كتاب اعجبني للدكتورة ايمان حسني
الشباب والحركات الاجتماعية والسياسية
دراسة في الاعلام والرأي العام ترصد ارهاصات ثورة 25 يناير 2011م
يسعى هذا الكتاب إلى تأسيس وضعية نظرية لطبيعة علاقة وسائل الاعلام بالحركات السياسية والاجتماعية، كما يتضمن نبذة عن نتائج دراسة تطبيقية أجريت قبل ثورة يناير 2011م، تهدف في شقها التحليلي إلى الكشف عن كيفية تأطير الصحف المصرية لأنشطة الحركات الاجتماعية والسياسية، بالتطبيق على عينة من الحركات الاحتجاجية، التي مارست أنشطتها في البلاد مؤخرا في الفترة من منتصف 2006م وحتى منتصف 2009م، كما تسعى الدراسة في شقها الميداني نحو اختبار العلاقة بين هذه الأطر واتجاهات الشباب المصري نحو الحركات الاجتماعية والسياسية، في ظل رؤية متفائلة، تختلف عن الاعتقاد العلمي والمجتمعي الشائع قبل ثورة يناير، بأن الشباب المصري من أكثر الفئات الاجتماعية عزوفا عن التعرض للشئون السياسية، وهو ما حاولت الباحثة اختباره في ظل أسس ومعايير المشاركة السياسية غير الاعتيادية، والمرتبطة بالاهتمام بالحركات والأنشطة الاحتجاجية، بوصفها أشكالا سياسية غير تقليدية، ومدى تأييدها والمشاركة في عضويتها، أي محاولة فحص العلاقة بين تعرض الشباب للأطر الصحفية عن أنشطة الحركات الاجتماعية والسياسية والمكونات المعرفية والوجدانية والسلوكية لاتجاهات الشباب نحو هذه الحركات.
وينقسم الكتاب إلى ستة فصول رئيسية، يعرض الفصل الأول دور وسائل الإعلام في عملية التغيير الاجتماعي السياسي الديمقراطي، وتعبئة الإرادة العامة للتغيير والإصلاح، والمدارس البحثية المعنية برصد وتحليل قدرة وسائل الإعلام على التأثير في السياسات، ومنشأ هذا التأثير وأبعاده والمتغيرات الحاكمة له، كما يرصد أهم التحولات المعاصرة في هذا الدور، وتحول الأدوار الإعلامية الحديثة من صناعة الإجماع والموافقة إلى صناعة المعارضة والاختلاف، وما تتضمنه من التركيز علي تغطية أنماط حديثة من الأنشطة المجتمعية، كما في أحداث المعارضة والاحتجاج والتمرد والثورات، والمحددات الضابطة لتأثير وسائل الإعلام على العملية السياسية، والآليات التي توظفها وسائل الإعلام من أجل إحداث التغيير، ونزع شرعية القوى والأنظمة القائمة، في مقابل إضفاء الشرعية على قوى أخرى بديلة، كما يتعرض إلى إصلاح المجال الإعلامي، كحركة اجتماعية رائدة تقود مختلف الحركات المجتمعية الأخرى الساعية إلى التغيير.
بينما يقدم الفصل الثاني نبذة مختصرة عن الحركات الاجتماعية والسياسية، مفهومها ونشأتها وأهدافها والنظريات المفسرة لتكوينها، وخصائصها وأنواعها، وعلاقتها بالكيانات الاجتماعية والسياسية الأخرى، كتمهيد موضوعي لتناول علاقتها بوسائل الإعلام، من خلال التأسيس النظري لشكل العلاقة، يليها رصد وتحليل لموقع أخبار الحركات الاجتماعية والسياسية في الثقافة الإخبارية، وأسس وقواعد صناعة أخبار الاحتجاج وإدارتها، وأخيرا فحص نماذج حديثة ومعاصرة، من تغطية وسائل الإعلام للحركات الاجتماعية والسياسية، من خلال رصد تحليلي لأبرز ملامح تطور هذه العلاقة، والثابت والمتغير فيها وأسبابه ودلالاته، ومعايير المكسب والخسارة فيها، والتصورات المستقبلية بشأنها .
