موضوع: محمد عابد الجابري في ذمة الله 4/5/2010, 2:54 pm
محمد عابد الجابري في ذمة الله
توفي أمس الاثنين الثالث من مايو/أيار ٢٠١٠ في مدينة الدار البيضاء عن سن ناهزت 75 عاما المفكر المغربي البارز محمد عابد الجابري، الذي اشتهر بسلسلة كتبه عن العقل العربي وتراثه الفلسفي. انخرط الراحل في مقاومة الاستعمار الفرنسي للمغرب في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، وكان قياديا بارزا في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لفترة طويلة، قبل أن يعتزل العمل السياسي ليتفرغ لمشاغله الأكاديمية والفكرية. والراحل متزوج وأب لأربعة أولاد. وقد نشر الجابري –المولود بمدينة فكيك شرق المغرب في ٢٧ كانون أول ديسمبر عام 1935- عدة كتب منها "نحن والتراث.. قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي" (1980)، و"العصبية والدولة.. معالم نظرية خلدونية في التاريخ العربي الإسلامي" (1971)، إضافة إلى كتب في إطار سلسلته (نقد العقل العربي) منها "تكوين العقل العربي" و"بنية العقل العربي" و"العقل السياسي العربي" و"العقل الأخلاقي العربي". كما صدرت للراحل عدة مؤلفات عن القرآن الكريم، منها "مدخل إلى القرآن"، و"معرفة القرآن الحكيم أو التفسير الواضح حسب أسباب النزول" (في ثلاثة أجزاء)، وأخرى عن الحضارة العربية والإسلامية منها المشروع النهضوي العربي.. مراجعة نقدية"، و"الدين والدولة وتطبيق الشريعة". وقد حصل الجابري على دبلوم الدراسات العليا (الماجستير) عام 1967، ثم دكتوراه الدولة في الفلسفة بداية السبعينيات من القرن الماضي من كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط، وكانت الأطروحة التي نال بها الدكتوراة عن ابن خلدون بعنوان "العصبية والدولة.. معالم نظرية خلدونية في التاريخ العربي الإسلامي"، وعمل أستاذا للفلسفة والفكر العربي والإسلامي في الكلية نفسها. حاز الفقيد -وهو عضو مجلس أمناء المؤسسة العربية للديمقراطية- العديد من الجوائز، من بينها جائزة بغداد للثقافة العربية-اليونسكو (يونيو 1988)، والجائزة المغاربية للثقافة (تونس 1999)، وجائزة الدراسات الفكرية في العالم العربي (2005)، وميدالية ابن سينا من اليونسكو.
شخصيات مغربية تتحدث عن محمد عابد الجابري كان قارئا نهما ومن رواد النهضة الفكرية في المغرب الرباط: ياسين العماري أجمع عدد من الشخصيات المغربية أن محمد عابد الجابري لم يكن مفكرا شامخا بل كان فيلسوفا متميزا، قدم الكثير للفكر العربي، وفي ما يلي بعض شهادات مقتضبة: > حسن أوريد مؤرخ المملكة المغربية (منصب رسمي في الديوان الملكي): هو من رواد النهضة الفكرية وسعى إلى «تبيئة» الفكر العربي وتفكيك بنيته، اقتفى محاولة فوكو في مسألة «أركيولوجية» الفكر، وسعى لتبيئة المدرسة الاستشراقية في قراءته للقرآن. يعتبر الجابري امتدادا لرواد نهضة الفكر العربي، وصيته تجاوز المغرب إلى العالم العربي، هذا في الوقت الذي انقشع واندحر فيه العلم والفلسفة، وهو آخر الفرسان الذين رفعوا مشعل الفلسفة. وفيما يخص إسهامه الصحافي، محمد عابد الجابري قام بإخضاع أحداث ساخنة إلى دراسة تاريخية. فقد كان مواظبا على تتبع مجريات الأحداث وكان يترفع على قراءتها قراءة ساخنة، ومن دون شك أثر الجابري في المشهد الثقافي المغربي والعربي رغم أنه ينتمي لمدرسة سياسية معينة وأفكاره أثارت جدلا أحيانا إلا أنه في جميع الحالات يشكل قيمة كبيرة في المشهد الثقافي المغربي. > رحمة بورقية رئيسة جامعة الحسن الثاني المحمدية: كانت صدمتي كبيرة حينما تلقيت خبر وفاة الكاتب محمد عابد الجابري، لقد تعرفت عليه في شعبة الفلسفة وعلم النفس والاجتماع بالرباط. أستاذ متميز، أطر أجيالا كثيرة من تلاميذه الذين أصبحوا بدورهم فلاسفة ومفكرين كبارا. كان فيلسوفا متميزا على المستويين العربي والدولي، وتميز بتنقيبه وبحثه الدائمين في التراث الإسلامي. ألف الكثير من الكتب التي تهتم بالتراث العربي، والتي أصبحت مرجعا للباحثين والمفكرين على الصعيد العالمي، وفاته خسارة كبيرة للفكر المغربي، وبوفاته فقدنا مفكرا كبيرا. > كمال عبد اللطيف أستاذ الفلسفة بجامعة محمد الخامس بالرباط: فقد المغرب بموت الأستاذ الجابري عالما امتاز بحضوره المتنوع والمتعدد في فضاء الفكر والسياسة