتى لو كان يُخْطِئُ في الكتابة! وعندما يقضي الأبوان قليلاً من الوقت في الإصغاء إلى الطفل والاستماع إليه باهتمام، وحين يرويان له ما جرى في اليوم، يحدثانه بهدوء في البيت، وفي السيارة، وفي الطريق، ويستمعان إليه، ويجيبان على أسئلته. حين يفعلان ذلك يشقّان الطريق إلى تشكيل المحرّضات النفسية والميول الكامنة، والنوازع القوية إلى متعة القراءة والاطلاع، بل يجعلانه مغرماً بالكتب مقبلاً عليها، يقلّب صفحاتها، بشغف، يلتهم أسطرها ويتناغم مع حروفها ويواظب على التواصل معها. ربما يروي الأب له شيئاً من الذكريات، من تاريخ الأسرة، ربما يذكر له حادثة أو قصة عاشها صغيراً، والطفل يتوق إلى سماع قصص أبيه، وحكايات أمّه، وأحاديث جدّته أو جدّه، يرغب في التعرف إلى مواقف أسرته! * هنا يمكن للأبوين أن يستغلا الوقت ـ بعدئذ ـ بقراءة رواية أو قصة قصيرة له كل يوم، قبل النوم، أو عندما يكون مستيقظاً، أو حين يطلب الطفل ذلك. وفي كل قصة مفردات جديدة سوف يفهمها كأنه يقرؤها بنفسه... * وحين يقرأ الأبوان للطفل كتاباً يمكن أن يشيرا إلى الكلمات والجمل بالإصبع، فذلك يفيد الطفل في تعلّم الكلمات وتقدير أماكنها... ومعرفة بداية الجملة وانتهائها، والصفحة وأرقامها والقراءة مع الصّور.. * وليس هناك أجمل من أن يقرأ الأب أو الأم، كتبهم ومجلاتهم وصحفهم بحضور الطفل، إذ سيدرك متعة القراءة وفائدة المطالعة وما تجنيه من سعادة وسرور. * كما أن محاولة الأبوين الكتابة أمام الطفل، كتابة موعد أو عمل أو تذكير بأمر؛ يجعل الطفل يفهم ويدرك أثر الكلمات التي تُكتب وتدوّن، ويتعرف عندئذ إلى أهميتها في الحياة. * ويمكن أن يكشف الأب والأم لطفلهما الكتابات المتعلّقة بالمنزل أو الشارع أو السوق، مع قراءة الأسماء والعناوين أمامه بصوت عال أو حين يتصفّحان مجلّة أو صحيفة يردّدان بعض الجمل أو الكلمات في حضوره.. * ومن المهمّ أن يُخصص للطفل ركن أو زاوية في البيت للقراءة والكتابة يستطيع من خلالها الدخول في عالم القراءة والكتابة سواءً بمفرده أو بمساعدة أبويه، ويُطلب منه قراءة ما كتب أو ما سيكتبه ولو كان ذلك بطريقته الخاصة. * وفي الأسرة حين يُشجع الأبوان أفرادها على القراءة اليومية سيجد الطفل نفسه متحمساً معهم. * وحين يذهب الأبوان إلى المكتبة مع طفلهما ويشارك الجميع في شراء الكتب والمجلات يبعث ذلك في نفس الطفل الرغبة في اقتناء الكتاب مع توجيه ميله إلى القراءة... * وإن لزيارة الأبوين إلى معارض الكتب ودور الثقافة أثرها الحميد عند الطفل ومرافقته إلى المكتبة الخاصة بالأطفال أو الأجنحة التي تتوفر فيها كتب الأطفال ومجلاتهم تبعث فيه السعادة وتحثه على القراءة وتُفتّح آفاق فكره ومداركه وخياله، ولا بأس أن يناقش الطفل حول الكتاب الذي يفضّله أو المجلة التي يختارها، أو القصص التي يحبّها، وأن يحاور حول شخصيات القصص وزمان القصة ومكانها، والتحدّث عمّا فهم من هذه الحكاية أو تلك القصة... وبعد إن هذه النقاط المشار إليها كلّها تمثل توجيهات مباشرة، تأخذ أسلوب التحفيز والحثّ والتوجيه عن طريق الترغيب، لتشكل بعدئذ في مجموعها الدافع القويّ عند الطفل للقراءة المبكرة والمطالعة الأولية، وتثير في نفسه روح البحث والكشف والتفكير المنطقي السليم. جريدة الاسبوع الادبي العدد 1114 تاريخ 2/8/2008 | |
|