ما بعد مبارك
يقول المؤلف 'ان المصريين لديهم قدرة هائلة على تحمل المعاناة، تثير الاعجاب والاكتئاب في نفس الوقت'. وكأنما لسان حاله يقول الى متى يتحملون كل هذا الشقاء والفساد والتدهور المستمر في كل مناحي حياتهم ونضالهم اليومي من اجل لقمة العيش التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
ويشير جون برادلي في مستهل الفصل الاخير، ان المصريين يشعرون بفخر واعتزاز كبير بتراثهم الحضاري العريق، وان هذا التراث يمنحهم نوعا من التعويض عن مشاعر الضعة والاحباط والحزن للاحوال المزرية التي آلت اليها بلدهم على الكثير من الصعد، ان داخليا او خارجيا.هذا الاحساس يمنحهم نوعا من العزاء بأن إرثهم الحضاري العريق كفيل بان يخرجهم من هذا التدهور الحاصل لهم وإن على المدى الطويل، وان 'دوام الحال من المحال'، كما يقول المثل المصري.لكنه يضيف 'قد لا يكون هناك مدى طويل اذا لم يتم التعامل بجدية وصرامة وعلى نحو السرعة، مع جملة من المشاكل والمعضلات التي تواجه مصر حاليا'. ويشير هنا الى حادثة الشائعات التي راجت في ايلول (سبتمبر) 2007 حول مرض الرئيس مبارك 'الخطير' بل وربما وفاته.وكيف ان اخبارا وتحليلات عديدة منسوبة الى مصادر مبهمة راحت تتكاثر وتنتشر كالنار في الهشيم وتتصدر الصفحات الاولى لصحف المعارضة، لم يكن المهم في هذا الصدد، غضبة الحكومة على هؤلاء الصحافيين وانزال عقوبات صارمة بالحبس عليهم، تم الغاؤها لاحقا، وانما مزيج المشاعر المتناقضة الذي سيطر على المصريين والذي يعكس المأزق الحالي للنظام، وللشعب في الوقت ذاته.كان مزيجا من الخوف والامل واللايقين.فعلى الرغم من ان الغالبية العظمى من المصريين تتطلع الى الخلاص من 'الاسرة المباركية الملكية'، بالتعبير الفرعوني، الا ان رحيله الذي بدا وشيكا آنذاك، لم يثر الغبطة والفرح بقدر ما استثار مشاعر الخوف من المجهول، خاصة مع غياب آلية مضمونة لانتقال السلطة، وتربص الابن وجمعية المنتفعين المتحلقة حوله للقفز على السلطة، اذا ما تعذر سيناريو التوريث في حياة الاب.هذا السيناريو ذاته الذي يجري الاعداد له على قدم وساق وبوتيرة متسارعة في العامين الاخيرين، هو المسؤول ربما عما يصفه المؤلف بنوع من التسليم- والاستسلام - لفكرة ان جمال مبارك آت آت لا محالة. وطالما ان سيناريو التوريث وقع بالفعل في سورية، ويجري الاعداد له في ليبيا ( الساعدي او سيف الاسلام)، وليس مستبعدا في اليمن، فضلا عن انه حدث في المغرب وفي الاردن حتى وان كان غطاء 'النظام الملكي' يكفل ذلك، الا ان ذلك في حد ذاته 'يعمم' اجواء ومناخات التوريث من المحيط الى الخليج.
