محمد عابد الجابري يفوز بجائزة ابن رشد للفكر الحر لعام 2008
كاتب الموضوع
رسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
موضوع: محمد عابد الجابري يفوز بجائزة ابن رشد للفكر الحر لعام 2008 4/12/2008, 2:25 pm
محمد عابد الجابري يفوز بجائزة ابن رشد للفكر الحر لعام 2008
فاز المفكر العربي الكبير محمد عابد الجابري بجائزة ابن رشد للفكر الحر لعام 2008 وقالت المؤسسة ان سبب منح الجابري هذه الجائزة المهمة لانه تقصّى في دراساته أسباب تعثّر النهضة العربية. ويعتبر المفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري أحد رواد الفكر العربي المعاصرين الذي أثرى المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات والدراسات التي تهدف إلى إعادة قراءة التراث العربي كخطوة تمهيدية ضرورية للمُضي قدماً في المشروع النهضوي الذي عالجه الجابري على مدى نصف قرن من الزمان. ويرى الجابري بضرورة احتواء الماضي بعد تصحيح معرفتنا به، وبضرورة هضم الثقافة العالمية واستيعاب مضامينها استيعاباً واعيا. وكان الجابري قد عمل في المجال التربوي كمعلم ومفتش ومدير مدرسة وأصدر كتباً في هذا المجال وشارك في تحرير العديد من الصحف والمجلات الثقافية وأدى انخراطه في العمل السياسي المعارض إلى اعتقاله وفي ما بعد عين الجابري أستاذاً للفلسفة والفكر الإسلامي بكلية الآداب في جامعة محمد الخامس بالرباط. وستُمنح جائزة ابن رشد للفكر الحر للمرة العاشرة على التوالي وذلك يوم الأربعاء الموافق 12 كانون الأول (ديسمبر) 2008 وهو ذكرى وفاة فيلسوف العرب الأكبر ابن رشد وذكرى الاعلان عن حقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة. وتكرس مؤسسة ابن رشد جهدها لدعم حرية الرأي وممارسة الديمقراطية في العالم العربي مهتدية بذلك بفكر الفيلسوف ابن رشد ودوره البارز في الحوار بين الثقافات. وقد قدّمت المؤسسة جوائزها حتى الآن للمبدعين العرب في حقول: الصحافة والإعلام، تحرر المرأة، الفكر النقدي، السياسة، الفلسفة، الأدب الملتزم، الإصلاح الديني وحقوق الإنسان والإخراج السينمائي . وكان محمد عابد الجابري قد اكد في احدى كتاباته (إن بلدا متخلفا لا يمكن أن يشق طريقه نحو التنمية الحق إلا مع نشر الثقافة والتعليم على أوسع نطاق وفي كل مجال: لنترك مئة وردة تتفتح وحينئذ سنقطف من الثمار ما لا يقدر ثمنه). أما الإشكاليات التي شغلت ذهن الجابري طيلة هذا الوقت فهي: هل بإمكان بناء نهضة بدون عقل متفتّح؟ ولماذا لم تتطور أدوات المعرفة في الثقافة العربية الإسلامية خلال نهضتها في القرون الوسطى لتمتد حتى يومنا الحاضر؟ وكان المدخل الذي اختاره الأستاذ الجابري في أبحاثه هو المنهجية النقدية القائمة على العقل والتحليل المعرفي (الأبستيمولوجي) . وقد بدأ المشروع الفكري النهضوي للجابري عام 1980 وأدى صدور كتبه المتعاقبة في هذا المجال إلى إثراء مجال الدراسات النهضوية. وقد انتشرت أفكار الجابري في أنحاء الوطن العربي في ذات الوقت الذي لاقت أفكاره فيه انتقادات ودارت حولها المناقشات في العديد من الندوات والمحافل الفكرية . وشهد عقد الثمانينات من القرن المنصرم أهم الأعمال الفكرية للجابري والتي بدأت بـ (نحن والتراث، 1980) الذي مهّد لرباعيته انقد العقل العربيب (تكوين العقل العربي 1984، بنية العقل العربي 1986، العقل السياسي العربي 1990، العقل الأخلاقي العربي 2001( . كما صدرت له في عقد التسعينيات كتابات هامة تناول فيها بدقة إشكاليات الفكر العربي المعاصر. ولا بد من الإشارة هنا إلى كتبه التي واصل فيها نقد العقل العربي في قضايا معاصرة مثل (الديمقراطية وحقوق الإنسان، 1994) و(المسألة الثقافية في الوطن العربي، 1994) و(الدين والدولة وتطبيق الشريعة، 1996) و(قضايا في الفكر العربي المعاصر،1997) و(المثقفون في الحضارة العربية، 1996). والذي كان هدف الجابري الأساسي في هذا الكتاب هو الحد من اغتراب المثقف العربي وإثبات النهج المستقل في تحليل حوادث التاريخ وتداخل السياسي في الديني كما جاء في تفسيره لمحنة المفكر ابن حنبل في الشرق الإسلامي ونكبة ابن رشد في الغرب الإسلامي. استطاع الجابري عبر سلسلة (نقد الفكر العربي) شرح العقل العربي عبر دراسة المكونات والبنى الثقافية واللغوية التي بدأت من عصر التدوين ثم انتقل إلى دراسة العقل السياسي ثم الأخلاقي، وهو الذي ابتكر مصطلح االعقل المستقيلب وهو يعني به ذلك التفكير التقليدي الذي يسود في بعض الأوساط العربية الذي يبتعد عن النقاش في القضايا الحضارية الكبرى ويرى بذلك أن العقل العربي بحاجة إلى إعادة إحياء. وتجب الإشارة في هذا السياق الى أنّ الجابري قام بالإشراف على تحقيق علمي ونشر الكتب الأصيلة لابن رشد أي تلك التي ألفها (خارج شروحه على أرسطو) مع تزويدها بمدخل ومقدمة تحليلية وشروح وذلك للكتب التالية: افصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصالب الذي يدافع فيه ابن رشد عن الفلسفة موظفاً فهمه العقلاني للعلاقة بين الدين والفلسفة وبالكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملةب الذي انتقد فيه طريقة المتكلمين الأشاعرة في إثبات العقيدة الإسلامية، وبتهافت التهافتب الذي رد فيها على كتاب الغزالي اتهافت الفلاسفةب وكتاب االكليات في الطبب وكتاب االضروري في السياسةب وهو تلخيص السياسة لأفلاطون الذي تعاون الجابري فيه مع زميل له بترجمة النسخة الوحيدة المتبقية من الكتاب من اللغة العبرية إلى العربية وإعادة صياغة عبارات الكتاب وفق أسلوب ابن رشد واصطلاحه. وقد ختم الجابري تحقيقه لأعمال ابن رشد بكتاب خاص بعنوان: اابن رشد سيرة وفكرب شرح فيه مراحل حياة ابن رشد ومشاريعه الإصلاحية في الفقه والنحو والعقيدة والطب والفلك والفلسفة والسياسة. ويرفض الجابري القراءات التي تقوم على ما أسماه 'الفهم التراثي للتراث' ويدعو إلى التعامل مع التراث بشكل يجعله 'معاصراً لنفسه ومعاصراً لنا في آن واحد' وبالتالي يجب أن نتطلع إلى بناء مستقبلنا من فهم واع لمعطيات واقعنا وخصوصية تاريخنا ومقومات شخصيتنا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى اشتهرت حوارات الجابري المطولة مع المفكر المصري حسن حنفي وقد نشرت في كتاب احوار المشرق والمغربب تطرقت لقضايا سياسية واجتماعية هامة، وقد أثارت هذه الحوارات ردود فعل واسعة في الأوساط الفكرية والسياسية حتى أُطلق عليها احوار الثمانينياتب. وفي الوقت الذي يقرأ فيه الجابري فلسفة ابن سيناء بسلاح النقد لنزوعه إلى دمج الفلسفة في الدين والدين في الفلسفة في إطار رؤية إشراقية سماها بعض الباحثين االتصوف العقليب يأخذ على الفارابي جموحه القوي إلى التوفيق بين الفلسفة والدين على أساس مقولته الشهيرة اما في الدين مثالات لما في الفلسفةب. ويعتبر الجابري أن الفلسفة العربية الحقة هي التي تفصل ما بين خصوصية الفلسفة وخصوصية الدين كما تتمثل في فلسفة ابن باجة وابن طفيل، وفي فلسفة ابن رشد بصفة خاصة. هذا وقد صدر مؤخراً للجابري كتاب جديد بعنوان امدخل إلى القرآن الكريم : التعريف بالقرآنب 2006، أتبعه بكتاب من ثلاثة أجزاء: فهم القرآن الحكيم: التفسير الواضح حسب ترتيب النزول (بدل ترتيب المصحف)، وقد صدر منه الجزء الأول 2007، والثاني 2008 . وخلاصة القول أن مؤلفات الجابري تشكل مشروعاً فكرياً رصيناً وإسهاماً جليلاً في تحديث الفكر العربي المعاصر. وقد اعتذر المفكر محمد عابد الجابري عن الحضور إلى برلين لتسلم الجائزة لأسباب صحية (عملية جراحية) وسترسل له لاحقاً. كما ستنشر له المؤسسة مقالاً باللغتين العربية والألمانية سيرسله لاحقاً عوضاً عن الاحتفال الذي كان مرتبطاً بحضوره بالإضافة إلى مقالة تكريمية من السيد ميخائيل جيبل.
ومن الجوائز التي حصل عليها الدكتور الجابرى: ـ جائزة بغداد للثقافة العربية التي تمنحها اليونسكو 1988 ـ الجائزة المغاربية للثقافة. تونس 1999 ـ جائزة الدراسات الفكرية في العالم العربي تحت رعاية اليونسكو - 2005 ـ جائزة الرواد مؤسسة الفكر العربي بيروت 2005 ـ وميدالية ابن سينا من اليونسكو في حفل تكريم شاركت فيه الحكومة المغربية بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة الرباط/الصخيرات 2006 اما الجوائز التي اعتذر عنها فهي : ـ اعتذر في أواخر الثمانينات عن الترشيح لجائزة صدام حسين 100 ألف دولار ـ اعتذر عن جائزة المغرب مرارا ـ اعتذر في عام (2001) عن جائزة الشارقة التي تمنحها اليونسكو 25) ألف دولار( ـ اعتذر في سنة 2002 عن جائزة العقيد القذافـي لحقوق الإنسان (32 ألف دولار) . ـ اعتذر عن العضوية في أكاديمية المملكة المغربية مرتين مع تأكيده في المرة الأولى على تفضيله البقاء ضمن موقعه في المعارضة، وككاتب بهذه الصفة . نقلاً عن جريدة القدس العربى عدد 22/10/2008
محمد عابد الجابري يفوز بجائزة ابن رشد للفكر الحر لعام 2008