إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد Empty
مُساهمةموضوع: الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد   الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد Empty1/9/2009, 11:20 pm



الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد
د‏.‏ عمـــــاد صيـــــام
باحث في علم الاجتماع السياسي

يتأسس مفهوم الحداثة السياسية علي الفصل بين الدولة والمجتمع وهو فصل تكون له انعكاسات علي مستويين‏:‏ مستوي علاقة الإنسان بالدولة وهو ما يتجلي في ظهور المواطن‏،‏ ومستوي علاقة الإنسان بالمجتمع وهو ما يتجلي في ظهور الفرد‏.‏ هذا الانفصال بين الدولة والمجتمع مجرد عنوان لمنظومة فكرية متكاملة تتقاطع فيها مجموعة من الثنائيات‏:‏ الدولة والمجتمع‏،‏ المجال العام والمجال الخاص‏،‏ المواطن والفرد‏،‏ الحياة العامة والحياة الخاصة‏.‏هذه الثنائيات تشير الي وجود مسافة بين المواطن والإنسان من جهة وبين الدولة والمجتمع‏.‏ من جهة أخري‏.‏ وهو ما أمكن معه ظهور مجال خاص‏(‏ بالفرد‏)‏ ينفلت فيه من مراقبة السلطة‏،‏ حيث يتمتع بنوع من الاستقلالية فاتحا بذلك الباب أمام الفصل بين الدولة والمجتمع في هذا الإطار تتمثل وظيفة الدولة في ضمان حزمة من الحقوق التي تحقق للمواطن الفرد هذه الاستقلالية‏(‏ مثل حرية التفكير والمعتقد‏)،‏ هذه الحقوق المستقلة متعالية علي الدولة والسلطة وهذا ما سيؤدي إلي الفصل بين المجتمع السياسي والمجال الخاص بالفرد‏.‏

كان لابد من تلك المقدمة كمدخل يمهد لمحاولة رؤية علاقة المواطن في مصر بالدولة ومدي احترام خصوصيته وحريته الفردية وحقوقه كمواطن‏،‏ وكذلك مدي مشاركته في المجال العام الذي لا يحدد فقط مستوي مشاركته في صنع حياته ولكن أيضا يخلق الوسيلة الفعالة لمراقبة احترام حريته وخصوصيته وحقوقه كمواطن‏،‏ خاصة وأن المجتمع المصري يعاني من أزمة فشل الدولة الحديثة وعدم قدرتها علي انجاز عملية التحديث والتنمية‏،‏ وما لهذا من انعكاس مباشر علي تبلور واحترام حقوق المواطن‏،‏ حيث يتميز التاريخ السياسي والاجتماعي للمجتمع المصري علي امتداد مراحله المختلفة بعلاقة غير متكافئة بين الدولة‏(‏ كجهاز ومؤسسة وما تشيعه من قيم و ثقافة سياسية تعضد مكانتها‏)‏ والإنسان المصري‏(‏ أفراد‏/‏جماعات‏)،‏ تلك العلاقة التي تميزت إلي درجة كبيرة بالسطوة والاستبداد‏،‏ لهذا شكل اجتياح الدولة للمجال العام وتقليص المجال الخاص و عدم ضمان حمايته إحدي أهم قضايا الصراع الديمقراطي وتأسيس الدولة الحديثة في مصر‏،‏ والذي دار حول قضيتين‏:‏ الأولي‏:‏ تحديد المجال الخاص وحدوده وضمانات حمايته وعدم الاعتداء عليه سواء من الأفراد الآخرين أو الدولة ومؤسساتها‏.‏ الثانية‏:‏ ضمان أوسع مساحة من المشاركة للأفراد والجماعات في المجال العام علي حساب تهميش وتقليص تدخل الدولة واحتلالها لهذا المجال‏.‏

ولقد شهدت عملية التطور التاريخي لوضع حدود المجال الخاص وحمايته‏(‏ تنظيم الحقوق والحريات الفردية وتقنين العلاقة بين الفرد والدولة‏)‏ علي امتداد التاريخ الانساني جهودا ونضالات طويلة انتهت الي ما يشبه الاتفاق أو العقد الاجتماعي‏،‏ والذي ينطوي بطبيعته علي فكرتين تقدميتين هما‏:‏
‏1-‏ أن السلطة تنبثق أساسا من إرادة الأفراد الذين يتألف منهم المجتمع‏،‏ وبالتالي فممارستها تخضع لإرادتهم ولا تكون مشروعة إلا في الحدود التي يقبلون بها بهذه السلطة‏.‏ وهو المبدأ المعروف بأن الأمة هي مصدر السلطات‏.‏

‏2-‏ ضرورة أن يتضمن العقد الاجتماعي القواعد التفصيلية التي تتم علي أساسها عملية التنظيم السياسي للمجتمع والتي يجب أن يعرفها الجميع‏(‏ الحكام والمحكومون‏)‏ مسبقا وتسري عليهم جميعا ويطلق علي تلك القواعد‏'‏ الدستور‏'(1)،‏ والذي يقوم علي ثلاث قواعد أساسية‏:‏
أولها‏:‏ هي تقييد سلطة الحاكم وخضوعه لقواعد معينة محددة مسبقا لا يمارس اختصاصه إلا في حدودها‏،‏ وإلا اعتبرت سلطته غير شرعية واعتبر هو نفسه طاغية‏،‏ وهذا المفهوم يعرف أيضا باسم مبدأ‏'‏ سيادة القانون‏'.‏
ثانيها‏:‏ يتمثل في مجموعة معينة من الحريات أو الحقوق الفردية والتي تشكل حيز المجال الخاص والتي لا يستطيع الحاكم أن يمسها أو يتدخل فيها بالتعديل والتحوير‏،‏ وتعتبر في الوقت ذاته قيدا علي سلطته‏،‏ وكان يطلق عليها فيما مضي مصطلح الحقوق الطبيعية ثم صار يطلق عليها الحقوق المدنية‏.‏
ثالثها‏:‏ تصور معين لتنظيم عملية الحكم في المجتمع بما يضمن ألا تتركز السلطة في يد واحدة أو لمصلحة شخص واحد‏،‏ أو أن تستخدم في اضطهاد من ليس بيدهم السلطة‏،‏ وهو ما يعرف بمبدأ الفصل بين السلطات‏(2)،‏ والذي يتم في إطاره وضع القواعد التي تنظم نمط العلاقات في المجال العام ومشاركة المواطن فيه وكيفية مراقبته لسلطة الدولة والتزامها بالقانون وعدم اعتدائها علي المجال الخاص‏.‏

هنا يجب التأكيد علي أن شروط حماية المجال الخاص لا ترتبط فقط بالتحديد الدقيق للحقوق أو الحدود الخاصة التي لا يجب أن تتدخل فيه السلطة الحاكمة‏(‏ كما ينص عليها في الدستور والتشريعات‏)‏ مهما كان حجم الأغلبية خلفها‏،‏ ولكن بضمان عدم تخطيها وتجاوزها لهذا المجال الخاص‏،‏ بمعني وجود مؤسسات وقوانين قادرة علي اكتشاف متي تكون تلك الحقوق قد انتهكت وتضع حدا لانتهاكها‏،‏ هذه المؤسسات التي يقف وراءها رأي عام قوي ينتفض ويكافح من اجل حماية حقوق المواطنين‏(‏ أي حقوق كل فرد وأي أقلية‏)‏ من سوء الاستغلال أو الانتهاك‏،‏ خاصة من قبل السلطة الحاكمة أيا كانت تلك السلطة حتي لو كانت سلطة الأغلبية‏،‏ ففي المجتمعات الليبرالية والديمقراطية بالفعل يستقر مسبقا في وعي من يفكر من أبنائها في انتهاك القانون بأن جهده هذا لابد أن يفشل لأن الرأي العام لن ينتظر دون حراك حتي يراه ينجح في انتهاك القانون‏(3).‏

فالرأي العام يضع حماية المجال الخاص‏(‏ الحقوق المدنية‏)‏ فوق كل شيء آخر وهي حال من الصعب مواجهتها في البلدان الغربية‏،‏ وذلك لرسوخ السياق الاجتماعي والثقافي الذي لا يجعل لأي ارتباط أو إيمان الأسبقية علي حماية الحقوق الفردية‏،‏ بما في هذا الحقوق التي قد تكون ممارستها هجومية علي نحو سافر علي أغلب أعضاء المجتمع‏،‏ هذا التعارض بين حقوق الفرد وحقوق المجتمع أو الجماعة يفرض حتمية وجود أسلوب أو نهج أو أداة توازن بين صالح الفرد وصالح المجتمع‏،‏ أبرزها‏:‏
‏1-‏ شرعية السلطة بمعني تعبيرها الواقعي والحقيقي عن مجمل فئات الوطن وانعكاس هذا في مشاركة المواطن مشاركة حقيقية في إدارة نظام الحكم‏،‏ والذي يجسده قدرته علي الترشيح والتصويت في الانتخابات العامة والتي يسهم عبرها في حماية الحقوق العائدة إلي المجال الخاص باختيار ممثليه الحقيقيين‏،‏ دون أي تدخل أو تأثير علي العملية الانتخابية‏.‏
‏2-‏ فاعلية السلطة بمعني قدرتها علي إدارة شئون الوطن ولصالح كل فئاته وحماية حقوقهم بشكل عادل ومتوازن دون الانحياز لفئة علي حساب الفئات الأخري‏.‏
‏3-‏ عدم اعتماد الجزء الأكبر من الشعب علي الدولة في معيشته بطريقة أو بأخري أو العمل لديها كموظفين‏.‏ فالاستقلالية عن الدولة بدرجة كافية تجعل المواطنين أكثر قدرة وحرية في الدفاع عن حقوقهم الخاصة‏،‏ كما تنمي لديهم روح المبادرة والتنظيم المستقل بما يقوي روح ونفوذ المجتمع المدني‏.‏
‏4-‏ وجود مراكز متعددة للسلطة تعكس فصل حقيقي للسلطات‏،‏ ورقابة متبادلة بين مؤسساتها‏،‏ وأن تكون مؤسسات السلطة قادرة علي القيام بأعمالها في تناسق وتناغم‏،‏ دون اللجوء إلي الأساليب الإدارية الخشنة التي تتمثل في الاعتداء علي حقوق الأفراد والجماعات‏(4).‏

ولأن الفرد أو المواطن لا يعيش في المجتمع معزولا عن الآخرين بل يدخل يوميا في عشرات العلاقات والتعاملات مع أفراد أو جماعات أخري وكذلك مع الدولة ومؤسساتها‏،‏ وهي بالضرورة علاقات وتعاملات تؤثر علي مصالحه وحياته‏،‏ بل وعلي الحقوق والممارسات التي تنتمي الي المجال الخاص‏،‏ ظهرت أهمية المجال أو الفضاء العام‏،‏ والذي يقصد به ذلك الحيز الوسيط الذي ينشأ بين المجال الخاص والدولة‏.‏ بعبارة أوضح‏،‏ هو ذلك الحيز الذي يتيح لجمهور المواطنين بلورة وصياغة موقفهم ورؤاهم العامة‏،‏ فيما يخص حياتهم المشتركة‏.‏ والمجال العام مفتوح من الناحية المبدئية في وجه كل المواطنين المعترف لهم بالحق في التجمع والتعبير الحر عن آرائهم‏.‏ وممارسة عملية نقد السلطة ومراقبتها‏.‏ وهو ما يعني أن الفضاء العام بهذا يلعب دورا في إضفاء المشروعية علي السلطة السياسية‏(‏ أي علي الفعل السياسي للدولة‏)،‏ لكنه من جهة أخري يعد وسيلة ناجعة‏،‏ في نطاق الديمقراطية‏،‏ لتحويل طبيعة هذه السلطة وتوجيهها والتأثير فيها لتتلاءم أكثر فأكثر مع طموحات المواطنين وتطلعاتهم ومطالبهم‏.‏

