موضوع: 126 عاماً على رحيل ماركس - ملف خاص 14/3/2009, 1:12 pm
126 عاماً على رحيل ماركس
أصبحت مؤلفات كارل ماركس ونظرياته عن الرأسمالية ودور الدولة في تسيير الاقتصاد، واحدة من السلع القليلة التي زادت مبيعاتها مؤخرا وسط حالة الركود الراهنة. فقد باعت دار نشر ألمانية من كتابه "رأس المال" في شهر واحد، أكثر من خمسة أضعاف ما كانت تسوقه في عام كامل.
من هي الشخصية التي كان لها عظيم الأثر في الفكر العالمي خلال القرن العشرين؟ سؤال طرحته هيئة الإذاعة البريطانية BBC على عدد من المثقفين من مختلف دول العالم قبل أشهر. وكانت إجابة غالبية هؤلاء هي: كارل ماركس. إنه ذلك الفيلسوف والمفكر والإيديولوجي الألماني الذي جال كثيراً باحثاً عن الحرية والعدالة الاجتماعية. وقد ذاع صيته وحمل أفكاره الكثيرون، منهم من سعد بها ومنهم من انتهى به الأمر إلى القبر أو النفي أو إلى غياهب السجون. علاوة على ذلك تسببت أفكار ماركس في تقسيم العالم إلى معسكرين معاديين لبعضمهما البعض فترة طويلة من الزمان. الفيلسوف الألماني كارل ماركس رحل عن عالمنا وبقيت فلسفته وأفكاره تهيمن على تفكير كثير من السياسيين والمفكرين وعامة الناس. ويشهد لماركس بأنه غير مجرى التاريخ وأغنى البشرية بأفكاره.
ماركس السياسي ربما كان من سخرية القدر أن يولد كارل ماركس الثوري في مدينة محافظة جداً هي ترير، وذلك في عام 1818. ترعرع ماركس في أسرة يهودية اضطرت إلى اعتناق المذهب البروتستانتي بسبب الاضطهاد الذي تعرض اليهود له آنذاك. وقد منع والده حينها من الاستمرار في السلك القضائي. التحق الصبي كارل بالمدرسة الثانوية في سن الثانية عشر وحصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية بتقدير امتياز في سن السابع عشر. عاش كارل ماركس حياة تنقل فيها كثيرا باحثاً عن مكان آمن وهرباً من المطاردة. ومن المعروف عنه أنه أينما حل فتحت له المدينة ذراعيها، لكن غالباً سرعان ما انقلبت عليه سطوة الحاكم، فكان عليه أن يذهب باحثاً عن أفق جديد. وبعد حصوله على شهادة الدكتوراة في الفلسفة من جامعة يينا سنة 1841 التحق كأستاذ بجامعة بون. كانت فترة اقامه ماركس في برلين فرصة للتعرف على عدد من المدارس الفكرية مع العلم أن فلسفة هيغل كانت هي الرائجة في تلك الحقبة. وبعد انتقاله إلى مدينة بون بدأ شغب ماركس الفكري ينتقل إلى السياسة حيث أنشأ صحيفة تنتقد أسس الحكم في بروسيا، مما أدى إلى مصادرة الصحيفة وتجريده من الجنسية البروسية، فهاجر ماركس إلى باريس بصحبة زوجته. وهناك بدأ فكره ينضج ويتجه نحو رفض الهيغلية. وخلال فترة إقامته في باريس توطدت علاقته برفيق العمر والإيديولوجيا فريدريك انغيلس. وفيها نشرا سوياً الكتيب الشهير "بيان الحزب الشيوعي".
ماركس الإنسان والمفكر الفذ تعتبر الفترة من عام 1842 حتى عام 1849 مرحلة هامة جداً من حياة ماركس، فهي فترة المنفي، التي قضاها في بريطانيا بعد أن طرد من فرنسا وبلجيكا، بسبب كتاباته ونشاطاته الصحفية التي اعتبرت تحريضا للطبقة العاملة والفقراء على التمرد ضد سطوة السلطة وقهر الاقتصاد. عانى ماركس في تلك الفترة من حياته من ضنك العيش، ولولا وجود رفيقه انغيلس الذي كان ينحدر من أسرة غنية لكان مسار حياته تغير على الأرجح. وفي منفاه الاختياري لندن ألّف ماركس كتبه التي مهدت الطريق للاتجاه الفلسفي والفكري، الذي يحمل اليوم اسم الماركسية. من بين مؤلفاته الهامة: "الصراعات الطبقية في فرنسا من سنة 1848 حتى 1850" و"نقد الاقتصاد السياسي" الذي قام بنشره عام 1859. وفي سنة 1867 ظهر الجزء الأول من مؤلفه الضخم "رأس الـمال"، أما الجزء الثاني فنشره انغيلس بعد وفاة رفيق عمره ماركس. وبجانب الكتابة حاول الاثنان تنظيم الحركة العمالية، حيث أسسا "الجمعية الدولية للعمال"، التي كان لها شعبية في عدد من دول العالم كأمريكا وألمانيا. وشكلت هذه الجمعية الانطلاقة الأولى لتأسيس عدد من الأحزاب اليسارية منها الحزب الاشتراكي الديموقراطي الألماني. وفي عام 1883 توفى كارل ماركس في منفاه بلندن عن عمر يناهز الخامسة والستين.
ما بعد ماركس بعد عقود مرت على وفاة ماركس كتب المفكر فوكوياما كتابه الشهير الذي أنذر فيه بنهاية العالم. واعتبر الكثيرون هذا الكتاب رسالة موجه إلى فكر ماركس. كانت الركائز الأساسية لنظرية فوكوياما هي فرضية انتهاء الإيديولوجيا وانتصار الفكر الليبرالي. غير أن فلاسفة ومفكرون آخرون قاموا بالرد على هذه النظرية، ومنهم جاك ديريدا، الذي آلف كتابا تحت عنوان" أطياف ماركس" مفاده أن ماركس الستاليني، الذي تطور إلى نموذج سوفيتي بيروقراطي هو الذي توفى وانتهى. أما ماركس الفيلسوف والمفكر فما يزال حيا بيننا
عدل سابقا من قبل algohiny في 14/3/2009, 1:34 pm عدل 1 مرات
د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
موضوع: رد: 126 عاماً على رحيل ماركس - ملف خاص 14/3/2009, 1:16 pm
كارل ماركس من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
كارل ماركس (5 مايو 1818 إلى 14 مارس 1883). كان فيلسوفًا ألمانيًا، يهودي الأصل، سياسي، وصحفي ،ومنظّر اجتماعي. قام بتأليف العديد من المؤلفات الا ان نظريته المتعلقة بالرأسمالية وتعارضها مع مبدأ اجور العمال هو ما أكسبه شهرة عالمية. لذلك يعتبر مؤسس الفلسفة الماركسية ، و يعتبر مع صديقه فريدريك إنجلز المنظرين الرسميين الأساسيين للفكر الشيوعي. شكل وقدم مع صديقه فريدريك إنجلز ما يدعى اليوم بالاشتراكية العلمية. ( الشيوعية المعاصرة ) .
ولد ماركس بمدينة (ترير) في ولاية (رينانيا) الألمانية عام 1818م والتحق بجامعة بون عام 1833 لدراسة القانون. أظهر ماركس اهتماماً بالفلسفة رغم معارضة والده الذي أراد لماركس ان يصبح محامياً. وقام ماركس بتقديم رسالة الدكتوراة في الفلسفة عام 1840 وحاز على شهادة الدكتوراة. وصفه أحد أصدقائه بأنه عريض المنكبين واسع الجبهة كثيف الشعر وداكن إلى حد الزرقة. كان حيويا نشيطا لا يهدأ له بال لا ينام إلا أربع ساعات في اليوم.
بداياته في عام 1842 وبعد كتابته لمقالته الأولى لمجلة ( Rheninshe Zeitung ) في مدينة كولونيا ..أصبح من طاقم التحرير. كتاباته في هذه المجلة وبشكل ناقد لوضع السياسة والأوضاع الاجتماعية المتردية المعاصرة لذلك الوقت ورطته في مناقشات حامية مع رؤوساء التحرير والمؤلفين. وهو صاحب مقولة الدين هو افيون الشعوب لان الدين لا يشجع الفكر الحر الذي ينتج بل يبقيهم كالمخدرين دون طموح للتقدم والتغيير. وفي عام 1843 ماركس كان قد أجبر على إلغاء أحد نشراته وسرعان ما تم اصدار قرار بإغلاق الصحيفة ومنعها من النشر. انتقل ماركس من ألمانيا إلى باريس وهناك دأب على قراءة الفلسفة والتاريخ والعلوم السياسية وتبنى الفكر الشيوعي. في عام 1844 وعندما زاره صديقه فريدريك إنجلز في باريس وبعد عدة مناقشات مع بعضهما البعض وجد الصديقان بأنهما قد توصلا إلى أفكار متطابقة 100% حول طبيعة المشاكل الثورية وبشكل مستقل عن بعضهما البعض . ونتيجة لهذا التوافق بينهما عملا معا وتعاونا لتفسير أسس ومبادىء نظريات الشيوعية والعمل على دفع الطبقة العاملة (والبرجوازية الصغيرة الديمقراطية) لتعمل وتتفانى من أجل تلك المبادىء. عاش كارل ماركس في القرن التاسع عشر؛ وهي فترة اتسمت بانتشار الرأسمالية الصناعية من خلال تشكيل الطبقات العمالية الأوروبية وأولى صراعاتها الكبرى. وهذا العالم هو الذي حاول ماركس التفكير فيه من خلال اعتماد عدة مكتسبات نظرية: الفلسفة الألمانية وبخاصة فلسفة هيجل (1891-1770) التي استخلص منها فكرة جدلية التاريخ الكوني الذي تهيمن عليه التناقضات التي تقوده نحو مآل نهائي. الاقتصاد السياسي الإنجليزي الذي يشكل كل من آدم سميث (1790-1723) و د. ريكاردو (1823-1772) ومالتوس (1834-1770) أبرز وجوهه. الاشتراكية " الطوباوية " الفرنسية (سان سيمون، فورييه، كابي) ومعاصرو ماركس (برودون،بلانكي) الذين دخل معهم ماركس في سجال. المؤرخون الفرنسيون الذين حللوا المجتمع بحدود صراع الطبقات الاجتماعية.