أما الفصل الثالث، فيقدم رؤية نقدية تحليلية لعلاقة الشباب بعملية التغيير الاجتماعي السياسي الديمقراطي، من خلال إعادة رصد مختلف الاتجاهات البحثية المعنية بفحص دور الشباب في مجال التغيير، والابتكار داخل النسق الاجتماعي، ومدى إقباله علي منظومة المشاركة السياسية الاعتيادية وغير الاعتيادية، وذلك من خلال إعادة طرح وتعريف مختلف المفاهيم والتصورات والمقاييس المعنية بدراسة علاقة الشباب بالعمل الاجتماعي والسياسي، بما يتفق مع التطورات المعاصرة واتجاهات وسلوكيات أجيال الشباب الراهن، وتوضيح الدور المركزي لوسائل الإعلام في هذه العلاقة، من خلال رصد التأثيرات السياسية المعرفية والوجدانية والسلوكية المختلفة لوسائل الإعلام، ودورها في تشكيل إدراك الشباب واتجاهاته، نحو المشاركة في عملية الإصلاح والتغيير، بالإضافة إلى فحص آلية عمل وسائل الإعلام على اتجاهات الموطنين بوجه عام، نحو قوى التغيير والإصلاح، وعلى رأسها الحركات الاجتماعية والسياسية.
ويعنى الفصل الرابع بتقديم نبذة مختصرة عن تغير نماذج الاحتجاج في مجتمعاتنا المعاصرة، ومنها إلى الحركات الاجتماعية في مصر، ثم الحركات موضع الدراسة، الإخوان المسلمين وكفاية والقضاة والحركة العمالية وحركة اساتذة الجامعات، ودراستها بشكل أكثر تحديدا وتفصيلا، أما الفصل الخامس، فيختص بتقديم ومناقشة نتائج دراسة تطبيقية تحليلية ميدانية عن علاقة الأطر الأخبارية الصحفية عن أنشطة الحركات السياسية والاجتماعية باتجاهات الشباب المصري نحو هذه الحركات، مع تقديم نموذجين مقترحين لتفعيل علاقة الاعلام بالحركات الاحتجاجية.
في حين يقدم الفصل السادس دراسة حالة لخصوصية تجربة الاحتجاج المصرية حتى اندلاع ثورة 25 يناير 2011م، من خلال التعرض لجذور ثقافة الاحتجاج لدى المجتمع المصري، وابرز ملامح تطورها، والثابت والمتغير فيها وأسبابه ودلالاته، مع وضع توثيق متكامل لنماذج الاحتجاجات الشبابية الحديثة والمعاصرة في مصر، في ضوء فروض نظريات الحرمان، وعلاقة الاحتجاج بممارسة العنف، وأخيرا فحص مدى تقبل الرأي العام المصري، والرأي الفئوي للشباب تحديدا، لفكرة الاختلاف والخلاف، وعلاقة ذلك بخصائص وممارسات النظام الإعلامي في مصر.
ويعتبر الكتاب جزء من أطروحة الدكتوراة، التي قدمتها الباحثة في دراسة علاقة الإعلام بالحركات السياسية والاجتماعية والرأي العام الفئوي متمثلا في فئة الشباب المصري، ونالت الباحثة على هذه الدراسة درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطبع الرسالة وتبادلها مع الجامعات الأجنبية، من قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة في منتصف عام 2010م، حيث مثلت الرسالة دعوة حقيقية لدق ناقوس الخطر، مؤكدة أن أنماط مشاركة الشباب في الحركات الاحتجاجية الراهنة، لا تعكس حقيقة اتجاهاتهم نحوها، ورغبتهم في الانضمام اليها، ومحذرة من خطورة كبت مشاعر الاحتجاج السلبي لدى الشباب خلال العقود الماضية، مؤكدة على أن جيل الانترنت وتكنولوجيا المعلومات من أكثر الأجيال نفاعلا مع السياسة، بمعناها الواسع الممتد لإدارة كافة شئون الدولة .