والبحث العلمي داخل المغرب وخارجه، تميز الجابري بحضوره التنويري طيلة 4 عقود من الزمن، ومارس بواسطة هذا الحضور دورا بارزا في المجتمع وداخل رحاب الجامعة المغربية، وبلغ إشعاعه إلى أقصى العالم. تميز عطاؤه بأمرين: أولا عنايته بالفكر الفلسفي، إذ يعتبر دون جدال واحدا من أكبر الذين أسهموا في ترسيخ قيم الفلسفة، وأسهمت مصنفاته في تقديم ومناقشة الكثير من المذاهب والتيارات والمفاهيم الفلسفية. وثانيا يتمثل في أطروحاته المثيرة للجدل ومواقفه من التراث، فقد كان الرجل قارئا نهما لكتب التراث، وشكلت أطروحته «نقد العقل العربي» مناسبة لبلورة قراءة جديدة في مقاربة الظواهر التراثية خلال مدة 4 عقود من الزمن. من بين سمات الرجل انخراطه في الحركة اليسارية منذ ستينات القرن الماضي، كان فاعلا ومؤثرا وصاحب رأي، ومن فضائله أيضا في هذا الباب عدم قدرته على إقصاء البعد الأخلاقي في الممارسة السياسية، وقد ظل حريصا على استحضار المكون الأخلاقي حتى عند اعتزاله للعمل السياسي واكتفائه بترسيخ ثقافة التنوير والنقد في الفكر العربي المعاصر. > لحسن العسيبي صحافي وكاتب مغربي من طلابه: هذا رجل بنى مشروعا فكريا هائلا في العالمين العربي والإسلامي غير مسبوق خلال القرون الأربعة الأخيرة. فمنذ ابن خلدون لم ينتج العرب نظرية معرفية في حجم ما أنتجه الجابري حول «العقل العربي». وهو مشروع مفتوح على المستقبل وسيبقى أثره متواصلا لعقود من الزمن. إن ذلك ما يجعلني اليوم، أنا الذي أعتز بأنني احتككت به لسنوات وأنتمي لجيل عايشه مباشرة، أراه جالسا إلى جوار ابن رشد والفارابي وابن سينا، في ذاكرة التاريخ. إنه هرم كبير قد رحل، وفداحة غيابه كبيرة جدا. > عبد الرحيم العلام نائب الأمين العام لـ«اتحاد كتاب المغرب»: لقد كان مفكرنا الراحل أحد مؤسسي الدرس الفلسفي في جامعتنا، كما أسهم منذ عقود خلت في تحديث الحقل الفكري والفلسفي، وتطويره، والإضافة إليه، سواء في المغرب أو في العالم العربي، عبر مصنفاته ومؤلفاته وآرائه وطروحاته المؤثرة والمضيئة، وقراءاته الكثيرة في التراث الفلسفي، والفكر الخلدوني، ونقد العقل العربي، والنص القرآني، وأيضا عبر حضوره الوازن في الحقل الفكري والفلسفي العربي والإسلامي والعالمي. فإليه أيضا يرجع الفضل الكبير في تخريج الكثير من المفكرين والفلاسفة الجدد في بلادنا وخارجها.
محمد عابد الجابري مفكر مغربي وأستاذ الفلسفة والفكر العربي الإسلامي في كلية الآداب بالرباط. حصل على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة في عام 1967 ثم دكتوراة الدولة في الفلسفة عام 1970 من كلية الآداب بالرباط.
أهم أعماله نحن والتراث : قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي (1980) العصبية والدولة : معالم نظرية خلدونية في التاريخ العربي الإسلامي (1971) تكوين العقل العربي (نقد العقل العربي 1) بنية العقل العربي (نقد العقل العربي 2) العقل السياسي العربي (نقد العقل العربي 3) العقل الأخلاقي العربي (نقد العقل العربي 4). كما صدرت له سلسلة مواقف. مدخل إلى القرآن (للتشكيك في سلامة القرآن من التحريف) مدخل إلى فلسفة العلوم: العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي. معرفة القرآن الحكيم أو التفسير الواضح حسب أسباب النزول : في ثلاث أجزاء وهو أول تفسير علماني للقرآن. استطاع محمد عابد الجابري عبر سلسلة نقد العقل العربي القيام بتحليل العقل العربي عبر دراسة المكونات والبنى الثقافية واللغوية التي بدأت من عصر التدوين ثم انتقل إلى دراسة العقل السياسي ثم الأخلاقي وهو مبتكر مصطلح "العقل المستقيل" وهو ذلك العقل الذي يبتعد عن النقاش في القضايا الحضارية الكبرى. وفي نهاية تلك السلسلة يصل المعلم إلى نتيجة مفادها «أن العقل العربي بحاجة اليوم إلى إعادة الابتكار».
الجوائز التي حازها جائزة بغداد للثقافة العربية اليونسكو. يونيو 1988 الجائزة المغاربية للثقافة. تونس مايو 1999 جائزة الدراسات الفكرية في العالم العربي، مؤسسة MBI تحت رعاية اليونسكو في 14-11-2005 جائزة الرواد. مؤسسة الفكر العربي بيروت في 07-12-2005 ميدالية ابن سينا من اليونسكو في حفل تكريم شاركت فيه الحكومة المغربية بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة 16 نوفمبر 2006