نقد الرأسمالية لقد تبنى ماركس منظورا دينامياً وصراعياً للرأسمالية.ومنها: نظرية الاستغلال وفائض القيمة: يبدو العالم الحديث كتراكم للبضائع ، وتأتي قيمة هذه البضائع من العمل الإنساني الذي هو متضمن في البضاعة ( نظرية القيمة ـ العمل مستعارة من د. ريكاردو). إن العمل بدوره بضاعة تمتلك سمة خاصة: فهو ينتج قيمة أعلى من ثمن شرائه. وبالفعل؛ فالرأسمالية لا تشتري كل العمل المبذول من طرف البروليتاري، ولكنها لا تؤدي له إلا ثمن قوة عمله (ما يكفيه للعيش )، والفارق القيمي في ما بين قوة العمل والعمل المنجز يشكل فائض القيمة الذي هو منبع الرأسمال. إن الرأسمال يخلق ذاته ويعيد خلقها باستمرار داخل علاقة الاستغلال الاجتماعية هذه. قوانين تطور الرأسمالية: تقود المنافسة الرأسمالي لمراكمة رأس المال؛ أي إلى استثمار جزء من الربح في تحسين أداته الإنتاجية. ومن قانون التراكم هذا استنتج ماركس عدة اتجاهات للتطور: اتجاه أكثر فأكثر تعاظما نحو مكننة الإنتاج؛ تمركز رأس المال ناجم عن نمو كل مقاولة على حدة وتمركز المقاولات في أيدي حفنة قليلة العدد من أقوى الرأسماليين ؛ تزايد البطالة والانخفاض النسبي للأجور الذي تصوره ماركس كعاقبة للتراكم فالآلات التي تنحو نحو تعويض البشر والمشكلة بذلك ل" جيش صناعي احتياطي " ينزع حضوره نحو ممارسة ضغط يؤدي إلى تخفيض الأجور . ويبدو هذا التفقير المتعاظم ك" قانون عام للاقتصاد الرأسمالي " ؛ قانون الانخفاض النزوعي لمعدلات الربح يتأتى من تزايد الرأسمال الثابت (الآلات) مقارنة بالرأسمال المتغير (الأجور) ؛ الربح (فائض القيمة) المتأتي فقط من العمل الإنساني (حسب نظرية القيمة ـ العمل) ؛ الانخفاض النسبي لعدد المأجورين مقارنة بالآلات يقود نحو انخفاض معدل الربح . غير أن التفقير يقود نحو ثورة الجماهير ؛ فهنا يفرد المنطق الاقتصادي مكانا لمنطق اجتماعي : يتمثل في ثورة المقموعين ضد النظام . ميكانيزم الأزمات. ليست هناك لدى ماركس نظرية ناجزة ومكتملة بخصوص الأزمات . الاستغلال وتمركز رأس المال الثابت (الآلات) يقودان نحو تعاظم لا ينتهي لقدرات الإنتاج على حساب إمكانيات الاستهلاك (عبر المداخيل الموزعة) ، ومن ثمة أزمات فيض الإنتاج التي لا تني تحدث والتي تسم الرأسمالية بشكل دوري . وقد اعتقد ماركس أن هذه الأزمات من شأنها أن تتفاقم عبر الزمن حتى تصبح أزمات لا تطاق.
المادية التاريخية أولوية الإنتاج إن أساس المجتمع يقيم في الإنتاج ؛ في العمل الذي ينتج الإنسان من خلاله ذاته وينتج المجتمع . إن وسائل الإنتاج المسماة " القوى المنتجة " والعلاقات التي تنشأ حول العمل (" علاقات الإنتاج ") يشكلان " عالم الإنتاج " الخاص بكل مجتمع ، ولقد تعاقبت خلال التاريخ عديد من أنماط الإنتاج ( القديمة ، الآسيوية ، الإقطاعية ، الرأسمـالية ). البنية الاقتصادية التحتية والبنيات الفوقية إن البنيات الفوقية السياسية ، القانونية والإيديولوجية تنبني على قاعدة الإنتاج . إذن يجب الانطلاق من القاعدة الاقتصادية لفهم تطور مجتمع معطى . تقسيم الشغل وصراع الطبقات يؤدي تقسيم الشغل أيضا نحو انفصال الناس عن بعضهم ونحو تكون الطبقات وصراعها . إن صراع الطبقات الاجتماعية المتعادية والمتصارعة من أجل السيطرة على الإنتاج هو محرك التاريخ في إطار النظام الرأسمالي . سوسيولوجيا الطبقات والدولة نظرية الطبقات الاجتماعية غالبا ما اعتبر أن البيان الشيوعي الذي يصرح فيه ماركس بأن لا توجد إلا طبقتان أساسيتان متعارضا مع " صراع الطبقات في فرنسا " الذي يصف فيه سبع طبقات وشرائح من الطبقات المختلفة . وبالفعل ليس هناك تناقض ؛ فلم تكن لهذين التأويلين نفس الوضعية ؛ فما كان يشغل بال ماركس في البيان ( وعلينا أن لا ننسى أنه نص دعـــائي )كان هو تحليل الصراع الذي يضع في المجتمع الرأسمالي طبقتان أساسيتان متواجهتان ( حاملتان لمشروع تاريخي ) : البورجوازية والبروليتاريا . ويجب أن يؤدي هذا الصراع إلى الثورة إذا ما عرف العمال كيف يتنظمون في حزب يمكن من الإطاحة بالمجتمع البورجوازي . إن " صراع الطبقات في فرنسا " يريد أن يكون تحليلا أمبريقيا لحركة تاريخية خاصة ، وماركس يصف بدقة شرائح طبقية وروابطها وكيف تنتظم حول طبقتين أساسيتين . يجب إذن أن نميز عند استعمال مفهوم الطبقة النظرية الدينامية للطبقات ( التي تنتظم حول قطبين اثنين ) والتحليل الوصفي الذي يهتم بتركيب الجماعات الاجتماعية : ببنيتها وتطورها وسلوكها . نظريةالدولةوالإيديولوجيات نجد لدى ماركس نظرية للدولة (متصورة بوصفها أداة سلطة في خدمة الطبقة المهيمنة) وللإيديولوجيات ( كتعبير عن مصالح طبقية معينة ) وللاستلاب ( كتقديس أعمى للبضاعة ) ، وللدين ( " كأفيون الشعوب " ) ، .. الخ .
البيان الشيوعي في عام 1845 ماركس كان قد أجبر على مغادرة فرنسا بسبب نشاطاته الثورية وكان قد استقر في بروكسل ولحقته زوجته وأطفالها إلى هناك وساعده صديقه انغلس الذي كان أبوه برجوازيا على شراء منزل والذي تحول فيما بعد إلى مركز للإتصال والاجتماع بالشبكات العمالية الثورية.
عصبة الشيوعيين في عام 1847 اجتمع الشيوعيون ليؤسسوا عصبتهم وفوض ماركس وانغلس ليشكلوا مبادىء هذه العصبة وبرنامجها المتبع وكان هذا البرنامج قد عرف فيما بعد ب ( بيان الشيوعية حيث وضع فيه ماركس جوهر أفكاره وأسس العمل على تحقيقها ) وكانت عصبة الشيوعيون قد قامت على أنقاض جماعة رابطة العادلين في فرنسا والتي كانت لا تؤمن بضرورة الثورة والاستيلاء على السلطة وكان شعارها ( الناس كلهم أخوة ) طبعا أقنع ماركس أعضائها بأنهم يحلمون بعالم وردي واستبدل الشعار إلى أن صار ( يا عمال العالم اتحدوا ) البيان الشيوعي كان يمهد لعقيدة الاشتراكية العلمية ويجسد المادية التاريخية بعيدا عن الكنيسة أو الدين ( باعتقاد ماركس الدين أفيون الشعوب ) أو الطائفية المهنية. وكان ذلك قد أخرج صراحة في تعليقه ونقده للاقتصاد السياسي ( كتاب ) في عام 1858 إن أسس وجوهر البيان الشيوعي تقوم على افتراض أن منذ فجر الانسانية وحتى اليوم كانت العلاقة علاقة صراع بين المُستغِل والمُستغَل ..بين المالك وبين العامل ..بين الطالب وبين الأستاذ ...بين الفلاح وبين الاقطاعي...استغلال الانسان للإنسان وأمة لأمة. وكانت الغلبة تنتهي إما لإحداهما أو بسقوطهما معا. وطبعا غلبة أي منهما تحدد طبيعة الاقتصاد القائم. وعلى افتراض بأن تفكك الاقطاعية كان من نتيجة تعفنها واعاقتها للبرجوازية ...فإن المنطق يفرض حتما بأن مستوى تطور الطبقة البرجوازية ( الانتاج الكبير ) سيصل بها إلى حد لا تستطيع فيه التقدم. وعندها ستقوم البروليتارية بسحق هذه الطبقة ( البرجوازية ) ورفع الجور والظلم عن الطبقة العاملة ( البروليتاريا ) وعندها يتحقق المجتمع الشيوعي حيث تنتفي فيه الملكية الخاصة (وليس الملكية الشخصية ) ..حيث الملكية الخاصة هي الناتجة عن استغلال العمال وأخذ ما ينتجه من القيمة المضافة دون أدنى جهد يذكر من قبل الرأسمالي..أما الملكية الشخصية هي ما تحصل عليه نتجية القيام بعمل.
النفي السياسي في عام 1848 قامت الثورة في فرنسا والمانيا. وخافت الحكومة البلجيكية من امتداد الثورة إليه وقامت بنفي ماركس الذي ذهب أولا إلى باريس ثم كولونيا وقام بتأسيس صحيفة جديدة دعيت Neue Rheinishe Zeitung تيمنا بتلك المجلة التي كان يعمل بها في البداية وانضم إلى أعمال ثورية هناك ودأب على تنظيمها ، في عام 1849 تم اعتقاله وحوكم في كولونيا بتهمة التحريض على التمرد العسكري ..ثم تمت تبرئته ونفيه من ألمانيا وتم إيقاف مجلته الجديدة التي كان هو رئيس تحريرها. في عام 1848، شهدت أوروبا ثورة عندما قامت الطبقة العاملة في فرنسا بالسيطرة على السلطة من الملك لويس. وقامت الحكومة الثورية باستدعاء ماركس للبقاء في فرنسا بعدما طردته حكومات فرنسية سابقة. وعندما أفلت شعلة الحكومة الثورية الفرنسية في عام 1849، انتقل ماركس للعيش في لندن وقام بكتابة الكثير من المؤلفات التي تعنى بالسياسة و الإقتصاد. كما عمل كمراسل أوروبي لصحيفة "نيويورك تربيون" من موقعه في أوروبا و خلال هذه الفترة كان قد قام بعدد من الأعمال وصنفت على أنها كلاسيكيات النظرية الشيوعية. وتضمن هذا كتابه الأروع ( رأس المال ) في أجزائه الثلاثة والذي نشره انغلس عام 1885 بعد وفاة ماركس حيث كان عبارة عن مخطوطات وكراسات من الملاحظات وتضمنت تحليلا للنظام الرأسمالي والذي يبين فيه كيف أن التطور واستغلال العمال يتم بكل بساطة عن طرق أخذ القيمة المضافة—( القيمة المضافة هي القيمة التي تنتج عن طريق العمل على الشيء- من القطن في الحقل إلى قماش فاخر ..من دولار إلى 100 دولار وهي لا تشتمل على أجور التكلفة او الصيانة ..أي ليس لها علاقة بأجر الصيانة أو كلفة العمل وهي ليست الربح ...في ذلك الوقت لم يكن هناك تكنولوجيا ...حاليا القيمة المضافة تنتجها الآلات الحديثة ويأخذها أصحاب وسائل الانتاج). وكان عمل ماركس التالي هو عن المجلس الوطني الفرنسي 1871 (كومون فرنسا كتاب الحرب الأهلية الفرنسية . حيث حلل خبرة هذا المجلس الثورية والتي شكلت في باريس خلال حرب فرانكو بروسيان . ومن خلال هذا العمل قام ماركس بترجمة شكل ووجود هذا المجلس على برهان وتأكيد تاريخي حتمي لنظريته. بأن من الضرورة الهامة والقصوة للعمال بأخذ زمام الحكم والوصول إلى قمة المراتب السياسية بتمرد مسلح. وبعدها العمل على تدمير الأسس التي تقوم عليها الطبقة الرأسمالية. ووضح ماركس بأنه ما بين الشيوعية والرأسمالية تقع تلك الفترة التي تعمل على تهيئة التحول الثوري وهذا التحول الذي سيشمل المناصب السياسية ستؤدي إلى حدوث دكتاتورية الطبقة العاملة ( البروليتاريا ).
