د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: السيرة التاريخية للغة العربية وخطها 18/12/2008, 3:01 pm | |
| السيرة التاريخية للغة العربية وخطها ترجمة:عدنان عويّد اللغة العربية هي اللغة الأحدث بالنسبة للمجموعة السامية التي تضم، الآرامية، العبرية، السبئية، السريالية، الحبشية والحميرية. كما أنها الأقرب إلى الأنموذج الأصلي من بقية اللغات كلها التي اشتقت من هذا الأصل.
اللغة العربية كما نعلم اليوم أخذت تتطور من خلال لهجة قريش، وهي اللهجة الأكثر نقاوة ووضوحاً من بقية لهجات شبه الجزيرة العربية، كما هي الأكثر استخداماً من بقية اللغات السامية، حيث تفوقت عليها وعلى مشتقاتها الوفيرة من حيث إيجازها ووضوحها وفصاحتها. هذا إضافة إلى كونها قد نجحت في كشف قدراتها في الحديث إلى درجة عالية من الرقي تفوق قدرات بقية لغات المجموعة التي اندثرت أو أصبحت قريبة من الاندثار. اللغة العربية لم تعان الهم اللغوي (الفينولوجي)، والتغيير النحوي في صيغتها الأدبية على الرغم من أن هناك آلاف اللهجات عند المتحدثين بها في العالم العربي. فاللغة البسيطة للقرآن الكريم وحدت الناس، وهي لغة الكتابة في الأراضي العربية كلها، وقد استخدمت في الجرائد والمدارس والتلفاز والراديو. في القرن السابع الميلادي، خلدت اللغة العربية عبر القرآن الكريم، وصار الإسلام ملازماً لها عندما تحركت الفتوحات العربية الإسلامية نحو شمال إفريقيا، ثم إلى شبه الجزيرة الإيبرية، وشرقاً إلى قلب آسيا، هذا وقد انتشرت اللغة العربية بسرعة فائقة مع هذه الفتوحات، ففي عقود قليلة، أصبحت العربية اللغة السائدة في العالم، والوسيط الفكري الذي وحد معظم العالم المتمدن آنذاك... إن الفتوحات الرائعة للجيوش العربية الإسلامية، جعلت اللغة العربية لغة تعادل في قيمتها قيمة الإسلام والقرآن، حيث صارت أول لغة مناسبة استطاع المسلمون عبرها الاقتراب من الله، ولم يستطع أي شخص اعتنق الإسلام أن يهرب من استخدامها، لذلك يمكن القول: لم تستطع أي لغة (اليونانية، اللاتينية، وغيرها...) أن تحرز المكانة العالية التي أحرزتها اللغة العربية القديمة. وهذا وتعتبر إمكانات اللغة العربية واستخداماتها في المجاز اللغوي أو في تشخيصاتها، غنية جداً وتفوق أية لغة أخرى أيضاً، لذلك غالباً ماتخسر اللغة العربية عندما تترجم إلى لغة أخرى، بينما تربح اللغات الأخرى منها عندما تترجم إليها. إن السرعة الفائقة للفتوحات العربية الإسلامية العظيمة لمناطق الإمبراطوريات السامية القديمة، أعطت اللغة العربية تلك المكانة العالية التي لم تحققها أية لغة أخرى دون استثناء، عدا اللغة الإنكليزية في عصرنا الحاضر. منذ القرن الحادي عشر الميلادي، انتشر بشكل واسع التكلم باللغة العربية، وكتب بها المسلمون المثقفون كلهم من الصين إلى حدود فرنسا، مستبدلين بها اللغات السائدة آنذاك، مثل الآرامية، واليونانية... الخ. كما صارت عملياً لغة الفن والثقافة والفكر والعلم والتكنولوجيا في معظم المدارس التعليمية لتلك المرحلة، مساعدة في ذلك على تأسيس الحضارة العربية الإسلامية التي صارت واحدة من أعظم حضارات العالم المعروف آنذاك. أما بالنسبة للخط العربي فمع الانطلاقات المبكرة للفتوحات أصبح الخط الرسمي ولقرون عدة حتى للغات الشعوب التي اعتنقت الإسلام، مثل الكرد والفرس والأتراك، وعدد من لغات الشعوب الهندية واللغة البربرية في شمال أفريقيا، إضافة إلى الإسبانية. نعم لقد تعانقت بشكل سريع العربية مع عدد كبير من لغات الشعوب التي اعتنقت الإسلام، وشكلت بعداً ثقافياً حدد معالم العالم الإسلامي عن بقية العالم الآخر. في الفترات الأخيرة، تبنت الخط العربي أعداد جديدة من لهجات شعب الملايو، وكذلك لهجات المسلمين في كل من شمال أفريقيا، والصومال، والمناطق السواحلية، وبعض لغات وسط آسيا مثل الطاجيك، والتتار، والآزبك، وكذلك في الهند في كشمير والبنجاب والسند، والقليل من لغات السلفاك. إن استخدام الخط العربي كان قد استقر في معظم الأراضي الإسلامية، قبل أن تتم عملية اجتياح الاستعمار الغربي الحديث وحملات التبشير لآسيا وأفريقيا، فمع مجيء هؤلاء المستعمرين جاء الحقد على اللغة العربية وأبجديتها، حيث أصبحت بعد ذلك لغة القرآن الكريم تدخل حالة من الغموض بالنسبة للأجيال الحديثة، بل راحت تلك الأجيال بسبب التوجه الأوروبي وسياسته تعيش حالة قطع معرفي مع الأجيال السابقة لها. وفي فترات لاحقة راح العديد من الفلاسفة الغربيين الحاقدين وبعض من الطلاب الآسيويين والأفارقة بما فيهم العرب ضعيفي المعرفة، ممن تتلمذ على أيديهم، يصفون اللغة العربية باللغة المتحجرة، وأن خطها لم يعد يتناسب وحالة التطور التكنولوجي الحديث. في وقتنا الراهن، لم يزل للعربية ذاك الامتداد الواسع في هذا العالم، فهناك ما يزيد على /300/ مليون نسمة يستخدمونها كلغة دين، أما خطها فقد ظل مستخدماً بشكل واسع عند العديد من الشعوب الإسلامية، ومتفوقاً على الأبجدية اللاتينية الملازمة له، وهناك أكثر من عشرِ لغات ما زالت تكتب بالخط العربي يأتي على رأسها، اللغة الأردية، الفارسية، الباشتو، الكوردية، السندية،...الخ. إن اللغة العربية قد أخذت مكانتها كلغة عالمية مرتين، الأولى، خلال العهد الذهبي للمد الإسلامي، والثانية، في زمننا الحاضر، حيث يعترف بها اليوم كلغة سادسة في مجلس الأمن، كما اعتبرت لغة عمل في (منظمة الاتحاد الإفريقي)، هذا وقد استعيدت حديثاً كلغة ثانية في إيران وباكستان والجزء الجنوبي من الفلبين.. من هنا نجد أن المحاولات التي بذلت من قبل الاستعمار الغربي ومبشريه، ومن قبلِ مناهضي الإسلام في كل مكان من العالم، بغية إضعاف اللغة العربية وخطها لم تكن ناجحة تماماً، بل نجدها قد استمرت في وجودها كلغة حيوية موقرة من قبل المسلمين وغير المسلمين والعرب في كل أنحاء العالم. *العنوان الأصلي للمقالة باللغة الإنكليزية: THE ODYSSEY OF THE ARABIC LANGUAGA AND ITS SCRIPT - by hsan saloom جريدة الاسبوع الادبي العدد 1128 بتاريخ 22/11/2008 | |
|