حول إشكالية الملاحظة العلمية في العلوم الاجتماعية

النزاع بين العقليين و الحسيين نزاع قديم قدم الفلسفة ,بل أن هذا النزاع هو حاله فلسفية أصيلة و بالتالي فالجدل حول مكانةالملاحظة و قيمتها معرفيا جدل غير منقطع.
و هنا أشير إلى ما أحاول تناوله في هذاالنص هو ظهور مميز للملاحظة أقصد الملاحظة العلمية كمقولة ميتودولوجية ملتصقة بظاهرة بالعلم الحديث.
حيث تطرح الملاحظة كأسلوب منهجي قابل لأن يكون موضوعيا, محايدا, و بريئا من كل ما هو "لا واقع". إنها كما يقال تكشف الواقع كما هوشرط أن تكون علمية.

يرجع مثل هذا الطرح بشكله المكتمل نسبيا إلى بدايات الثورة العلمية "التجريبية الإستقرائية"مع بيكون و ديكارت و غيرهم الكثير,حيث توجت الملاحظة كوسيلة موثوقة و كرسول مخلص عن الواقع, و إستند هذا الطرح إلى إمكانية إفراغ الذهن من كل تصور قبلي و من ثم البدء بالملاحظة موضوعياًَ, و من ثم كانت الملاحظة نظريا هي الخطوة العلمية الأولى في كل بحث علمي ,لقد عدت نقطة الصفر التييبدأ منها كل جهد علمي.
ينقطع الإتصال مع هذا الفهم بفعل الأحداث الإبسمولوجية في القرنين التاسع عشر و القرن العشرين فمن كلود برنارد حتى كارل بوبر وصولا إلى ميشيل فوكو كانت الإنتقادات الموجهة إلى فكرة الملاحظة حسب الطرح السابق كفيلة بسحب الثقة من هذه الوسيلة, حيث أن فكرة البدء بالملاحظة بدت غير قابلة للتنفيذ, أقصد فكرة وجود ملاحظة دون إفتراضات مسبقة أصبحت حلماً لا يطال. و إن أمكن وجودها لكانت هي الخواء الكامل, و لنوضح هذه الفكرة بطريقة بسيطة نقول التالي:
(أن تلاحظ يعني بالضرورة أن تلاحظ شيئاً ما ,و أن تلاحظ شيئا ما يعني بالضرورة إفتراض وجود هذا الشيء مسبقا و من ثم ضمنيا في مكان و زمان محدد و بشكل ماو إلا فما مبرر العملية كلها).
أيضا ثمة قصة جميلة تروى عن بوبر و هو في صددتوضيح مثل هذه الفكرة حيث يروى أنه دخل قاعة المحاضرات و أشار إلى الطلاب "أمسكورقة و قلم,لاحظ بدقة,سجل ما تلاحظه", بالطبع كانت ردة فعل الطلاب هي التعجب من أنيكون هذا أول ما يطلبه منهم الأستاذ فور دخوله,فما الذي عليهم ملاحظته بالضبط؟؟.....(1)
كانت الفكرة هنا هي محاولة بوبر أن يوضح لهم أن "لاحظ" وحدها لا تعني شيئا على الإطلاق, فالجهد العلمي يبدأ دوماً من إفتراضات بل و حتى من نظريات مكتملة.
جذر الملاحظة:
جذر الملاحظة هو الإرجاع إلى الخبرة الحسية أي إلى الإدراك الحسي و هنا من المفيد أن نميز بين مفهومي الإحساس و الإدراك فالإحساس بأبسط معانيه هو حالة التأثير الفيزيولوجي الذي تحدثه مؤثرات العالم الخارجي علىالحواس.
أما الإدراك فهو الإستجابة العقلية لهذه المثيرات و يتضمن عملية التعرف بشكل أساسي.

و مع الإدراك يدخل الشيطان للعملية المعرفية فنصيبنا من العالم لبس أكثر من كم غير منقطع من الإحساسات و هذه الإحساسات بحد ذاتها ليست معاني ,كما أنها ليست أشياءً بشكل يقيني و إنما ما يجعل منها معاني و أشياء هوتحولها إلى إدراكات أو مدركات, فالإدراك بأحد معانيه هو أرجاع مفردة مدركة إلى نسق كلي سابق .فالقميص لا يكون قميصاً لأنه مثير بصري بل لأنه مدرك بصري.
الفكرة الأخير هنا أن ما نلاحظه هو دوما رهن بما نعرفه مسبقا و و على هذا الأساس تتحدد فائدته العلمية , فبدون التصنيفات العقلية المسبقة التي تتوزع على أساسها الإحساسات و تعرف على أساسها _إذا صح التعبير_ يكون العالم فوضة لانهائية من المثيرات البصرية و السمعية و الشمية..........إلخ.

و يزداد تعقيد الموضوع حين ننتقل إلى دراسة الظواهر الاجتماعية و التي درجة تأثرها بالخلفية المعرفية للمدرك اكبر بكثير من غيرها حيث انها غير محسوسة بشكل مباشر ,بل انه يمكننا المجازفة بالقول انها بشكل اعظمي رهن بما نعرف و ليس بما نحس.

(1)الخولي, يمنى طريف, فلسفة العلم في القرن العشرين, سلسلة عالم المعرفة, ع 264, المجلس الوطني, الكويت

زملائي الاعزاء في المنتدى:
احسب اني قد قدمت أشكالية ذات بعد ابستمولوجي و ميتودولوجي تظهر بقوة في كل عمل سوسيولوجي ذو معنى و لا اعتقد ان احدنا لم يتعثر بهذا التساؤل في إطار عمله البحثي.
بالتالي لابد ان كل منا لديه ما يقوله في هذا الصدد, فلما لا نتشارك الاراء
كل منا لديه جزء من الصورة فلنعمل على إكمالها رجاء

سلطان كتب:

زملائي الاعزاء في المنتدى:
احسب اني قد قدمت أشكالية ذات بعد ابستمولوجي و ميتودولوجي تظهر بقوة في كل عمل سوسيولوجي ذو معنى و لا اعتقد ان احدنا لم يتعثر بهذا التساؤل في إطار عمله البحثي.
بالتالي لابد ان كل منا لديه ما يقوله في هذا الصدد, فلما لا نتشارك الاراء
كل منا لديه جزء من الصورة فلنعمل على إكمالها رجاء