إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 30 عامًا على معاهدة السلام: أين الخلل؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

30 عامًا على معاهدة السلام: أين الخلل؟ Empty
مُساهمةموضوع: 30 عامًا على معاهدة السلام: أين الخلل؟   30 عامًا على معاهدة السلام: أين الخلل؟ Empty26/3/2009, 7:29 pm


٣٠عامًا على معاهدة السلام: أين الخلل؟
بقلم: د. عمرو الشوبكى

فى مثل هذا اليوم، وتحديدا فى ٢٦ مارس ١٩٧٩، وقّع الرئيس السادات على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وتضمنت إنهاء حالة الحرب وإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية بين البلدين، وانسحاب إسرائيل من سيناء، وتضمنت أيضًا ضمان عبور السفن الإسرائيلية من قناة السويس، واعتبار مضيق تيران وخليج العقبة ممرات مائية دولية،

كما نصت على ضرورة البدء بمفاوضات لإنشاء منطقة حكم ذاتى للفلسطينيين فى الضفة الغربية وقطاع غزة والتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الدولى رقم ٢٤٢ (لم يطبق إلى الآن). ووضعت الاتفاقية شروطًا على سيادة مصر فى سيناء تتعلق بحرية تحرك الجيش المصرى، وقصرت استخدام المطارات الجوية التى يخليها الإسرائيليون قرب العريش وشرم الشيخ على الأغراض المدنية فقط.

وأثارت الاتفاقية سخط العالم العربى وكثير من البلدان الإسلامية، واتهم الرئيس السادات «بالخيانة»، وجُمّدت عضوية مصر فى جامعة الدول العربية، وشكلت دول «الممانعة» ما عرف فى ذلك الوقت بجبهة الصمود والتصدى التى ركزت جهودها النضالية فى التآمر ضد بعضها البعض، وقدم نظاما البعث فى سوريا والعراق «نموذجًا» فى هذا الصدد، فخاضا حرب ميكروفونات ضد معاهدة السلام وتوجهات الرئيس السادات، دون أن يطلقا رصاصة طائشة على إسرائيل.
وإذا كانت البدائل التى قدمت فى مواجهة هذه الخطوة فشلت فشلا ذريعا، فإن «السؤال المصرى» ظل يدور حول ما إذا كان يمكن اعتبار اتفاقية السلام إنجازا لمصر ونموذج نجاح، استعدنا من خلالها رغم كل القيود أرضنا المحتلة، أم أنها وبعيدا عن فشل بدائلها، هى اتفاقية أضرت بمصر وأنهت دورها الإقليمى وجعلتها دولة تابعة، وأن الأرض التى عادت، ظلت منقوصة السيادة منزوعة السلاح؟

من المؤكد أنه بعد ٣٠ عاما على اتفاقية السلام يحتاج الأمر إلى قراءة أكثر هدوءا تتجاوز كل تقسيمات الفشل العربى التى سادت فى ذلك الوقت وقامت على تقسيمات من نوع خونة ووطنيين، ثوار ورجعيين، تقدميين وعملاء، ونظام حكم وقوى وطنية وغيرها، وذلك حتى يمكن التأسيس لمرحلة جديدة تقوم على تنافس ديمقراطى بين المعتدلين (كما مثلهم الرئيس السادات أو سلطة عباس فى فلسطين وبلدان كالمغرب والسعودية وآخرون) مع المتشددين الحقيقيين من قوى وتنظيمات سياسية عربية.
فالمؤكد أن الرئيس السادات كان زعيما وطنيا تمتع بالذكاء والحس السياسى (المغامر أحيانا) دون أن يخلو ذلك من فردية وانفعال، اتخذ خطوة منفردة تمثلت فى التوقيع على اتفاقية صلح منفرد مع إسرائيل استعادت مصر بمقتضاها أرضها المحتلة لكنها فقدت دورها الإقليمى، لأن «فلسفة كامب ديفيد» كانت تقوم على أن مصر قدمت تضحيات كبرى من أجل العرب والقضية الفلسطينية، دفعت فيها من الدماء والأموال الكثيرة، وحان الوقت لكى تتركهم لتحل مشاكلها بعيدًا عنهم.

وعلى عكس ما ردد الخصوم العقائديون لنظام الرئيس السادات، حين اعتبروا أن توجهاته كانت تعبيرًا عن مصر الرسمية وليس الشعبية، فإن الواقع قد أثبت أن هناك تيارًا عريضًا داخل الشارع المصرى (ثم بعد ذلك العربى) أيد تلك الخطوة ورفض الدخول فى أى حرب أو مواجهة عسكرية مع إسرائيل، رغم رفضه الكامل لسياستها العدوانية.
والمؤكد أن معاهدة السلام فرضت قيودًا على دور مصر الإقليمى، ولكن من المؤكد أيضا أنها استسلمت بوداعة تحسد عليها لهذه القيود، وخسرت معركة السلام التى دخلتها عقب الاتفاقية، لأن مشكلة النظام المصرى ليست فى كونه لم ينتقل من معسكر السلام إلى معسكر الحرب غير الموجود بين أى نظام عربى منذ اتفاقية السلام وحتى الآن، إنما فى فشله فى إدارة «معركة السلام» على مدار ثلاثين عامًا هى عمر المعاهدة.

هذا الفشل تواكب معه رواج كثير من الحتميات والرؤى «القدرية» التى اعتبرت أن مصر خسرت معارك التنمية فى الداخل، والدور والمهابة فى الخارج بسبب اتفاقات كامب ديفيد، وأن شروط عودة سيناء كانت تتطلب وجود نظام فاشل فى الداخل، وأن هذا أمر لا يمكن الفكاك منه باعتباره جزءًا من مؤامرة أمريكية صهيونية تجعل التسوية السلمية مرادفًا للفشل والاستسلام.
والمؤكد أنه من الصعب قبول هذا التصور، ورفع مسؤولية الفشل عن الحكم والمجتمع المصرى معا، فمن المؤكد أن كامب ديفيد وضعت قيودا على مصر، ولكنها استسلمت لها بكل هدوء، فرغم أن الغرب قد فرض قيودًا وصكوك استسلام على الدول التى وقعت معه على معاهدات بعد الحرب العالمية الثانية كألمانيا واليابان وغيرهما، وبصورة لا يمكن مقارنتها باتفاقية كامب ديفيد التى وقعتها مصر بمحض إرادتها، ومع ذلك فقد حققت هذه الدول معجزات اقتصادية وسياسية، فيما فشلت مصر فى أن تربح معركة السلام فى النهضة الاقتصادية والإصلاح السياسى.

فلم تجبر إسرائيل وأمريكا مصر على أن تبقى نسبة الأمية فيها٤٠%، ولم توقع معها على بنود سرية لاختزال طموحاتها الكبرى فى التنمية والديمقراطية إلى فشل داخلى وصراع حول مغانم صغيرة، وبناء نمط حكم قائم على عدم احترام القانون والدستور، مبديًا موهبة نادرة فى كيفية وضع قوانين لا يحترمها.
وبدلا من أن تتعلم مصر الحليفة لأمريكا والغرب قيم الجدية والكفاءة، وتستثمر التسوية السلمية فى جلب الديمقراطية والحداثة واحترام حقوق الإنسان، نجد أن الثلاثين عاما التى بلغتها المعاهدة، شهدت تكريسًا لثقافة الفهلوة والتدين المظهرى والفساد، وصار من المستحيل على أى مراقب لأوضاع مصر الداخلية فى السياسة والاقتصاد والثقافة والإدارة أن يفهم كيف تصاعدت هذه القيم فى بلد اختزل طموحاته فى حل المشكلات الداخلية ورفع شعار «مصر أولاً» دون أن يطبقه.

وبقى الخلل الحقيقى ليس فى وجود مدرسة السادات السياسية ورؤيته، إنما فى فشل ورثته الكبير فى تحويل هذه الرؤية إلى نجاح على أرض الواقع، فاتفاقية السلام مثلت فرصة وتحديًا كبيرًا لمصر، فهى من جهة أضعفت من دورها الإقليمى، وجعلتها حاملة لخطاب فردى عزلها عن قطاع مهم من الشارع العربى، ولكنها من جهة أخرى مثلت تحديًا حقيقيًا، وضع مصر أمام فرصة تاريخية لكى تقدم نموذجًا فى التنمية والإصلاح السياسى والاحترام الدولى، ومحدثا (ولأول مرة منذ زمن) تطابقا كاملا بين التحديات السلمية التى تواجهها فى الساحة الداخلية،

وتلك التى اختارتها عقب التوقيع على معاهدة السلام من أجل التسوية السلمية، ورغم ذلك عجزت عن مواجهة هذا التحدى وتعثرت فى معركة السلام، رغم أنه لم يكن مطلوبا منها أن تخوض معركة الحرب، إنما أن تنجح فى الامتحان الذى اختارت بمحض إرادتها أن تضع أسئلته ولكنها فشلت فى الإجابة عن أى من هذه الأسئلة.
نشرت بجريدة المصرى اليوم عدد ٢٦/ ٣/ ٢٠٠٩
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
30 عامًا على معاهدة السلام: أين الخلل؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خمسون عامًا على موت الثقافة!
» جميع مؤلفات العلامة الشيخ محمد أبو زهرة
» أمل دنقل .. الأعمال الشعرية الكاملة وقصائد بصوته
» الأثر التنموي للمشروعات الصغيرة في ظل استراتيجية التنمية - ماجستير
» Psychosocial Criminology An Introduction

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: