إن نمو الناتج المحلي القائم لا يعني بالضرورة حصول التنمية بل ربما أدى هذا النمو التابع والمشوه الى تعميق التخلف والتبعية، وعمّق تقسيم العمل بين المركز والأطراف، ووسع نطاق الفقر والهوة في توزيع الناتج المحلي، وربط الإنتاج المحلي، والزراعي منه بشكل خاص، بحاجات دول المراكز الرأسمالية، كما يحدث في العديد من دول العالم الثالث مثل المكسيك. ويمكن تعريف التخلف بأنه النمو المشوه الذي لا ينتج تقليص نطاق الفقر وتضييق الفروقات الطبقية، ولا يؤدي إلى زيادة فرص العمل وإلى توطين التقنيات الحديثة. "ان نظام الشركات المتعددة الجنسيات لا يمنح البلدان المتخلفة لا الاستقلالية الوطنية ولا المساواة. وبدلاً من ذلك فانه يتجه الى عرقلة تحقيق هذين الهدفين، والى أن يحول البلد المتخلف الى بلد "منشأه فرعونية"، ليس فقط بالاشارة الى وظائفه الاقتصادية بل ايضاً من خلال سلسلة من الأدوار الاجتماعية والسياسية والثقافية. ومن المعتاد أن تكون فروع الشركات المتعددة الجنسيات من بين أكبر الشركات في بلد العمليات وان يلعب نفوذها دوراً نافذاً في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية للبلد المضيف".[5]
فبعد زوال الاستعمار التقليدي وانتشار الهيمنة الإمبريالية ازدادت الفروقات الاقتصادية بين الدول الصناعية والدول المتخلفة، ففي السبعينات من القرن الماضي كان عدد سكان البلدان الصناعية يمثل حوالي 20% من ساكن العالم، وتنتج هذه البلدان 60% من الانتاج العالمي، بينما دول العالم الثالث التي يمثل سكانها 50% من سكان العالم تنتج 10% من الناتج العالمي[6].
وتزداد الهوة اتساعاً بين الأغنياء والفقراء في هذا العالم، فقد اورد تقرير للأمم المتحدة بتاريخ 4/11/2006 أن الفجوة بين أغنى الدول وافقرها ازدادت اتساعاً، وأن الدخل الاجمالي ل 500 شخص في العالم يفوق دخل 416 مليون شخص، وان متوسط الأعمار في الدول ال31 التي تحتل المراكز الأخيرة في المؤشر، وتمثل 9% من سكان العالم يبلغ 46 عاماً أي أقل ب 32 عاماً منه في الدول التي تحتل الصدارة[7].
وتقول دراسة أعدها المعهد العالي لتنمية البحوث الاقتصادية التابع لجامعة الأمم المتحدة في هلسنكي أن 2% من سكان العالم يملكون نصف ثروته، بينما يملك نصف سكان العالم الأكثر فقراً 1% منها فقط[8].
وفي ظل هذه العلاقات الإمبريالية الجديدة بين دول المراكز الرأسمالية ودول الأطراف تهيمن على دول الأطراف طبقات برجوازية تابعة تمثل بمعظمها مصالح الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات أو التي تتكامل مصالحها مع مصالح هذه الشركات المهيمنة، والتي تدفع الى السلطة عند الحاجة بدكتاتوريات عسكرية تلبس لباس الحداثة وتزين استبدادها وتبعيتها لدول المراكز الرأسمالية العاليمة ببعض مظاهر الديمقراطية وتضع نفسها تحت مظلة القوة الإمبريالية الكبرى وفي خدمتها، وفي عالم يموت فيه كل يوم بسبب الجوع 25 ألف شخص وفقاً لاحصاءات الأمم المتحدة في سنة 2006[9] في عالم يسكنه حوالي 6 ملايين شخص من البشر، سدسدهم يملك 80% من اجمالي الناتج العالمي، ويحاول بليون بشري العيش بدخل يقل عن دولار في اليوم، يبدو النظام العالمي الحديث غير قادر على الاستمرار وتأمين الاستقرار بل يندفع بفعل نمو التناقضات بين دول الشمال ودول الجنوب الى الانفجار، ويظهر النظام العالمي الذي تم بناؤه في أعقاب الحرب العالمية الثانية لمصلحة الدولة المهيمنة الكبرى الولايات المتحدة الأميركية والمؤسسات الدولية التي بنتها وتشرف عليها، عجزه المتنامي عن استيعاب التوترات المتزايدة في مؤسساته نتيجة تنامي التناقضات العالمية.
