أدهشنى .. وأضحكنى فى نفس الوقت ما قرأته فى بعض الصحف من فرحة الأفارقة فى كينيا وفى مصر، بل والنوبيون المصريون أيضاً، بفوز السيناتور الأسود باراك أوباما برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، خلفاً لسيئ الذكر جورج دبليو بوش. وأضحكنى كثيراً ما نشر من صورهم وهم يحتفلون بفوز أوباما، وما ذكره بعضهم، خاصة من النوبيين المصريين، من أنه أعتبر فوز أوباما خطوة على طريق الحصول على حقوقهم، وأنه ا‘تبر هذا الفوز فوزاً شخصياً له !!!؟
ومصدر الضحك لدى، هو تذكرى للمثل الشعبى المصرى القائل: (القرعة تتباهى بشعر بنت أختها)، وهو مثل يضرب للتمثيل على العاجز الذى لا يستطيع إنجاز شىء فيتباهى بما ينجزه غيره، ويقحم نفسه فيه ولو كذباً وتمحيكا.
أما مصدر الدهشة والعجب، فهو أعتقاد هؤلاء السذج بل والعبط، بأن أوباما سيتذكر أصوله السوداء بالعرفان، أو أنه سيكون أداة لحصول السود المنتمين إلى جذوره بصفة خاصة، والسود فى العالم بصفة عامة، وبالمرة معهم المستضعفين ومهضومى الحقوق فى العالم أجمع، على حقوقهم وحرياتهم وكرامتهم.
وتناسى كل هؤلاء أن السيناتور الأسود، أوباما، لا يملك هو أو غيره الخروج عن السياسات الأمريكية المرسومة والمحددة، وأن كل ما يمكنه فعله، هو التحرك فى المساحة المخصصة له بحرية بما لا يتعارض مع ثوابت السياسة الأمريكية المنحازة والمسيطرة.
وأن أوباما، أبداً لن يكون مارتن لوثر كينج جديد يدافع عن حقوق المستضعفين والمهمشين، بل أن الناخب الأمريكى لم يكن ليختاره لو ظن لحظة واحدة أنه كذلك.
الناخب الأمريكى لا يعنيه إلا مصلحته الشخصية والمباشرة، تخفيض الضرائب، تحسين الأوضاع الاقتصادية، تحسين نوعية الخدمات ..الخ. أما غير ذلك من أحلام قد تراود عقول وأفئدة البلهاء من العرب وغيرهم من المستضعفين ومهضومى الحقوق فى العالم، فلا يدخل فى جدول اهتماماتهم.
مهما تباهت "القرعة" بجمال "شعر بنت أختها" ومهما فرحت له وتغنت فيه، فإن ذلك لن يخفى حقيقة ما تعانيه من صلع وقرع، ولن يعالجه.
وإنما يجب على "القرعة" أن تبحث لنفسها عن علاج بنفسها، وأن تهتم بشئونها ونهضتها، بدلاً من انتظار المنقذ الأمريكى الذى يأتى راكباً "صاروخه الذرى" ليأخذ بيدها ويرد إليها حقوقها.
الحقوق لا تقبل التفويض، لأنه ما حك جلدك مثل ظفرك، وستظل "القرعة" - العرب والسود والمستضعفين فى كل بقاع العالمن - بلا شعر يسترها أو يزين جبينها، طالما ارتضت أن تظل فى مرحلة التمنى والأحلام، دون أن تحاول تجاوزها إلى مرحلة الفعل والتأثير.
ولا عزاء لأى "قرعة" حتى لو تباهت بشعر بنت أختها !!