ويتطرق المؤلف على نحو سريع ومقتضب الى السؤال الذي يحير الكثير من المصريين، وكل من يهتم بالشأن المصري بوجه عام، وهو ذلك المتعلق بدور المؤسسة العسكرية في سياق سيناريو- او سيناريوهات- التوريث او حتى انتقال السلطة بأي شكل كان، وهو ما يقود بالضرورة الى تناول دورها في اطار توازن القوى في اطار النظام القائم.وفي هذا يقول ان الرئيس مبارك يجسد رأس النظام المسؤول عن حكم البلد وادارة شؤونه اليومية ( وان كان الكثيرون باتوا يشككون في حجم انخراط مبارك في ادارة شؤون البلد اليومية مع تقدمه في السن)، فيما السيطرة الفعلية التي تمسك بخيوط الحكم ولكن من وراء الستار،تقع في ايدي المؤسسة العسكرية.ويشير الى ان القوات المسلحة وضعت قطاعات بعينها من الاقتصاد المصري تحت سيطرتها، ومن ثم أصبحت غير متاحة لجماعات رجال الاعمال واتباعهم. وان هذه القطاعات ليست مقصورة على مجالات الانتاج العسكري بل تمتد الى مجالات اخرى مثل شركات مياه معدنية (صافي)، وخدمات جوية، وخدمات امنية، وشركات سفر، ومصانع احذية، ومصانع معدات مطابخ، هذا فضلا عن مساحات من الاراضي ومشاريع عمرانية واسكانية، بل ومراكز للتسوق. ويصف المؤلف اداء المؤسسة العسكرية في هذا الصدد بالحنكة، حيث يتعذر انجاز أي شيء في مصر- خاصة المشروعات والصفقات الكبرى- دون علم وبالضرورة موافقة المؤسستين العسكرية والامنية، ومن ثم حصولهما على حصة من 'كعكة' المنافع والامتيازات.ومن هنا الافتراض الشائع بان المؤسسة العسكرية هي العامود الفقري للنظام.وهذا بدوره يقود الى التكهنات حول سيناريو التوريث، والذي يروج اربابه ومؤيدوه فكرة ان جمال مبارك سيكون بمثابة دماء جديدة كأول رئيس من خارج المؤسسة العسكرية. ومن ناحية، اخرى فان ضآلة ما انجزه جمال حتى الان يجعله اقرب الى صفر على الشمال، حسب تعبير المؤلف. ومن هنا تجري المحاولات الدؤوبة دائما لتسويقه كصاحب انجازات ما، ومن هذا مثلا اعلانه في مؤتمر الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم 2006 قرار مصر باستئناف برنامجها النووي المدني، كنموذج على اللحاق بالعصر. وقد تأكدت الطبيعة الاستعراضية لهذا الاعلان في لقاء آخر على هامش المؤتمر ذاته، حين اخبر مبارك الابن زمرة من الصحافيين الاجانب بان مصر لم تعد معنية بالالتزام بمبادرة الرئيس بوش للديموقراطية في الشرق الاوسط، وكرر نفس العبارات المستهلكة التي يلوكها الاعلام الحكومي الدعائي والغوغائي في احيان كثيرة، بان مصر ترفض 'أي رؤى مفروضة من الخارج تتعارض مع هويتها العربية وقيمها'، وما هي هذه القيم بالضبط؟ المزيد من القمع وتكميم الافواه والتعذيب ونهب موارد البلد في وضح النهار.كلا المحاولتين استهدفتا معالجة اثنتين من ابرز نقاط ضعف جمال، والاولى كونه يمكن ان يكون في حال صعوده الى سدة السلطة، اول رئيس من خارج المؤسسة العسكرية، ومن ثم فان مسألة استئناف البرنامج النووي يمكن ان تقربه من المؤسسة العسكرية.والنقطة الثانية هي كونه، تماما مثل ابيه، في نظر المصريين، مجرد ادوات في يدي الولايات المتحدة، ومن ثم فان تحديه 'المفترض' او المسرحي للسياسة الامريكية في المنطقة، يمكن ان يكسبه شعبية في اوساط المصريين. ومع ذلك باءت المحاولتان بالفشل، كما يقول المؤلف وكما تبين من تداعيات شائعات مرض الرئيس 'لا يزال جمال مبارك مكروها على نطاق واسع بين المصريين، ولا تزال مصر رهينة للسياسة الامريكية في المنطقة'. (مؤخرا اجترح مقاولو التوريث محاولة جديدة لانقاذ هذه لاجراء تنفس صناعي لهذه الشعبية غير الموجودة اصلا. فأثناء حرب اسرائيل الاجرامية على غزة ظل جمال مبارك مختفيا لسبعة عشر يوما، وهو الذي لا يغيب ولا اخباره يوما واحدا عن وسائل الاعلام الحكومية، وفي اليوم الثامن عشر، حين قاربت الحرب على الانتهاء، ظهر فجأة كالعنقاء من تحت الرماد، على رأس وفد من الحزب الحاكم- الذي افاق اخيرا ليرسل بعض التبرعات في محاولة لاسترداد زمام المبادرة من الجماهير والجمعيات الخيرية وبالطبع الاخوان المسلمين- وحاول ان يتقمص دور الزعيم وراح يصرخ لن ترهبنا الصواريخ! ولا احد يدري على من يعود الضمير بالضبط؟ هل يعتبر نفسه من سكان غزة او من مؤيدي حماس؟).
وهنا يتحول الكتاب الى تشخيص مأزق النظام المصري الحقيقي بين الانفتاح السياسي وبين مواصلة الطابع القمعي الاوتوقراطي وتبعات كل منهما.'فالانفتاح السياسي والاقتصادي من شأنه ان يخلق مناخا تنافسيا ويحمل في طياته مخاطر خروج الامور عن السيطرة. ومن ناحية اخرى، فان مواصلة اساليب القمع والترهيب يمكن ان تؤدي لمزيد من تراكم مشاعر الاحباط والظلم والغضب والتي تهدد بالانفجار في اية لحظة على نحو يصعب السيطرة عليه وقد ينتهي بكارثة على النظام والشعب في وقت واحد. وهناك بعد اقتصادي لا يقل اهمية.فما من احد يشكك في قدرة النظام وجلاوزته على قمع أي تمرد يجرؤ على ان يطل برأسه قبل ان يخرج عن السيطرة.لكن هذا لن يحدث بدون ثمن باهظ من رصيد النظام اولا واخيرا، لأن العامود الفقري للاصلاحات التي يتاجر بها النظام ليل نهار، هو الانفتاح الاقتصادي الذي يعتمد على جذب الاستثمارات الخارجية والمعونات والمنح وايضا على المضي في برامج الخصصة وتحرير الاقتصاد بالانتقال الى اقتصاد السوق والتخلص مما عساه تبقى من ارث النظام الاشتراكي او رأسمالية الدولة، ايا كانت التسمية. واهم الشروط الموضوعية لتحقيق هذا على الصعيد الاقتصادي هو توفر الاستقرار والسلام الاجتماعي، فمن دونهما ستهرب رؤوس الاموال الاجنبية بل لن تجيء اصلا.
المعضلة الثانية تتمثل في الدعم الذي يحظى به النظام من الولايات المتحدة.وفي هذا ينقل المؤلف وجهة نظر هشام قاسم، احد المدافعين عن حقوق الانسان، الذي روى كيف انه حين ذهب مع اربعة اخرين في تشرين الاول (اكتوبر) 2007 لتسلم جائزة من 'الوقف الوطني من اجل الديموقراطية' تقديرا لنشاطاتهم في بلدانهم، رتب لهم لقاء مع الرئيس الامريكي آنذاك جورج بوش، كجزء من التكريم. ويروي قاسم كيف ان الرئيس كان مهتما بشكل خاص عن مسار الاصلاح في الحزب الحاكم، فأخبره انه ما من اصلاح 'ولا يحزنون'، تبين ان بوش كان مهتما بكل خاص بوضع الاسلاميين. فأوضح له قاسم ان النظام فعل كل ما في وسعه لجعل ظهور او صعود الاحزاب العلمانية ممكنا ( سواء بقمعها المستمر، او بتخويفها بفزاعة الاسلاميين)، بل ان النظام لا يدخر وسعا في تشويه وتجريم كل من يجرؤ الى تحديه استنادا إلى دعم امريكي، باتهامهم بالعمالة والخيانة وغيرها من قاموس الانحطاط السياسي ( ولنا في ايمن نور وسعد الدين ابراهيم أمثلة واضحة). والنتيجة الحتمية لذلك- حسب قاسم- ان مصر ستتحول الى دولة اسلامية بحلول 2010.وهو ما اصاب بوش بغم واستياء شديد وقال 'نحن نعطي بلدك 2 بليون كل عام للحفاظ على استقرار البلد وحتى لا تصبح دولة اسلامية'. وبمثل ما كان كلام قاسم مصدر غم واستياء للرئيس، كان رد فعل بوش مصدر غم واستياء ويأس لقاسم، حين تبين له ان هدف بوش والادارة الامريكية من الدعم المستمر لمبارك ونظامه هو الاستقرار لا الاصلاح، والاستقرار في عرفه يعني وقف الاسلاميين.