وفق هذا المنظور تصبح حرية واتساع وغياب القيود عن المجال العام شرطا رئيسيا لتكوين رأي جمهور المواطنين وإرادتهم‏.‏ وعندما نتحدث عن رأي المواطنين أو الرأي العام‏،‏ يجب التفريق بين مجموعة الآراء الفردية التي تنشأ هكذا بكيفية معزولة وتصاغ بوسائل الاستطلاع السطحية وبين ما نعنيه بالرأي العام‏.‏ فالموقف من السياسات العامة لا يكون عاكسا للرأي العام حقيقة إلا إذا تحقق في مجال عام حر ومعبأ‏،‏ وكان مسبوقا سلفا بتكوين للرأي متصل بهذه السياسات المعروضة‏.‏ وهنا تحديدا يظهر دور وسائط الإعلام بمختلف أشكالها‏،‏ ودور المثقفين والنشطاء السياسيين ومنظمات المجتمع المدني والخبراء الذين اعتنقوا قيم التضامن وكرسوا قسطا من وقتهم للتدخل في قضايا الشأن العام‏،‏ وتبسيط الأمور المعقدة في الاقتصاد والسياسة والاجتماع وغيرها من الميادين المتخصصة‏،‏ والمستغلقة أحيانا‏،‏ وشرحها‏،‏ قصد تنوير المواطنين والرفع من مستوي الرأي العمومي في المجتمع بصفة عامة‏.‏ فهؤلاء جميعا يساهمون بأشكال متفاوتة وبطرائق متباينة وبأقساط مختلفة في تعبئة المواطنين وتنوير الرأي بخصوص المسائل المعروضة للنقاش‏(5)،‏ والتي يترك المجال حرا للمواطنين للتعبير عن أرائهم في تلك السياسات العامة بما في هذا نقدها والاحتجاج السلمي والجماعي عليها‏،‏ هكذا يبني ويتبلور الرأي العام في قضية من القضايا‏.‏

من هنا يكتسب الرأي العام الذي يفرز ويتبلور في المجال العام أهميته من كونه طاقة للتأثير ويصبح قابلا للاستثمار في المجال السياسي وفي التأثير علي السلوك الانتخابي للمواطنين‏.‏ لذلك فإن الأعضاء النافذين في النسق السياسي يعرفون بدورهم أن سلطتهم‏(‏ السياسية‏)‏ لا تكون مشروعة إلا إذا كانت تمثل هذا الرأي الذي تبلور في المجال العام‏،‏ وبمقدار استجابة النظام السياسي وتوافقه مع الآراء والمواقف التي تتولد في المجال العام واستطاع التعبير عنها‏،‏ كلما تزايدا أو استقرت مشروعيته‏،‏ حيث يري المجتمع في القرارات الملزمة التي تصدر عن السلطة السياسية تعبيرا عن مصالحه وتجسيدا لحقوقه المنصوص عليها في الدستور وإحقاقا لها‏،‏ وليس إخلالا بها أو هتكا لها‏.‏

بهذا الفهم يصبح المجال العام ميدانا تعبره وتتقاطع فيه سلطتان هما السلطة السياسية‏(‏ سلطة الدولة والنظام السياسي‏)‏ النازلة من أعلي‏،‏ وسلطة مدنية تلقائية خلقها المواطنون عبر مشاركتهم في المجال العام‏،‏ وهذا التقاطع يضفي علي المجال العام طابعه الحيوي والمتجدد الذي يسمه بالتوتر والصراع‏،‏ ويشير علماء الاجتماع والفلسفة مثل الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس أنه كلما اتسعت مساحة الفضاء العام زادت قدرة البشر علي بناء علاقات تضامنية‏،‏ والتفاهم علي المعني العام للحاجات والمشاكل‏.‏ فالفضاء العام يتميز بنمط علاقات تقوم علي عمومية الأهداف التي يدعو إليها‏.‏ فيما يتميز المجال الخاص بالطابع الفردي أو الحصري لتلك الأهداف‏،‏ فالمجال العام يسعي الي تعزيز بناء القاعدة المشتركة التي من خلالها تدخل الحاجات ووجهات النظر المختلفة حيز الفهم المتبادل‏،‏ بما يسمح ببناء رؤية منفتحة واستيعابية تسعي إلي جمع أناس من مختلف الشرائح الاجتماعية حول موقف أو فهم مشترك لقضية من القضايا‏.‏ وهو ما يتطلب نمطا من التواصل محكوما بفرضية أن كل فرد سوف يعطي الفرصة ليشرح صوابية حاجاته ووجهة نظره‏.‏ بما يعني أن المجال العام يقوم علي نمط من العلاقات يمنح الأفراد المشاركين فيه الفرصة للعمل لتكون لاهتماماتهم و مشاكلهم وحاجاتهم معان عامة تعد جديرة بالاهتمام الفعال من عموم الجماعة‏.‏ أما المشاركة في الفضاء العام‏،‏ فهي مفتوحة أمام كل هؤلاء الذين ينخرطون في عملية من التفكير المتبادل في ما يعد مشتركا في تطلعاتهم وتجاربهم وحاجاتهم ومشاكلهم‏.‏ وهذه العملية المبنية علي الاعتراف المتبادل بما هو مشترك‏،‏ تفضي حتما إلي إعلان خيارات ومطالب ذات أبعاد تطال المجتمع بأسره‏،‏ وتتطلب ردا سياسيا عاما‏(6).‏
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد   الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد Empty1/9/2009, 11:24 pm

تابع .. الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد

المجتمع المصري آليات اجتياح الدولة للمجال العام‏:‏
علي الرغم من وجود أسباب تاريخية سياسية وثقافية واجتماعية لواقع الاستبداد وعدم احترام الحيز أو المجال الخاص واجتياح الدولة للمجال العام‏،‏تلك الأسباب التي تمتد ببعض جذورها الي نشأة الأمة المصرية منذ فجر التاريخ‏،‏ كما يرتبط بعضها الآخر بعملية تأسيس الدولة المصرية الحديثة‏،‏ والتي تأثرت هي الأخري بهذا الإرث التاريخي وطبيعة التطور الاقتصادي الاجتماعي الذي عرفه المجتمع المصري‏،‏ رغم كل هذا‏،‏ إلا أن مصر مثلها في هذا مثل أي مجتمع آخر شهدت علي مر تاريخها محاولات عديدة لتجاوز هذا الإرث‏،‏ رغم أن هذه المحاولات‏(‏ في الحالة المصرية‏)‏ لا يمكن أن تطولها صفة الجذرية في تجاوز حالة استبداد وطغيان الدولة‏،‏ والتأسيس الحقيقي لاحترام الحقوق والحريات المدنية أو لتحرير الفضاء العام من تدخل الدولة واحتلالها له‏،‏ نموذج لهذا ثورة‏1919‏ والتي شهد المجتمع المصري في ظلها وبتأثيرها محاولات جادة‏(7)،‏ ومجهضة‏(Cool،‏ علي طريق التحول الليبرالي‏،‏ والتي استطاعت أن تحرر مساحات من المجال العام‏(9)،‏ لهذا شهدت مصر منذ‏1952‏ ومازالت محاولات واضحة وصلت في كثير من الأحيان إلي حد استخدام القبضة الخشنة للدولة في محاولة جهيدة للقضاء علي أي تراث وأي مكتسبات سياسية استطاع المجتمع أن يقتنصها من فم الدولة‏،‏ ويحصل عليها في غمرة كفاحه ضد الاحتلال الانجليزي‏،‏ ويكفي هنا أن نشير الي‏:‏

-‏ إلغاء دستور‏23‏ والذي ظل الاحتكام إليه وعدم الانقلاب علي مبادئه أحد أبرز شعارات الحركة الوطنية والتي ربطت الاستقلال بالدستور‏(10).‏

-‏ إصدار قانون بحل الأحزاب وإلغاء التعددية الحزبية‏،‏ واستبدالها بتنظيم سياسي حكومي واحد ظل مستمرا حتي عودة التعددية المقيدة في‏.1976‏

-‏ الميل المبكر للسيطرة علي النقابات المهنية‏(11).‏

-‏ قمع وفرض الحصار والسيطرة علي الحركة والنقابات العمالية‏(12).‏

-‏ السيطرة الكاملة للدولة علي المؤسسات الإعلامية‏(13).‏

-‏ فرض سيطرة الدولة علي المنظمات الأهلية‏(14).‏

-‏ فصل أساتذة الجامعة في‏1954‏ في ظل مذبحة الديمقراطية‏(15)،‏ وهو ما تكرر في بداية السبعينيات نتيجة تأييد عدد من المثقفين والمفكرين والأساتذة للحركة الطلابية‏،‏ وفي أزمة سبتمبر‏1981.‏

-‏ حل الأوقاف ووضع الوقف الخيري تحت إشراف الدولة‏(16).‏

-‏ عسكرة الوظائف الأساسية في الدولة‏'‏ الوزارات‏/‏المحافظون‏/‏رؤساء مجالس إدارة الشركات‏...‏ الخ‏'.‏

-‏ الصدام الدموي مع كل القوي السياسية الفاعلة والذي انتهي بمحاكمات عسكرية أعدمت العديد من الرموز السياسية أو حرمتهم من حقوقهم السياسية وألقت بأعداد كبيرة منهم في غياهب السجون والمعتقلات لسنوات طويلة وتعذيبهم الي درجة القتل‏(17).‏

-‏ الإدارة شديدة المركزية للمؤسسة التعليمية وتحويل المؤسسات التعليمية لمراكز إعادة إنتاج ثقافة الاستبداد والانسحاب من العمل العام‏(18).‏

-‏التدخل الاداري الفظ والواضح في كل انتخابات عامة سواء كانت تلك الانتخابات خاصة بالبرلمان أو المجالس الشعبية المحلية أو النقابات العمالية والمهنية لفرض أنصار النظام السياسي وإسقاط أي اعتبار حقيقي لإرادة الناخبين‏(19).‏

ومنذ عام‏1952‏ ظلت تلك هي الآليات الأساسية المسيطرة علي توجهات الدولة نحو احتلال المجال العام وتحريره من تواجد حقيقي للمجتمع المدني سواء كان أفرادا أو هيئات‏،‏ وكان التغير الحقيقي في تلك السياسات بين حقبة وأخري علي امتداد الفترة من‏1952‏ وحتي الآن هو اختلاف مستوي اللجوء لاستخدام التشريع‏،‏ أو التدخل الاداري وضغوط الأجهزة الأمنية أو غيرها من الأساليب في حزمة السياسات التي استهدفت محاصرة فعل المشاركة المستقل للجماهير‏.‏

