د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: د. علي ليلة يكتب: المواطنة بين السياق القومي والعالمي 4/2/2009, 7:57 pm | |
| المواطنة بين السياق القومي والعالمي د. علي ليلة أستاذ النظرية الاجتماعية - جامعة عين شمس يبدو أن مفهوم المواطنة قد دار دورة كاملة, بدأت هذه الدورة مع التشكل الجنيني لمتغير المواطنة في دولة المدينة الإغريقية والرومانية, ثم تابع المتغير تطوره واكتماله عبر المراحل التاريخية المتتابعة, وبلغ قمة نضجه مع تأسيس الدولة القومية التي تولت في حالة تطورها واكتمال بنيتها رعاية حقوق وواجبات المواطنة. وفي عصر العولمة بدأت المواطنة تواجه أزمة حيث بداية انفصال المواطنة عن الدولة القومية التي ساعدت علي تأسيسها أو تحولت إلي أشكال جديدة للمواطنة كالتحول إلي مواطنة إنسانية رحبة بلا تحديد أو تمييز وهو ما يعني تآكل مواطنة الدولة لصالح نمو مواطنة عالمية مازالت في بداياتها الأولي والمبكرة.
ذلك يعني أن مفهوم ومتغير المواطنة قد قطع شوطا تاريخيا طويلا حتي اكتمل وبلغ غايته, ارتباطا بذلك فقد شكلت موجات التحرر الإنساني المتتابعة توسيعا مستمرا لمتغير المواطنة بحيث استوعب في النهاية فئات العامة من البشر إلي جانب الصفوة التي احتكرته في البداية. هذا إلي جانب أن متغير المواطنة قد تحرر من حصار الأغلبية له ليصبح من حق كل الجماعات والفئات التي أقصيت إلي هامش المجتمع, حيث أدي إدماجها إلي تأسيس حالة من المواطنة الشاملة والمتجانسة التي تشكل قاعدة للمشاركة المتجانسة التي يقودها الجميع في كل ما يخص الوطن المشترك.
علي هذا النحو يستطيع التحليل النظري أن يحدد مجموعة من التحولات الرئيسية البارزة علي صعيد التطور الواقعي والفكري لمفهوم المواطنة. ويتمثل التحول الأول في ظهور تبلور متغير المواطنة, فقط تطورت المواطنة من نطاق سطحي ومحدود كان الإنسان البدائي يرتبط في إطاره المكان والعمران والإطار الاجتماعي الذي عاش في نطاقه, بحيث نجد أن الإنسان البدائي وإن قطع المسافات في اتجاهات مختلفة إلا أنه يعود عادة إلي ذات المكان مفضلا إياه علي الأطر البيئية الأخري. وحينما تبلورت دولة المدنية اليونانية والرومانية القديمة, أضيف إلي الإطار البيئي الاجتماعي الذي ارتبط به الإنسان في المرحلة السابقة, حيث قام البعض بتطوير بعض الحقوق والامتيازات التي امتلكوها في نطاق الإطار المكاني الاجتماعي في مقابل حرمان البعض الآخر منها, استنادا إلي امتلاك هذا البعض المستأثر بالحقوق لمصادر القوة المتنوعة. ونتيجة لذلك تطورت عواطف الارتباط والأنس بالمكان عند البعض الذي امتلك حقوقا متميزة في مقابل عواطف الوحشة والاغتراب عند البعض الآخر الذي حرم من هذه الحقوق بل وعاني من فرض الحقوق والالتزامات. ولقد استمرت حالة المواطنة علي هذا النحو حتي نهاية القرن الرابع عشر, إذا اعتبرنا التطور الغربي إطارا لتبلور الفكر الاجتماعي والسياسي المتعلق بمفهوم المواطنة. ومع قيام حركة الإصلاح الديني والثورة الفكرية والعلمية والتنويرية المترتبة عليها وتبلور بناء الدولة القومية, بدأت مرحلة جديدة في تاريخ تطور متغير المواطنة, فقد قادت الدولة القومية صراعا مع الكنيسة تارة وحروبا مع أمراء الإقطاع تارة ثانية حتي تبلور المجتمع العام بمعنيSociety علي أنقاض المجتمعات المحليةCommunities ذات الانتماءات أو الولاءات الضيفة, وحينما تبلور المجتمع العام والدولة القومية الضابطة له عملت هذه الدولة علي تحرير البشر من كل الأطر الفئوية الأثنية التي كانوا ينتمون إليها والتي شكلت مرجعية لتحديد الحقوق والواجبات, لتفرض محلها حقوقا وواجبات متساوية لكل البشر في المجتمع بحيث اعتبرت هذه المساواة ركنا أساسيا من أركان المواطنة. ولقد استكملت ذلك ببعد آخر من أبعاد المواطنة حينما حولتهم من رعايات عليهم واجبات, إلي مواطنين لهم حقوق مثلما عليهم واجبات تؤكد لهم شرعية المشاركة في القضايا التي تمس الوطن, الدولة والمجتمع, ومن ثم تنشأ رابطة عضوية قوية تؤكد الارتباط العضوي القوي بين الإنسان والدولة والمجتمع, وهو الارتباط الذي يؤسس بدوره حقوقا وواحبات متبادلة بين هذه المتغيرات الثلاثة.
وفي عصر العولمة حدث تحول جديد حيث بدأت تظهر في إطاره إرهاصات لشكل جديد للمواطنة حيث برزت مجموعة من المتغيرات التي تعمل في اتجاه تحرير المواطنة من حدودها القومية, وفك الارتباط بين المواطنة وبين الدولة القومية, والسعي باتجاه مواطنة عالمية تسقط علي سنابكها تدريجيا الانتماءات القومية والمحلية الضيقة, ليتولد انتماء عام وشامل ومواطنة إنسانية عامة وشاملة. قد يكون هذا التحول الآن جنينيا محدودا غير أن الوعي بهذه المواطنة يتعمق وتتأسس العواطف المرتبطة بها, وتسعي إلي الاكتمال الذي قد يتحقق حينما تتوفر له أسسه المادية والواقعية, وأيضا حينما يستوعبه البشر, حقيقة أن بعض هذه الأسس الواقعية والمادية والفكرية والعاطفية قد تحقق, غير أن البعض الآخر مازال في إطار المجهول وعدم الاكتمال.
وتوازيا مع التحولات التاريخية التي قطعها مفوم المواطنة وقعت تحولات موازية علي صعيد الإطار الاجتماعي والسياسي لمتغير المواطنة. ويتمثل التحول الأول في هذا الصدد في اتساع منظومة الحقوق والواجبات التي يتضمنها مفهوم المواطنة, فبعد أن كان قاصرا علي الحقوق والواجبات ذات الطبيعة السياسية والقانونية فإنه اتسع ليشمل حزمة كاملة من الحقوق والواجبات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإنسانية العامة. وبعد أن كانت هذه الحقوق' السياسية والقانونية' تقع علي خلفية العلاقة بين المواطن والدولة بالأساس, أصبحت هذه الحقق تستند إل مرجعية المجتمع وهو ما يعني أنه بعد أن كان تطور الدولة هو المحدد لطبيعة المواطنة ومستوي تطورها أصبح المجتمع القومي هو المتغير الفاعل في هذا الصدد. وارتباطا بذلك حدث تحول آخر وقع بالأساس في نطاق مجتمع الحداثة, وإذا كان المجتمع التقليدي فيما قبل الحداثة قد شهد تحرير بعض الفئات الاجتماعية كالعبيد وأفنان الأرض, فإن مجتمع الحداثة شهد حركات مقاومة كثيرة قادتها فئات اجتماعية عديدة للحصول علي المواطنة الكاملة في المجتمع الذي تعيش فيه, ويمكن في هذا الإطار النظر إلي حركات الشباب والمرأة وبعض حركات مقاومة الاستبداد وكل المعذبين في الأرض علي ما يذهب الفيلسوف الفرنسي' فرانز فانو' باعتبارها حركات اجتماعية تقودها فئات أو جماعات اجتماعية لتحصل علي حقوق تعتقد أنها لها, أي أنها تسعي للحصول علي المواطنة الكاملة, وفي مجتمع ما بعد الحداثة يقع نضال جديد للحصول علي حقوق إنسانية عامة قد تتناقض مع حقوق اجتماعية وثقافية مستقرة, حيث تسعي بعض الجماعات للحصول عليها استنادا إلي الشرعية الإنسانية برغم الشرعيات الثقافية والاجتماعية وفي ظل ما أصبح يعرف بحقوق الإنسان وليس حقوق الجماعة أو المجتمع.
غير أننا لا ينبغي ونحن نعرض للإطار العام وللتحولات المتتابعة التي طرأت علي متغير ومفهوم المواطنة أن نعي بأن لا نسقط أسري تطور المفهوم في إطار الحضارة الأوروبية الغربية بل نجد أنه من الضرور الالتفات إلي حقيقتين, الأولي أن متغير المواطنة كما تبلور في إطار الحضارة الغربية استفاد من العناصر التي طورتها الحضارات الأخري لذات المتغير أو المفهوم, فقد استفاد التراث الغربي من التراث الشرقي وبخاصة الإسلامي في هذا. والثانية أن آليه متغير المواطنة ومفهومها لم تكن واحدة في الحضارات المختلفة. وفي هذا الإطار ينبغي أن لا نسقط أسري التطور أو التصور الأوروبي لمفهوم المواطنة الذي تبلورت في نطاقه من خلال الصراع وإدماج الفئات الاجتماعية المهمشة, حيث بدأ المفهوم ناقصا ثم أصبح أكثر اكتمالا الآن. في مقابل ذلك نجد أن الإسلام والحضارة التي استندت إليه قدم المفهوم كاملا منذ البداية في أركانه الأساسية التي بلغها التطور الغربي بعد أكثر من قرنين من الزمان, وبرغم ذلك فلم يظل المفهوم كاملا متكاملا كما هو بل تكالبت عليه متغيرات عديدة فرضت تآكله وتراجعه, الأمر الذي يعني أن المواطنة تعيش في حالة أزمة علي الصعيد العالمي والقومي علي السواء وعلي الصعيد الحضاري.
دراســة هامة وممتعة لأستاذ نعتز به ونتعلم منه للإطلاع على كامل الدراسة المنشورة بمجلة الديمقراطية عدد يناير 2009 أضغط هنــــــــــا | |
|
حمزه علام
عـضــو
عدد الرسائل : 26 العمر : 39 التخصص : اجتماع الدولة : مصر تاريخ التسجيل : 08/06/2008
| موضوع: الاستاذ الدكتور على ليله 8/2/2009, 4:30 am | |
| [b][i][b][i]بحق سعدت ايما سعاده عندما رأيت هذا المقال فالشكر لك يا دكتور فرغلى فبدونك ما قرأت هذا المقال الجاد. كما انى اقترح عليك ان تكون نافذتنا على العالم من خلال موقعك نرى كل ما هو جديد فى سماء علم الاجتماع , كما انى اتوجه بأسمى آيات الشكر والتحيه الى استاذنا جمعيا الاستاذ الدكتور على ليله الذى دوما ما افخر بكونه استاذا لى وكونى طالباً من طلاب علمه نفعنا الله به[/i][/b] [/i][/b] | |
|