وفي هذا يكمن مأزق السياسة الامريكية الذي لا يبدو ان صناع السياسة في واشنطن ينتبهون له، او يتعاملون معه بالقدر الكافي من الجدية والتخطيط على المدى الطويل.فالحفاظ على الاستقرار يعني مواصلة الدعم لمبارك ودهاقنة نظامه، وفي الوقت ذاته غض الطرف عن مراكز القوى الحقيقية التي تسيطر على مصر، وتحديدا الجيش وقوات الامن.فهذه القوى آخر ما تفكر او ترغب به هو الاصلاح، لأنه يهدد الامتيازات التي تتمتع بها، ومن بينها اموال الدعم الامريكي، ومن ثم تحرص على استمرار الوضع القائم، وعرقلة كل محاولات الاصلاح، ان وجدت اصلا.
جمهورية الخوف على وشك الانتفاض
يقول المؤلف في الفصل ذاته ان ابشع ما في نظام مبارك هو حالة الافلاس التي وصل اليها، وجعلته يتخبط على غير هدى وعلى نحو اعمى ومضطرب. فليس هناك اطار عقلاني او ايديولوجي يحكم فلسفة النظام او سياساته، وليس هناك حتى من شعارات ـ فما بالنا بالأهداف - حقيقية يمكن له ان يحشد الناس وراءها. فالفكرة القومية العربية او دور مصر الريادي في العالم العربي اخذ في التآكل والتراجع مع صعود قوى اقليمية منافسة لهذا الدور (كما اوضحت الازمات العديدة التي مر بها العالم العربي، من دارفور، الى مأزق البشير، ومرورا بحرب اسرائيل على لبنان وليس انتهاء بحربها على غزة). والمعارضة تبدو في المأزق ذاته، لان البديل الوحيد المطروح عليها هو الاسلاميون، الفصيل الاكثر تنظيما وانضباطا وقدرة على تحريك الشارع. وحتى القليل من الاصلاح الاقتصادي الذي تحقق، لم تعد فوائده الا على ارباب النظام واتباعه من حزب المنتفعين من رجال الاعمال (النهابين) الى اباطرة الاعلام وصبيانه من جنود البروباغندا الحكومية، ودهاقنة الاجهزة الامنية وكبار الضباط في القوات المسلحة، ومع حرمان الغالبية العظمى من هذه الفوائد، تزداد حالات التذمر وتختمر تحت السطح عوامل الاضطراب والتمرد.ويعقد الملف مقارنة بين نظام مبارك وكل من النظام السوفييتي والصيني الشيوعي، وكيف ان كليهما كانت لديه عناصر وانجازات مكنتهما من البقاء عقودا طويلة. لكن المقارنة الحقيقية ينبغي ان تكون بين نظام مبارك وسلفيه، أي النظام الناصري والنظام الساداتي. الاول جاء بشرعية الثورة وحكم بها 18عاما حفلت بانجازات للغالبية وحراك اجتماعي كبير، وصعود سياسي لمصر ودورها عربيا واقليميا ودوليا، وتحالف مع قوى دولية. والثاني اعتمد على شرعية حرب اكتوبر، انجازه الاكبر، ثم سياسة الانفتاح والسلام مع اسرائيل الذي بيع للمصريين على انه المفتاح السحري للرخاء والازدهار اللذين لم يأتيا تماما مثل غودو الذي لم يصل بعد. فماذا حقق نظام مبارك للغالبية العظمى؟ وما هي شرعيته اذا كان قد تخلى تماما عن اعمدة الحقبة الناصرية، وليس له فضل في الانجاز الساداتي، بل ان النظام لا يزال يتسول الشرعية من ثورة 25 ومن انجاز السادات عسكريا وسياسيا، و ما من انجاز له من صنعه حتى الان.
امام هذا الافلاس وافتقاد الشرعية لم يعد امام النظام سوى اساليب بث الخوف والترهيب والقمع، لضمان احكام السيطرة وتواصلها على الشعب والتشبث بالحكم.وما مظاهر توحش اجهزة الشرطة ورجالاتها، وقمع قوات الامن المستمر والعلني للمظاهرات والاحتجاجات والاضرابات، وسجن المعارضين سوى امثلة على ادوات التخويف والارهاب هذه.بهذه الاساليب- يقول المؤلف- نجح النظام في زرع الخوف في نفوس غالبية المصريين وترويعهم وتركيعهم، على حد قوله.
كل هذا قد يتغير، وقد يكون الوقت قد حان لتغييره، وهذا هو بيت القصيد من وراء الكتاب، والخلاصة التي ينتهي اليها المؤلف- وإن على نحو غير يقيني- واختارها عنوانا فرعيا لكتابه، وهى ان المصريين قد يكونون على موعد قريب مع ثورة او انتفاضة جديدة. ويستند المؤلف في استنتاجه الى قراءة لتاريخ مصر في المئة عام الاخيرة، حيث يقول ان النظرة الاستشراقية للمصريين ذهبت الى ان المصريين تم ترويضهم بتجربتهم الطويلة في ان يحكموا بواسطة فرعون له سلطان مطلق ويعد ظلا للاله على الارض، فوق النقد او المساءلة، واجب الطاعة والولاء التام.ولهذا تمكنوا من العيش في سلام عبر تجاهلهم الدولة الغريبة عنهم وسلطتها الباطشة.ومن الصعب مقاومة مقارنة الرئيس مبارك بفراعنة مصر القدماء، خاصة وانه يعد ثالث اطول حكام مصر بقاء في السلطة (بعد رمسيس الثاني ومحمد علي باشا). مثل هذا التحليل، يفتقر الى الدقة كما يقول المؤلف لانه يتجاهل واقع المجتمع المصري في القرن الواحد والعشرين، وطبيعته كمجتمع متعدد الثقافات والديانات والاعراق، والحيوية الدافقة التي يتمتع بها المصريون وتجعلهم دائما قادرين على التجدد والابتكار. وفي المئة عام الاخيرة، لم يعد المصريون ذلك الشعب الوديع المسالم 'اللامبالي' المعروف تاريخيا.فقد انتفض المصريون في ثورة 1919 بزعامة سعد زغلول ضد الاحتلال البريطاني، (وقبلها كانت 'ثورة' عرابي ضد الخديوي)، ثم انتفاضة كانون الثاني (يناير) 1952 التي ادت الى حرق نصف القاهرة، وكانت بدورها احد الاسباب التي عجلت بثورة الضباط الاحرار في 23 تموز (يوليو) من نفس العام. وفي 1977 في عهد السادات، انتفض المصريون من الاسكندرية في اقصى شمال البلاد الى اقصى جنوبها في اسوان، والتي عرفت بانتفاضة الخبز (وسماها السادات انتفاضة الحرامية)، هذا فضلا عن سلسلة متوالية من الاغتيالات والمظاهرات والاضرابات، والهجمات الارهابية.تاريخ حافل كهذا لا يمكن ان يشير الى شعب 'لا مبالٍ' او غير معني بأمور السلطة والسلطان. ويلحظ المؤلف ان الفارق الزمني بين هذه الانتفاضات والثورات، من 1919 الى 1952، ومن 1952 الى 1977، حوالي ثلاثين عاما، وهو أمر لا بد وأن يثير قلق النظام، وقد مرت على اخر انتفاضة (1977) ثلاثين عاما واكثر بقليل. ترى هل نضجت الظروف الموضوعية - والتاريخية - لتضع المصريين على حافة ثورة جديدة، حان أوانها؟ هذا هو السؤال.