د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: البعد العنصري في جرائم إسرائيل 27/1/2009, 3:35 pm | |
| البعد العنصري في جرائم إسرائيل د. عبدالعزيز بن عثمان التويجري
المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو). على إثر المجازر البشعة التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة خلال اثنين وعشرين يوماً من العدوان الهمجي الذي استخدمت فيه كلّ أنواع أسلحتها الجوية والبرية والبحرية، بما في ذلك الأسلحة المحرّمة دولياً، ومنها قنابل الفسفور الأبيض والغازات السامة، بل منها أسلحة فتاكة تجرّب لأول مرة. ومن خلال التأمّل في سجل هذه الدولة المارقة الحافل بالصفحات الإجرامية من مجازر وتهجير وتدمير وحصار وتجويع عانى منها الشعب الفلسطيني المقهور طيلة ما يزيد عن ستة عقود، يتساءل كلّ منصف عن سرّ هذه الوحشية الدموية وهذه العنصرية العدوانية اللتين لا مثيل لهما في تاريخ الإنسانية. وحين يبحث المرء عن الدوافع الكامنة خلف هذا السلوك المنحرف وهذه الغطرسة الجائرة، يُصدم بحقائق مُرعبة لا يعرفها كثير من الناس لأنها تعدّ من الأمور العنصرية التي يؤمن بها الصهاينة ويعملون بمقتضاها؛ حيث إنها تُلقّن لأطفالهم في المدارس، وترسّخ في عقولهم من خلال الفتاوى والتعاليم التي يردّدها حاخاماتهم ويطالبون بتنفيذها. وما ننقله هنا من نصوص، هو أمثلة مما يستند إليه الحاخامات الصهاينة المتطرفون لتبرير عدوان إسرائيل على الشعب الفلسطيني، والتحريض على البطش به. وهو أمر يرفضه حاخامات آخرون ويهود عديدون في جميع أنحاء العالم، يرون في هذا التبرير والتحريض إساءة إلى الدين اليهودي، وتشويها له من قبل الحاخامات الصهاينة المتطرفين. أما نحن فنرى أن هذه النصوص تتعارض مع طبيعة الدين الإلهي الصادر عن رب رؤوف رحيم عادل، ونبرّئ الخالق جل وعلا وأنبياء بني إسرائيل، الذين نؤمن بهم، من أن يكونوا دعاة قتل وظلم وعدوان وعنصرية.
لقد ورد في سفر التثنية: «حين تقترب من مدينة لكي تحاربها، استدعها للصلح، فإن أجابتك للصلح وفتحت لك، فكُلّ الشعبِ الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك. وإن لم تسالمك بل عملت معك حرباً، فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة فتغنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك» (التثنية، 20: 10-16). وورد في سفر العدد: «اقتلوا كل ذكر من الأطفال، وكل امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة ذكر، اقتلوها» (العدد، 20: 17-20). وورد في سفر صموئيل الأول: «فالآن إذهب واضرب عماليق وحرّموا كل ماله، ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامرأة، طفلا ورضيعا، بقرا وغنما، جملا وحمارا» (صموئيل، 15: 23). وورد في سفر يشوع: «وحرّموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير، بحدّ السيف» (يشوع، 6: 21). وهناك العديد من النصوص التوراتية التي يستند إليها الصهاينة لتبرير كلّ أنواع القتل والبطش والتدمير ضد أعدائهم لا يتسع المجال لذكرها، ويكفي أن نورد بعض الفتاوى الصادرة عن عدد من كبار حاخامات الكيان الصهيوني المحرضة على القتل والبطش والتدمير التي تستند إلى هذه النصوص. فقد بعث الحاخام مردخاي الياهو، الذي يُعدّ أكبر مرجعية دينية للتيار الديني القومي في إسرائيل، رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت وجميع قادة الكيان الصهيوني، ذكر فيها قصة المجزرة التي تعرّض لها شكيم بن حمور والتي وردت في سفر التثنية الإصحاح 34: 9-14، كدليل على النصوص التوراتية التي تبيح لليهود إنزال العقاب الجماعي على أعدائهم وفقاً لأخلاقيات الحرب، قال فيها: «طبقاً لما ورد في التوراة فإن مدينة بأكملها