مؤشرات نحو التغيير وتولد مجتمع مدني جديد‏:‏
علي الرغم من تصاعد حالة اجتياح الدولة للمجال العام وسيطرتها عليه علي امتداد النصف قرن الأخير‏،‏ وتدهور أوضاع الحقوق والحريات المدنية التي تشكل حيز المجال الخاص للدرجة التي يمكن القول فيها أن الدولة نجحت في تحويل المواطنين المصريين الي مجرد أفراد يقف كل منهم بمفرده أمام جهاز الدولة بكل طغيانه وقدرته‏.‏ إلا أن المجتمع المصري بات يشهد حالة من الحراك السياسي المتصاعد في السنوات الأخيرة والذي يعكس في الحقيقة صراعا بين المجتمع من جهة والدولة والنظام السياسي من جهة أخري علي إعادة ترسيم حدود المجال الخاص وحمايته وتحرير المجال العام من احتلال الدولة‏،‏ وهو ما يطرح العديد من التساؤلات في محاولة فهم أسباب هذا الحراك‏،‏ يأتي في مقدمتها‏:‏
‏1-‏ ما الذي استجد علي المجتمع المصري‏،‏ فأزمة فشل الدولة الحديثة وعدم قدرتها علي انجاز عملية التحديث والتنمية‏،‏ أزمة ممتدة منذ فترة زمنية ليست بالقصيرة وهي ليست وليدة السنوات القليلة الماضية؟

‏2-‏ هل ما يحدث من حراك يرتبط بفقدان مشروعية الدولة الحديثة نتيجة فشلها وما أصاب مؤسساتها من تحلل تدريجي انعكس بالضرورة علي نمط علاقتها القديم بالمواطن والقائم علي الاستبداد والتهميش؟

‏3-‏ هل ما يحدث الآن هو نتيجة طبيعية لجملة التراكمات الداخلية والإقليمية التي تساهم في صياغة إدراك عام بوجود أخطار ولحظات فارقة يستحيل معها استمرار الدولة بوضعها الراهن أم نتيجة دفع وضغط خارجي؟

‏4-‏ هل تشكل تلك اللحظات الساخنة والمتوترة في تاريخ المجتمع المصري مقدمة لإعادة صياغة علاقة الدولة بالمواطن أم للعودة به الي نمط العلاقة القديم الذي يقبل فيه المواطن بمستوي معين من الاستبداد مقابل توفر واستقرار شروط الحد الأدني التي تسمح بالحياة والبقاء؟

‏5-‏ هل النجاح الذي أحرزه علي امتداد العقدين الأخيرين تيار الإسلام السياسي بشكل عام والإخوان علي وجه الخصوص الذين يقدمون أنفسهم كبديل سياسي‏،‏ وما يطرحه ذلك من مخاوف في مقدمتها تديين الاستبداد السياسي وتعميق عملية تهميش المواطن في المجال العام واجتياح المجال الخاص‏،‏ خاصة ما يرتبط بحرية العقيدة والفكر‏،‏ هي أحد أسباب تصاعد حالة الحراك تلك واستمرارها أم أن العكس هو الصحيح وأن قوي الإسلام السياسي تستخدم حالة الحراك تلك وما يصاحبها من احتجاجات لممارسة مزيد من الضغوط علي النظام السياسي لانتزاع المزيد من المكاسب؟

هذه التساؤلات بقدر ما تطرح من علامات استفهام‏،‏ تتضمن أيضا جوانب لتفسير ظاهرة الحراك السياسي في السنوات القليلة الماضية هذه الجوانب التي يضاف إليها العديد من التحولات المتسارعة التي شاهدتها مصر والعالم منذ نهايات القرن الماضي والتي فتحت الطريق لمزيد من الضغوط نحو تغيير الأوضاع المرتبطة بعلاقة المواطن بالدولة‏،‏ نذكر منها علي سبيل المثال‏:‏

-‏ موجة التحول الديمقراطي التي اجتاحت العالم بعد سقوط حائط برلين وانتهاء الحرب الباردة وتحول الاتحاد السوفيتي ودول شرق أوروبا إلي النظام الديمقراطي القائم علي التعددية السياسية وهي العملية التي لعبت فيها الحركات الاجتماعية الجديدة ومنظمات المجتمع المدني دورا رئيسيا‏.‏

-‏ ثورة الاتصالات والمعلومات‏(‏ شبكة الانترنت‏/‏التليفون المحمول‏/‏الفضائيات‏)‏ والتي جعلت من العالم قرية صغيرة أتاحت من جهة لقطاعات واسعة من سكان دول النظم الشمولية التعرف علي ما يجري في العالم من تحولات ديمقراطية ومقارنتها بأوضاعهم‏.‏

-‏ التحول نحو اقتصاديات السوق والليبرالية الاقتصادية والذي أصبح اتجاها عالميا‏،‏ لا يمكن أن يكتمل وينجح إلا بتطور مواز علي الصعيد السياسي‏،‏ تطور يسمح بتمثيل سياسي حقيقي لمصالح القوة الاقتصادية الصاعدة‏،‏ وبقدر من الحريات يسمح بإدارة رشيدة وسلمية لتصارع المصالح وتضاربها ويشيع جوا من الاستقرار الاجتماعي والسياسي الجاذب للاستثمار‏.‏

-‏ تعميق سياسات الخصخصة المرتبطة باقتصاديات السوق والحرية الاقتصادية في مصر انعكس بشكل مباشر علي تراجع دور الدولة في ما تقدمه من خدمات وأشكال رعاية وحماية في مجال التعليم والصحة والإسكان والتوظيف والرعاية الاجتماعية‏...‏ الخ‏،‏ وهو ما أدي الي الاتساع المتزايد لنطاق الفقر والكتل السكانية المهمشة‏،‏ والتي وصلت حياتها الاجتماعية الي مستوي من التدهور لا يمكن احتماله‏.‏

في هذا الإطار تم اختيار عينة عشوائية من الأيام علي امتداد الفترة الواقعة بين أول اكتوبر‏2005،‏ ونهاية يناير‏2009،‏ في أشهر مختلفة وتم مسح كل الأخبار المرتبطة بأنشطة الاحتجاج السلمي والتي نشرت في جرائد‏(‏ البديل‏/‏المصري اليوم‏/‏الدستور‏)،‏ وهي جرائد تمثل اتجاهات سياسية وفكرية ومهنية متباينة‏،‏ وتم إدخالها علي قاعدة بيانات في الحاسب الآلي‏،‏ حيث تم رصد‏1331‏ نشاطا احتجاجيا كان توزيعها جغرافيا كالتالي‏:‏
وهو التوزيع الذي يشير الي نتائج ذات دلالة هامة أولها أن القاهرة عاصمة الحكم ومركز النشاط الاقتصادي والسياسي لم تنفرد بالأنشطة الاحتجاجية‏،‏ بل الملاحظ هنا امتداد هذه الانشطة الي كافة محافظات مصر بدون استثناء علي الرغم من ثقل يد أجهزة الأمن في الأقاليم وبعدها عن مراكز الإعلام التي يمكن أن توفر لها قدرا من الحماية‏،‏ وباستثناء القاهرة والإسكندرية فقد حظيت باقي محافظات مصر بنسبة‏6‏ و‏58%‏ من الانشطة الاحتجاجية وهو ما يعني أن ثقافة الاحتجاج أصبحت في طريقها الي الانتشار خارج نطاق العاصمة‏.‏

وقد حرصت الدراسة علي التعرف علي حجم المشاركة في تلك الانشطة الاحتجاجية كالتالي‏:‏
وتتنوع مستويات المشاركة من أنشطة احتجاجية يخوضها شخص بمفرده‏(‏ متجردا من أي حماية مؤسسية أو مجتمعية‏)‏في مواجهة إحدي مؤسسات النظام السياسي‏(‏ بنسبة‏8.4%‏ من الاحتجاجات التي رصدتها العينة‏)،‏ وما قد يكشف عنه هذا من حالة من الشجاعة أو اليأس‏،‏ الي أنشطة احتجاجية شاركت فيها كل الأسرة‏،‏ ثم أنشطة احتجاجية عبرت فيها بعض الأسرة عن مشاكلها أو مطالبها المشتركة‏،‏ ثم أخيرا الأنشطة الاحتجاجية الجماعية التي يمارسها مجموعات من الأفراد لا يرتبطون بصلة قرابة‏(‏ بضع عشرات أو آلاف‏)،‏ والتي تمثل‏8‏ و‏84%‏ من إجمالي ما رصدته العينة وهو يعني أن الاحتجاجات السلمية الجماعية هي السمة المميزة لحالة الحراك السياسي الذي يشهده المجتمع المصري
وفي محاولة للتعرف علي القوي الاجتماعية تقوم بهذه الاحتجاجات السلمية نجد انه رغم وجود بعض الأنشطة الاحتجاجية العمالية التي كانت تنفجر بين الحين والآخر علي امتداد العقود الماضية إلا أن مساهمة العمال في الأنشطة الاحتجاجية التي تم رصدها‏18.5%‏ تمثل عودة قوية للحركة العمالية علي صعيد تنوع القطاعات الإنتاجية وانتشارها جغرافيا بجانب تواترها داخل المنشأة الاقتصادية الواحدة‏(20).‏
أيضا استمرت مشاركة طلاب الجامعة‏(21)،‏ وممارستهم للاحتجاج السلمي‏،‏ لكن الجديد هنا عن السنوات الماضية أن هذه الأنشطة احتجاجية لم تعد قاصرة فقط علي الطلاب المنتمين لتيار الإسلام السياسي‏،‏ أيا رفعت في مطالبها وبشكل واضح قضايا اجتماعية تخصص فئة الطلاب وبعيدا عن المطالب التي ارتبطت بالتوجهات السياسية لشباب الإخوان‏.‏

وقد يكون مفهوما استمرار وتنامي الاحتجاجات السلمية لكل من العمال أو طلاب الجامعة بحكم ما توفره ظروف تواجدهما بأعداد كبيرة داخل المصنع أو حرم الجامعة‏،‏ وبالتالي السهولة النسبية في تعبئتها وحشدها في أنشطة احتجاجية مع وجود بقايا لتراث قديم من الخبرات السياسية‏،‏ إلا أن الجديد هنا أن هذه الفئات لم تحتكر الأنشطة الاحتجاجية السلمية في الفترة التي نتحدث عنها‏،‏ حيث دخلت قوي اجتماعية جديدة لساحة الاحتجاج مثل الفلاحين‏(‏ حيث شاركوا بنسبة‏3.2%‏ من الاحتجاجات التي رصدتها العينة‏،‏ وهي الاحتجاجات التي ارتبطت بمشكلات تتعلق بالأرض وبالإنتاج الزراعي‏،‏ أي بصفتهم فلاحين‏،‏ وهو متغير جديد غاية في الأهمية لم يبرز بهذه القوة منذ المشاركة الواسعة للفلاحين في ثورة‏19(‏ مع الفارق‏)(22).‏
قوي أخري يعد دخولها ساحة الاحتجاج السلمي متغيرا هاما هي فئة الموظفين العاملين بأجهزة ومؤسسات الدولة في القطاعات الخدمية المختلفة والذين شاركوا باحتجاجات شكلت نسبة‏12.4%‏ من الأنشطة الاحتجاجية التي رصدتها العينة‏(23)‏ وهي الفئة التي طالما وظفها النظام السياسي في الدفاع عن سياساته أو تم عبرها التدخلات الإدارية في الانتخابات العامة‏.‏
كان هناك أيضا تواجد علي ساحة النشاط الاحتجاجي لفئة واسعة ممن لا يعملون لدي الدولة من أصحاب المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر‏،‏ لكن سياسات الضرائب وأشكال الجباية والإتاوات المختلفة والمتعددة والتي يقوم بها أحيانا بعض الموظفين الفاسدين كانت سببا للعديد من أنشطتهم الاحتجاجية والتي وصلت الي‏9.4%‏ من الأنشطة الاحتجاجية التي تم رصدها‏(24).‏

