تابع الحوار ...
* إذاً فهو الظلم والاستبداد، فى رأيك ما الذى يدفع الحاكم للاستبداد بشعبه، وماذا يقول لسان حاله ؟
- ما دمت أنا صاحب هذه الدولة
فأنا الدولة
أنا ما فيها ، وأنا من فيها
أنا بيت العدل، وبيت المال، وبيت الحكمة
بل إنى المعبد والمستشفى والجبانة والحبس
بل أنى أنتم
ما أنتم إلا أعراض زائلة
تبدو فى صور منبهمه
وأنا جوهرها الأقدس
* ما الفرق بين حاكم وآخر فى نظرك ؟
- أنا لا أعرف صاحب تاج إلا الله
والناس سواسية عندى
من بينهم يختارون رؤوساً ليسوسوا الأمر
فالوالى العادل
قبس من نور الله ينور بعضاً من أرضه
أما الوالى الظالم
فستار يحجب نور الله عن الناس
كى يفرخ تحت عباءته الشر
* ماذا تعنى بالشر ؟
- فقر الفقراء
جوع الجوعى، فى أعينهم تتوهج ألفاظ لا أوقن معناها
والمسجونون المصفودون يسوقهمو شرطى مذهوب اللب
قد أشرع فى يده سوطاً لا يعرف من فى راحته قد رفعه
ورجال ونساء قد فقدوا الحرية
تخذتهم أرباباً من دون الله عبيداً سخريا
* هل تقصد بالفقر ضيق ذات اليد وقلة الدخل ؟
- ليس الفقر هو الجوع إلى المأكل
والعرى إلى الكسوة
الفقر هو القهر
الفقر هو استخدام القهر لإذلال الروح
الفقر هو استخدام القهر لقتل الحب وزرع البغضاء
* ما العمل إذاً ؟ وماذا يمكننا أن نفعل ؟
- لا أملك إلا أن أتحدث
ولتنقل كلماتى الريح السواحة
ولأثبتها فى الأوراق
شهادة إنسان من أهل الرؤية
فلعل فؤاد ظمآنا من أفئدة وجوه الأمة
يستعذب هذى الكلمات
فيخوض بها فى الطرقات
يرعاها إن ولى الأمر
ويوفق بين القدرة والفكرة
ويزاوج بين الحكمة والفعل
* وهل تفلح الكلمات فى إصلاح أحوالنا ؟
- ستأتى آذان تتأمل إذ تسمع
تتحدر منها كلماتى فى القلب
وقلوب تصنع من ألفاظى قدره
وتشد بها عصب الأذرع
ومواكب تمشى نحو النور
ولا ترجع
إلا أن تسقى بلعاب الشمس
روح الإنسان المقهور الموجع
* ولكن صحف هذه الأيام تمتلئ بالكلام بعد الكلام، ولا فائدة ؟
- لنصمت
عَلَّ فى الصمت التأسِّ والسلام
فالصمت أجمل ما يكون إذا غدت سبل الكلام
تفضى إلى نار المواجد
أو إلى ماء السراب
* حيرتنى يا شاعرنا، هل نتكلم أم نصمت ؟ ماذا تريد من الناس بالضبط ؟
- يا أهل مدينتنا
يا أهل مدينتنا
هذا قولى:
انفجروا أو موتوا
* فى ذكرى مرور 60 عاماً على اغتصاب فلسطين، ماذا تقول لأطفالها ؟
- يا أيها الصغار
عيونكم تحرقنى بنار
تسألنى أعماقها عن مطلع النهار
عن عودة إلى الديار
أقول يا صغار
لننتظر غدا
لو ضاع منا الغد، يا صغار
ضاع عمرنا سدى
* فلنترك السياسة جانباً ولنتحدث عن الإنسان ؟
- ألا ما أشرف الإنسان
حين يشم فى الإنسان روح الود والألفة
ألا ما أشرف الإنسان
حين يرى بعينى إلفه الإنسان
ما يخفى من اللهفة إلى الإنسان
ألا ما أتعس الإنسان
حين يموت فى أعماقه الإنسان
* ولكن البعض يشبه دنيانا بالسوق، يأكل الكبير فيها الصغير، كيف ترى هذه السوق ؟
- ونزلنا السوق أنا والشيخ
كان الإنسان الأفعى يجهد أن يلتف على الإنسان الكركى
فمشى من بينهما الإنسان الثعلب
عجباً
زور الإنسان الكركى فى فك الإنسان الثعلب
نزل السوق الإنسان الكلب
كى يفقأ عين الإنسان الثعلب
ويدوس دماغ الإنسان الأفعى
واهتز السوق بخطوات الإنسان الفهد
قد جاء ليبقر بطن الإنسان الكلب
ويمص نخاع الإنسان الثعلب !!
* يا لهول المشهد !!، هل معنى ذلك أن الإنسان الحقيقى لا وجود له فى دنيانا ؟
- يا شيخى الطيب !!
الإنسان الإنسان
عبر من أعوام
ومضى لم يعرفه بشر
حفر الحصباء ونام
وتغطى بالآلام
* نعود إليك شاعرنا، هل هناك أمنية تمنيتها ولم تتحقق ؟
- يا من يدل خطوتى على طريق الدمعة البريئة
يا من يدل خطوتى على طريق الضحكة البريئة
لك السلام .. لك السلام
أعطيك ما أعطتنى الدنيا من التجريب والمهارة
لقاء يوم واحد من البكارة
* إذاً هل أنت راض عن مشوارك ؟
- عين الله علىَّ
وهداياه موصوله
وطرائق نعمته مبذوله
فهنيئاً لى .. هنيئاً لى
* كلمة أخيرة نختم بها حوارنا توجهها إلى قراءك ومحبيك ؟
- سأرجع فى ظلام الليل حين يفض سامركم
وحين يغور نجم الشرق فى بيت السما الأزرق
إلى بيتى
لأرقد فى سماواتى
وحيداً فى سماواتى
وأحلم بالرجوع إليكم
طلقاً وممتلئاً بأنغامى وأبياتى
أجافيكم لأعرفكم
وهل من مات لم يترك له رسماً على الجدران !!