تحملت المسؤولية الجماعية عن السلوك غير الأخلاقي لأحد من أفرادها»، وأضاف: «هذا المعيار نفسه يمكن تطبيقه على ما حدث في غزة حيث يتحمل جميع سكانها المسؤولية لأنهم لم يفعلوا شيئاً لوقف إطلاق صواريخ القسام». وقال أيضاً: «إن المسّ بالمواطنين الفلسطينيين الأبرياء أمر شرعي». أما الحاخام الأكبر لمدينة صفد شلومو الياهو فقد قال: «إذا قتلنا مائة فلسطيني دون أن تتوقف صواريخ القسام فلابد أن نقتل منهم ألفاً وإذا لم يتوقفوا فلنقتل منهم عشرة آلاف، وعلينا أن نستمر في قتلهم حتى لو بلغ عدد قتلاهم مليون قتيل، وأن نستمر في القتل مهما استغرق من وقت». وكان الحاخام يسرائيل روزين، رئيس معهد تسوميت وأحد كبار مراجع الإفتاء في إسرائيل، قد أصدر فتوى في مارس 2008 تبيح تطبيق حكم عملاق على كل من تعتمل في قلبه كراهية إسرائيل، وقال: «إن حكم التوراة ينص على قتل الرجال والأطفال وحتى الرضّع والنساء والعجائز، وسحق البهائم» وأضاف روزين قائلاَ: «إن عملاق هذا العصر هم الفلسطينيون» وشدّد روزين في فتواه قائلاً: «إنّ تطبيق حكم عملاق يجب أن يقوم به اليهود في كل وقت وزمان لأنه تكليف إلهي». كما أفتى حاخامات آخرون منهم دوف ليثور وأوري لبيانسكي بمثل هذه الفتاوى. وفي فتوى أخرى دعت مؤسسة حاخامات إسرائيل الجيش الإسرائيلي إلى قصف المناطق السكنية في غزة، ومن بين المصادقين على هذه الفتوى الحاخام عوفاديا يوسف، الزعيم الروحي الأكبر لحزب شاس المتطرف. كما أفتى الحاخام أفي روتنسكي بأن أحكام التوراة تبيح قصف البيوت الفلسطينية بمن فيها من الجو. إن الروح العنصرية التي تعتلج في صدور الصهاينة مصدرها نظرة استعلائية تحتقر كل الشعوب وتستهين بكل الأرواح، وتستهتر بكل القوانين والمواثيق، ومصداق هذا كلّه ما ورد في سفر المكابيين «قال موسى: يارب، لماذا خلقت شعبا سوى شعبك المختار؟ فقال الرّب: لتركبوا ظهورهم، وتمتصّوا دمائهم، وتحرقوا أخضرهم، وتلوثوا طاهرهم، وتهدموا عامرهم» (سفر المكابيين الثاني، 15: 34). هذه هي العقيدة التي يطبقها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين بكل وحشية في هذا الزمن الذي يرفع قادة الغرب فيه شعارات حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، ويتحركون بكل قوة لانتقاد ومواجهة أدنى تجاوز للقانون الدولي أو لتلك القيم في كل مكان من العالم ماعدا إسرائيل، التي تعيث في الأرض فساداً بلا حسيب ولا رقيب والتي أصبحت فوق كل قانون وكل قيمة سامية من القيم الإنسانية. ويبدو لي أن استسلام قادة الدول الغربية لهيمنة إسرائيل، وتجاوزهم عن خطاياها وجرائمها سيستمران وقتاً طويلاً لأنهم جعلوا من معاناة اليهود على أيدي النازيين في أوروبا منتصف القرن الماضي صك غفران يُسمح بموجبه للصهاينة بارتكاب ما يشاءون من الجرائم والمجازر في فلسطين المحتلة. فمتى تصحو ضمائرهم ليروا حقيقة هذا الكيان العنصري الإرهابي وجرائمه ضد الإنسانية، ويتركوا العدالة تأخذ مجراها؟. لقد آن الأوان لعقلاء اليهود ومحبي السلام، وهم كثيرون في أنحاء العالم، أن يرفعوا أصواتهم لرفض هذه الجرائم البشعة التي يرتكبها الصهاينة باسم الدين اليهودي، وأن يعملوا على مواجهة المتطرفين من حاخامات إسرائيل الذين يؤولون النصوص التوراتية تأويلات مضللة، تخدم سياسة إسرائيل العدوانية، وتشوه ديناً سماوياً جاء لإنقاذ اليهود من ضلالات الجهل وبطش الظالمين. فالله تعالى إله عادل رحيم لا يقبل الظلم ولا يأمر بالفحشاء، والناس كلهم خلقٌ ممن خلق، لا يعلو جنس منهم على آخر في الكرامة الإنسانية، ولا يتفاضلون إلا بالتقوى والعمل الصالح. قال تعالى: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون». صدق الله العظيم. نشرت بجريدة الحياة عدد 27/1/2009 | |
|