أما الفئة الأخيرة التي دخلت علي خط الاحتجاج‏،‏ فهي سكان المناطق العشوائية والأحياء والقري الفقيرة والذين تراوحت مطالبهم بين حقهم في الحصول علي الخدمات الأساسية أو الحصول علي مسكن‏،‏ وقد شارك هؤلاء بحوالي‏7‏ و‏9%‏من الأنشطة الاحتجاجية التي تم رصدها‏(25).‏
ويلاحظ علي احتجاجات الفئات السابقة أنها تمت بمبادرة من أصحاب المشكلات ولم يسهم فيها أي من القوي السياسية أو النشطاء بالحركات الاحتجاجية أو المنظمات الحقوقية والذين تصل نسبة الأنشطة الاحتجاجية التي تمت بمبادرة منهم أو قاموا علي تنظيمها الي‏19.1%.‏
بالإضافة الي نسبة أخري من أنشطة احتجاجية مارسها مواطنون أفراد أو أسر لم يتم تحديد انتمائهم الاجتماعي أو أنشطة شارك فيها أفراد ينتمون الي أكثر من فئة اجتماعية وتبلغ نسبة تلك الانشطة الاحتجاجية‏21.8%‏ من الانشطة التي تم رصدها‏.‏
وتشير الدلالات الرئيسية لطبيعة القوي التي خاضت تلك الاحتجاجات الاجتماعية الي أن النسبة الرئيسية من هذه الاحتجاجات‏(46.8%)‏ في الحد الأدني خاضتها فئات تنتمي الي الطبقة الوسطي بشرائحها المختلفة‏(‏ أصحاب مشروعات‏/‏موظفون‏/‏طلاب‏/‏نشطاء سياسيون‏)‏ وهو ما يعني أن الطبقة الوسطي مازالت الفاعل الرئيسي في أي عملية تحول ديمقراطي في مصر‏،‏ أما الدلالة الثانية والأكثر أهمية أنه بعد استثناء الأنشطة الاحتجاجية التي بادر بها النشطاء السياسيون سنجد أن الجزء المتبقي من الأنشطة الاحتجاجية التي تم رصدها‏80.9%‏ كانت بعيدة تماما عن القوي السياسية وجاءت بمبادرات مستقلة من المتضررين بعيدا عن أطر المؤسسات التقليدية‏(‏ أحزاب سياسية‏/‏ نقابات‏/‏جمعيات أهلية‏)‏ والتي تتحرك في إطار القانون القائم وفي حدود الهامش الذي تسمح به الدولة بل إن بعض هذه الاحتجاجات كان في مواجهة هذه الأطر والمؤسسات التي تخضع لسلطة الدولة رغم انتمائها لمنظمات المجتمع المدني‏(26).‏

وهو ما يشير أولا الي عملية التجريف العميقة التي تمت للنخب السياسية بما تملكه من خبرة ووعي سياسي حرم كل تلك القوي الاجتماعية منها‏،‏ وجعل اهتمامها بالمجال العام يبدأ تقريبا من النقطة صفر‏،‏ وهو ما يعني اعتمادها علي خبراتها الذاتية والأولية ووعيها السياسي المحدود‏،‏ وبالتالي احتياجها لوقت وتضحيات أكبر كي تكتسب المزيد من القدرة علي الفعل والتأثير الذي يمكن أن يحدث تغيرا كيفيا في علاقة المواطن بالدولة‏.‏ولعل هذه الوضعية هي التي تفسر الي حد كبير أراء العديد من المهتمين بالشأن العام من الباحثين والدارسين و النشطاء السياسيين والتي لا تعول كثيرا علي هذه الاحتجاجات‏،‏ بل أن البعض يوجه لها الاتهامات التي تتراوح بين الفوضي واللا جدوي أو محدودية سقفها وذاتية مطالبها وبأنها لا تهتم بقضايا التغيير السياسي الكبري التي يمكن أن تنهي أسباب احتجاجاتها الي الأبد‏،‏ وذلك إذا استهدفت بهذه الأنشطة الاحتجاجية تغيير بنية النظام السياسي‏،‏ ورغم رفضنا القاطع لهذا المنطق‏،‏ حيث التغيرات المجتمعية لا تحدث بالضربة القاضية الفنية كما في مباريات الملاكمة‏،‏ ولكنها تأتي عبر التراكم وإحراز النقاط‏،‏ وما فقده الموطنون المصريون علي امتداد‏55‏ عاما من تهميش خارج المجال العام لا يمكن أن يكتسبوه بين عشية وضحاها بل يحتاجون لوقت معقول لمراكمة الخبرات النضالية وبناء الوعي السياسي‏،‏ والقراءة المتفحصة لعينة الأنشطة الاحتجاجية تشير الي أن عموم المصريين المنخرطين في الأنشطة الاحتجاجية يحرزون المزيد من نقاط التقدم علي هذا المسار وهو ما يمكن رصد مؤشراته في التالي‏:‏
أولا‏:‏ اتساع نطاق وتنوع الأسباب التي تدفع الفئات الاجتماعية المختلفة للاحتجاج وتجاوزها فقط للمطالب الاقتصادية المباشرة برفع الأجر أو الحصول علي بعض الامتيازات المالية‏ .
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد   الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد Empty1/9/2009, 11:26 pm

تابع .. الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد

ويوجد هناك أكثر من‏33‏ سببا أو هدفا للاحتجاجات السلمية التي رصدتها العينة كما يلي‏:‏
‏1-‏ الاحتجاج علي حالات الاحتجاز الذي مارسته أجهزة الأمن علي نطاق واسع‏:‏ سواء كان هذا باستخدام صلاحيات قانون الطوارئ التي تمنح أجهزة الأمن حق الاعتقال العشوائي للمواطنين‏،‏ أو حتي الاحتجاز خارج نطاق القانون بدون أمر من النيابة‏،‏ أو حتي استبقاء المواطنين تحت قبضة أجهزة الأمن بعد حصولهم علي قرار بالإفراج من سلطات التحقيق أو بأمر من المحكمة‏،‏ وقفت تلك الأسباب وراء العديد من الاحتجاجات السلمية والتي طالبت بالإفراج عن المحتجزين أو الإعلان عن أماكن احتجازهم ومحاكمة المسئولين عن احتجازهم بشكل غير قانوني‏،‏ وقد أمكن رصد حوالي‏37‏ نشاطا احتجاجيا مرتبطا بهذا السبب الذي شمل مواطنين عاديين ونشطاء سياسيين‏،‏ طلاب ومدونين‏،‏ وعمال وفلاحين‏،‏ وبدو من سيناء‏،‏ ولأسباب لها علاقة بنزاع علي ملكية أرض زراعية‏،‏ أو للمشاركة في الحملات الانتخابية‏،‏ أو علي خلفية أحداث العنف في سيناء‏،‏ أو لمنعهم من المشاركة في أنشطة احتجاجية أو لأسباب جنائية‏،‏ أو حتي لمجرد شجار عابر مع أحد رجال الشرطة‏.‏

‏2-‏ توجيه الاتهام بالفساد والتربح لمسئولين في مواقع المسئولية‏:‏ وهو الاتهام الذي تعدي الاتهام بالفساد المالي والاداري‏(‏ السرقة والتربح من الوظيفة‏،‏ فساد الإدارة وإهدار المال العام‏،‏ إنتاج سلع غير مطابقة للمواصفات‏)،‏ الي الفساد السياسي‏(‏ في اختيار المرشحين للانتخابات أو التواطؤ لتهريب مطلوبين للعدالة‏)،‏ وقد شمل هذا الاتهام مسئولين في شركات القطاع العام‏،‏ ورجال أعمال أعضاء في مجلسي الشعب والشوري‏،‏ ومسئولين في مؤسسات خدمات حكومية ومؤسسات إعلامية وجامعية وقد أمكن رصد ما يقرب من‏27‏ نشاطا احتجاجيا وراء هذا السبب‏.‏

‏3-‏ المطالبة باستقلال الجامعة ونزع سطوة أجهزة الأمن وتدخلها في الحياة الجامعية‏:‏ وإطلاق الحرية للأنشطة العلمية والبحثية والفكرية بالنسبة للأساتذة وحرية النشاط الطلابي‏(‏ الاجتماعي والثقافي والسياسي‏)‏ داخل الجامعة كإطار فاعل في إعدادهم كمواطنين فاعلين ومشاركين‏،‏ وأن يقوم علي أمن الجامعة وحراستها وحدات خاصة خاضعة لرئيس الجامعة وليس لوزارة الداخلية‏،‏ وقد تم رصد حوالي‏17‏ نشاطا احتجاجيا من هذا النوع مارسه أساتذة وطلاب في معظم الجامعات المصرية‏.‏

‏4-‏ الدفاع عن استقلال القضاء ضد هيمنة السلطة التنفيذية‏:‏ وهي الاحتجاجات التي مارسها عاملون بالقضاء‏(‏ يمثلهم تيار الاستقلال في نادي القضاة‏)،‏ وفئات متنوعة من أبناء المجتمع المصري نشطاء سياسيون‏،‏ منظمات حقوقية‏،‏ مواطنون عاديون‏،‏ كتاب ومثقفون‏،‏ وقد تصدت معظم هذه الاحتجاجات لمحاولة وزير العدل تقديم رموز استقلال القضاء لمحكمة الصلاحية لكشفهم التدخلات واسعة النطاق في الانتخابات البرلمانية‏،‏ أو محاولة سلب بعض اختصاصات قضاء مجلس الدولة‏،‏ أو محاولة إصدار بعض القوانين التي تغتال استقلالية القضاء‏،‏ وأخيرا التضييق علي نادي القضاة مركز حركة استقلال القضاء‏،‏ وقد تم رصد‏39‏ احتجاجا دافع عن استقلال القضاء‏.‏

‏5-‏ مطالبة المواطنين بالخدمات الأساسية‏:‏ والتي يستحقونها كدافعي ضرائب‏،‏ مثل حقهم في الحصول علي المياه النقية‏،‏ أو مد شبكة الصرف الصحي وشبكة الكهرباء الي محال إقامتهم‏،‏ أو تحسين تلك الخدمات بعد تدهورها الشديد خاصة عودة الحرارة للتليفونات أو مواجهة انقطاع مياه الشرب لفترات طويلة أو تلوثها بمياه الصرف‏،‏ أو انفجار شبكة الصرف الصحي بالإضافة الي خدمات أخري مثل توفير أنابيب البوتاجاز‏،‏ وتحسين خدمة قطارات السكة الحديد وقد أمكن رصد‏42‏ احتجاجا سلميا من هذا النوع في العديد من الأحياء والقري في العديد من المحافظات‏.‏

