أسود الكلام
شعر عزالدين مبارك
نحن أسود الكلام
والضرب تحت الحزام
والتطبيل والتزمير
والأحلام
فهي بلا شنب
وبلا أنياب
هي أسود على شعوبها
وضراغم لا تهاب
وذئاب
تقهر الرجال
وسجونها بلا أبواب
ومع الأعداء نعاج
وخرفان وديعة
تتمسح على الأعتاب
فالكلام لا ينفع شيئا
ولا يعيد الفحولة
لمن فقد الصواب
ولا يعيد حقا مغتصبا
تلاعبت به أهواء الصحاب
فلا تعمر الأوطان باللغط
والدجل والسباب
فربما نرجع يوما للبعير
رعاة وللنعاج أحباب
كغابر الأعراب
فلو كنا أسودا حقيقية
لكنا أسيادا فوق الضباب
وما فرطنا في فلسطين
يوم كان الزمان لنا غلاب
وما تهنا في دهاليز السياسة
ونمنا خلف الهضاب
واختلفنا على المفردات
ومحتوى الخطاب
وتزاحمنا على الموائد الفارغة
وشبعنا كلاما تافها
ممزوجا بأنهار اللعاب
حتى غدونا أضحوكة العالم
واكتوينا بنار العذاب
ومسكنا على الجمر
وقد خلناه سراب
فتجرعنا مرارة الهزائم
كالحنظل
وأقداحنا تفيض شرابا
فنحن منهزمون
مندحرون
متسولون
على قارعة التاريخ
كسوائب الدواب
وعواؤنا يمللأ الدنيا ضجيجا
كقطيع من الكلاب
نعيش على فتات الماضي
ولوعة الاغتراب
وجروحنا غائرة تنزف دما
وراياتنا في طين التراب
لا نساوي صفرا مدورا
لا في المنطق ولا في الحساب
فلا توهمنا براميل نفط
ولا أكداس من مال وعناب
فلا تنفخوا في الميت
بل سارعوا به للسرداب
وانثروا عليه القليل من التراب
لعل زرعا ينبت يوما
وتخضر الأعشاب.
تونس في 22 نوفمبر 2012