د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: الأديب الهندى بنكيم تشاندرا تشاتيرجي 18/12/2008, 3:56 pm | |
| أديب من الهند بنكيم تشاندرا تشاتيرجي ترجمة: محمد الدنيا بنكيم تشاندرا تشاجيرجي، الروائي وكاتب المقالة، هو أحد المؤلفين الهنود الأوائل الذين جددوا في الأدب الروائي باللغة البنغالية. ترجمت رواياته إلى عدة لغات هندية، وإلى الإنكليزية، وترجم بعضها إلى الفرنسية، منها " دير الغبطة " ( " AnandaMath " ) و " وصية كريشنوكانتو " ( " Krishnakanter Uil " ) و " تلك التي ترتدي قرطيْ جماجم " ( Kapalkundala "). هو أيضاً مؤلف النشيد الوطني " Vande Mataram ". ترك أعمالاً وسمت عصره في الوسط الأدبي وفي الميدان السياسي.
ولد بنكيم تشاندرا تشاجيرجي في حزيران 1838، في كنتلبارا، قرب كلكتا، في البنغال، في كنف أسرة من البراهمانيين المثقفين. كان تلميذاً لامعاً جداً، تتلمذ في ميدنابور، حيث تلقى تعليماً تقليدياً لدى معلمين للغة السنسكريتية ونال تعليماً غربياً على يد معلمين إنكليز. تابع دراساته في القانون، والتاريخ، والفلسفة والأدب الإنكليزي في جامعة كلكتا التي تأسست عام 1859، ومنها حصل على شهادة جامعية. ثم عين في إحدى الإدارات العامة، في البنغال. على الرغم من سيطرته التامة على اللغة الإنكليزية، وكفاءته وحيويته المميزتين، لم يحصل على ترقيات في حياته المهنية، نظراً لوضع الهند السياسي في ظل الهيمنة البريطانية. إلا أنه كان لامعاً في ميدان الكتابة والأبحاث. في الواقع، كان مولعاً بالأدب، وقد أدركته الصنعة كشاعر، غير أنه سرعان ما جنح إلى النثر. كتب روايته الأولى، Rajmohan`s wife، التي ظهرت عام 1864، باللغة الإنكليزية. كان مقتنعاً بأن على الأمة في طور صيرورتها أن تتسلح بوسيلة تعبير متكيفة مع حاجاتها، فاعتزم أن يكتب بقية أعماله بالبنغالية. وحسب رأيه، كي يتطور الشعب ويكوّن لنفسه هوية إزاء الإنكليز، عليه أن يتمتع بإمكانية وصف التغيرات الاجتماعية الثقافية والتوجهات السياسية الجديدة المرغوبة في لغة غنية ومرنة بشكل كاف؛ وهكذا، من خلال نثره، أعاد بنكيم تشاندرا بناء لغة الصفائيين الأدبية للغاية، مازجاً عن علم ودراية بين السنسكريتية والبنغالية ليجعلها أكثر تخيلية وقريبة من الشعب. كان وطنياً متحمساً يعمل من أجل مجد الهند ورخائها، ونشط أيضاً لإحياء نهضة ثقافية جديدة في البنغال مستنهضاً الطبقة الثقافية البنغالية. وقامت حملة أدبية حقيقية عندما بدأ بنشر قصص وروايات، ومقالات تاريخية وأبحاث حول الدين والأدب، ودراسات نقدية للكتب، ورسوم هزلية في مجلة " بنغدرشان " الشهرية. كشف بنكيم تشاندرا في هذه المجلة عن اللامساواة الاجتماعية والسياسية. كان معجباً جداً بالمفكرين الغربيين، وقرأ جان – جاك روسو، وأوغست كونت، وجيمس ميل، وجرمي بنتام، وهربرت سبنسر. وظهر تأثيرهم في آرائه حول التنمية الاقتصادية في بلاده، وحول التربية في مجتمع تسوده المساواة. حلل بطريقة عقلانية أسباب الفقر في بلاده، كمؤرخ مطلع، وانتقد ضعف الإبداع عند البعض. يكشف عمله الروائي، الذي ضم خمسة عشر عنواناً، عن وجهة نظره حول الحياة، والمجتمع والوطن، عبر تشكيلة ثرية من الموضوعات. تطرق في Durgesnandini ( 1865 )، وهي رواية عاطفية، إلى موضوع الحب خارج الحياة الزوجية. كتب بعد ذلك عدداً من القصص التاريخية، مثل Kapalkundala ( 1866 )، التي اعتبرت أكثر أعماله إبداعية، و Mrinalini، التي تتحدث عن غزو تركي – أفغاني للبنغال في القرن الثالث عشر، و Chandrasekhar ( 1875 )، التي تقع أحداثها عند بداية الهيمنة البريطانية على البنغال، و Rajsimha ( 1882 )، التي تمجد الأبطال الراجبوتيين. وفي