‏6-‏ المطالبة بحق المحاكمة أمام القاضي الطبيعي‏:‏ وترتبط تلك الأنشطة الاحتجاجية بمحاكمة قادة جماعة الإخوان أمام المحكمة العسكرية رغم أنهم مدنيون‏،‏ وقد قام بتلك الأنشطة أسر المحالين للمحكمة العسكرية ومناصرو جماعة الإخوان خاصة بين طلاب وأساتذة الجامعات المصرية‏،‏ وقد أمكن رصد‏9‏ أنشطة احتجاجية تطالب بإقرار هذا الحق‏.‏

‏7-‏ المطالبة بتعديل الدستور‏:‏ خاصة المواد المرتبطة ببنية النظام السياسي والدعوة لنظام سياسي جديد ديمقراطي قائم علي التعددية وتداول السلطة وفصل حقيقي بين السلطات وهي أنشطة انحصرت في الغالب بين النشطاء السياسيين والمنظمات الحقوقية وأمكن حصر‏6‏ أنشطة تستهدف تعديل الدستور‏.‏

‏8-‏ الدفاع عن حق التنظيم المستقل‏:‏ كان أحد أسباب تنظيم العديد من الأنشطة الاحتجاجية السلمية التي استهدفت تعديل القانون المنظم للجمعيات الأهلية ومنحها مزيدا من الحرية ورفع هيمنة وزارة التضامن علي شئونها‏،‏ أو رفع الحراسة المفروضة علي نقابة المهندسين وعقد الجمعية العمومية لإجراء انتخابات مجلس النقابة‏،‏ وقد رصد في هذا الإطار‏9‏ أنشطة احتجاجية‏.‏

‏9-‏ الدفاع عن حرية النشر والتعبير‏،‏ وحرية تداول المعلومات‏:‏ كان محورا للعديد من الأنشطة الاحتجاجية خاصة المرتبطة بإلغاء القوانين السالبة للحرية في قضايا النشر‏،‏ ورفض تحويل الصحفيين الي المحاكمة وصدور أحكام بالحبس ضدهم‏،‏ والمطالبة بقانون ينظم حرية إدارة وتداول المعلومات وقد رصد في هذا الإطار‏14‏ نشاطا احتجاجيا‏.‏

‏10-‏ المطالبة بحق التعليم‏:‏ كان أحد أهم أسباب الأنشطة الاحتجاجية السلمية والتي طالبت إما بتوفير مدرسة‏،‏ أو بتوفير مبان آمنة وقريبة من أماكن إقامة التلاميذ كي يتعلموا بها‏،‏ أو مواجهة ارتفاع تكلفة الحصول علي الخدمة التعليمية بما يفوق إمكانيات الأسرة‏،‏ رغم النص دستوريا علي مجانية التعليم‏،‏ أو تدهور الخدمة التعليمية ذاتها‏،‏ وأخيرا تعرض الطلاب للفصل نتيجة نشاطهم الطلابي خاصة في الجامعة‏،‏ والاحتجاجات الطلابية تلك شارك فيها ونظمها إما أولياء أمور أو طلاب‏،‏ أو كلاهما معا خاصة بالنسبة للاحتجاجات التي ارتبطت بمرحلة التعليم قبل الجامعي‏،‏ وبشكل عام أمكن رصد‏28‏ نشاطا احتجاجيا استهدفت ضمان حق التعليم‏.‏

‏11-‏ ضمان حق العمل المناسب‏:‏ كان لعوامل مثل ارتفاع نسبة البطالة وعملية خصخصة المؤسسات الإنتاجية وما استتبعها من إحالة أعداد كبيرة من العمالة الي المعاش المبكر‏،‏ أو اللجوء الي الفصل التعسفي للعديد من القيادات العمالية بعد انتشار الأنشطة الاحتجاجية في السنوات الأخيرة‏،‏ أثرها في الدفاع عن الحق في العمل كأحد أهم أسباب الأنشطة الاحتجاجية في العديد من المؤسسات الإنتاجية والخدمية خاصة تلك التي لجأت الي طرق تعسفية لدفع العمال للاستقالة مثل تغيير المسمي الوظيفي أو النقل لوظيفة أقل أو لمكان بعيد عن محل إقامة العامل أو زيادة ساعات العمل دون مقابل‏،‏ كما انتقلت أيضا الي القطاع غير الرسمي أو غير المنظم عندما تعرض بعض من يعمل لدي أنفسهم الي منعهم من ممارسة عملهم أو مصادرة مصدر رزقهم أو نقلهم الي أماكن غير مناسبة لممارسة نشاطهم أو منع تجديد رخص عملهم في هذا الإطار تم رصد‏125‏ نشاطا احتجاجيا قام بها عمال وصغار تجار وموظفون في قطاعات خدمية‏.‏

‏12-‏ حق الحصول علي مسكن آمن وصحي‏:‏ كان أحد أهم الأسباب التي دارت حولها العديد من الأنشطة الاحتجاجية وهي الأنشطة التي لعب فيها الدور الاساسي سكان العديد من المناطق العشوائية الذين تعرضوا لحالات الإخلاء القسري نتيجة تعرضهم لبعض الكوارث مثل الانهيار الصخري في الدويقة وإسطبل عنتر‏،‏ أو لمنازعة علي ملكية الأرض المقامة عليها منازلهم من عشرات السنين مثل الخلوتي وطوسون‏،‏ أو بحجة التطوير كما في القرنة‏،‏ أو طمع بعض رجال الأعمال في الاراضي المقامة عليها منازلهم مثل القرصايا‏،‏ أما الفئة الثانية فهي الشباب الذين سعوا للحصول علي شقق أو أرض للبناء عليها‏،‏ والذين فقدوا حقهم هذا نتيجة الفساد أو البيروقراطية رغم استحقاقهم للمسكن أو قطعة الأرض‏،‏ وقد تمحورت مطالب هذه الفئات في مطلب واحد هو الحصول علي سكن بديل صحي ومناسب وآمن يناسب إمكانياتهم الاقتصادية‏،‏ وهو ما لم تستطع الحكومة توفيره للغالبية العظمي منهم والذين لجأوا للدفاع عن حقهم وحق أسرهم في مسكن يأو يهم عن طريق تنظيم العديد من الأنشطة الاحتجاجية التي أمكن رصد‏73‏ منها في العديد من المحافظات‏.‏

‏13-‏ رفض ممارسات التمييز المختلفة والمطالبة بكامل حقوق المواطنة‏:‏ كان رفض ممارسات التمييز أحد دوافع الأنشطة الاحتجاجية في السنوات الأخيرة‏،‏ وهي الممارسات التي قد تتم علي خلفية دينية أو خلفية النوع الاجتماعي وتؤدي للحرمان من بعض الحقوق المدنية أو التمييز في الحوافز والمكافآت‏،‏ كما استهدفت تلك الأنشطة الاحتجاجية رفض ثقافة التمييز بشكل عام و الدفاع عن الثقافات الفرعية والسعي لحمايتها‏،‏ ورفض تعسف السياسات الأمنية مع بعض الفئات‏،‏ في هذا المجال أمكن رصد‏20‏ نشاطا احتجاجيا‏.‏

‏14-‏ مواجهة التعذيب وانتهاك حرمة الجسد‏:‏ كانت الأنشطة الاحتجاجية موجهة بالأساس ضد ممارسات التعذيب وانتهاك حرمة الجسد داخل أقسام الشرطة أو أماكن الاحتجاز المختلفة‏،‏ واتهمت رجال الشرطة بارتكاب جرائم الضرب والصعق بالكهرباء والتحرش وهتك العرض والحرق والسحل‏،‏ ووصلت الي حد القتل في كثير من الأحيان‏،‏ دعم هذه الأنشطة الاحتجاجية الدور البارز الذي لعبه الإعلام المستقل‏،‏ والمدونون علي شبكة الانترنت‏،‏ وما قامت به العديد من منظمات حقوق الإنسان من تضامن وتقديم أشكال متنوعة من الدعم القانوني‏،‏ وهي الجهود التي نجحت في كثير من الأحيان في تقديم مرتكبي هذه الجرائم الي ساحة القضاء وإدانتهم بالفعل‏،‏ وهو ما ساعد وشجع الكثير من ضحايا جرائم التعذيب علي الاحتجاج والتقدم لسلطات التحقيق والمطالب بمعاقبة مرتكبي هذه الممارسات‏،‏ في هذا المجال أمكن رصد‏96‏ نشاطا احتجاجيا‏.‏

‏15-‏ الاحتجاج علي ممارسات العنف‏:‏ علي الرغم من ارتباط أغلب ممارسات العنف بسلوك رجال الشرطة أثناء ممارستهم لعملهم إلا أن الأنشطة الاحتجاجية طالت أيضا العديد من ممارسات العنف والاعتداء علي المواطنين والتي مارسها موظفون عموميون آخرون أثناء القيام بعملهم مثل وكيل أحد الكليات‏،‏ موظف بالنيابة‏،‏ مدرسون‏،‏ رئيس مجلس إدارة شركة‏،‏ كما طالت هذه الأنشطة الاحتجاجية أيضا استخدام البلطجية ضد المعارضة السياسية في بعض الأحيان‏،‏ وتراوحت أعمال العنف من الاعتداء وأحداث الإصابات وهتك العرض‏،‏ وتدمير الممتلكات ووصلت الي حد القتل في بعض الأحيان وأمكن رصد‏40‏ نشاطا احتجاجيا ضد هذه الممارسات العنيفة‏.‏

‏16-‏ مناهضة ورفض الفساد‏:‏ كانت مناهضة ومقاومة الفساد الذي تطرق الي الكثير من جوانب الحياة في المجتمع المصري من أبرز الأنشطة الاحتجاجية التي أمكن رصدها‏،‏ وهي الأنشطة التي تجاوزت حالة اتهام شخص بعينه بالفساد الي مقاومة حالة وأوضاع الفساد في مؤسسة من المؤسسات أو الناتجة عن إصدار قانون أو تبني سياسة محددة‏،‏ أو مخالفة صحيح القانون في حالات أخري‏،‏ وهي الأوضاع التي لا ينشأ عنها فقط السرقة والتربح من إهدار المال العام‏،‏ ولكن أيضا عدم العدالة والتمييز و إهدار حقوق ضحايا الفساد الاداري والمالي والسياسي‏،‏ ومن الملفت أن أحد ابرز الابتكارات الاحتجاجية في مواجهة ممارسات الفساد وهي تخصيص جائزة سنوية من قبل نشطاء المجتمع المدني تحت اسم المحارب المصري ضد الفساد‏'،‏ وقد أمكن رصد‏34‏ نشاطا احتجاجيا ضد ممارسات الفساد بأنواعها المختلفة‏.‏

