إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 النظرية الاجتماعية كنموذج إرشادي

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
سلطان
عـضــو




ذكر عدد الرسائل : 23
العمر : 39
التخصص : علم الاجتماع
تاريخ التسجيل : 24/08/2008

النظرية الاجتماعية كنموذج إرشادي Empty
مُساهمةموضوع: النظرية الاجتماعية كنموذج إرشادي   النظرية الاجتماعية كنموذج إرشادي Empty18/6/2011, 11:56 pm

النظرية الاجتماعية كنموذج إرشادي:
الهدف من هذا النص هو التنويه لأحد المداخل المتاحة في التعامل مع النظرية الاجتماعية المعاصرة في ظل تنوعها الشديد, واقصد هنا التعامل مع النظرية الاجتماعية كنموذج إرشادي بالمعنى الذي قصده توماس كون في كتابه (بنية الثورات العلمية), إن مثل هذه الخطوة من الممكن أن توفر علينا الكثير من عناء البحث في دهاليز النظرية الاجتماعية المتشعبة لأقصى حد, حيث أن مفهوم النموذج الإرشادي هذا يؤسس لما يمكن تسميته بفهم جديد لظاهرة العلم والمعرفة العلمية من حيث موقعها في النسق المعرفي ومنهجيتها ومعاييرها....إلخ. ومثل هذا الطرح ذو نتائج بالغة الأثر فيما يتعلق بمشكلة العلوم الإنسانية ومن ضمنها علم الاجتماع وبشكل أخص فيما يتعلق بنظرية علم الاجتماع.
وربما أسهل طريقة تمكننا لفهم هذا المدخل الجديد هي أن نبدأ بنقد كون للمفهوم التقليدي للعلم كمعرفة يقينية وثابتة وصادقة....إلخ, فدراسة تاريخ العلم وتاريخ العلوم الطبيعية بشكل خاص تبين لنا كم التغيرات الكبيرة التي حدثت في فهم ماهية العلم الحديث منذ محاولات تحيد ملامحه الأولى على يد بيكون وديكارت وحتى الثورة الإبستمولوجية على يد كارل بوبر ومعاصريه على خلفية الاكتشافات العلمية على لإنشتاين وماكسويل وغيرهم, فالفرق شاسع بين الصورة الذهنية التي كانت تثيرها كلمة العلم إبان ميكانيكية نيوتن وبين الصورة الحالية للعلم. غير أن المشكلة ربما تكمن في أن "مفهومنا للعلم الذي نستمده من دراسة الإنجازات العلمية بعد أن اكتملت- وعلى النحو الذي سجلته المراجع الكلاسيكية, ومن ثم بعدها الكتب الدراسية التي يتعلم منها كل جيل جديد- لن يزيد على الأرجح عن الصورة التي تكونها الثقافة القومية لبلد ما من خلال كتب الدعاية السياحية لبلدها" . إلى هنا يأتي دور النموذج الإرشادي كأحد مكونات النسق العلمي كما أنه حجر الأساس الذي يقوم عليه هذا المدخل. فالمقصود بالنموذج الإرشادي بالمعنى الذي أتى به كون هو" الإنجازات العلمية المعترف بها عالمياً والتي تمثل في عصر بذاته نماذج للمشكلات والحلول بالنسبة لجماعة من الباحثين العلميين في حقل ما" . ولمزيد من التعمق في المفهوم سوف نعرض عدة ملاحظات أساسية متعلقة به وهي:
1- يمكن فهم النموذج الإرشادي كأنه هو الصندوق الذي يحتوى كافة الإجابات عن المسائل الأولية والتأسيسية للحقل العلمي من حيث موضوعات الدراسة أو المشكلات العلمية والمناهج والطرق التي تدرس من بواسطتها, فمثلاً شكلت فيزياء نيوتن نموذجاً إرشادياً لعلوم الطبيعة كافة تقريباً على مدار قرنين على الأقل خاصة فيما يتعلق بفرضياتها عن طبيعة الكون مثل مبدأ (كمية المادة) كمقولة انطولوجية أساسية عند العلماء والتي أدت لأن ظلت القوى الفعالة بين أجزاء المادة هي الموضوع المهيمن على البحث العلمي, وبالتالي أفضت لتصور نهائي عن لعالم على أنه آلة ميكانيكية عظيمة أمامنا, ولا يلزمنا سوى الملاحظة والرياضيات لنعرف كل شي عنها عن كل شيء.
2- يرتبط مفهوم النموذج الإرشادي بشدة مع مفهوم آخر هو مفهوم العلم القياسي والذي يشير إلى "البحث الذي رسخ بنيانه على إنجاز أو أكثر من إنجازات الماضي العلمية" .
3- النموذج الإرشادي والذي يشكل إطار نظري ومنهجي للحقل العلمي يقوم بهذه الوظيفة بشكل مؤقت, والنماذج الإرشادية للعلوم تتغير وتتطور من خلال الثورات العلمية التي تستبدل نموذجاً بآخر أكثر استجابة للمكتشفات الجديدة التي تعجز النماذج الكلاسيكية عن تفسيرها.
4- "إن إقرار نموذج إرشادي من شأنه أن يهيئ الجماعة البحث العلمي- من بين جملة من أمور أخرى- معياراً لاختيار المشكلات التي يمكن افتراض وجود حل لها طالما ظل النموذج الإرشادي أمراً مسلماً به, وهذه إلى حد كبير هي المشكلات الوحيدة التي سيقبلها المجتمع العلمي كمشكلات علمية" , بمعنى آخر إنه يزود الباحثين بالقواعد التي تقول له عالمه وما هو علمه, فالمشكلات والظواهر التي لا تتلائم مع النموذج الإرشادي غالباً ما تغفلها الأنظار تماماً.
5- "إن العلماء يعملون انطلاقاً من نماذج اكتسبوها من خلال دراستهم ومن خلال مطالعاتهم دون أن يعرفوا في الغالب, أو أن يكونوا بحاجة إلى أن يعرفوا ماهية الخصائص التي أضفت على هذه النماذج مكانة النماذج الإرشادية للجماعة العلمية" .
6- هذه الثقة بالنموذج الإرشادي تتحول لتصبح أمراً ضرورياً ولازماً لتطور العلم القياسي, فاتفاق معظم العاملين في حقل علمي ما على مجموعة من القضايا الأساسية لعملهم أشبه بعملية رهان على جملة من المبادئ المترابطة لتكون هي مبادئ هذا العلم أو النموذج الإرشادي له, يؤدي بالضرورة إلى الانصراف عن الجدل حول القضايا الأساسية باتجاه مسائل أخرى أكثر نفعية بالمعنى التكنولوجي للكلمة.
لكن ماذا عن النظرية الاجتماعية؟
يمكن لمفهوم النموذج الإرشادي أن يعد مدخلاً لدراسة النظرية أو النظريات الاجتماعية من خلال التعامل مع النظريات الاجتماعية على تنوعها كنماذج إرشادية. مثل هذا المدخل يمكن أن يكون ملائماً من زوايا عدة أهمها:
1- اختزال جزء كبير من الفوضى النظرية المحيطة بهذا الحقل: حيث أن تطبيق معايير النموذج الإرشادي الذي يفترض أن يتضمن الإطار النظري والمنهجي والإجرائي على ما يسمى بالنظريات الاجتماعية كفيل بإسقاط هذه التسمية عن عدد كبير من الكتابات السوسيولوجية التي تصنف ضمن النظرية الاجتماعية رغم افتقارها لهذا التكامل النسقي, فالكثير من أشباه وأنصاف النظريات الاجتماعية المعاصرة تمنحنا رؤية ما لمجموعة من الظواهر وتقترحها كواقع اجتماعي دون أن تعلمنا الكثير عن الإجراءات المنهجية لضبط هذه الظواهر ودراستها, إلى جانب الكم الكبير نسبياً من المحاولات التنظيرية غير المتبلورة والتي تعرض كنظريات اجتماعية.
2- هذا المدخل يمكننا كذلك من إيجاد صيغ الربط الصحيح بين الأطر النظرية والأطر المنهجية الأكثر ملائمة لها, مما يعني ربطاً أكثر عمقاً بين النظرية والواقع الاجتماعي فتكون لدينا نظريات أكثر امتلاء بالمعنى مقابل تحليلات للوقائع الاجتماعية الجزئية تتصف بأنها أكثر عمقاً وأكثر تفسيراً لهذه الوقائع.
3- حالة تعدد النظريات الاجتماعية- والتي سوف تنتج بالضرورة تعدداً في النماذج الإرشادية لعلم الاجتماع- هذه الحالة التي تشتت الباحث في هذا الاختصاص يمكن أن تكون نقطة قوى لصالحه وليس نقطة ضعف من زاوية أنه يفتح المجال لاستجابات بحثية متنوعة تجاوباً مع الواقع الاجتماعي المتنوع في حال أمكن بلورة النظريات كنماذج إرشادية أي كخيارات بحثية متاحة, فمن غير الممكن مثلاً أن تتم دراسة ظاهرة انتشار نوع معين الموسيقى في مجتمع ما بنفس الرؤية النظرية والمنهجية التي تدرس فيها ظاهرة الإقبال على مقاهي الانترنت في نفس المجتمع.
4- باختصار ينتظر من كل نموذج إرشادي أن يتضمن ما يشبه قائمة بالمشكلات والظواهر التي يمكن دراستها علمياً وافتراض الحلول والتفسيرات لها أولاً, إلى جانب مجموعة من الإجراءات المنهجية التي تبين وتنجز كيفية الدراسة لهذه الظواهر ثانياً, بالإضافة لتصور مبدئي للنتائج التي يمكن أن تتولد عن البحث أو لنقل مجال محدداً تكون للنتائج المقبولة علمياً.

سلطان جلبي. دمشق 2011
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

النظرية الاجتماعية كنموذج إرشادي Empty
مُساهمةموضوع: رد: النظرية الاجتماعية كنموذج إرشادي   النظرية الاجتماعية كنموذج إرشادي Empty23/6/2011, 3:11 am



بارك الله فيك على هذا الطرح الأكثر من رائع
والذى اتفق معك فى كثير من نقاطه

دمت فى سعادة وأمن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
ارجوانه
ضــيف




انثى عدد الرسائل : 5
العمر : 38
التخصص : علم اجتماع
الدولة : المملكة العربية السعوديه
تاريخ التسجيل : 14/07/2011

النظرية الاجتماعية كنموذج إرشادي Empty
مُساهمةموضوع: رد: النظرية الاجتماعية كنموذج إرشادي   النظرية الاجتماعية كنموذج إرشادي Empty14/7/2011, 1:37 am

السلام عليكم اتمنى افادتي حول نظرية الرواسب الثقافيه ودمتم بخير Very Happy Very Happy
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
النظرية الاجتماعية كنموذج إرشادي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» Handbook of Social Theory
» بناء النظرية الاجتماعية
» بناء النظرية الاجتماعية
» النظرية الاجتماعية من المرحلة الكلاسيكية إلي ما بعد الحداثة
» السياسات الاجتماعية وتحقيق العدالة الاجتماعية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: