ينتابني شعور دفين يدفعني للبكاء أحيانا ؛ كلما حاولت أن أسافر بذهني نحو الماضي المفقود؛ حيث أحاول الإستمرار في رسم صورتي الحقيقية دون جدوى...؟ وأطمح أن أصوغ لنفسي إمتلاك الحقيقة وقول الصواب متخطيا الفشل الذي ظل يلاحقني وكأنه توأمي ؛ دون أن يتعب من حرارة وشدة المنافسة ومن قسوة البرامج التي فرضتها علي الحياة.
يسألني الجميع عن حالي في هذا العالم الغامض؛ أتساءل بلا تردد عن أي حال تتحدثون؟
حالة الدراسة
حالة العاطفة
الحالة النفسية
إذ أن الدنيا حال وأحوال : فكيف لي أن أختزل وجودي وكينونتي وهويتي وحالتي في جملة بسيطة – سلك وصافي قضي وعدي - جملة قزم ؛ ثقافة للفقر والخضوع شربنا من كؤوس خمرها حتى الثمالة ؛ وسمعنا عنها حتى أصيحت حقيقتنا مرتبطة بها من دون أن نبدي أية مقاومة؛ وكأنها حكم لإعدام فرض علينا منذ البداية.
هذا هو حالي ؛ وهذا هو تصوري للحياة قبل أن أعرفك يا ملهمتي ؛ وجود أنطولوجي عبارة عن أجزاء متلاشية لا يحكمها إلا الطمع والجشع ؛ كل يسعى من خلالها إلى تنمية ثرواته وخيراته والزيادة من ذنوبه وأخطاءه تحت وقع هروب وموت حسناته: أي موت للواقع؛ موت للطيبوبة ؛ موت للرمز؛ موت حتى لطقوس الموت؛ الذي حدد طبيعة شخصيتنا منذ البداية؛ فجعلها في عز شبابها تعيش في شيخوخة الموت سالكة من سجن في الحياة عبر ممر يؤدي إلى قبر مريح بعد الممات...أليس هذا هو حالي؟ أليس هذا هو سر الشعور الدفين الذي ينتابني؟
عزلة سوداء طردت بهجتي بالحياة ولطخت صفحة وجودي البيضاء فجعلتني أخشى الكلام وأكتفي بالعيش وراء أو خلف الجدران وأقتنع بأن الحقيقة والسعادة تكمن في السير على هذا المنوال.
حاولت أن أحب؛ أن أعشق؛ أن أستمتع لكن.....في صمت.....وفي عزلة فتحولت إلى أخ ودود-معقد- يساعد الكل؛ ويبادله الجميع بالإبتسامة...لكن...لا يحبه أحدا...باختصار جعلت من نفسي قنطرة يستخدمها الأخرون للعبور أو بالأحرى للنجاح ويرمى بها للهلاك مع توالي السنين فأصبح مجرد ذكرى صغيرة وسط بحر من الذكريات المتوهجة والمتراكمة.
رضيت بنفسي دودة قز تتقاذفها الأقدام كلما حاولت السير نحو الأمام...لكن وداعا وداعا..؟ لحياتي؟.. الماضية ومرحبا بك مجددا في ذاكرة أدبي رغم أنني أخاف عليك من لعنة قلمي ؛ ومن قوة إلهامي المتواصل الذي يسري في قلبي ويحرك عواطفي كلما رن هاتفي معلنا عن شوق ولهف ملهمتي للقاء؛ ومبشرا باستيقاظ عبارات حبها الرومانسية التي سرعان ما تترائى أمام قلمي وتتلون؛ حيث تدفعني للمزيد من الكتابة والتعبير في إمتحان عسير يدفعني للتفكير بعاطفتها وللكتابة تحت وقع صورتها المنقوشة في قلبي وخيالي؛ فهي حبيبة من الأمس القريب نورت شمس حياتي بعدما طال فيها المغيب وجعلت عصافير حديقتي لا تتوقف عن التغريد
وحولتني من شخص عرف طعم الفقر وبؤس الحياة قبل أن يعرف القراءة والكتابة إلى مبدع متفائل يقول هذه مجرد البداية...؟؟ بقلم محمد الجلالي