‏17-‏ رفض زيادة الضرائب والرسوم والتي أصبحت تمثل أحد أشكال الجباية‏:‏ كان رفض الزيادات المتتالية في الضرائب والرسوم والتي أصبحت تمثل أحد أشكال الجباية نتيجة عدم وجود أي مردود في تحسن الخدمة التي تفرض مقابلها هذه الزيادة في الرسوم أو الضرائب‏،‏ أو تحصيل رسوم خدمة غير موجودة أصلا أو لا تصل الي الجمهور‏،‏ أو فرض أشكال متنوعة من الإتاوات التي تحصل بدون قانون ولحساب من يفرضها مستغلا في ذلك وضعه الوظيفي‏،‏ نهاية بفرض زيادات أو المطالبة برسوم وضرائب بأثر رجعي لسنوات مضت‏،‏ كانت تلك الممارسات سببا وراء العديد من أشكال الاحتجاج السلمي والتي أمكن رصد‏51‏ منها‏.‏

‏18-‏ المطالبة بزيادة الأجور والحصول علي المستحقات المالية من حوافز وبدلات‏:‏ شكلت المطالبة بزيادة الأجور أو المكافآت والبدلات والحوافز وبدل طبيعة العمل أو الحصول علي المتأخر منها أو المطالبة بالمساواة في الأجور مع فئات أخري النشاط الاحتجاجي الأبرز في السنوات الأخيرة‏،‏ وانتشر بين مختلف فئات المجتمع من عمال الي أساتذة جامعة الي أطباء الي مدرسين وموظفين حكومة‏،‏ وهو ما يمكن تفسيره بتزايد الأعباء الاقتصادية نتيجة ارتفاع معدلات التضخم‏،‏ وقد أمكن رصد‏229‏ نشاطا احتجاجيا في هذا الإطار‏.‏

‏19-‏ التضامن مع الضحايا كأحد أشكال الاحتجاج‏:‏ كانت الأنشطة التضامنية مع ضحايا العديد من السياسات والممارسات‏،‏ هي في حقيقتها تعبيرا عن رفض هذه السياسات والممارسات‏،‏ وكانت تلك الأنشطة التضامنية أحد أبرز الأنشطة الاحتجاجية التي تميزت بها حركة الاحتجاج السلمي في السنوات القليلة الماضية والتي استهدفت التضامن مع المعتقلين والمطالبة بإطلاق سراحهم أو الكشف عن أماكن احتجازهم أو مفصولين من عملهم لنشاطهم النقابي والمطالبة بعودتهم‏،‏ أو للتضامن مع ضحايا عنف وتعذيب الشرطة ومساندتهم والمطالبة بمحاكمة من قاموا بتعذيبهم‏،‏ أو لرفض تحويل بعض الطلاب لمجالس تأديب وفصلهم لنشاطهم الطلابي‏،‏ أو لنقل موظف جاد ومنضبط يراعي القانون في عمله‏،‏ أو لإغلاق منظمة غير حكومية‏،‏ أو تضامنا مع من طرودا من مساكنهم دون منحهم سكنا بديلا‏،‏ أو لمساندة لجنة نقابية في موقفها في الدفاع عن مصالح العمال‏،‏ أو مع الصحفيين الذين قدموا للمحاكمة في جرائم نشر‏،‏ أو للتضامن مع ضحايا العبارة والمطالبة بمحكمة صاحبها الذي هرب الي الخارج أو للتضامن مع أنشطة احتجاجية أخري ومساندتها‏،‏ وقد تم في هذا الإطار حصر‏92‏ نشاطا تضامنيا‏.‏

‏20-‏ الدفاع عن حق الحياة الآمنة‏:‏ تنوعت أسباب هذه الأنشطة الاحتجاجية ولكن كان هدفها واحدا هو حماية حق القائمين بالاحتجاج في الحياة الآمنة هم وأسرهم‏،‏ والتي قد يهددها برج تقوية لشبكة المحمول في وسط الكتلة السكانية‏،‏ أو عدم وجود كباري أو مطبات صناعية أو إشارات مرور علي الطرق مما يهدد المارة بالموت تحت عجلات العربات السريعة في حوادث يومية‏،‏ أو لاختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي مما يهددهم بالإصابة بالأمراض‏،‏ أو سوء الأوضاع داخل السجون‏،‏ أو تدهور وسوء حالة المباني المدرسية واحتمال انهيارها علي التلاميذ‏،‏ أو ترك أكشاك الكهرباء وأسلاكها عارية وبدون تأمين مما يهدد الأطفال بالصعق الكهربائي‏،‏ وكان الدفاع عن حق الحياة سببا في تفجر‏28‏ نشاطا احتجاجيا‏.‏

‏21-‏ حماية المال العام‏:‏ علي الرغم من انتشار واقع الفساد في المجتمع المصري إلا أن حماية المال العام مازالت تشكل محورا للعديد من المعارك‏،‏ وهو معاكسته العديد من الأنشطة الاحتجاجية التي استهدفت حماية المال العام من النهب أو سوء الإدارة والإهدار‏،‏ خاصة ما صاحب عمليات خصخصة بعض الشركات‏،‏ أو الاستيلاء علي أراضي الدولة وممتلكاتها‏،‏ ونهب الآثار‏،‏ أو فساد إدارة بعض المؤسسات‏،‏ التصدي لمحاولة بيع الأصول التي طرحها وزير الاستثمار‏،‏ في هذا الإطار تم رصد‏31‏ نشاطا احتجاجيا‏.‏

‏22-‏ مواجهة محاولة نزع ملكية الأراضي الزراعية من أصحابها‏:‏ شكلت محاولات الفلاحين التصدي لعملية الاستيلاء علي أراضيهم التي يمتلكونها ويزرعونها من عشرات السنين أعنف الأنشطة الاحتجاجية في العديد من قري الريف المصري‏،‏ علي رغم ملكيتهم لها‏،‏ وبأوراق ملكية صحيحة‏،‏ أيضا تسبب في اندلاع تلك الأنشطة الاحتجاجية رفض المؤسسات الحكومية المعنية تقنين أوضاع ملكية الأراضي الصحراوية التي قام العديد من الفلاحين باستصلاحها واستزراعها‏،‏ ومحاولة الأجهزة الرسمية مصادرتها‏،‏ وقد كانت أعمال نزع الملكية أو المصادرة التي شملت عشرات الآلاف من الأفدنة المزروعة تتم لصالح الدولة بحجة تنفيذ بعض المشروعات أو لصالح أسر بعض كبار قدامي الملاك أو لصالح المستثمرين الجدد‏،‏ وكانت تلك الأسباب وراء‏19‏ نشاطا احتجاجيا استهدفت إيقاف نزع ومصادرة أراضي الفلاحين‏.‏

‏23-‏ الدفاع عن حق المشاركة السياسية‏:‏ كان الدفاع عن حق المشاركة السياسية في الانتخابات العامة أيا كان نوعها والذي أقره الدستور أحد أسباب تنظيم العديد من الأنشطة الاحتجاجية والتي كان سببها الحرمان من التقدم للترشيح في انتخابات الاتحادات الطلابية بالجامعات المصرية‏،‏ أو انتخابات النقابات العمالية‏،‏ أو إيقاف انتخابات النقابات المهنية وعدم إجرائها‏،‏ أو المطالبة بمراقبة العملية الانتخابية‏،‏ وقد تم رصد‏17‏ نشاطا احتجاجيا يدافع عن حق المواطنين في المشاركة السياسية ويرفض استبعادهم من العملية الانتخابية‏.‏

‏24-‏ رفض التدخل والتأثير علي نتائج الانتخابات ومستوي نزاهتها‏:‏ كان رفض التدخل والتأثير علي إرادة الناخبين في الانتخابات العامة سببا لتنظيم العديد من الأنشطة الاحتجاجية سواء كانت انتخابات اتحادات طلابية أو نقابات عمالية أو انتخابات المحليات أو الانتخابات البرلمانية‏،‏ وكذلك رفض الإشراف القضائي الشكلي علي الانتخابات وتحميل القضاء وزر تدهور مستوي نزاهة الانتخابات‏،‏ وقد أمكن رصد‏13‏ نشاطا احتجاجيا من هذا النوع‏.‏

‏25-‏ نقد السياسات العامة‏:‏ لم تتوقف الأنشطة الاحتجاجية عند مجرد المطالب الفئوية أو الجزئية بل تناولت أيضا نقد ورفض السياسات العامة سواء تم هذا لمجمل سياسات الحزب الوطني وما يطرحه خلال مؤتمراته السنوية أو بالاشتباك والرفض لسياسة محددة أو لجوانب منها مثل سياسات الحكومة في مجال التعليم‏،‏ الثقافة‏،‏ الصحة‏،‏ النقل‏،‏ التعليم العالي‏،‏ السياسات الأمنية والشرطية‏،‏ التأمينات الاجتماعية‏،‏ أو ما يرتبط بتفكيك شمولية النظام السياسي وتوسيع نطاق المشاركة والسياسات الاقتصادية المرتبطة بالخصخصة‏،‏ وهو الاشتباك الذي تجاوز مجرد عملية النقد الي المبادرة بطرح بدائل ومشروعات قوانين‏،‏ وتم رصد‏38‏ نشاطا احتجاجيا رفض تلك السياسات والقوانين الجديدة المنظمة لها‏.‏
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد   الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد Empty1/9/2009, 11:27 pm

تابع .. الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد

‏26-‏ الضغط للاحتكام للقانون وإعلاء كلمته‏:‏ كان السعي لإعادة الاحترام للقانون وهيبته خاصة عندما تقوم مؤسسات الدولة بتجاوز القانون وعدم احترامه أحد أبرز الأسباب وراء العديد من الأنشطة الاحتجاجية‏،‏ التي سعت للضغط من أجل تنفيذ العشرات من الأحكام القضائية واجبة التنفيذ‏،‏ أو لمواجهة التعسف وسوء استخدام السلطة في تطبيق القانون من قبل بعض الموظفين العموميين‏،‏ أو ضرب الحائط بإجراءات التقاضي والمسارعة بحسم نزاع ما بقوة الأمر الواقع وقبل أن يقول القضاء فيه كلمته‏،‏ كل تلك الممارسات التي شكلت في بعض الأحيان موقفا واضحا للدولة وفي أغلب الأحيان ممارسات ناتجة عن فساد أو بيروقراطية بعض الموظفين العموميين كانت سببا وراء ضياع الكثير من الحقوق مما فجر طاقة الاحتجاج السلمي ضدها ساعيا لإقرار قوة القانون واحترامه وهو ما أمكن رصده من خلال‏35‏ نشاطا احتجاجيا‏.‏

‏27-‏ مواجهة سوء استخدام السلطة والإدارة والإخلال بالواجب الوظيفي‏:‏ وهي أنشطة احتجاجية تمت في مواجهة تعسف بعض الموظفين العمومببن في تفسيرهم للقوانين واللوائح‏،‏ أو معاملتهم لمن يعملون تحت قيادتهم بشكل سيء مخالف لأبجديات الإدارة الرشيدة‏،‏ ويستخدمون سلطتهم الوظيفية في الإيذاء وإلحاق الضرر بالعاملين‏،‏ وهو الإيذاء الذي يتجاوز الجزاءات التي ينص عليها القانون ويصل الي الضرب والسب مرورا بالنقل وخفض الدرجة الوظيفية أو التحويل لوظيفة ليس لهم علاقة بها‏،‏ نهاية بالفصل التعسفي‏،‏ يضاف لهذا الاتهام بالإخلال بالواجب الوظيفي لبعض المسئولين وهي التهمة التي وجهت في الغالب لبعض العاملين في أجهزة الأمن نتيجة تسترهم علي بعض الجرائم أو المخالفات‏،‏ وعلي الرغم من أن تلك الممارسات فردية في الغالب الأعم ولكن تمتع أصحابها بالحماية والنفوذ خاصة إذا كانوا من كبار المسئولين في الأجهزة الحكومية أو الأمنية سرعان ما يفجر طاقة الغضب والاحتجاج الذي يلصق الاتهام بالدولة‏،‏ وقد أمكن رصد‏39‏ نشاطا احتجاجيا كانت وراءها مثل هذه الأسباب‏.‏

‏28-‏ مواجهة مصادر التلوث البيئي‏:‏ كانت حماية البيئة من التلوث الذي يمكن أن يصيب صحة المصريين بأضرار فادحة ويدمر مقومات البيئة الإنتاجية احد الأسباب التي تفجرت في مواجهتها العديد من الأنشطة الاحتجاجية سواء كان هذا في مواجهة إنشاء مصنع ملوث للبيئة‏،‏ أو إلقاء مخلفات المصانع والحيوانات النافقة في المجاري المائية مما يهدد المحاصيل الزراعية‏،‏ أو تدمير الحدائق وإزالة المساحات الخضراء التي تنقي الجو‏،‏ أو لتدهور أعمال نظافة الشوارع ورفع المخلفات‏،‏ وقد أمكن في هذا الإطار رصد‏23‏ نشاطا احتجاجيا‏.‏

‏29-‏ المطالبة بالحصول علي غذاء صحي وسليم‏:‏ وارتبطت هذه الاحتجاجات في معظمها بأزمة توفر الدقيق أو الخبز وسوء نوعيته والتي عانت منها العديد من قري وأحياء مصر‏،‏ نفس الشيء للبن الأطفال المدعم‏،‏ وأخيرا فساد الوجبات الغذائية التي تقدم في المدينة الجامعية وأدت لإصابة العديد من الطلاب بالتسمم‏،‏ وللأسباب السابقة أمكن رصد‏12‏ نشاطا احتجاجيا‏.‏

‏30-‏ ممارسة حق حرية التنظيم‏:‏ كانت حرية التنظيم المستقل وعدم خضوعه للقيود الحكومية التي قد تصادر هذا الحق‏،‏ بجانب محاولات الحكومة فرض سيطرتها وهيمنتها علي التنظيمات القائمة والتي تصل بها في النهاية الي عدم التعبير عن مصالح أعضائها أحد أسباب العديد من الأنشطة الاحتجاجية التي كان أبرزها الدعوة أو المبادرة بتأسيس تجمعات وحركات ومنابر ولجان بعيدا عن أي سيطرة حكومية‏،‏ والدعوة الي تأسيس أحزاب سياسية ونقابات مستقلة وتأسيس بعضها بالفعل‏،‏ والاحتجاج ضد المنظمات النقابية الموجودة لعدم انحيازها للدفاع عن مصالح أعضائها‏،‏ والمطالبة بتغيير القوانين المنظمة لتأسيس الأحزاب أو النقابات العمالية‏،‏ بل والمبادرة بإعداد مشروعات مقترحة بقوانين لهذا الغرض‏،‏ وأمكن في هذا المجال رصد‏14‏ نشاطا احتجاجيا كان هدفها الأساسي ممارسة حق التنظيم أو الدفاع عن استقلاليته بالإضافة الي أن العديد من الأنشطة الاحتجاجية صاحبها فعليا درجة من التنظيم لإدارة أنشطتها‏.‏

‏31-‏ المطالبة بحق العلاج والرعاية الصحية‏:‏ استهدفت هذه الأنشطة الاحتجاج علي تدني مستوي الخدمة الصحية وإهمال العاملين بها والذي أدي الي وفاة بعض المرضي‏،‏ أو ارتفاع تكلفتها بما لا يتناسب مع قدرات المرضي وعدم حصولهم علي العلاج بل ووفاة بعضهم‏،‏ وهو ما فجر العديد من الأنشطة أيضا ضد محاولات خصخصة التأمين الصحي‏،‏ وهنا أمكن رصد‏10‏ احتجاجات سلمية‏.‏

‏32-‏ المطالبة بتوفير مستلزمات الإنتاج ودعم بعض الصناعات والمحاصيل‏:‏ وهي أنشطة ارتبطت كلها بالمزارعين في العديد من قري مصر الذي خرجوا احتجاجا نتيجة عدم توفر علف المواشي‏،‏ أو عدم وجود مياه الري للزراعة وارتفاع أسعار الأسمدة مما يعرض آلاف الأفدنة للبوار وتلف المحاصيل‏،‏ بالإضافة الي مطالبة الحكومة بدعم بعض الصناعات مثل السيارات التي تتعرض لتهديد حقيقي ظل الأزمة الاقتصادية‏،‏ وكذلك دعم أسعار شراء القمح والقطن لتشجيع الفلاحين علي زراعتها‏،‏ كانت هذه الأسباب وراء‏17‏ نشاطا احتجاجيا‏.‏

‏33-‏ رفض حالة الطوارئ و أي قوانين أو قرارات مقيدة للحريات العامة‏:‏ كان رفض حالة الطوارئ أو تجريم الإضراب في بعض القطاعات الخدمية أو تقييد حرية التنقل لبعض الأفراد‏،‏ والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين أسبابا رئيسية وراء‏13‏ نشاطا احتجاجيا‏.‏

‏34-‏ أسباب متنوعة شملت‏(‏ رفض الاحتكار‏/‏مناهضة بيروقراطية الأجهزة الحكومية‏/‏المطالبة بتعويضات من مؤسسات حكومية وأفراد‏/‏رفض بيع الغاز لإسرائيل‏)‏ وهي الاحتجاجات التي بلغ عددها‏16‏ احتجاجا‏.‏
وهناك ملاحظة هامة يجب التأكيد عليها فيما يخص أسباب تفجر الاحتجاجات السلمية وتقسيمها السابق وهو أن كل احتجاج سلمي من تلك الاحتجاجات كان يقف وراءها عدة أسباب أو كانت تستدعي عند انفجارها حزمة من الأسباب‏،‏ لكننا حاولنا في تصنيفا تقسيمها علي أساس السبب الأساسي أو الأبرز وراء تنظيم هذا الاحتجاج‏.‏