ويعتقد العديد من المفكرين الغربيين ان قدرة النظام الرأسمالي العالمي في مرحلة الأكثر احتكارية وعولمة على الاستمرار مرتبط باستمرار الهيمنة الإمبريالية لدول المركز على دول الأطراف، ويعتقد البعض مثل ماركوز أن قدرة شعوب العالم الثالث على تحقيق تحررها الوطني عبر النضال المسلح ضد الهيمنة الإمبريالية سيعيد تثوير الطبقات العاملة في دول المراكز الرأسمالية لاسقاط النظام الرأسمالي. فنمط الحياة السائدة في مجتمعات دول المركز واستمرار نمو مجتمعات الاستهلاك ترتبط باستمرار توسع الهوة بين دول الشمال ودول الجنوب، زيادة الثراء من ناحية والفقرو الجوع من ناحية أخرى، فخيرات الأرض وثرواتها المتجددة وغير المتجددة لا يسمح لكافة شعوب العالم برفع معدلات استهلاكها ولو الى نصف معدلات الاستهلاك السائدة في دول الجنوب. وأظهرت دراسة صادرة عن شبكة الأثر البيئي العالمية أن البشرية استهلكت مجموع الموارد المتجددة لهذا العالم، حتى وصلت نسبة العجز البيئي الى قرابة 30 % بمعنى ان الانسانية تستهلك راهناً أكثر من قدرة الكوكب الأزرق على تجديد موارده بنحو الثلث[10].
وعندما تنهار معدلات استهلاك دول الشمال تنهار معها البنية الرأسمالية العالمية في مرحلتها الأكثر احتكاراً وعولمة، ويصبح تجاوز النظام الرأسمالي الى نظام عالمي أكثر عقلانية وعدالة، مهمة تاريخية وأمراً حتمياً.
فقد اعتبر جيمس ولفنسن أن اجتماع منظمة التجارة الدولية في كانكون بمثابة نداء للاستيقاظ لأن الدول الفقيرة التي تمثل أكثر من ثلاثة بلايين نسمة رفضت اقتراحات التجارة الموضوعة من قبل الدول الغنية. "لقد أرسلت هذه الاجتماعات اشارة قوية بضرورة وجود توازن أكبر بين الأغنياء والأقوياء من جهة والفقراء والغالية من جهة أخرى. واشارت الاجتماعات الى أنه حتى تتوافر تنمية دولية وسلام على هذا الكوكب لا بد من اعادة ترتيب الأولويات.... هذا عالم فقد توازنه."[11]
في الثمانينات من القرن الماضي وفي العقد الذي شهد وصول المحافظين الجدد، وايديولوجيتهم الليبرالية الجديدة الى السلطة في الولايات المتحدة الأميركية، ونتيجة انطلاق عولمة الاقتصاد وتوسع الشركات المتعددة الجنسيات تعمقت أزمة مديونية دول العالم الثالث ودفعتها الى فخ المديونية سياسات اجماع واشنطن والبنوك المعولمة التي رفعت من نسبة أعمالها في بلدان العالم الثلث. فقد توجهت معظم هذه البلدان الى الاستدانة من السوق العالمية لتغطية عجز موازين مدفوعاتها وخاصة بعد ارتفاع اسعار النفط بمعدلات عالية في السبعينات وأوائل الثمانينات. وحثت البنوك العالمية دول العالم الثالث على الاستدانة بعد أن أخذت على عاتقها تدوير الفوائض المالية التي تجمعت لدى الدول النفطية وفاضت عن قدرتها على توظيفها محلياً. وعند ارتفاع معدلات الفوائد في الثمانينات وقعت هذه البلدان والتي استدانت بفوائد متحركة في فخ المديونية.
وفاقم مشكلة المديونية تردي شروط التجارة الخارجية لدى الدول النامية. وكان السبب الأساسي وراء تردي شروط التجارة لهذه الدول السياسات التي اتبعتها الدول الصناعية. فقد حاولت الدول النامية المثقلة بالديون الخارجية أن تتجاوز مأزق خدمة ديونها بزيادة انتاج وتصدير المواد الخام التي تعتمد عليها للحصول على قطع أجنبي مما سرع في تدهور أسعار هذه الصادرات. كان طن من البن مثلاً يشتري في سنة 1960، 37.3 طناً من الأسمدة من البلدان الصناعية، فأصبح في سنة 1982 لايشتري أكثر من 15.8 طناً، أي أن صادرات البن بالنسبة لواردات السماد خسرت 58% من قيمتها، وكان ثمن الجرار الزراعي بقوة عشرة أحصنة يساوي صادرات 24 طناً من السكر في سنة 1959 فأصبح يساوي ثمن 115 طناً في عام 1982 أي أن صادرات السكر خسرت 79% من قيمتها خلال 13 سنة وخسرت صادرات الخامات التي تعتمد عليها الدول النامية حوالي 15.6% من ثمنها بين سنتي 1980 و1984 بالرغم من انتعاش اقتصادات الدول الصناعية المستوردة لهذه الخامات، بالرغم من أن المعترف به بقول ان نمواً اقتصادياً بنسبة 1% من الدول الصناعية يرفع اسعار الخامات بحوالي 2.5% عادة كما يقول فؤاد مرسي[12].
وصادرات دول العالم الثالث من المواد الخام غير المحروقات لا تمثل أكثر من واحد في المئة من مجمل دخلها القومي، ولكنها توفر 16% من مجمل عائدات التصدير، وتمثل نسبة مرتفعة من الصادرات في عشر دول، وتمثل بين 20% و50% بالنسبة الى اثني عشر دولة اخرى في العالم الثالث، وهذه الدول المصدرة للمواد الخام تخضع لسلطات شركات التعدين اقتصادياً وسياسياً، ولا تسمح هذه الشركات للدول المنتجة معالجة الخامات المستخدمة في بلدانها لتتمكن من التحكم بها وبأسعار صادراتها من المواد الخام كما سنرى فيما بعد.
كما أن السياسات الليبرالية الجديدة التي يفرضها اجماع واشنطن على الأكثرية الساحقة من دول العالم الثالث خدمة للشركات الكبرى المتعددة الجنسية المسيطرة على حكومات دول المراكز الرأسمالية إلى حد بعيد، كانت لها نتائج سلبية كبيرة على اقتصادات هذه الدول، فمن أجل رفع قدرتها التنافسية في دولها الأم كما في دول العالم الثالث، عمدت هذه الشركات الى تبني سياسات حمائية لأسواقها الوطنية في الوقت الذي دفعت بكامل القدرات الضاغطة السياسية والاقتصادية لحكوماتها، وكذلك عبر المؤسسات الدولية وخاصة صندوق النقد والبنك الدوليين، الى فتح أسواق دول العالم الثالث أمام دفق الأموال والسلع الصناعية والزراعية المعانة التي تنتجها هذه الشركات، كما أمام شركات الخدمات كافة، والتي لا تستطيع مؤسسات الانتاج والخدمات في دول العالم الثالث منافسته.ا يقول جوزف ستيغلتز أن نظام الضرائب في الدول الصناعية يميز ضد الدول النامية، اذ تصل النسبة المفروضة على استيراد بضائعها اربعة أضعاف الضرائب المفروضة على تبادل السلع بينها أي بين الدول الصناعية[13].
فسياسات العولمة التي دفعت بها الشركات المتعددة الجنسيات كان لها أسوأ الأثر في العديد من دول العالم الثالث. ويعتبر مؤلفا كتاب فخ العولمة هانز بيترمان وهارلا شومان، أن بداية انطلاق العولمة الحديثة كان في سنة 1980 وان مرحلة ما بعد انطلاق العولمة اتسمت بتراجع المستويات المعيشية لفئات عريضة في مجتمعات العالم الثالث. ففي اميركا اللاتينية تراجع معدل نمو نصيب الفرد من الدخل القومي من 87% ما بين 1960، 1980 الى 8% فقط طيلة عقدي الثمانينات والتسعينات. أما في القارة الأفريقية، فأنخفض معدل نمو دخل الفرد من زائد 39% في العقدين السابقين لبداية العولمة الى ناقص 14% في العقدين الأوليين للعولمة[14].
وشهدت معظم جماهير دول العالم الثالث انخفاضاً كبيراً في مداخيلها الحقيقية فقد ذهب أكثر من نصف الدخل الوطني في دول عديدة في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية الى شريحة الـ20% الأغنى من القطاع المنزلي. وفي البرازيل ارتفع نصيب شريحة الـ10% الأغنى من 46.6% من الدخل القومي الى 53.2% وذلك خلال الفترة من 1981 الى 1989 . ورفعت شريحة الـ5% الأغنى نصيبها من الدخل الوطني من 33.4% الى 39.4% في الفترة ذاتها، كما ارتفع نصيب شريحة الـ1% الأغنى من 13% الى 17.3%.[15]
اثارت هذه التطورات التي واكبت اندفاع العولمة وتمدد الشركات المتعددة الجنسيات في ظل أيديولوجية الليبرالية الجديدة، مخاوف العديد من المنظمات الدولية. وفي تقرير لمنظمة العمل الدولية لسنة 2004 تم الاعتراف بأن هناك "تفاوتاً مستمراً في طريقة عمل الاقتصاد المعولم، وهو الأمر الذي لا يمكن قبوله اخلاقياً، ولا يمكن ان يستمر سياسياً. أن ما تراه في عيون الغالية من النساء والرجال في شأن العولمة، ويؤكد بأنها لا يمكن أن تلبي تطلعاتهم البسيطة والمشروعة في عمل لائق ومستقبل أفضل لأطفالهم. هناك قلق متنامي حول المنحى الذي نسير فيه العولمة الآن. ففوائدها بعيدة المنال جداً للعديد من البشر، فيما مخاطرها واقعية جداً. فالفساد منتشر بشكل واسع والمجتمعات المفتوحة وادارة الحكم تمر بأزمة. فنحن عند مفترق حرج ونحن بحاجة الى اعادة النظام في سياساتنا ومؤسساتنا الحالية."[16]
ولكن المشكلة ليست مشكلة اخلاقية يمكن حلها عن طريق الوعظ والارشاد. وليست ظواهر العولمة أخطاء يمكن تداركها بالتنبية لمخاطرها على النظام العالمي، ومناشدة الشركات المتعددة الجنسيات بتغيير سلوكها وتبديل اهدافها، وخاصة في دول العالم الثالث. ان هذه الظواهر الاقتصادية والاجتماعية هي افرازات طبيعية للنظام الامبريالي العالمي وشركاته الكبرى المتعددة الجنسية، وخاصة في مرحلته الجديدة الأكثر احتكارية وعولمة. ان ضغوطات المنافسة بين الشركات الكبرى والتطورات التقنية التي تزيد من تهميش واستلاب القوى العاملة واخضاعها وربطها بالآلات الحديثة، والخلل في الموازين بين القدرات الانتاجية والطلب الفعلي الذي يفاقمه انخفاض الأجور الحقيقية والرواتب، أو انخفاض نصيب الأجور والرواتب من القيمة المضافة، فخلق ضغوطات دائمة على رؤوس الأموال وتدفعها الى توسيع أسواقها المحلية والخارجية. إنها وسعت أسواقها الداخلية خلال العقود الأخيرة برفع معدلات الاستدانة للإنفاق، واسواقها الخارجية بالتمدد الامبريالي لفتح أسواق بلدان العالم الثالث أمام التدفق الحر للرساميل والسلع، وزادت معدلات ارباحها عبر نقل بعض أعمالها الى حيث الأجور والرواتب أكثر انخفاضاً.
وتعمل هذه الشركات الكبرى على خفض الأجور المنخفضة أصلاً عبر الاطاحة بكل القوانين والأطر الحامية للقوى العاملة تحت شعار "تحرير أسواق العمل"، وتدفع بمعدلات الأجور الى دون خط الكفاف Subsistence Level كما الحال في أندونيسيا مثلاً، مستغلة معدلات البطالة المرتفعة ورغبة الحكومة في استقطاب الرساميل التوظيفية، فتعمق الفقر والتبعية دون إحداث أية تنمية. فمدراء الشركات الكبرى "ليس لديهم الضمير أو الدوافع أو الميل لتحمل المسؤوليات الشعبية التي لا تستطيع الحكومات القيام بها... هم لا يقبلون بتحمل مسؤولية النتائج الاجتماعية لما يقومون به وكيف يقومون به، لأن شركات الأعمال نمت لتصبح أكبر من المؤسسات السياسية في المجالات المحلية والوطنية وما فوق الوطنية، فإن القادة الوطنيين يمارسون سلطة متناقصة على الصعد الاقتصادية، ونتيجة لذلك فان العالم يواجه مأزق سلطة لا سابق لها في التاريخ الحديث".[17]
ويقول تانزر : "لا يوجد تفاوت هائل في الثروة والمداخيل فحسب في العالم الرأسمالي، بل توجد أيضاً آليات أساسية تضمن استحالة ردم الهوة بين الحاجات والموارد، بين الفاقة والثراء، ضمن البلد الواحد وما بين البلدان على حد سواء. وحدها الثورة الاجتماعية داخل كل بلد، تمكنها من استعمال مواردها الطبيعية استعمالاً عقلانياً وحدها الثورة الاجتماعية في كل بلد كفيلة بتحقيق الاستعمال العقلاني لكل الموارد على أساس علمي".[18]
اذاً لا نستطيع الدعوات الأخلاقية أن توقف نمو التناقضات الاقتصادية والاجتماعية التي ستطيح بهذا النظام في النهاية، وتدفع الى تجاوزه. لا تستطيع هذه الدعوات أن تغير من سلوك قوى الرأسمالية وتكبح آلياتها الداخلية. ولا تستطيع تغيير منطق وأهداف الشركات ومؤسسات الأعمال على الصعد المحلية والدولية. وكما يقول بول سويزي، فان التناقض الأساسي للنظام الرأسمالي العالمي مابعد الحرب العالمية الثانية "لم يكن كما اعتقد ماركس في أيامه بين البرجوازية والبروليتاريا في البلدان المتقدمة المهيمنة (المتروبول)، ولا حتى كما برهن التاريخ في الفترة 1870 – 1945 بين البلدان الرأسمالية المتقدمة ذاتها، بل ان التناقض الأساسي ما بعد الحرب العالمية الثانية كان بين الدول الرأسمالية المهيمن عليها أميركياً، وبين حركات التحرر الوطنية الثورية في العالم الثالث."[19]
فالخروج من هذا التناقض الصدامي، من هذا المأزق التاريخي والشامل الذي وصلت وأوصلتنا اليه الرأسمالية العالمية في مرحلتها الإمبريالية الجديدة، لا يمكن أن يتم، وخاصة في دول العالم الثالث المتخلفة، الا بالتحرر من الهيمنة والتبعية الاقتصادية والسياسية والثقافية لدول المراكز الرأسمالية. وطريق الخروج من الهيمنة لا تكون الاّ من خلال حركات التحرر الوطنية الثورية. وكما يقول تانزر، "فقط خلال مسيرة النضال لكسر القيود الإمبريالية، يمكن لشعوب الدول المتخلفة ان تتغلب على القوى الداخلية المتظافرة مع الإمبريالية في عقر دارها".[20]
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ريتشارد بارنيت ورونالد مولر. من الإقتصاد القومي... إلى الإقتصاد الكوني. دور الشركات المتعددة الجنسيات (مجموعة من المؤلفين) ترجمة عفيف الرزاز. مؤسسة الأبحاث العربية ش.م.ل. بيروت، ص25.
[2] مايكل تانزر. من الإقتصاد القومي... إلى الإقتصاد الكوني. المرجع السابق، ص224.
[3] Paul Kennedy. The Rise and Fall of the Great Powers. Economic Change and Military Conflict from 1500 to 2000. Random House, New York, 1987. p149.
[4] Michel Barnet Brown. A Critique of Marxist Theory of Imperialism. Studies in the Theory of Imperialism. Edited by Roger Owen and Bob Sutcliffe. Longman House U.K., printed in Singapore, 1972. p63.
[5] سوبزي، بول، من الاقتصاد القومي... الى الاقتصاد الكوني، المرجع السابق، ص 79.
[6] Sweezy،Paul. Modern Capitalism and Other Essays. Modern Reader. New York and London. 1972. p5
[7] جريدة الأخبار تاريخ 15/11/2006.
[8] جريدة الحياة تاريخ 17/12/2006.
[9] نفس المصدر تاريخ 14/11/2006.
[10] نفس المصدر تاريخ 14/11/2006.
[11] نفس المصدر تاريخ 19/9/2006.
[12] مرسي فؤاد، الرأسمالية تحدد نفسها سلسلة عالم المعرفة عدد 147 الكويت سنة 1990 ص 392-393.
[13] جريدة الحياة، 14/12/2005
[14] هانز بيترمان وهارالد شومان، فخ العولمة، الإعتداء على الديمقراطية والرفاهية. ترجمة وتقديم د.عدنان عباس علي، مراجعة وتقديم د.رمزي زكي. عالم المعرفة. الكويت، 2003، ص 20.
[15]Richard J. Barnet and John Cavanagh. Global Dreams and The New World Order. A Touchstone Book. Published by Simon and Schuster. New York, 1995. p179.
[16] جريدة الحياة تاريخ 26/2/2004.
[17] Harry Magdoff. ob. Cit. p.148.
[18] تانزر، المرجع السابق ص 252.
[19] Sweezy، Paul. Ob.cit. p.vi.
[20] تانزر المرجع السابق،ص 253