السنوات الأخيرة عندما تم حل عصبة الشيوعيين في عام 1852 ماركس استمر بمراسلة مئات الثوريين بهدف تشكيل منظمة جديدة. وهذه الجهود قد بلغت ذروتها في عام 1864 عندم تشكيل ( مجلس الأممية ) وسرعان ما بدأ العمل مع رفاقه على تشكيل أسسه ومبادئه وبرنامجه السياسي ولكن بعضا من أعضائه والذين كانوا قد أخمدت الرغبة الشيوعية فيهم كانوا قد رفضوا إنشاءه وهنا كان قد اقترح ماركس نقل مركز ( مجلس الأممية ) إلى الولايات المتحدة. زوج ماركس ابنتيه ( لورا ، جيني ) في عامي 1868 ، 1873 سنواته الثمانية الأخيرة كانت صراعا حقيقيا مع المرض فألم به مرض الكبد ، ثم داء النزلة الشُعَبية ² والتي أعاقته عن طموحاته وأهدافه ومع ذلك كان بعد وفاته قد وجد بعضا من الملاحظات التي تم تجميعها واعادة نشرها كمجلد رابع لكتاب رأس المال ( ماركس ربط تكون رأس المال بالقيمة المضافة الناتجة عن علاقات الاناج ولم يجعله يقتصر على حالة تراكمية جامدة). في سنواته الأخيرة عانى كثيراٌ فتوفيت زوجته سنة 1882 وابنته جيني في سنة 1883 . وفي 14 مارس 1883، توفى كارل ماركس ودفن في مقبرة هاي غيت (Highgate Cemetery) بلندن.
د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
موضوع: رد: 126 عاماً على رحيل ماركس - ملف خاص 14/3/2009, 1:21 pm
مكانة ماركس بقلم: د. جورج جقمان
يصعب التعرض لمكانة وأهمية ماركس، خاصة ان تم ذلك أمام جمهور غير مطلع وغير قارئ، دون التطرق للسؤال الذي لا بد انه يراود ذهن جمهور من هذا النوع، وهو: لماذا يُقرأ ماركس بعد انهيار الاتحاد السوفيتي؟ ولإزالة الاختلاط الذي يحتويه هذا التساؤل يمكن بإيجاز الإشارة إلى التالي:
1 لقد سعى النظام السوفيتي إلى الاستحواذ على تركة ماركس الفكرية وإلى الإضافة لها بإسهامات لينين وستالين على وجه التحديد، ومن ثَم ظهور "الماركسية اللينينية". من جهة أخرى، وفي خضم الحرب الباردة والدعاية، والدعاية المضادة، دخلت أطراف أخرى حلبة الصراع الفكري خاصة الولايات المتحدة وبعض حلفائها في الشرق والغرب. وسعى هذا التيار أيضاً لعدم التمييز بين تركة ماركس والاتحاد السوفيتي. بالتالي، اقترن ماركس بالذهن وعلى نطاق شعبي، بتجربة الاتحاد السوفيتي. غير انه ينبغي الإشارة إلى ان مركز الماركسية كحركة فكرية وكمراس سياسي سابق لظهور الاتحاد السوفيتي، تمحور حول عمل وفكر الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني، وحتى أوائل العشرينات من القرن الحالي. وقد شكل ظهور الاتحاد السوفيتي انشقاقا عميقا في الماركسية كحركة فكرية وسياسية. وقد اسهم بروز الاتحاد السوفيتي على الصعيد العالمي في الفقدان النسبي للاهتمام بالتيار الماركسي الآخر، والذي شكل امتداداً للفكر الذي تمحور حول الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني. وقد عرف هذا التيار، لاحقاً، "بالماركسية الغربية". وتميزت "الماركسية الغربية" عن "الماركسية اللينينية" بتنوعها وتعددها والمرونة الفكرية التي تناولت فيها أفكار ماركس، والنقد الصارخ الذي وجهه بعض ابرز مفكريها إلى النظام الشمولي في الاتحاد السوفيتي.
وتعتبر كتابات كارل كورش (K. Korsch) وجورج لوكاش (G. Lukacs) وانطونيو غرامشي (A. Gramsci) إضافة إلى تأسيس مؤسسة فرانكفورت للبحوث الاجتماعية في عام 1923 ومؤلفات باحثيها، من الينابيع الفكرية للماركسية الغربية. فعلى سبيل المثال، اخذ أهم كتّاب مدرسة فرانكفورت (وهم ثيودور أدورنو، وماكس هوركهايمر، وهيربرت ماركيوز) منحى النقد الثقافي للمجتمع البرجوازي كمدخل أساسي للتحليل، بما في ذلك هيمنة "العقلانية التقنية" (technological rationality) في ذلك المجتمع، وما يرادفها من "وضعية" (positivism) و"علموية" (scientism) في العلوم الاجتماعية، بدلاً من التركيز فقط على هيمنة الطبقة الرأسمالية. ومن هذا المنطلق ركز هؤلاء الكتاب على تحليل المظاهر المتعددة للاغتراب في المجتمعات الغربية المعاصرة وأبعادها الثقافية والنفسية والفكرية والجمالية. وبهذا المعنى قيل ان "الماركسية الغربية" هي ماركسية "البنية الفوقية".
2 إن مكانة ماركس الفكرية في القرن العشرين تتعدى الماركسية بأنواعها، أخذاً بعين الاعتبار دخول بعض من أفكاره وتوجهه في النظر إلى المجتمع وفي تحليل التغيير الاجتماعي والسياسي والفكري، إلى العلوم الاجتماعية بشكل عام. وقد يصعب أحياناً تحديد اثر ماركس بشكل عيني ودقيق في حقول مثل علم النفس وعلم الاجتماع والتاريخ وعلم الإنسان والعلوم السياسية. ولكنه يصعب أيضاً تصور هذه العلوم كما هي الآن دون ماركس. وبهذا المعنى ان لماركس تأثيرا أوسع واعم على الصعيد الفكري مما له على الصعيد السياسي، وان كان هذا التأثير في كثير من الأحيان مرنا وغير عقائدي.
وتعتمد مكانة ماركس التاريخية أيضاً على إنجازاته الفكرية المتنوعة، نشير منها على وجه الخصوص إلى التحليل النافذ الذي قدمه للنظام الرأسمالي كنظام اقتصادي والمجسد في كتاب "رأس المال"، والذي وفر أساساً نظرياً للعديد من المفكرين الاقتصاديين خلال القرن العشرين بما في ذلك غير الماركسيين منهم. إضافة، يجب الإشارة إلى الأهمية الفكرية لنظرة ماركس إلى التاريخ وإلى العناصر الفاعلة فيه، والتي تركت أثراً كبيراً على كتابة التاريخ من بعده وخاصة في القرن العشرين. وليس المقصود هنا التبني الحرفي للتفسير المادي للتاريخ من قبل المؤرخين، خاصة بالشكل الفظ والسوقي الذي تم التعبير عنه في بعض المؤلفات الصادرة من الاتحاد السوفياتي، وكعلاقة ميكانيكية بين "أعلى" و"أدنى"، بين بنية "فوقية" وبنية "تحتية" وباتجاه واحد لا حيد عنه ولا إنفكاك منه، من اسفل إلى أعلى!
وبشكل عام، يمكن القول انه لم يعد من الممكن بعد ماركس كتابة التاريخ بافتراض ضمني أو صريح، ان المحرك الأساسي فيه هو الفكر أو أعمال الملوك والأمراء والحكام، أو إهمال تاريخ من أهمل ذكرهم "مؤرخو البلاط". وبهذا المعنى ان تأثير ماركس على كتابة التاريخ في القرن العشرين واسع جداً ولكن بنفس القدر غير متزمت أو عقائدي، يسمح بالانتقاء والتركيز حسب المعطيات (data) الموجودة لدى المؤرخ من وثائق أو وقائع أو مواد أولية أخرى. هذا إضافة إلى تأثير ماركس المباشر على مدارس محددة في كتابة التاريخ من مدارس وتيارات القرن العشرين.
ويمكن الإشارة هنا إلى الارتباط بين وصف ماركس لظاهرة الحداثة (modernity) وبين بعض عناصر تيارات "ما بعد الحداثة" (postmodernism) التي راجت في نهاية القرن العشرين. وترى بعض هذه التيارات سلالتها الفكرية في أعمال عدد من المفكرين من بينهم نيتشه (توفي 1900). فعندما يقول نيتشه: "ماذا فعلنا عندما اعتقنا الأرض من شمسها؟... إلى أي مكان نتجه الآن... هل بقي ما هو فوق وما هو تحت؟" من: (Gay Science)، يفهم كتّاب ما بعد الحداثة هذا على انه إدراك مبكر لمفكر ذي نظر ثاقب لعناصر أساسية لظاهرة ما بعد الحداثة، والتي يحتفلون بها، كالتجزئة (fragmentation)، والزوال (ephemerality)، وعدم الثبات والتغيير المستمر، سواء كان ذلك في نطاق القيم أو المعايير أو في نطاق المعرفة والقبول بعدم إمكانية اليقين فيها، أو نقد أطر التفسير (explanatory frameworks) التي اُعتُقِدَ انها تصلح عبر الأزمنة ولمختلف الثقافات. ونجد هنا بعض العناصر المشتركة (وان لم يكن جميعها) بين الحداثة وما بعد الحداثة، إذ تشكل الأخيرة امتداداً كمياً ونوعياً للأولى في مضامين متنوعة مثل الفن والعمارة والأدب والفكر بشكل عام، وبشكل متجذر وناقد للحداثة في عناصرها الأخرى خاصة المعرفية منها المتعلقة بتفسير التغيير في المجتمع وفي التاريخ.
وبقدر أكبر من النظر الثاقب والإحاطة والشمول رصد ماركس أيضا هذه العناصر للحداثة بعد ان وضعها في إطارها التاريخي الذي يفسرها دون بتر أو اجتزاء كظواهر محض ثقافية أو فكرية ذات فاعلية سببية مستقلة. يقول ماركس في معرض وصفه للتغيير الجذري الذي حدث بفعل الرأسمالية الصناعية: "... هذا التزعزع الدائم في كل العلاقات الاجتماعية، وهذا التحرك المستمر وانعدام الاطمئنان على الدوام... كل العلاقات الاجتماعية التقليدية الجامدة وما يحيط بها من مواكب المعتقدات والأفكار... تنحل وتندثر؛ اما التي تحل محلها فتشيخ ويتقادم عهدها قبل ان يصلب عودها. وكل ما كان صلباً ثابتاً يطير ويتبدد كالدخان..." غير ان ماركس اعتقد بوجود أطر ومنطلقات تصلح لتفسير ما هو متغير في أزمنة وحقب شتى. وبهذا ينتمي ماركس إلى عصره والى العصر الذي ما زال يمكث فيه العديد منا، خاصة من الذين ما زالوا يطمحون إلى الدخول في مرحلة الحداثة.
د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
موضوع: رد: 126 عاماً على رحيل ماركس - ملف خاص 14/3/2009, 1:28 pm
ماركس يرعب وول ستريت والماركسية ترعب الرأسمالية من جديد!! بقلم: د. عبدالرحمن الحبيب
(مالكو رأس المال سيُحفزون الطبقة العاملة للشراء أكثر فأكثر من السلع الغالية والمنازل والتقنية، مما يدفعهم لأَخذ أكثر فأكثر ائتمانات غالية، حتى يصبح دينهم لا يُحتمل. والدين غير المدفوع سيؤدي إلى إفلاس البنوك، مما يدفع إلى التأميم، والدولة ستضطر للتدخل مما يؤدي في النهاية إلى الشيوعية).
هذه الفقرة تُنقل عن كارل ماركس (عام 1867م) في كتابه رأس المال (Das Kapital)، وهي تمثل مذهبه الشيوعي في نظريته المشهورة عن فائض القيمة. وهذه العبارة يتم تناقلها منذ نحو خمسة أسابيع في شبكة النت حول العالم.. ويُذكر أنها أول ما ظهرت كانت في وول ستريت، حيث يُقال أنها انتقلت من شخص لآخر هناك وأثارت ضجة من الجدل والنقاش والرعب بسبب دقة توقعها، ثم شاعت لبقية أرجاء المعمورة.. ومن تلك العبارة تظهر العديد من الأسئلة.
السؤال الأول الذي شغل آلاف النقاشات حول العالم، هو هل صحيح فعلاً أن ماركس كتب ذلك حرفياً، بفس هذه الصياغة، قبل أكثر من مائة وأربعين عاماً، وكأنه يعيش بيننا هذه الأيام من الأزمة المالية العالمية الطاحنة؟ لأنه من الصعب التخيل أن تكون توقعاته بهذه الدقة المذهلة، التي حيرت كثيراً من الاقتصاديين ومنظري رأس المال. والإجابة على السؤال تقول إن نسخ كتاب رأس المال باللغة الإنجليزية لا يوجد بها مثل هذا النص بحرفيته بحذافيرها، ولكن لأن هذه الفقرة تشابه كثيراً ما طرحه ماركس، فإن البعض يعتقد أنها ترجمة مختلفة أو ربما ترجمة ملتوية لكتاب رأس المال عن النسخة الأصلية بالألمانية أو الفرنسية. وعموماً، من يقرأ كتاب رأس المال سيستنتج بسهولة أن الفكرة الأساسية للفقرة هي موجودة بوضوح في الكتاب، وفي طروحات وبيانات أخرى لماركس. فالجملة الأولى من الفقرة موجودة بصيغ مختلفة وبمواقع عدة من الكتاب في مجلده الأول. أما الجزء الخاص بإفلاس البنوك في الجملة الثانية، فلا يوجد شيء من ذلك في المجلد الأول من طبعة.. Lawrence and Wishart (James Heartfield ؛Bryce Edwards).
ولكن ماركس كتب فعلاً في المجلد الثالث، عن دور الائتمان الذي يؤدي إلى المضاربة في البورصة وتشكل رأس مال وهمي الذي بدوره يقود إلى إفلاس البنوك. وكتب عن كافة أنواع الائتمان، وكان مثاله الأساسي هو دور الائتمان في الأزمة الاقتصادية خلال عامي 45 و47 في القرن التاسع عشر حول تصدير بضائع القطن للشرق الأقصى. يقول ماركس: (من المثير أن الأزمة تم تجنبها عبر تعطيل القانون البنكي للحد من المال الذي يمكن لبنك إنجلترا إصداره). صفحة 408. وإذا انتقلنا لسؤال آخر.. لماذا هذا الاهتمام المبالغ فيه بهذه الفقرة؟ وهذا يقودنا لسؤال أعم، وهو لماذا عودة الاهتمام بمؤلفات ماركس، حيث بدأت دور النشر تطبعها بعشرات الآلاف من النسخ، وهناك إقبال متزايد عليها، كما أن هناك توسعاً متنامياً في شبكة الإنترنت حول موضوعات ماركس والماركسية.. الإجابة ببساطة هو أنه لا يلوح في الأفق أية بوادر انفراج للأزمة المالية العالمية.. ولا يبدو أن هناك حلولاً ناجعة.. ولا يبدو أن هناك تفسيرات مقنعة لما حصل.. إذن، نحن في متاهة وحيرة، وماركس قبل قرن ونصف القرن، توقع سقوط الرأسمالية وقيام الاشتراكية. ولم يكتف بمجرد التوقع، بل ادعى أن نظريته علمية، لذلك سماها الاشتراكية العلمية، تمييزاً لها عن الاشتراكيات السابقة التي يرى أنها طوباوية (خيالية)، تريد الخير والعدالة الاجتماعية ولا تمتلك أدوات التغيير. ولأن اشتراكية ماركس علمية فهي في نظره حتمية تاريخية، بمعنى أنها لا بد أن تقع، ولا يمكن تفاديها، إضافة إلى أنها تسعى للعدالة الاجتماعية كخير للبشرية..
وبعد نحو نصف قرن، صدقت توقعات ماركس، بسقوط القيصرية الروسية وقيام اتحاد جمهوريات السوفييت الاشتراكية، رغم أن توقعاته كانت حول بريطانيا أو ألمانيا، أي حول دول رأسمالية متطورة صناعياً، وليس دولة زراعية ما قبل رأسمالية.. والمهم أنه بعد ذلك تساقط تباعاً كثير من الأنظمة الرأسمالية (أو إذا شئنا الدقة نقول الأنظمة ما قبل الرأسمالية) وقامت على أنقاضها أنظمة اشتراكية، حتى وصلنا في منتصف القرن العشرين وكان أغلب سكان المعمورة يعيشون في ظل الاقتصاد الاشتراكي أو الموجَّه. وكان بعبع الشيوعية هو أكبر تهديد للرأسمالية، فالماركسية تدعي العلمية وكانت تُصرُّ على أن توقعاتها حتمية (كقانون علمي) لا بد أن تقع.. ونجحت توقعاتها! أليس هذا مخيفاً؟ حتى أن هذه الدول الرأسمالية، عدلت كثيراً من أنظمتها، وحتى بات البعض يشك في رأسمالية بعض الدول الرأسمالية العريقة كبريطانيا وفرنسا وألمانيا من كثرة ما أدخلت على نظمها الاقتصادية الاجتماعية من تعديلات اشتراكية لمزيد من العدالة الاجتماعية.. ولكن لم يكد يمضي سبعون عاماً على قيام الاتحاد السوفييتي إلا وانهار من الداخل، وتلاه تساقط متتابع للأنظمة الاشتراكية، مما جعل الكثير ينظر إلى الماركسية والاشتراكية نظرة إشفاق وتهكم على نظرية اقتصادية اجتماعية بائسة خائبة، صادرت الحريات من أجل المساواة، وانتهت بافتقادها للمساواة والحرية معاً.. منذ ذلك الحين أصبحت الماركسية مجرد تاريخ رومانسي من جهة النظرية الفكرية وتاريخ دموي من جهة التطبيق السياسي، وأصبح لا علاقة لها لا بالفكر الحاضر.. وأصبحت الرأسمالية هي الوحيدة المقنعة لغالبية الشعوب والمسيطرة على الساحة العالمية، وبدأت نظم العدالة الاجتماعية تتراجع، وازدادت حدة الفروقات بين الأغنياء والفقراء.. وانحسر تدخل الدول في الاقتصاد شيئاً فشيئاً، وصار أصحاب رؤوس الأموال هم صُناع القرار الفعلي.. حتى قبل بضعة أشهر، حين بدأت الأزمة المالية العالمية وانهار سوق الأسهم..
لقد مضى النظام الرأسمالي بعيداً في تراكم الأموال الوهمية وبعيداً في أخطائه.. مثل هذه العبارة يرددها أغلب منظري الرأسمالية منذ بدأت الأزمة وما صاحبها من خوف وقلق على النظام الرأسمالي برمته.. ومن هنا صار لمؤلفات ماركس أهميتها الخاصة رغم عدم صحة بعض توقعات ماركس الأساسية مثل سيطرة الطبقة العاملة وسقوط الطبقة البرجوازية، ورغم سقوط الاشتراكية وتحولها إلى الرأسمالية بينما ماركس توقع لها أن تتحول إلى الشيوعية.. ومن المثير للانتباه أن نذكر أن البعض يعتقد أن ترويج تلك الفقرة التي في مقدمة المقالة، هي محاولة تحذيرية مقصودة من اليمين الرأسمالي لتأليب الرأي العام والكونجرس الأمريكي ضد تدخل الدولة في حل الأزمة، وضد ما يطرح من أفكار حول التأميمات، باعتبار أن ذلك يتنافي مع مبادئ الرأسمالية، وباعتباره طريقاً يؤدي في النهاية إلى الشيوعية كما هو واضح من صياغة الفقرة في المقدمة، رغم عدم صحة نسبة تلك الفقرة بهذه الصيغة لماركس.. أفكار ماركس كانت ولا تزال مثيرة للجدل، وإذا كانت أفكاره الاقتصادية تراجعت لدرجة النسيان ثم عادت للمقدمة، فإن أفكاره الاجتماعية كانت ولا تزال في مقدمة الأفكار الجدلية فلسفياً وثقافياًً.. * نقلا عن صحيفة "الجزيرة" السعودية.
د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
موضوع: رد: 126 عاماً على رحيل ماركس - ملف خاص 14/3/2009, 1:47 pm
ماركسية القرن الحادي والعشرين بقلم: السيد ولد أباه
كان المفكر الفرنسي جاك أتالي قد توقع في كتاب هام صادر عام 2005 حول ماركس أن يتجدد الاهتمام بالفلسفة الماركسية، ليس من منظور إيديولوجي كما كان في السابق، وإنما من منطلقات فلسفية خالصة «بعد أن تحرر ماركس من تركة ورثته» إثر تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار المعسكر الشرقي.
إلا أن الاهتمام المتجدد بماركس لا ينحصر في الواقع بالسياق الفلسفي المتخصص، وإنما يتعداه الى شكل من الحركية الاحتجاجية التي تتخذ صيغا متمايزة عديدة.
صحيح أن أعمال ماركس الفيلسوف قابلة لقراءات وتأويلات عديدة، وقديما نقل عن ماركس قوله بعد اطلاعه على بعض الأدبيات الحزبية الشيوعية المنتسبة إليه «كل ما أعرف أنني لست ماركسيا». فمن المعروف أن النسخة الشائعة من الماركسية هي الصياغة اللينينية ـ الستالينية التي تقوم على ثلاثة مفاهيم محورية هي: نظرية الاستلاب الناشئة عن قسمة العمل، ومقولة الصراع الطبقي، ونظرية الدولة المكرسة لديكتاتورية الطبقة العاملة (البروليتاريا).
ولقد برز اتجاه نقدي مبكر في الفلسفة الماركسية لمراجعة هذه الصيغة الإيديولوجية السائدة، اكتملت في كتابات الفيلسوفين الايطالي غرامشي والفرنسي التوسير اللذين نبها الى جوانب القصور في نظرية الإيديولوجيا الماركسية التي تقوم على فكرة التحديدية الاقتصادية المبسطة ومقولة الاغتراب ذات الجذور الدينية الملتبسة.
وفي أيامنا شهدت الماركسية استفاقة نظرية هائلة من خلال أعمال الفيلسوفين الايطالي أنتونيو نغري، والأمريكي مايكل هاردت، وأهمها كتاباهما المشتركان «الامبراطورية» و«الجمهور». وإذا كانت هذه الكتابات قد لقيت رواجا واسعا في حقل الدراسات الفلسفية لتوظيفها الثري لأهم الأفكار والنظريات الجديدة، فإنها عبرت في الآن نفسه عن تحولات نوعية في الحقل السياسي ـ الاجتماعي للدولة ما بعد القومية التي تمخضت عن ديناميكية العولمة المتنامية. فما نعيشه حاليا هو انبثاق أنماط جديدة من الماركسية تلائم المرحلة الراهنة التي عادت فيها «المسألة الاجتماعية» (حسب اصطلاحات القرن التاسع عشر) للواجهة. وتعني عبارة المسألة الاجتماعية هنا الصراعات المتولدة عن الرهانات الاقتصادية والمعيشية، التي تغيرت سماتها ونتائجها.
لم تعد هذه المسألة تعني راهنا صدام البورجوازية المالكة لوسائل الإنتاج وطبقة الشغيلة المستغلة، ذلك أن الدولة الليبرالية الحديثة استطاعت إبداع آليات ناجعة لامتصاص صدمات هذا الصدام الملازم للمنظومة الرأسمالية (دولة الرفاهية وسياسات التضامن الاجتماعي)، كما أن بنية الشغل وطبيعته تغيرتا، فمرت المجتمعات الصناعية من نمط العمل المادي المتمحور حول استخراج المواد الأولية والتصرف فيها الى الاقتصاد غير المادي القائم على الذكاء الاصطناعي الذي غير جذريا نوعية العامل وعلاقات الإنتاج.
كما أن طبيعة السلطة السياسية قد تبدلت نوعيا، فبعد الدولة القومية المركزية ذات السيادة المطلقة انتقلنا الى مسلك «السلطة الحيوية» التي تقوم على ضبط الحياة والتحكم في مسارات العيش الأكثر حميمة، مما تناوله ميشال فوكو في أعماله الأخيرة وبسط القول فيه الفيلسوف الايطالي جورجيو اغامبن. تترجم الديناميكية الاحتجاجية الجديدة في حركة العولمة البديلة ذات الخلفية الماركسية المميزة، التي وصلت بعض أوجهها السياسية الفاعلة الى السلطة في عدة بلدان لاتينية أمريكية (فنزويلا والبرازيل...) وأصبح لها حضور لافت في البلدان الإفريقية.
كما غدا لهذه الحركية شكل تنظيمي هلامي بزخم إعلامي كثيف، يترجمه منتدى «بورتو أليغرو» الذي يلتئم سنويا بمناسبة انعقاد ملتقى دافوس وقمة الدول الثماني الصناعية. كما أن لهذه الدينامية رموزها الفكرية النافذة، التي من أهمها عالم اللسانيات الأمريكي ناحوم تشومسكي، والفيلسوف الايطالي نغري، وعالم الاجتماع الفرنسي بيار بورديو... فخط التصادم الجديد لم يعد يتركز داخل الجسم الاجتماعي للدولة القومية، وإنما عبر فضاء العولمة الواسع بين المركبات المالية والصناعية عابرة القارات المتحكمة في الاقتصاد العالمي وهوامش الرفض والاحتجاج المناوئة لها التي لا مركز ولا محور لها. ولا شك أن الأزمة الغذائية العالمية الطاحنة التي تركت آثارا مأساوية في البلدان الجنوبية الفقيرة ستساهم بقوة في إذكاء هذه الحركة الاحتجاجية الناقمة التي تجد في القاموس الماركسي العتيق بعض السحر والإغراء، ولو من خلفيات نظرية وإيديولوجية مغايرة. نشرت بجريدة الشرق الأوسط عدد 25 يوليو 2008
د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
موضوع: رد: 126 عاماً على رحيل ماركس - ملف خاص 14/3/2009, 3:52 pm
أضواء علي المنهج ونظرية المعرفة الماركسية بقلم: تاج السر عثمان
يتعارض المنهج الماركسي مع فكرة الحقيقة الوحيدة المطلقة والنهائية، وفي سجال انجلز مع الاشتراكي الالماني دوهرينغ في مؤلفه(انتي دوهرينغ)، اعترض انجلز بشدة علي ان يفترض الانسان انه صاحب الحقيقة الوحيدة والنهائية، يقول انجلز( عندما يكون الانسان صاحب الحقيقة النهائية والأخيرة والنهج الدقيق الوحيد، فمن الطبيعي أن يشعر باحتقار تجاه باقي البشرية الضالة والغريبة عن العلم(انجلز: انتي دوهرينغ، دار التقدم موسكو 1984، 36).
جاء انتقاد انجلز لدوهرينغ لأنه ادعي أنه الفيلسوف الحقيقي الوحيد في عصره، ولأنه يتكلم عن (الحقيقة الأخيرة والنهائية)، ولأنه لم يعرض ببساطة افكاره ويترك للتاريخ مسألة قيمتها، وانما هو كائن غير مادي، لايدعي لنفسه بأقل من العصمة البابوية من الخطأ، والاعلان المسبق عن زيف أي رأي بجانب آراءه، ولأنه تحدث عن اسلافه بازدراء شديد. يقول انجلز( ان السيد دوهرينغ صاحب الحقيقة المطلقة، أو ايضا صاحب المنهج العلمي الوحيد في البحث الذي تصبح بعده جميع المناهج الأخري غير علمية)(ص، 36).
وبالتالي فان المنهج الماركسي ، كما اشرنا سابقا يتعارض مع الحقيقة المطلقة والنهائية، شأنه شان منهج العلم. اما النفي في الفهم الماركسي فهو ديالكتيكي، بمعني أنه يبقي علي كل انجازات القديم وجوانبه الايجابية وعناصره القابلة للحياة والاستمرارية. أما لينين فيشير في مؤلفه( المادية والمذهب النقدي التجريبي) الي ان( الفكر البشري قادر بطبيعتة ان يقدم لنا- وهو يقدم لنا بالفعل – الحقيقة المطلقة التي تتجمع من جملة الحقائق النسبية، فان كل درجة في تطور العلم تضيف حبات جديدة الي حصيلة الحقيقة المطلقة). كما يشير انجلز في رسالة الي كونراد شميدت بتاريخ: 27/10/1890م الي ( تطور الفكر الذي يرتقي صاعدا علي سلم المعرفة البشرية ويحطم عند كل درجة منه الأطر الضيقة للتصورات والمعتقدات القديمة، ينطلق في الوقت ذاته من مستوي المعارف القائم، ويستند الي نتائجه). وكما يقول فالح عبد الجبار( ليس ثمة نقطة نهائية في اكتمال المعرفة من حيث هي معرفة، مع أنها تتشكل من معارف هي احيانا متناهية لمواضيع متناهية)(قضايا فكرية: الكتاب 9، ص 298م).
وبالتالي، فان المعرفة العلمية ليست يقينا نهائيا وكاملا، وعملية المعرفة واختبار النظريات هي عملية الاقتراب والتقدم نحوها، هي عملية الانتقال من عدم المعرفة الي المعرفة، ومن عدم المعرفة الجيدة الي المعرفة الافضل. وعلي سبيل المثال كان عالم الفيزياء اينشتين يعارض التصور القائل بأن علم الفيزياء علم ثابت لايتغير، لقد كان يري فيه علما متغيرا يقول اينشتين( ان تصوراتنا عن الواقع الفيزيائي لايمكنها أن تكون نهائية ابدا، وعلينا ان نكون مستعدين دائما لتغيير هذه التصورات). وبالرغم من ان اينشتين قد عدل في قوانين ميكانيكا نيوتن، الا انه لم يطرحها جانبا، بل وضعها في مكانها المناسب ، حيث اكد ان ميكانيكا نيوتن لاتصلح الا لدائرة محددة من الظواهر. كما كان بليخانوف يؤكد علي أن الديالكتيك المادي لايضيق حدود العقل الانساني، فهو يعرف ان حدود العقل لانهائية وغير محدودة. وبالتالي، فان نظرية المعرفة الماركسية لاتعرف التوقف، ولاتعرف الحقيقة النهائية.
صحيح أن الجمود النظري كان له آثاره السلبية في الفترة الستالينية، ولكن نظرية المعرفة الماركسية خارج السور الستاليني، كانت في حالة تطور، علي سبيل المثال: أسهم مفكرون وفلاسفة ماركسيون مثل غرامشي في دراسة دور البنية الفوقية للمجتمع في التغيير، ودور الطبقة العاملة في خلق مثقفين عضويين يسهمون في تغيير تركيب المجتمع، وبالتالي عالج غرامشي نقطة هامة لم يتناولها ماركس وانجلز. كما أسهم الفيلسوف المجري جورج لوكاش في تخصيب الماركسية ايضا من خلال الاهتمام بالبنية الثقافية ودور الوعي في التغيير ودخل في حوار خصب مع الفلسفة الوجودية، كما اسهم في ارساء وتطوير علم الجمال من خلال دراساته في الواقعية الاوربية. كما اسهم مفكرو وفلاسفة مدرسة فرانكفورت الماركسيين في تخصيب الماركسية من خلال الحوار مع مدارس علم النفس والفلسفة الوجودية والبنيوية، والاهتمام بالجانب الثقافي والنوعي وغير ذلك من القضايا التي أثارتها المدارس النسوية الجديدة، كما أسهم فلاسفة من امثال هابرماس في تطوير المفهوم المادي للتاريخ وتحريره من الجمود الستاليني.
اشار هابرماس في محاضرة له بعنوان ( من اجل اعادة بناء المفهوم المادي للتاريخ ) قدمها في اطار المؤتمر الذي نظمته جمعية هيغل العالمية في ستويغارت عام 1975 ، أشار هابرماس : ( ليس المفهوم المادي للتاريخ بالنسبة لى دلالة كشفية فحسب ، بل هو نظرية ، وبالتدقيق نظرية للتطور الاجتماعي ، يمتلك بفضل مكانته التأملية قيمة استدلالية بالنسبة للعمل السياسي ، ونستطيع الى حد ما أن تفضي الى نظرية واستراتيجية للثورة ) . ( هابرماس : بعد ماركس ، ترجمة محمد ميلاد ، دار الحوار للنشر والتوزيع 2002 م ، ص 65 ) . لا اعتقد أن هابرماس كان يقصد تجاوز الماركسية ، ولكن هابرماس كان يقصد باعادة بناء المفهوم المادي للتاريخ تحريره من الجمود ، انتقد هابرماس الاحكام القطعية لستالين والذي حاول أن يقنن المفهوم المادي في احكام حاسمة بالنسبة للمستقبل في مؤلفه المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية ، 1938 م . وبالتالى كانت مساهمة هابرماس في اعادة بناء للفهم الخاطئ الذي كرّسه ستالين ( ص 65 ) ، كما انتقد هابرماس الاشتراكية البيروقراطية التى كانت قائمة يومئذ وضرورة استكمال توفير حاجات الانسان الاساسية بالحرية والكرامة والسعادة وتحقيق الذات ، ص 103 ، المرجع السابق . وهى أشارات ذكية وسليمة .
اما الفيلسوف الفرنسي سارتر فقد كان يقول: الماركسية لايمكن تجاوزها، لأنها قامت علي نقد المجتمع الرأسمالي، فطالما ظل المجتمع الرأسمالي قائما بكل مآسيه، فان مشروعية النقد تظل قائمة.
كما أسهم الفيلسوف الفرنسي التوسير في تخصّيب الماركسية من خلال مناهج المدارس البنيوية، واسهم في توسيع وتطوير نظرية فائض القيمة في دراسته المعمقة لمؤلف ماركس (رأس المال)، وأشار الي أن ماركس يحتاج الي اعادة دراسة واكتشاف من جديد، وأن ازمة الماركسية جاءت من الجمود الستاليني، وتحرير الماركسية وتجديدها يعني تحريرها من هذا الجمود. كما حاول التوسير أن يوضح الفرق المنهجي بين العلم والايديولوجيا، يقول التوسير(وليس ثمة مجال للتساؤل حول تقديم تعريف دقيق للايديولوجيا، يكفي القول علي نحو تخطيطي جدا، بأن الايديولوجيا هي نظام- يملك اتساقه المنطقي الخاص- من التمثلات والصور أو الاساطير أو الافكار أو المفاهيم حسبما تكون الحالة، له وجوده ودوره التاريخي في مجتمع معيّن. والايديولوجيا كنظام من التمثلات يتميز عن العلم، بأن وظيفته العملية الاجتماعية ترجح وظيفته النظرية- أو وظيفة تقديم المعرفة)( التوسير: من اجل ماركس، باريس 1966م، ص 238).
كما تناولت الاحزاب الشيوعية في اوربا المتغيرات التي افرزتها الثورة العلمية التقنية مثل المتغيرات في تركيب الطبقة العاملة، والتي اتسع مفهومها ليضم العاملين بأجر عضليا وذهنيا والذين يتعرضون للاستغلال الرأسمالي. كما انتقد غرامشي مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا، وأشار الي ضرورة تجاوزه، وطرح مفهوم (الهيمنة)، اي تحقيق اغلبية جماهيرية واسعه، تحسم قضية الوصول للسلطة بطريق ديمقراطي جماهيري تعددي، كما طرحت الاحزاب الشيوعية الاوربية بعد الحرب العالمية الثانية قضية الوصول للسلطة عن طريق البرلمان.
وفي السودان طرح الحزب الشيوعي السوداني في مؤتمره الرابع 1967م التطبيق الخلاق والمستقل لماركسية ودراسة الواقع بذهن مفتوح، ودراسة التركيب الاجتماعي والطبقي للمجتمع السوداني من الباطن، وبعيدا عن النقل الاعمي من الكتب، ووضعت وثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية الاساس المتين للتحرر من الجمود. كما طرحنا في السودان منذ دورة اللجنة المركزية في اغسطس 1977م، ضرورة الوصول للنظام الوطني الديمقراطي بطريق ديمقراطي جماهيري تعددي، وطورالحزب هذه الاطروحة في البرنامج والتقرير السياسي المجازين من المؤتمر الخامس. كما اسهم علماء اقتصاد ماركسيين من امثال: باران، توماس سنتش، سويزي، سمير امين في ارساء علم الاقتصاد السياسي الماركسي للنمو، بتناول قضايا جديدة حول التخلف واعادة انتاج التخلف، لم يتناولها ماركس ونجلز، وخاصة بعد دمج بلدان العالم الثالث بالاقتصاد الرأسمالي العالمي. وهكذا كانت نظرية المعرفة الماركسية تتطور وتتجدد مع تجدد القضايا التي تطرحها المتغيرات المحلية والعالمية.
اذن القول بتوقف تطور نظرية المعرفة الماركسية، وتلخيص الأمر كله في حفظ الاستنتاجات الستالينية، حديث يجافي الواقع. وخلاصة ما نود ان نقوله: أن المنهج الماركسي أو الديالكتيك المادي يتعارض مع الحقيقة النهائية، فشانه شأن منهج العلم، ما ان تحل مشكلة حتي تظهر مشكلة أخري تحتاج الي حل، فما أن تظهر نظرية تفسر ظاهرة سابقة، حتي تظهر ظاهرة جديدة تحتاج لنظرية جديدة لتفسيرها، وهكذا منهج العلم يبدأ بالمشاكل ويتنهي بمشاكل جديدة تحتاج الي حل. كما ان المنهج الماركسي يهدف لتطوير النظرية لكي توجه الممارسة وتختبر في الممارسة التي بدورها تطور وتغني النظرية.
وبالتالي، فان منهج ونظرية المعرفة الماركسية في حالة تجدد دائمة، ويحضرني هنا انه بعد فشل التجارب الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا، اصدر فوكوياما كتابه( نهاية التاريخ وخاتم البشر)، أشار فيه الي أن النظام الرأسمالي نهاية التاريخ، ورد عليه الفيلسوف جاك دريدا في مؤلفه(اطياف ماركس) قائلا: ( ان ماركس الستاليني الذي تطور الي نموذج سوفيتي بيروقراطي هو الذي توفي وانتهي، اما ماركس الفيلسوف والمفكر فمايزال حيا بيننا)، وتتاكد صحة حديث جاك دريدا في الاقبال الهائل في اوربا وغيرها هذه الايام في اغتناء مؤلفات ماركس لدراسة وفهم طبيعة الرأسمالية المعاصرة وازماتها مثل الأزمة المالية التي يشهدها العالم الآن، اما فوكوياما نفسه فقد تراجع عن مقولة الرأسمالية نهاية التاريخ.
د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
موضوع: رد: 126 عاماً على رحيل ماركس - ملف خاص 14/3/2009, 3:56 pm
مساهمة ماركس في سوسيولوجيا العصر تحيا الماركسية ما دامت هناك رأسمالية بقلم: فارس عبد الاله النعيمي
كان كارل ماركس من الآباء المؤسسين لعلم الاجتماع وصاغ نظرياته في حقبة شهدت تطور السوسيولوجيا تطورا لم يُعهد له نظير من قبل. ونظريات ماركس متعددة الاهتمامات بقدر تعلق الأمر بمادة موضوعها ، وذات طابع مركَّب لكنها رُغم تنوعها فهي في مجملها نسيج متكامل ومتسق. وأنتج ماركس أعماله في فترة من التحولات الاقتصادية والاجتماعية العاصفة. ففي اواخر القرن التاسع عشر كانت الثورة الصناعية قوة الدفع الرئيسية في التغيرات التي امتدت آثارها الى الشطر الأعظم من القرن العشرين. وراح ماركس يمارس نشاطه النظري في غمرة هذه التحولات. وانطلقت بتأثير نظريته حركات اجتماعية واسعة في عموم اوروبا ، وباسمها دُشنت فترة من البناء الاجتماعي مع انتصار الشيوعية البلشفية في روسيا القيصرية وجيش التحرير الشعبي بقيادة ماو تسي تونغ في الصين.
هذا المقال محاولة لتقييم واحدة من أهم نظريات ماركس ومساهمتها في السوسيولوجيا المعاصرة ، تلك هي نظرية الاغتراب (أو الاستلاب). ولقد صاغ ماركس نظريته بدراسة اغتراب الانسان في اطار عملية الانتاج. وتهدف هذه المحاولة الى ان تبين ان نظرية ماركس في الاغتراب ما زالت تحتفظ بصحتها في مجتمع اليوم حيث تسببت التطورات الاجتماعية والتكنولوجية في اتساع الاغتراب ليشمل نواحي اخرى من حياة الانسان والمجتمع الى جانب عالم العمل والانتاج.
لفهم النظرية الماركسية فان على عالم الاجتماع ان يتناول بالدرس والتقييم أوسع واهم ما كتبه ماركس في تحليله لقوانين التطور التاريخي لا سيما نظرية انقسام المجتمع انقساما تراتبيا الى طبقات وما يترتب على ذلك من لامساواة. ويشير عمل ماركس في هذا المجال الى المبادئ العامة التي انطلق منها لصوغ الجوانب الاخرى من نظريته. ولقد شخص ماركس طبقتين صاعدتين في زمنه لكنهما طبقتان مشتبكتان في صراع من خلال الدور الذي تتولاه كل منهما في عملية الانتاج. ويقول ماركس ان نمط الانتاج الرأسمالي نمط دينامي بما أثبته من قدرة على التجديد والابتكار واستخدام التكنولوجيا لحل ازماته ، ولكنه نمط انتاج مدمِّر في الوقت نفسه ، بما تسببه الرأسمالية ، بوصفها الطبقة المهيمنة في هذه العلاقة ، من فقر في نوعية الحياة الاجتماعية وانحطاط على المستوى الأخلاقي. ويؤكد ماركس ان ميدان الصراع بين الطبقتين الرئيسيتين في المجتمع الذي درس قوانينه ، هو علاقات الانتاج حيث العامل خالق الثروة والرأسمالي مَنْ يتصرف بها ويدفع للعامل الأجر الذي يحددِّه مقابل ما يبذله من عمل. وهذه العلاقة بين العامل والرأسمالي علاقة تناحرية وذات طبيعة استغلالية وهي الاساس الذي تنهض عليه نظرية وجود طبقات ذات مصالح متناقضة ، وأهم من ذلك أخطر ما يترتب على هذه العلاقة غير المتكافئة: الاغتراب.
يميط ماركس اللثام عما يصفه بالآثار المدمِّرة لنمط الانتاج الرأسمالي على الانسان. وهي آثار تطاول قدرات الفرد الذهنية والعلاقات التي يدخل فيها مع الآخر. ويوضح ماركس ان الاغتراب هو انفصام كينونة الانسان عن ذاته ، وعن عملية الانتاج ، وعن الآخر وعن المنتوج الذي يخلقه بقوة عمله. فان حرية الانسان في الاختيار وطبيعته الانسانية الحقيقية تتعرضان الى التشوه ، وتُضفي الرأسمالية على نشاطه طابعا انسانيا كاذبا بما تعيد انتاجه من علاقات غير متكافئة. وما يبقى من الانسان بعد هذه العملية هو قشرة من ذاته الأصلية ولا يعود يمارس نشاطه الحياتي الطبيعي بل يصبح الانسان المغترب "تجريدا".
يغدو الانسان "تجريدا" عندما يفقد كل معنى واحساس بما هو حقيقي وملموس ، ويقع في خواء مطلق حيث يُختزَل نشاطه الطبيعي الى عمل من أجل لقمة العيش فيما يُحكِم الرأسمالي سيطرته على مصير مَنْ يبيعه قوة عمله. وفي موقع العمل يصبح الانسان العامل أسير عمليات رتيبة تجرده من انسانيته. وينطوي هذا عادة على انتاج جزء من كلٍ أكبر ، ليس له أي معنى عند العامل لأنه لن يملك الجزء ولا الكل ولن يكون قادرا على استخدام نتاج عمله وثمرة مجهوده. وهذا هو الاغتراب الاقتصادي وأحد العناصر الرئيسية في نظرية الاغتراب الماركسية.
الشكل الآخر من الاغتراب هو الاغتراب الناجم عن علاقة الانسان بالانسان. ويقول ماركس في "مخطوطات 1844" ان موضوع العمل يصبح....تشييء حياة البشر". بفصم موضوع العمل عن تحكم الانسان به يُفصَم الانسان عمليا عن واقعه الذي لا غنى عن التعاطي معه ليطور الانسان نفسه في مجرى هذه العلاقة بوصفه كائنا بشريا. ولولا هذا الشكل من الاغتراب لكان بمقدور الانسان ان يصنع منتجاته في حال من الانسجام والتناغم معها ومع نشاطه المنتج لها لأن امكانات العقل البشري لا تتحرر وطاقاته الابداعية لا تتفتح إلا بخلق اشياء رائعة الجمال وبتنوع لا محدود ، كما يقول ماركس.
ويمتد الاغتراب الى علاقة الانسان بالانسان نظرا الى ان ما يُنتَج من سلع في موقع تفاعلهما خلال عملية الانتاج ، يكون هو الصنم الذي لا يعلو عليه اعتبار آخر سوى الربح. وبانخراط الانسان في هذا العمل الرتيب المخدِّر لقواه الفكرية ، المُهين للعقل والجسد على السواء ، نظرا الى الاقدام عليه بدافع القسر وغياب الخيارات الاخرى ، لا بد ان يكون ناتج عمل الانسان غريبا عن العامل الذي خلقه ومُلك الرأسمالي الذي يشتري قوة عمله. وبذلك يُسهم العامل في اعادة انتاج العلاقات الاجتماعية ذاتها التي تظلمه. والرأسمالي نفسه ايضا يكون موضوع اغتراب في موقع العمل حيث صلته الوحيدة بالنشاط الانتاجي هي ما يحققه من ربح في الحصيلة النهائية. وبما ان العمال لا يستطيعون ان يقيموا علاقة انسانية طبيعية مع الرأسمالي فان الرأسمالي ايضا لا يستطيع ان يقيم علاقة كهذه معهم. وهذا الاغتراب ناجم عن حقيقة ان الرأسمالي هو الذي يدفع اجور العمال ويحدِّد ساعات عملهم.
من اسباب القوة في نظرية الاغتراب التي صاغها ماركس انها تسلح العالم السوسيولوجي بفهم للعمليات والعلاقات التي تشكل لحمة المجتمع وخاصة في موقع العمل. وماركس يُسلط الضوء على القيم الاجتماعية والاخلاقية التي تحدِّد كيف يُعامَل الانسان المنتِج وكيف يتصرف في موقع الانتاج. كما تشدد النظرية على ان انهاء هذا الاغتراب سيحرر امكانات الانسان وطاقاته ويتيح له ان يستعيد تلك العلاقات التي تجعله مخلوقا فريدا ، وينتشلها من انحطاطها في ظروف الرأسمالية الحالية. وفي الوقت الذي يحتفي فيه ماركس بمساهمة التصنيع في تطوير حياة الانسان المادية ومستواه الفكري فانه يلعن العلاقات الرأسمالية التي حولت العمل الى نشاط يجرد البشر من انسانيتهم ويهدد فرديتهم المتميزة وتقدم الانسانية عموما. ولكن محلليين ينتقدون هذا الجانب من نظرية الاغتراب بوصفه عنصرا متناقضا فيها منطلقين من الموضوعة القائلة ان فكرة التقدم والفردانية ذاتها ازدهرت تحديدا في حقبة التصنيع مع صعود الرأسمالية ، وان المجتمع المنتِج بات مجتمعا أكثر دينامية في انتاجه الذي يدلل عليه ما شهده العالم من ابتكارات واختراقات في اطار الثورة التكنولوجية منذ مطالع القرن الماضي.
رغم الصورة القاتمة التي ترسمها نظرية ماركس عن اغتراب الانسان بجريرة العلاقات الرأسمالية فقد صاغها صاحبها ايمانا منه بأن الانسان الذي صنع اغترابه بنفسه قادر على اقصائه من حياته بتغيير العلاقات الكامنة في اساس الاغتراب. ولا أقل من ثورة اجتماعية عالمية ، بحسب ماركس ، قبل ان يبلغ الانسان مستوى من الوعي يقنعه بالغاء العلاقات اللامتكافئة والفوارق الاجتماعية ليعود الانسان الى حالته الطبيعية. وحينذاك سيبزغ نمط انتاج جديد ومعه حياة جديدة. وما شهده العالم في القرن العشرين من تجارب لم يُكتب لها النجاح ، لاسيما في الاتحاد السوفيتي السابق ، كان حالة من الجمود نشأت بعد تدمير العلاقات السابقة دون بناء العلاقات التي حدَّد ماركس معالمها لالغاء الاغتراب. فلم ينشأ مجتمع المساواة اللاطبقي وحرية الخيار والاشتغال على موضوع الانتاج بانسجام معه ومع الذات ، وبالتالي لم يتوفر العلاج المطلوب لاقصاء الاغتراب من حياة الانسان.
من نقاط الاختلاف بين ماركس والقطبين الآخرين في مدرسة علم الاجتماع ، ماكس فيبر واميل دوركهايم ، العقلانية التي اعتمدها كل منهم ، وخاصة فيبر. فعقلانية ماركس تقوم على ما يفعله الانسان ليحقق هدفا ما في الحياة في حين ان عقلانية فيبر تقوم على الحساب البارد والتقنية الصرفة. يضاف الى ذلك ان إعلاء القيم الانسانية واضح التأثير في طرح ماركس لنظرية الاغتراب في حين يجادل فيبر بأن عملية الانتاج مباحة قانونا ما دامت هناك علاقة تعاقدية بين طرفين حرين هما العامل ورب العمل. كما ان النقد/رأس المال هو عند فيبر أداة شديدة الدقة للحساب الاقتصادي والتجارة ، وبالتالي ليس هناك اغتراب إذا كان العمل خيارا حرا وعملية العمل نشاطا يُمارَس بالتراضي.
تتمثل مساهمة نظرية الاغتراب في سوسيولوجيا العصر بتوفيرها اطارا منهجيا يمكِّن عالِم الاجتماع من ممارسة نشاطه البحثي بتطبيق هذه الفكرة على مجتمع القرن الحادي والعشرين ، ليبين بصفة خاصة كيف وَجَد الاغتراب طريقه الى نواحي عديدة من مجتمع اليوم ، وليس في موقع العمل وحده. فالمجتمع الرأسمالي محكوم بمواضعات ومعايير وهيمنة ايديولوجية تتعامى عما تخلقه علاقاته من مشاكل فيما تعمل قيمه على تمويه معضلات حقيقية بواجهات زائفة. وأحدى المعضلات المتأصلة في الرأسمالية ، الاغتراب الذي لا يقتصر في مجتمع اليوم على علاقات الانتاج بل يعمل على تعهير ثقافة المجتمع ذاتها. ومن الامثلة على ذلك الاغتراب الذي يتعرض له الشباب. فان قوى الثقافة السائدة من الفاعلية بحيث إذا تمرد الشباب والمتعلمون من افراد المجتمع على واقع مجتمعهم نتيجة لارتفاع درجة وعيهم ، تكون لدى الايديولوجيا المهيمنة القدرة على تحويل هذا السخط والتمرد الى سلعة تسوِّقها بدافع الربح. وهنا تبدأ اقتصاديات الاغتراب بالعمل من خلال استثمار هذه المادة الخام واستغلالها.
ويصح هذا بصفة خاصة على صناعة الموسيقى الغربية حيث تظهر مجموعات وأنماط فنية وتمثيلات ذات اسماء تعبر دلالاتها عن التمرد والغضب ومشاعر الاحباط بسبب عجز الشباب واغترابهم عن الأجيال الاخرى وعن بعضهم بعضا تحت وطأة العلاقات اللاانسانية السائدة. وبهروب الشباب الى الموسيقى بحثا عن وسيلة تُنسيهم اغترابهم فانهم يصنعون صورة جديدة للواقع مادة بنائها الأسماء والعلامات والصرعات الموسمية التي تنتجها موسيقاهم. وبلغ اغتراب الشباب مبلغا باتت معه الموسيقى صاحبة الكلمة الحاسمة في إملاء سلوكهم وتكوين قيمهم وتحديد ملبسهم وحتى ارساء مبادئ اخلاقهم. وحصيلة هذا الاغتراب عند الشباب صورة عن الواقع والحياة تبدو هي الطبيعية على حساب الحقيقة التي ينزل عليها ستار الاغتراب فتغيب عن انظارهم. وسواء أكانت نقمتهم على العلاقات الاجتماعية السائدة جذرية او عابرة فان هذا لا يعود هو القضية بعد ان شفطتهم في فلكها دورة حياة لا تعمل إلا لتحقيق مزيد من الربح للشركات التي تسيطر على صناعة الثقافة. وأزمة الشباب في مجتمع اليوم تسلط الضوء على اتساع رقعة الاغتراب الذي تحدث عنه ماركس وتؤكد ان مساهمة نظريته تتيح لعالم السوسيولجيا دراسة نواحي من المجتمع كان يُعتَقَد انها افلتت من قبضة الاغتراب. ولكن هذا لا ينتقص من تركيز ماركس على شكل الاغتراب الذي عالجه في نظريته ، أي الاغتراب الناجم عن علاقات الانتاج.
في دراسة ميدانية لأحد معامل الحديد والصلب أظهر البحث السوسيولوجي استمرار الاغتراب من خلال علاقة العمال مع بعضهم بعضا (Mollona, 2005). ففي هذه الحالة الملموسة كان العمال موزعين في مجموعات منفصلة حسب الوظائف المناطة بهم. فكانت مجموعة تمارس عملا متخصصا واخرى تؤدي عملا رتيبا على خط التجميع. ولا يتبدى التعارض بين طبيعة عمل المجموعتين في تقسيم العمل والاجور (أجور اعلى للعمال المتخصصين) فحسب بل وفي الامتيازات والصلاحيات الممنوحة للعمال المتخصصين تجاه اقرانهم غير المتخصصين وفي التعامل مع المتدربين. وتوصلت الدراسة الى ان هذا يخلق تراتبية واحساسا بالتنافر والتنافس غير الصحي بين العمال. وعمليا فان هذا الوضع يخلق شريحتين من العمال المغتربين عن بعضهم بعضا والمغتربين كلهم عن الحقيقة رغم اشتراكهم في بيع قوة عملهم وتشاطر البؤس الناجم عن حياة الكدح لحساب الرأسمالي دون مقابل يعادل مجهودهم. وبالتالي فان هذه الدراسة تبين ان الاغتراب شرط مقيم على امتداد تاريخ الرأسمالية بصرف النظر عن تغير الظروف التي يحدث فيها.
ثمة سوسيولوجيون يرون ان الماركسية عاشت دهرها وعفا عليها الزمن وان التحولات الجذرية التي اقترنت بالثورة التكنولوجية واساليب الادارة دفعتها الى أزمة لم يفلح الماركسيون في حلها. ولكن سوسيولوجيين آخرين يؤكدون انه حتى على افتراض وجود أزمة في الماركسية فلابد ان يكون لها علاج وحل مثلها مثل نقيضها الرأسمالية التي اثبتت قدرة لافتة على ايجاد الحلول لأزماتها الواحدة تلو الاخرى.
ويمكن القول ان نظرية الاغتراب والأشكال الحديثة التي يتبدى فيها تؤكد ان الماركسية ليست حية فحسب بل وان هذا الجانب من النظرية يواصل تطوره ويحقق اختراقات جديدة في ميادين السوسيولوجيا. ولعل السوسيولوجيين الذين يقولون بأزمة الماركسية ، أنفسهم يعانون من الاغتراب ازاء ما يظهر من نظريات جديدة تفكك فكرة الحقيقة ذاتها مثل ما بعد الحداثة وما بعد البنيوية ، الخ. ويتحمل هؤلاء السوسيولوجيون مسؤولية الانتقاص من الحقيقة وطبيعة الانسان بتشكيكهم في جدوى تطلعه الى حياة افضل وقدرته على بناء مجتمع يقرِّبه من هذا الهدف. وهم عوضا عن اداء رسالتهم بتشخيص العقبات التي تعترض طريق الانسان في مسعاه النبيل هذا ، ينظرون الى المجتمع على انه بلغ نهاية تاريخه والى التاريخ نفسه على انه وهم. وتذهب محاجَّة هذه المدرسة الى ان من العبث محاولة صوغ سرديات كبرى تطمح في فهم العالم وتفسيره ثم تغييره. ويؤكد سوسيولوجيون مثل غيدينز Giddens وهابرماس Habermas وكاستيلس Castells وبيك Beck على سبيل المثال لا الحصر ، ان نظريات مثل الماركسية تدفع عجلة التقدم وتحفز التغيير الايجابي في المجتمع.
ثمة حقيقة لا مراء فيها بصرف النظر عما قاله ماركس وما آلت اليه محاولات ترجمة ما قاله في الواقع ، وهي ان لا وجود لمجتمع طوباوي مع الاغتراب أو من دونه. ولكن السؤال هو ما إذا كان اليأس والاغتراب قد باتا بلاء ملازما لحياة البشر بحيث لم يعد الانسان يؤمن بقدرته على تغيير العالم نحو الأحسن أو الحلم بمثل أعلى في اقل تقدير.
د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
موضوع: رد: 126 عاماً على رحيل ماركس - ملف خاص 14/3/2009, 4:00 pm
الماركسية بعد 126 سنة على رحيل ماركس بقلم: عواد احمد صالح
في الرابع عشر من مارس الحالي انقضت 126 سنة على وفاة كارل ماركس اعظم مفكر ثوري عبقري في تاريخ العالم المعاصر معلم البروليتاريا والاب الروحي للشيوعية المعاصرة .. بعد مرور كل هذه السنوات ماذا يا ترى حري بنا ان نقول نحن الماركسيين ؟؟ هل مجرد الثناء على ماركس والماركسية والتأكيد على المسلمات النظرية والسياسية ؟ ام استخلاص الدروس من النجاحات والاخفاقات التي لازمت حركة الطبقة العاملة وتجاربها الناجحة والمحبطة .؟؟ لابد ان نقول ان الأخفاقات والهزائم هي اليوم اكبر من النجاحات ليس بسبب طوباوية او مثالية فكر ماركس كما يدعي الكثيرين وبعضهم من المحسوبين على هذا الفكر ، بل ان تجارب الواقع العملي وقوة ودهاء وعظمة البرجوازية العالمية وشراستها وهمجيتها في الدفاع عن مصالحها الطبقية في محاولة تأبيد المجتمع الطبقي وانقسام البشر الى طبقات مستغلة ومستغلة هي اكبر من كل الحقائق العلمية والاجتماعية التي جاءت بها الماركسية واقوى من كل ادعاء باحترام كينونة ووجود وحقوق الأنسان الذي تزعم الأيديولوجيا البرجوازية الدفاع عنه .
لنتذكر ماذا فعلت الرأسمالية منذ 126 سنة خلت بحق البشرية وماذا ارتكبت من حروب ومجازر سنكتشف ان الارقام فضيعة ومهولة .. مقابل كل ادعاءات مفكري البرجوازية وقوى اليمين ومزاعمهم الرخيصة في الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية وصب اللعنات على جميع الانظمة التي حكمت باسم الماركسية والأسراف في تعداد سلبياتها وهفواتها ونعتها كأنظمة شمولية مستبدة توتاليتارية ... الخ الخ - لسنا هنا بصد تقييم تلك الانظمة ولا بصدد التغطية على الاخطاء التي حصلت- ولكن .. ولكن قياسا الى فضائع الرأسمالية تبدو تلك التجارب اقل سلبية بما لايقاس . واليوم تحاول كل قنوات الثقافة والفكر الرأسمالي وجميع وسائل الاعلام المأجورة والمبتذلة قتل الروح والمبادرة الثورية لدى عمال العالم ومحو الذاكرة الثورية المتمثلة في استذكار واستلهام الروح الثورية لجميع التجارب والثورات البروليتارية بدءا من كومونة باريس وانتهاء عند اعظم ثورة في كل العصور ثورة اكنوبر الروسية . وذلك بنعتها مرة بصفة اوهام ومرة بصفة محاولات للقفز فوق الواقع او محاولات لحرق المراحل ومره بصفة تجارب فاشلة .. وذلك من اجل تحقير الماركسية والسخرية منها والإساءة الى شخص ماركس نفسه في محاولات مستمرة للتغطية على عيوب النظام الرأسمالي والجرائم التي ارتكبتها الامبريالية بحق البشرية .
واذا كانت الماركسية قد اخفقت حتى الان بتحقيق حلم البشرية في إقامة مجتمع لا طبقي وإزالة العمل المأجور وراس المال ومحو التفاوت بين الشعوب الفقيرة والغنية وإزالة اضطهاد الأمم الكبيرة للأمم الصغيرة فان هذه المباديء ماتزال راهنة ومطلوبة واكثر انسانية من كل ادعاءات الأيديولوجيا البرجوازية حول حقوق الانسان . ان مقولات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في ظل الرأسمالية هي مقولات نسبية لأنها مقولات طبقية لا يمكن ان تتجاوز التفاوت الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي الموجود بين البشر . ان صراع الماركسية كمنهج وفكر وعقيدة انسانية مع الأيديولوجيا الرأسمالية غدا اليوم صراعا اخلاقيا .. فالماركسية بربرية كما يصفها مؤلف كتاب نهاية التاريخ .. وهي " تعقيد :كما يشير عنوان كتاب كلود لوفور وامام " صنمية" العقيدة الماركسية المدعى عليها خلقت الأيديولوجيا الرأسمالية باسم الحرية صنميات هائلة : انواع شتى من النزاعات الرجعية ، أعادت بعث الأديان والتعصب الديني والطائفي والعرقي وما يسمى الخصوصيات الثقافية ((نفخ الروح في مختلف الوان التعصب القومي والاقليمي والعرقي ونمو النزعات الخصوصية العشائرية والدينية . لقد اججت العولمة المتوحشة عنانَ النزعات الخصوصية وكره الأجانب ، ان طغيان العولمة الرأسمالية وهيمنة الولايات المتحدة عالميا ينمي بشكل مضطرد نزعة محلية نكوصية تقوم على العودة الى الماضي والتعلق الأعمى بالهويات والخصوصيات المحلية .))
يقول بعض الاكاديميين وشرائح من المثقفين ممن وضعوا انفسهم في خدمة الطبقات المالكة ، ان الماركسية والشيوعية قد اضحت " قديمة " وعتيقة" .. ويتنكر امثال هؤلاء لحقائق مازالت قائمة ، ان قوانين الحركة التاريخية للمجتمع الطبقي ما تزال قائمة . الفوارق الطبقية والفوارق بين الامم والصراعات القومية والحروب ان حاجتنا لا تكمن في اجراء أي مراجعة او تعديل في الرؤية النظرية للماركسية واعتبارها قديمة ، طالما كان الصراع الطبقي قائما وطالما ان القوانين الأقتصادية - الأجتماعية للرأسمالية لم تتبدل ،.. اننا لا نزال بحاجة الى استخدام المنهج الماركسي في دراسات الظواهر الجديدة ومعضلات المجتمع الراهنة .
ورغم التشويه والدعاية البرجوازية فان الماركسية كانت وما تزال فكرة عقلانية وديمقراطية تخاطب العقل والشعور الانساني والحس السليم مقابل كل انواع الخرافات الدنيوية والدينية وغيرها التي ترهن الانسان للقدر وسلطة المجهول وتحجب التفكير المنطقي والعقلاني ملقية كل اعباء ومشاكل الأنسان على القوى الغيبية والقدرية ، ان الماركسية هي اعادة الخيار للأنسان في تحديد مصيرة ونمط حياته الاقتصادي والاجتماعي ايضا مقابل كل الفلسفات والأفكار المثالية والرجعية القديمة والجديدة التي ليس لها علاقة بما هو اجتماعي وانساني بقدر ما تهدف الى تبرير ما هو قائم وتشييد ابراج عاجية وعوالم مثالية يتحصن فيها مثقفي الطبقات السائدة تعبيرا عن استعلائهم وبيروقراطيتهم . لقد انتجت الأيديولوجيا البرجوازية وفي سياق جعلها الفكر والثقافة الانسانية مادة استهلاكية مثل البضاعة تنتج وتستهلك ولابد في كل مرحلة من وجود بضاعة جديدة أنتجت كم هائل من تلك الأفكار والفلسفات المثالية والرجعية لكي تهيل التراب على ماركسية ماركس وعلى جوهرها العملي الثوري والأجتماعي.
الماركسية بنت الفقراء والكادحين وبنت الانسان الذي يطمح ان يتجاوز عالم الغرائز المادية والسيكيولوجية : الانانية ، حب التملك ، مجموعة الغرائز العدوانية والتدميرية التي تصنعها الايديولوجيات الدينية والسياسية ، وهي تستعيض عن تلك الغرائز وتحاول تربية البشر على تجاوزها من خلال حب الجماعة والايمان بالتحرر والمساواة بين البشر وتكافؤ الفرص واعطاء كل فرد حقه في العيش والتمتع بالثروات المادية والحصول على مستوى حياتي لائق ومشرف لا بمجرد الوعظ والوعد ولكن بتحقيق ذلك بشكل عملي على ارض الواقع : التعبيرعن مسار الحركة التاريخية والقوى الاجتماعية الفاعلة صاحبة المصلحة في تغيير الواقع: البروليتاريا الذات الثورية المغيرة للعالم القديم .وكما يقول البيان الشيوعي : (( ان مفاهيم الشيوعيين النظرية لا تقوم قطعا على أفكار، او مبادئ، ابتكرها أو اكتشفها هذا أو ذاك من مُصلحي العالم. إنّها تعبير عام عن الشروط الموضوعية لصراع طبقيّ قائم عن حركة تاريخية تجري أمام أعيننا .)) ،
ولقد حاولت الماركسية وتحاول انتشال الانسان من ملكوت الضرورة الى ملكوت الحرية . ان الرأسمالية احدثت ثورة هائلة في قوى الانتاج ووفرة هائلة في القيم الأستعمالية .. لكنها فشلت في توزيعها بشكل عادل على البشر لأن هدف التبادل ظل دائما جني الارباح ووضها في جيوب الرأسماليين اما احد اهم وابرزاهداف ومساعي الماركسية فهو الغاء الطبقات واعادة توزيع الثروة عل المجتمع ككل بدون افراد قلائل يملكون ثروات هائلة واغلبية محرومة . وعلى الرغم من الرفاه النسبي الموجود في دول الغرب الصناعي الا ان الانسان مازال لم يتحرر بعد من عقد التشيؤ واستلاب العمل والخضوع للأنظمة الوظيفية الصارمة ..فهو محكوم بهاجس فقدان العمل والبطالة ، لقد تجاوز البروليتاري في الغرب عصر المجاعة في مجتمع الوفرة المادية لكنه لم يتجاوزعصر القلق والخوف وهاجس الحروب الكامنة في البنية العامة للنظام الرأسمالي ، فالرأسمالية دائما بحاجة الى الحرب لتجديد اليات اشتغالها وتجاوز مراحل الركود والأزمات الدورية .
ان الماركسية لم تكن في يوم ما عقيدة دينية او دوغمائية جامدة تريد اخضاع الانسان والواقع لمجموعة من الأشتراطات النظرية او الحقائق النهائية.. انها عقيدة جدلية مبنية على حركية الواقع ومتطلبات البشر وهي ترتكز نظريا الى ارقى القيم والمقولات الفلسفية التي رافقت نشوء الرأسمالية ونتجت عنها وهي تسير دائما في خط المجتمع الأنساني خط التحرر والمساواة والرفاه . ولئن كانت الماركسية في يوم ما في القلب من السياسة العالمية فلأنها كانت فلسفة الممارسة الثورية . ومن المآخذ عليها انها اعطت للتجارب والممارسات المشوة ثيابا تنكرية وانحطت بفعل الممارسات البيروقراطية والانتهازية الى محض أيديولوجيا تبريرية وتقريظية بعيدة عن الواقع وعن حاجات الناس .. لكنها اليوم وبعد سقوط جميع النسخ المشوهه ومن خلال نشاط وعمل التيارات الرديكالية واليسار العمالي والأجتماعي عادت لتربط نفسها من جديد بالواقع ومن خلال المعاينة والنقد : نقد آليات اشتغال الرأسمالية المعاصرة والظواهر الجديدة الناجمة عنها .. ظاهرة العولمة النيوليبرالية الهيمنة الامريكية عالميا الصراع بين الدول الأمبريالية ( اميركا فرنسا روسيا ، الصين ) لأقتسام مناطق النفوذ ، ظاهرة الارهاب والأسلام السياسي ، صراع الأديان والأثنيات والاعراق والطوائف . ان السمة التي تطبع عصرنا الحالي عالميا كما سبق ان قلنا في مقال سابق " انه عصر الصراعات والحروب الرجعية الشرسة والتوتر الشديد بين المجموعات الدينية والمذهبية والعرقية وصعود الحركات الدينية في ظل هيمنة نظام العولمة المتوحشة ".
ان الماركسية تقترب في المرحلة الحالية اكثر فاكثر من المجتمع وتعود كأداة فاعلة للتعبير عن الحاجات الطبقية والانسانية ولابد من ادماج الفكر بالممارسة للتعبير عن الفاعلية الاجتماعية للحركة الماركسية الثورية . الخروج من دائرة التنظير الى دائرة الواقع يتم عبر الاندماج بالحركات الاجتماعية الكبرى والتعبير عن مطاليبها واهدافها العملية في اطار كل مجتمع ووفقا لظروفة وحاجاته وفي السياق العام لعصرنا الذي يشهد تحولات وتغيرات كبرى ، فلقد تشكلت الماركسية منذ البداية علما ثوريا ونقديا مرتبطا بممارسة الطبقة العاملة الحديثة في صلب حركة شاملة تهدف الى تحويل المجتمع البرجوازي الى مجتمع اشتراكي اكثر عدالة وانسانية يخلو من الأضطهاد والاستغلال . ان الماركسية لم تكن يوما ما ايديولوجيا بالمعنى السائد والمبتذل لمفهوم الأيديولوجيا بل هي نظام للفكر والعمل مرتبط بتغيير الواقع الأجتماعي وعلى اساس حاجات ومتطلبات ذلك الواقع .
د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
موضوع: رد: 126 عاماً على رحيل ماركس - ملف خاص 14/3/2009, 4:03 pm