الهوامش‏:‏
‏1)‏ د‏.‏ عبد الكريم احمد‏:'‏ البرجوازية والدستور‏'،‏ مجلة الكاتب عدد‏123،‏ يونيو‏1971،‏ ص‏22.‏
‏2)‏ المرجع السابق‏،‏ ص‏19.‏
‏3)‏ بانفيلد‏،‏ إدوارد سي‏:'‏ السلوك الحضاري والمواطنة في المجتمعات الليبرالية‏'،‏ ترجمة سمير عزت نصار‏،‏ دار النسر للنشر والتوزيع‏،‏ عمان‏،‏ ط‏1995،1،‏ ص‏11.‏
‏4)‏ لمزيد من التفاصيل حول عوامل المشاركة الفاعلة للمواطنين يمكن الرجوع الي‏:‏ دانييل يانكوفيتش‏'‏ الديمقراطية وقرار الجماهير‏'‏ ترجمة كمال عبد الرءوف‏،‏ الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية‏،‏ القاهرة‏،1993.‏
‏5)‏ لمزيد من التفاصيل حول مراحل تشكل الرأي العام يمكن الرجوع الي‏'‏ الديمقراطية وقرار الجماهير‏'،‏ مرجع سابق‏،‏ ص‏131‏ وما بعدها‏.‏
‏6)‏ هل يسقط الفضاء العام ضحية النيو ليبرالية المتوحشة‏/‏وهيب معلوف‏/‏جريدة الأخبار اللبنانية عدد‏22‏ سبتمبر‏2007.‏
‏7)‏ صدور دستور بطابعه الليبرالي‏23/‏ بناء نظام قانوني راسخ يحدد الحقوق والواجبات‏/‏تعددية حزبية‏/‏حرية صحافة ونشر‏/‏ حركة فكرية وثقافية واسعة الخ‏.‏
Cool‏ الاحتلال البريطاني‏/‏ الانقلاب علي الدستور‏/‏تزوير الانتخابات‏/‏بروز حركات سياسية معادية للديمقراطية الغربية‏/‏ حريق القاهرة‏/‏ استيلاء ضباط الجيش علي السلطة في‏52...‏ الخ‏.‏
‏9)‏ يذكر في هذا سقوط بعض وزارات الأقليات تحت ضغط الرأي العام والمظاهرات السياسية الحاشدة التي أدت الي إسقاط بعض وزارات الأقلية‏،‏ أو اضطرار النحاس باشا الي إلغاء معاهدة‏36‏ التي أطلق عليها معاهدة الشرف والاستقلال تحت ضغوط الرأي العام‏،‏ أو اضطرار الدولة لدعم حركة المقاومة في القناة‏،‏اقتراب الحركة العمالية من تأسيس اتحاد عام لنقابات عمال مصر‏.‏
‏10)‏ ألغت سلطة يوليو دستور‏23،‏ وفي‏13‏ يناير‏1953‏ تم تشكيل لجنة لوضع دستور جديد يتفق و أهداف الثورة صدر في‏16‏ يناير‏1956،‏ ثم ألغي في فبراير‏1958‏ لقيام الوحدة بين مصر وسوريا‏،‏ حيث صدر دستور مؤقت والذي استمر العمل به حتي الانفصال في‏28‏ سبتمبر‏1961،‏ وفي أول مارس‏1964‏ صدر دستور مؤقت جديد تم العمل به حتي‏11‏ سبتمبر‏1971‏ حين صدر الدستور الدائم والذي مازال العمل به قائما حتي الآن رغم ما ادخل عليه من تعديلات‏،‏ وكل تلك الدساتير المؤقتة أو الدائمة لم ترقي الي دستور‏23‏ الذي مازال البعض يترحم عليه فيما يخص إطلاق واحترام الحقوق والحريات المدنية‏.‏
‏11)‏ حل مجلس نقابة المحامين في الخمسينيات‏/‏ بدء ظاهرة النقيب الوزير من خلال تولية كمال الدين حسين وزير التربية والتعليم كنقيب للمعلمين‏1955،‏ أحادية التنظيم النقابي‏/‏ التدخل في انتخابات مجالس النقابات‏/‏ إصدار القانون‏100‏ لسنة‏1993،‏ الذي يشترط حضور‏30%‏ من أعضاء الجمعية العمومية لإتمام انتخابات مجلس النقابة‏،‏ وحق الحكومة في تعيين مجلس مؤقت للنقابة إذا لم يكتمل النصاب‏/‏ فرض الحراسة القضائية علي بعض النقابات المهنية المحامين في يناير‏96،‏ والمهندسين منذ مارس‏96،‏ والذي مازال مستمرا حتي الآن‏،‏ إيقاف الانتخابات في معظم النقابات المهنية‏.‏
‏12)‏ إعدام خميس والبقري بعد محاكمة عسكرية شكلية‏/‏ إصدار القانون‏319‏ لسنة‏52‏ الذي فرض أحادية التنظيم النقابي‏،‏ ربط حق الترشيح لعضوية التنظيم النقابي بعضوية التنظيم السياسي للدولة بالقانون‏7‏ لسنة‏58،‏ عرض أسماء العمال المرشحين علي المدعي الاشتراكي للموافقة عليهم أو شطبهم‏(‏ لمزيد من التفاصيل‏:‏ عطية الصيرفي‏'‏ عسكرة الحياة العمالية والنقابية في مصر‏'1883،‏ بدون دار نشر‏).‏
‏13)‏ إغلاق بعض الصحف في الخمسينيات‏/‏ تأميم الصحافة بالكامل‏/‏ كل قنوات التليفزيون ومحطات الإذاعة حكومية‏.‏
‏14)‏ إصدار القانون‏348‏ لسنة‏56‏ الخاص بتنظيم الجمعيات الأهلية والذي جمع كل القيود الموجودة في قوانين سابقة ووضعها في قانون واحد لفرض مزيد من القيود‏،‏ثم القانون‏32‏ لسنة‏64‏ والذي اخضع ا الجمعيات بالكامل لسلطة الجهة الإدارية ممثلة الدولة بداية من الموافقة علي التأسيس نهاية بمراقبة النشاط وسلطة الحل‏.‏ وهي نفس السلطات التي تتمتع بها الجهة الإدارية في القانون الحالي‏(‏ لمزيد من التفاصيل‏:‏ عماد صيام‏'‏ الحركة الإسلامية والجمعيات الأهلية في مصر‏'‏ في الجمعيات الأهلية الإسلامية في مصر مجموعة مؤلفين‏،‏ مركز البحوث العربية‏،2006،‏ ص‏73‏ وما بعدها‏).‏
‏15)‏ في‏19‏ سبتمبر‏1954‏ اصدر مجلس قيادة الثورة قرارا بفصل نحو‏50‏ أستاذ جامعي من المناصرين للديمقراطية والحكم النيابي وذلك في أعقاب أزمة مارس‏1954(‏ لمزيد من التفاصيل‏:‏ لويس عوض‏'‏ لمصر والحرية مواقف سياسية‏'‏ بدون دار نشر‏،1977،‏ ص‏10)،‏ وهو الموقف الذي تكرر مرة أخري مع عدد من الصحفيين والكتاب في أعقاب تضامنهم مع الحركة الطلابية في بداية السبعينيات‏.‏ ثم تكرر في أزمة سبتمبر‏1981.‏
‏16)‏ بصدور القانون‏180‏ لسنة‏1952‏ وتعديلاته المتتالية تم إلغاء وحل الوقف الاهلي‏،‏ أما الوقف الخيري فقد وضع تحت سيطرة الدولة وإشرافها المباشر ممثلة في وزير الأوقاف‏،‏ والتي أصبح لها بمقتضي التعديلات المتتالية صلاحيات التصرف في هذه الممتلكات وإدارتها بل وتصفيتها ناهيك عن استخدام عوائدها‏،‏ والتي كانت تخصص بنصوص حجج الوقف للصرف علي المنافع العامة أو أعمال الخير وهو ما حاصر اي إمكانية شعبية لتمويل أي أنشطة ومبادرات غير حكومية بشكل منتظم‏.‏
‏17)‏ هناك عشرات الكتب والمذاكرات التي رصدت الوقائع المتعلقة بالمحاكمات العسكرية والاعتقال والتعذيب منها‏:‏
‏-‏ رفعت السعيد‏'‏ الجريمة‏..‏ وثائق عملية اغتيال شهدي عطية‏'،‏ دار شهدي للنشر‏،1984.‏
‏-‏ رفعت السعيد‏'‏ مجرد ذكريات‏'‏ ج‏1،‏ ج‏2،‏ مكتبة الأسرة‏،2003.‏
‏-‏ فوزي حبشي‏'‏ معتقل كل العصور‏..‏ حياتي في الوطن‏'‏ دار ميريت‏،2004.‏
‏-‏ إبراهيم طلعت‏'‏ مذكرات إبراهيم طلعت‏..‏ أيام الوفد الأخيرة‏'،‏ مكتبة الأسرة‏،2003.‏
‏-‏ احمد عادل كمال‏'‏ النقط فوق الحروف‏..‏ الإخوان المسلمون والنظام الخاص‏'،‏ الزهراء للإعلام العربي‏،1989.‏
‏-‏ عباس السيسي‏'‏ في قافلة الإخوان المسلمين‏'،‏ ج‏3،‏ ج‏4،‏ لقبس للنشر والتوزيع‏1989.‏
‏-‏ محمد حامد أبو النصر‏'‏ الإخوان المسلمون وعبد الناصر‏'‏ دار التوزيع والنشر الإسلامية‏،1988.‏
‏-‏ عمر التلمساني‏'‏ ذكريات لا مذكرات‏'‏ دار التوزيع والنشر الإسلامية‏.‏
‏18)‏ في ظل احتكار الدولة وإداراتها شديدة المركزية للمؤسسة التعليمية حيث يسيطر عليها ديوان عام الوزارة‏،‏ الحاكم لحركة إدارة النظام التعليمي في مصر‏،‏ وفيه تتم عملية صنع واتخاذ القرارات الخاصة بالسياسات والبرامج والقوانين واللوائح الوزارية التي تدير كل المؤسسات الخاصة بالتعليم قبل الجامعي في المجتمع المصري‏،‏ والشخصية الأولي في ديوان عام الوزارة هي وزير التربية والتعليم‏،‏ والمسئول عن وزارته أمام رئيس الجمهورية مسئولية سياسية‏،‏ وهو كغيره من الوزراء يعين في منصبه أو يعفي منه بقرار منه‏،‏ في ظل هذه السيطرة المركزية أصبح النظام التعليمي في مصر يعاني من سيادة قيم وأساليب بناء ذهنية وأنماط تفكير معادية لثقافة التحديث و الديمقراطية ولأنماط التفكير الحر والمبدع‏،‏ حيث تتسم إدارة المؤسسة التعليمية المصرية ببنية هرمية استبدادية تقوم علي مبدأ الاحتكار الفعال لمصادر القوة والسلطة بداية من المدرسة‏،‏ لمصلحة القوي البيروقراطية الأعلي‏،‏ أي أن سلطات مدير المدرسة وقراراته ونمط إدارته تتحدد في ضوء تعليمات وتوجيهات القوي الإدارية الأعلي‏'،‏ فيما يمكن أن نطلق عليه سلسلة‏'‏ الاستبداد بالوكالة‏'،‏ وهي الممارسة التي تشيع في المدرسة وداخل الفصل ثقافة الاستبداد وما ينطوي عليها من قهر وقمع‏(‏ قهر من الأعلي وقمع للأدني‏)،‏ والتي تعيد إنتاج مفهوم وواقع الرعايا‏،‏ وتقتل وتهمش مفهوم وواقع المواطنة والانسحاب من المجال العام‏.(‏ لمزيد من التفاصيل‏:‏ عماد صيام‏'‏ وزارة التربية والتعليم‏'،‏ سلسلة الوزارات المصرية‏،‏ مركز الدراسات والسياسية والإستراتيجية بالأهرام‏،2003).‏
‏19)‏ بصرف النظر عما سجلته وقائع التاريخ والتحقيقات الصحفية وتقارير المنظمات الحقوقية هناك المئات من الأحكام القضائية التي رصدت ظاهرة التدخل وأعمال التزوير في كل أنواع الانتخابات علي امتداد السنوات الماضية‏،‏ والتي كان الحكم علي جودتها أو تعبيرها عن إرادة الناخبين بمستوي التدخل وليس بشفافية أو نزاهة الانتخابات‏.‏
‏20)‏ يمكن تأكيد هذه العودة القوية للحركة العمالية من خلال تحول بعض القطاعات لبؤر احتجاجية نشطة‏،‏ وبتنوع وانتشار المؤسسات التي انتشرت فيها الانشطة الاحتجاجية السلمية علي صعيد القطاعات الاقتصادية والانتشار الجغرافي والتي وصلت إلي‏129‏ مؤسسة انتاجية‏.‏
‏21)‏ كان لطلاب الجامعة مشاركة واضحة في الانشطة الاحتجاجية علي صعيد الكليات أو الجامعات في المؤسسات الجامعية والتي وصلت إلي‏27‏ احتجاجا‏.‏
‏22)‏ ارتبطت الاحتجاجات الفلاحية التي تم رصدها في العينة بمحاول نزع الاراضي الزراعية من ملاكها‏،‏ أو نتيجة لعدم وصول المياه الأزمة للري وتعرض المحاصيل للجفاف‏،‏ أو عجزهم عن سداد قروض البنوك‏،‏ أو مشكلات مرتبطة بأسعار المحاصيل أو تأخر عملية تسليمها‏،‏ وقد رصدت العينة انتشار تلك الاحتجاجات في في عدد كبير من القري المصرية وصل إلي‏71‏ احتجاجا في‏71‏ قرية‏.‏
‏23)‏ تنوعت مجالات عمل ومؤسسات العاملين بمؤسسات الدولة وقطاعاتها الخدمية والذين رصدت العينة أنشطتهم الاحتجاجية والتي شملت علي‏68‏ نشاطا في قطاعات مختلف
‏24)‏ من الفئات التي تنمي الي أصحاب المشروعات المتوسطة‏(‏ أصحاب شركات سياحة‏/‏ أصحاب محاجر‏/‏ أصحاب ارضي زراعية مستصلحة‏/‏ أصحاب بازارات سياحية‏).‏
ومن الفئات التي تنتمي الي أصحاب مشروعات صغيرة‏(‏ محلات‏/‏ مدرسة خاصة‏/‏ أصحاب محلات قطع غيار درجات‏/‏ جزارون‏/‏مزارع دواجن‏/‏مخابز‏/‏ مكتب تشغيل سيارات‏/‏ سائقوا الشاحنات بميناء العريش‏/‏ بميناء نوبيع سائقوا الأجرة والتاكسي بالعريش‏(‏ شمال سيناء‏)/‏بالمنصورة‏(‏ الدقهلية‏).‏
ومن الفئات التي تنمي الي أصحاب المشروعات متناهية الصغر أصحاب التوكتوك الميكروباس‏،‏ الباعة المتجولين وباعة الأرصفة‏.‏
‏25)‏ كما بلغ عدد المناطق العشوائية التي تم رصد احتجاجات سكانها‏16‏ منطقة‏.‏
‏26)‏ نموذج لهذا معظم التحركات العمالية كانت في مواجهة اللجان النقابية واتحاد العمال الحكومي وفي العديد منها كان في مقدمة مطالب المحتجين إسقاط اللجنة النقابية أو سحب الثقة منها ووصل الأمر الي حد جمع آلاف التوقيعات كما حدث بالنسبة لتحركات مصنع غزل المحلة‏.‏


نشرت بمجلة الديمقراطية العدد 34 ابريل 2009
http://democracy.ahram.org.eg/
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
الاحتجاجات السلمية في مصر وتخلق مجتمع مدني جديد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فساد مجتمع أم مجتمع فاسد؟ .. بقلم د. أحمد أنور
» ا د / اكرام هاروني : مجتمع المدينة و العلاقات الاجتماعية
» فاروق جويدة يتساءل: الفتنة الطائفية أزمة مجتمع أم صراع أديان؟
» تقرير حقوق الإنسان في العالم العربي 2009
» موسوعة لالاند الفلسفية - 3 مجلدات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: