إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 انهيار الرأسمالية المتوحشة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

انهيار الرأسمالية المتوحشة Empty
مُساهمةموضوع: انهيار الرأسمالية المتوحشة   انهيار الرأسمالية المتوحشة Empty18/12/2008, 2:55 pm


انهيار الرأسمالية المتوحشة
د.عيسى درويش
كان الفيلسوف الأمريكي من أصل ياباني «فوكوياما» سعيداً جداً بانهيار الكتلة الشيوعية وسقوط جدار برلين ـ وقد أسعده أيضاً عدم صحة توقعات لينين في كتابه «الدولة والثورة» حيث توقع في نظريته اضمحلال الدولة بعد استنفاذ الحاجة إليها في المرحلة الانتقالية إلى الشيوعية «رأسمالية الدولة» لتحل محلها إدارة الأشياء حيث تتولى الطبقة العاملة إدارة نفسها بنفسها وحيث يخلق عالم لا اضطهاد فيه ولا استغلال في جنة شيوعية تأخذ من الإنسان وفق إنتاجه وتعطيه حسب احتياجاته..‏
لم ينطلق ماركس في نظريته من فراغ، فقد مهد في كتابه «رأس المال» الذي يعتبر أكثر المراجع في الاقتصاد السياسي توثيقاً وعمقاً وتحليلاً لدرجة أنه كان يقال لنا من أساتذتنا في الاقتصاد إذا أردت أن تفهم جذور الرأسمالية اقرأ ثروة الأمم لألفرد سميث وكتاب رأس المال كارل ماركس.‏
فوكوياما في كتابه نهاية التاريخ وقع في خطأ ماركس، فلقد استعار ماركس فكرة هيجل في دراسته لفلسفة التاريخ «المادة التاريخية» والفكرة المثالية المطلقة أي أن هيجل يرى في تطور التاريخ سيؤدي إلى الوصول إلى فكرة مطلقة تسود العالم.. وهذه الفكرة المثالية هي التي جعلت ماركس يقول أن هيغل كان يمشي على رأسه ونحن سنجعله يمشي على قدميه ويضع ماركس المادية الجدلية «الديالكتيكية» حيث تقود التناقضات «صراع الأضداد» إلى شيء جديد أي «الفكرة ـ نقيض الفكرة ـ ناتج التناقض».‏
فوكوياما كغيره من المحافظين الجدد، اعتبروا النظام الأمريكي فكراً واقتصاداً وديموقراطية هو النموذج المثالي لقيادة العالم.. وقدم هؤلاء لإدارة بوش الجمهورية المحافظة هذه الأفكار وروّج لها لوبي المصالح الصهيونية والمالية والعسكرية «الدولار والسلاح والإعلام» والشعور بالزهو الإمبراطوري للسيطرة على العالم وساعدهم على الشعور بالغرور سقوط الشيوعية من جهة ونمو الاقتصاد المالي في الولايات المتحدة في عقد التسعينات من القرن الماضي.. وتناسوا قراءة التاريخ وخاصة تاريخ الإمبراطوريات وأنها كالأفراد تعيش وتموت..‏ وتجاهلوا أن الإمبراطوريات عبر التاريخ «الرومانية ـ اليونانية ـ الفارسية ـ العثمانية» وحديثاً الإمبراطوريات الروسية ـ البريطانية ـ الفرنسية قد سقطت وكأن عوامل سقوطها من داخلها ولم يستطع القائمون عليها إنعاشها أو إعادتها للحياة.. فانحسرت وتلاشت وماتت أحلامها في القوة والسيطرة وإذلال الشعوب.‏
الأزمة المالية والنقدية في الولايات المتحدة وانعكاساتها على العالم هي زلزال عالمي بكل المقاييس وسيرافقها هزات ارتدادية في كل العالم..‏ وإذا كانت الزلازل والأعاصير تظهر فجأة ـ فإن ظهور هذه الأزمة في الولايات المتحدة لم تكن مفاجئة بل كانت متوقعة، وإن كانت العوامل التي سببتها إدارة بوش الغبية باعتراف الأمريكان أنفسهم قد عجلت بظهورها حيث أعطت الاهتمام للحرب على الإرهاب «الحرب في العراق وأفغانستان» والحرب على الدول المارقة وأغفلت الرقابة على المؤسسة المالية والمصارف العابرة للقارات إضافة إلى الفساد وانهيار القيم الأخلاقية في هذه الإدارة ولعل من أسبابها ما يلي:‏
