كنت هنا
شعر عزالدين مبارك
***
كنت هنا
قريبا من القلب والعين
فأصبحت بعيدا هناك
وقد رأت عيناك النور
في هذا البيت العتيق
وقد جئت للدنيا متعجلا
في آواخر أيام الربيع
واسمك كان معروفا
منذ زمن بعيد
بيرم دون كل الأسماء
لا تنام إلا على كتفي
ولا تتوقف عن الصراخ
ليلا نهارا
فلا أتركك حتى تنام
فما أحلى أن تفيق هادئا
متململا يمينا ويسارا
فتوقظنا بتلك الخربشات
فكبرت كنبتة طرية
وأصبحت تمشي متمايلا
كبطة الغابات
وتنطق بعض الكلمات
بابي ومامي
فتغني لنا عضمة عضمة
ووحدة هوني ووحدة هوني
وعندما تغضب
ترمينا بكلمة خايب
ثم تنسى فتأتي مرحبا
ثم غادرت مسافرا
خلف البحار البعيدة
فنراك من خلف الشاشات
صورة
فلا ضمة ولا شهي البوسات
فليس أعز من الولد
غير ولد البنت
وقد تذكرك مامي العزيزة
فتبكي بالشهقات
ويكون اليوم تعيسا
بطعم الحنظل
وتهاجر العصافير تباعا
تاركة أعشاشها فارغة
يصفر فيها الريح
وأجمل الذكريات
فتأخذ معها صغارها
وهي مازالت غضة العود
لا تعرف معنى الفراق
وقد تعود يوما ما
أولا تعود
ولم يبق من العمر الكثير
وقد شاب الرأس
وخارت قوى الشباب
فتفرحنا ابتسامة منك
أيها البيروم العنيد
وأخبارك السعيدة
وبقايا من ذكريات الماضي
محفورة في الأعماق.