رواياته حول الأسرة، مثل Vishbriksha ( 1873 )، و Krishnakanter Uil ( 1878 )، يشير إلى مسألة معاصرة، إعادة تزويج الأرامل منوهاً إلى انتصار التقاليد على الأهواء الفردية. كتب رواياته الثلاث الأخيرة، ذات الطابع السياسي، Anandamath، أو " دير الغبطة " (1882)، و Devi Chaudhurani ( 1884 ) و Sitaram ( 1887 )، على خلفية شبه صوفية. تصف الرواية الثانية، ببراعة، الشعور الديني المقترن بالنضال الوطني المستند إلى " التضحية، والورع، والانضباط الذاتي والتنظيم ". وكان قد استوحى أحداث روايته " دير الغبطة " من ثورة " السنياسينيين " 1 sannyasins في القرن الرابع عشر؛ تحول هؤلاء الزاهدون المستعدون لكل أنواع نهب ملاك الأراضي وقوى شركة الهند الشرقية من أجل حماية أفراد طبقتهم الرهبانية إلى متمردين حقيقيين. يروي بنكيم تشاندرا كيف أصبحوا الأبطال المبجلين لمن هم أكثر حرماناً، وكيف قاوموا الإنكليز، متغنين بمجد وطنهم الأم. هكذا ولدت العبارة المقدسة لـ " دير الغبطة "، " Vande mataram ( " أحييك، أيتها الأم " )، التي غدت فيما بعد النشيد الوطني الثاني للهند. علاّمة أخلاقي ومرشد روحي يرى بنكيم تشاندرا أن على الدين أن يؤدي دوراً حاسماً في تطور الإنسان. وفي عمل له غني جداً، تطرق فيه إلى مواضيع شديدة التنوع، تظهر لهجة المصلح الأخلاقي بادية بوضوح. وكثيراً ما تطرق في رواياته إلى قيم المجتمع التقليدية، وواجب الشعب تجاه بلده وتوبة المذنب، لأن هذا الإطار الأخلاقي والروحي ضروري لخلاص الإنسان حسب رأيه. ورغم إعجابه الكبير بالفلاسفة الغربيين، كان شديد التشبث بجذوره، كان مؤمناً بفكر الهند الفلسفي المرتكز إلى الـ Samkhya والـ Nyaya، نظريتي المنطق والمعرفة الاستنتاجية التي توجه الإنسان نحو طريق تحرره النهائي. تغذى بنكيم تشاندرا على المهابهاراتا، الملحمة الكبرى التي انحدرت منها " الأناشيد القدسية " ( البهاغاوات غيتا ) ووجد فيها قانوناً أخلاقياً فكرياً واجتماعياً وبحثاً سياسياً أيضاً. وبرأيه، كما كريشنا، بطل الأناشيد القدسية ونموذج الكمال، على كل إنسان أن يقوم بواجبه ( " دهارما " ) في المجتمع بالسعي إلى تطوير قدراته كي يكون في خدمة الجماعة دون أية أنانية. طليعي في الأدب وفي السياسة: ناضل بنكيم تشاندرا، رائد الرواية الهندية ورائد القومية الهندية الحقيقي، بحزم، بقلمه، من أجل تحريك المجتمع الهندي. ما يزال حياً إلى اليوم في ذاكرة مواطنيه، بفضل النشيد الوطني الذي ألفه في " دير الغبطة ". أنشد رابندرانات طاغور هذا النشيد للوطن الأم عام 1896، خلال جلسة لحزب المؤتمر. الوطن فيه مشبه بالأم بكل عذوبتها وقوتها الحامية. وأنشدته لاتا مانجشكار حين إخراج " دير الغبطة " عام 1950. وبقي يتردد بعد ذلك كلازمة وكلحن مرات كثيرة في الأفلام الهندية تذكيراً بالشعور الوطني. كان للمرأة، كوجه الأم، دور رئيس في أعمال بنكيم تشاندرا. طالب في مقالاته حول المساواة أن تكون المرأة مستقلة، وأن تشارك في النشاط الاقتصادي وأن تتمتع بحقوق الرجل الاجتماعية نفسها. وتحققت أفكاره، فلو كان هذا المفكر الطليعي حياً اليوم لوجد أن كثيراً من النساء الهنديات قد ساهمن في تطوير بلدهن، منذ أكثر من مئة سنة وحتى اليوم. 1 - السنياسينيون Sannyasin هو حسب العقيدة الهندوسية من بلغ " السنياسا " sannyasa، المرحلة الرابعة والأخيرة من الحياة المثالية، الذي زهد بكل ما في الدنيا وكل شيء من ثروات الأرض. يعيش السنياسينيون في فقر مطلق وبلا أية رغبة، إلا رغبة بلوغ " التحرر " ( هذا التعريف مأخوذ من Dizionario dell` induismo لمؤلفه A. Vallardi, Editions Garzanti ). جريدة الاسبوع الادبي العدد 1119 تاريخ 13/9/2008 | |
|