أـ نظرية المحافظين الجدد والدعوة لقيادة العالم، وعدم السماح بأقطاب شركاء ـ وانفراد هذه الإدارة عن طريق الدولار والإعلام وقوة السلاح للهيمنة على العالم..‏
ب ـ نظرية الحرب على الإرهاب وتصنيف العالم إلى أخيار وأشرار، والأخذ بمبدأ صراع الحضارات "إعلان بوش أكثر من مرة أنه يواجه الإسلام بحرب صليبية".‏
جـ ـ الحرب على أفغانستان والعراق.. وإدارة الصراعات في مناطق متعددة من العالم ومن نماذجها حرب إسرائيل ضد المقاومة في لبنان ـ تموز 2006" وهي حرب أمريكية بالإنابة لإقامة الشرق الأوسط الجديد بتصريح علني من وزيرة الخارجية غونداليزارايس.. وكذلك حرب جورجيا بواسطة العميل للولايات المتحدة ساكشفيلي ووزير دفاعه حامل الجنسية الإسرائيلية ضد روسيا وهي حرب أمريكية بالواسطة للسيطرة على القفقاس ومحاصرة روسيا في 2008.‏
ءـ النظرية الرأسمالية المتوحشة وجني الأرباح بلا ضوابط رقابية على الأموال وحركتها في الأقراض والمضاربة وانعدام الأخلاق فقد استطاعت حفنة من الرأسماليين الأمريكيين تحقيق أرباح تعادل دخول (80) دولة في العالم ولا يتجاوز عددهم خمسة آلاف رجل..‏ وتسخير البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية لمصلحة السياسة الأمريكية في السياسة والاقتصاد بل حاولت تسخير مجلس الأمن الدولي ليكون تابع لوزارة الخارجية الأمركيية في إملاءاتها، وقد نتج عن ذلك محاكمة قادة دول وغزو بلدان وقتل ملايين البشر بلا ضمير ولا أخلاق..‏
هـ التناقضات في النظام الرأسمالي العالمي كالتناقض بين أوروبا والولايات المتحدة.. وتصريح الرئيس الفرنسي ساركوزي دليل قوي على عدم الرضا على السياسة الأمريكية بالرغم من كونه من حلفائها.. ولعل أبلغ الانتقادات هو انتقاد الرئيس الروسي ميديديف بقوله "لقد انتهى عصر الهيمنة الأمريكية على العالم ـ وقيام المستشارة الألمانية ميركل بتحميل الولايات المتحدة مسؤولية ما يجري الآن..‏
هذه الأسباب بالإضافة إلى أسباب ميدانية منها ممارسة الكذب في احتلال العراق وخسارتها هذه الحرب التي شنتها حول العالم على الإرهاب وتكلفة الحرب على العراق وأفغانستان المرشحة بلوغ ثلاثة آلاف مليار دولار والعجز المتنامي في الميزانية الأمريكية والاقتراض الواسع بواسطة سندات الخزانة الأمريكية..‏
وكذلك جشع البنوك ومؤسسات الإقراض الأمريكي في تحقيق الأرباح السريعة على حساب دافعي الضرائب من المواطنين والتقارير التي تشير إلى تآكل (2) تريليون دولار من صناديق تقاعد المواطنين وإفلاس العديد من البنوك والتي تشير التقارير إلى أن (700) مليار دولار الذي أقرها الكونغرس الأمريكي بناء على طلب بوش لحل الأزمة لن تؤدي إلى نتيجة حاسمة على الشرق المتوسط والبعيد ولابد من إصلاح النظام الاقتصادي العالمي بكامله كما حصل بعد الكساد الكبير في 1929..‏ وإصلاح النظام المالي الأمريكي بمزيد من الرقابة والشفافية ومحاسبة الفاسدين المسؤولين عن الأزمة.‏
وهكذا فإن كل الدلائل تشير إلى انهيار الرأسمالية المتوحشة وأفول نظام القطب الواحد وإلى بروز قوى متعددة يقع عليها عبء إدارة العالم اقتصادياً وسياسياً وأمنياً وهذا سيؤدي إلى مراجعة الكثير من الأفكار والمعتقدات، وقد قرأنا مؤخراً مقالاً لفوكوياما يتراجع بها عن نظريته السابقة وينتقد فيها الولايات المتحدة ويدعو إلى تعدد الأقطاب وقد تراجع عدد من المحافظين الجدد عن أفكارهم وكذلك فعل صموئيل هنتجتون مؤلف كتاب "صراع الحضارات"، ونرى من الواجب على قادة العالم الدعوة إلى ما يلي:‏
1ـ صياغة نظام اقتصادي عالمي جديد أكثر من أخلاقية وعدالة وإنسانية.‏
2 ـ إعادة النظر في تركيب مجلس الأمن وأعضائه الدائمين وصلاحياته بحيث يؤدي إلى قيادة جماعية للعالم.‏
3 ـ إعادة النظر في تركيب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والحد من هيمنة الولايات المتحدة عليهم وتسخير هذه الهيمنة لمصالحها على حساب الدول والشعوب، وخاصة بعد أن قامت الولايات المتحدة بتسخير هذه المنظمات لأدواتها السياسية بعد الحرب العالمية الثانية.‏
4 ـ إشراك الاقتصاديات الناشئة في آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا في قمة الدول الصناعية السبع وتمكينها من وضع السياسات الاقتصادية حول العالم والمشاركة فيها.. وإعادة النظر في دور الدولة الوطني "العلاقة بين الدولة والاقتصاد" وواجب الدول في علاقتها مع بعض تجاه مواطنيها.‏
5 ـ إعادة التوازن بين الاقتصاد المالي "أسواق النقد والأوراق المالية" وبين الاقتصاد الحقيقي أي "المنتجات والسلع والخدمات" بحيث يكون التوازن قائماً على المستوى المحلي والدولي.. والتخلص من سطوة الاقتصاد المالي "البورصات والبنوك والمضاربات" على الأنشطة الاقتصادية الأخرى..‏
6 ـ إعادة تقويم العملات الرئيسية في الدول الصناعية الكبرى... لأن هناك عملات مقومة بأكثر من قيمتها الحقيقية وهذا ما يدل عليه التضخم حول العالم وارتفاع الأسعار ـ وضرورة وضع أسيس لأسعار صرف العملات بعد أن قامت الولايات المتحدة بالانسحاب من قاعدة الغطاء الذهبي منذ 1971 والدعوة إلى عقد مؤتمر عالمي على غرار مؤتمر "بريتون وودز 1944 Bretton woods".‏
هذه أفكار أساسية يضيق البحث هنا لتفصيلها... وستكون موضوعات مهمة في المستقبل أمام صناع القرار من السياسيين وعلماء الاقتصاد... ويجدر بنا في الوطن العربي أن نوليها الكثير من الاهتمام... لقد تأخر العرب كثيراً في إدراك مصالحهم. فهل تكون هذه فرصة للتفكير في المستقبل وخاصة أن انعكاسات هذه الأزمة على الاقتصاد العربي ما زالت في بدايتها.. وهي بلا شك سيكون لها آثار كبيرة على مستوى الحكومات والشعوب..‏
جريدة الاسبوع الادبي السورية العدد 1125 بتاريخ 1/11/2008
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
انهيار الرأسمالية المتوحشة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لأول مرة على النت: أبواب الفوضى دراسة في مقدمات انهيار الدولة المدنية في مصر
» الرأسمالية ضد الرأسمالية
» هذه هي الرأسمالية
» مراجعة سياسات العولمة الرأسمالية
» إعادة صياغة الرأسمالية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: