كيف تتطور المعرفة العلمية .. الجدل حول ما يسمى بالدراسات السابقة

الأخوات والأخوة أعضاء المنتدى
تحيات طيبات من عند الله
هذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى المقدر، وقد احترت في الموضوع الأول، وأخيرا رأيت أن مناقشة دور الدراسات السابقة في تطور المعرفة العلمية ، يعتبر موضوع ملائم لهذه البداية.

فقد دأب الباحثون في العلوم الاجتماعية على افراد فصل في تقرير البحث، يسمى " الدراسات السابقة" أو "التراث السابق"

وقد دأب أيضا معظم الباحثين على الاستهانة وعدم تقدير محورية هذا الجزء في البحث العلمي.

السؤال الأن:
ما هي الدراسات السابقة كمفهوم ؟ وهل يمكن استخدام دراسات من تخصصات بعيدة عن التخصص الذي ينتمي اليه الباحث؟ وهل هناك حد زمني معين للاسترشاد بالدراسات السابقة؟

السؤال الثاني:
كيف نقرأ الدراسات السابقة؟ وما نوع القراءة؟ وما الناتج منها؟ وكيف يمكن صياغة ما انتهينا اليه من قراءة الدراسات السابقة؟ وكيف تثمر قراءتنا عن تطوير اطرنا النظرية والمنهجية التي سوف نستخدمها في البحث؟

كل هذه الأسئلة ، تحتاج إلى نقاش جاد

الأخوات والأخوة
تحيات طيبات من عند الله
لدى شعور بالسعادة، كون الموضوع له فائدة، بدليل أن فرغلي الحبيب، واختنا الفضلى الدكتورة زهرة، تفاعلا معه سريعا، إضافة إلى الداعي للموضوع العضو (ة) cooln ، ومداخلة الأخت ماجدة.

على أية حال ، فكما تفضلتم ، الدراسات السابقة تماما كمضمار السباق فيه العديد من الحارات ، كلها مشغولة باللاعبين ما عدت حارة واحدة ، الحارات المشغولة هي الدراسات السابقة، والحارة الباقية هي للبحث الخاص بك، أولا عليك أن تكون لاعبا حتى تكون مؤهلا للسباق، وأن تختار نوع السباق الذي يناسبك، بمعنى لابد أن تختار الدراسات السابقة التي ينتمي إليها بحثك ، والا تكون كمن يجري في تراك وفي سباق غير الذي يبتغيه.

وعلى ذلك فليس كل الدراسات السابقة صالحة لأن تبني عليها البحث الخاص بك، ولكن عليك أن تحدد بعناية أهداف بحثك، وموضوعه ومنها تراجع التراث الذي تخدث عن الموضوع ، بصورة محددة أو حتى أشار إليها ضمن متغير من متغيرات البحث، كما أشار دكتور علم النفس للزميلة في المداخلة السابقة.

كل ذلك معلوم لنا جميعا ، ليس فيه مشكلة ، ولكن المشكلة الحقيقية ، في وعي الباحثين بأهمية الدراسات السابقة وجوهريتها، فالباحثين يتعاملون معها باستخفاف، بالرغم من أنها الوسيلة الوحيدة التي سوف تضع بحوثهم في مصاف المعرفة العلمية المتراكمة،

كما أن غض الطرف عن الدراسات السابقة، أو عدم تحليلها بعناية، يعني أن الباحث يمكن أن يبدأ من حيث بدأ الأخرون لا من حيث انتهوا، وبذلك فكان الباحث أهدر طاقته في بحث تم البت فيه سابقا والانتهاء منه، وربما تكون الدراسات التي سبقته أفضل منه فيكون بذلك قد خسر كل شيء .

ولا يحتج أحد من الباحثين ، بأن أحدا لن يقرأ ، وأحدا لن يلاحظ، أو أن لا أحد يهتم بالبحث الاجتماعي من اساسه، ولكن في يوم من الأيام سوف يقرأ ما كتبته وسوف يكتشف ما قمت به.

على أية حال الدراسة السابقة تفيد البحث في عدة أوجه:
1- منها يمكن تطوير وتعديل أهداف البحث.
2- منها يمكن الاستقرار على اطار نظري ومنهجي ملاءم.
3- وبمقارنة بحثك مع الدراسات السابقة سوف تتضح الاضافة العلمية التي يقدمها .

كثيرة هي الاستفادات

سوف أحاول في المرات القادمة وضح بعض الأمثلة الحية لبعض الممارسات السلبية في تعامل الباحثين مع الدراسات السابقة.

تماما د.عدنان

البحث العلمي، هو محاولة للخروج من حالة الجهل بظاهرة من الظواهر.

أي أنه يتعامل مع موضوع (الظاهرة)

ويتعامل مع تراث سبقه يقترب من الظاهرة في بعض الزوايا ويبتعد في زوايا أخرى، ولكن البحوث السابقة يفترض أنها لم تمس كل جوانب الظاهرة، لأنها لو مست كل الجوانب، لصارت معلومة بالضرورة لنا، ولما احتاج الانسان لبذل الجهد فيها.

وهذا النقاش الجيد من سيادتكم، يدفعنا خطوة للأمام، وهي أنه لا يتوقع الباحث أن الدراسات السابقة قد قالت كل شيء ، لأنه لو اعتقد ذلك، واصر على مواصلة البحث، فإنه بذلك يقع في خطيئة تحصيل الحاصل كما يقول المناطقة ، واحيانا نجد بعض الباحثين الشباب ، يبحث عن عنوان مماثل لعنوانه ، و لايجد، ثم يقول لا توجد دراسات سابقة حول الموضوع، ويعفي نفسه من المثابرة وبذل الجهد .

إن أي بحث علمي، هو نوع ، يعلوه جنس، وهذا الجنس نوع يعلوه جنس آخر، والباحث إذا لم يجد في أول درجة بحوث تتقاطع مباشرة مع بحثه، فعليه أن يعلو درجة وسوف يجد ضالته.

ظاهرة الغش الجماعي في المدارس : شهدتها الساحة المصرية، في الأعوام الماضية، وهي ظاهرة اجتماعية، لأنها تتم في صورة جماعية، ولها نسق محدد، ومنتظمة في الوجود، ومستمرة، ولكن الباحث عندما يريد دراسات سابقة في علم الاجتماع التربوي فلن يجد ، هنا يبقى أمام معضلة . ولكنه إذا أمعن قليلا ، وفتش في تراث علم اجتماع القيم والأخلاق، فسوف يجد دراسات تتناول مشكلة انحسار القيم ومنها الأمانة ، ومنها يمكن أن ينطلق ، وهكذا الأمور تسير

تحياتي د. عدنان
تشرفت بمعرفتك

التحليل النقدي هو جوهر العملية برمتها

الباحث دأب على أن يستخرج من الدراسة أهدافها ، اطارها النظري، المنهجية، النتائج، ويعرضها في الفصل الذي قال عنه المحاور للأستاذ فرغلي ( أهو فصل وخلاص) يعرضها بعد أن يقوم بتقطيعها ، ثم يتبع بالدراسة التي تليها وهكذا.

التحليل النقدي: لابد أن يبدأ بقراءة عامة للدراسة المراد تحليلها. هذه القراءة هامة جدا لأنها ستعطي للباحث صورة عامة عن البحث ونقاط الضعف والقوة في كل جزء منه.

ثم بعد ذلك القراءة النقدية : يبدأ الباحث بتحليل كل جزء من أجزاء البحث، ويمكن تقسيم التحليل إلى أربعة أجزاء رئيسيى:
الأول: موضوع البحث وأهميته وأهدافه
الثاني: الاطار المرجعي أو النظري للدراسة
الثالث: الأدوات المنهجية
الرابع : النتائج وكيفية تفسيرها.

في كل جزء من هذه الأجزاء الأربعة ، يركز الباحث على شيء مهم جدا أثناء التحليل. وهو هل الباحث يقدم أفكار مبررة علميا أم أنه يأتي بفكرة من الشرق وأخرى من الغرب، وإذا لاحظ المحلل أن هناك خللا في جزء من أجزاء البحث فعليه أن يتعقب تأثير هذا الخلل في البحث إلى النهاية .

دعني أضرب مثالا:
هب أن أحمد موسى كان طموحا في بحثه لدرجة مبالغ فيها، وأنه قد وضع 12 اثنتا عشر هدفا للبحث.
هذا العدد الكبير من الأهداف (التي سوف يقوم بتحقيقها باستخدام أدوات منهجية تحقق كل هدف) سوف يؤثر سلبا على كفاءة البحث وجودته : تماما مثل الأسرة التي تنجب 12 طفل ، فلن تستطيع أن توفي كل طفل حقه من ملبس ومأكل ومشرب وتعليم وصحة وترفيه.

هذا خلل مبدئي، سوف يظهر آثارة ابتداء من الجزء الثالث، فالمحلل عليه أن يركز جيدا ، على الأدوات التي استخدمها البحث لتحقيق هذا العدد الكبير من الأهداف، وهل هذه الأدوات تلاءم (أو مناسبة) لجمع البيانات التي تحقق كل هدف.

وفي الجزء الأخير سوف تتضح أيضا هذه المشكلة ، فسوف يجد المحلل أن الباحث غير قادر على التعامل مع المتغيرات الكثيرة، وغير قادر على ربط العلاقات ببعضها، بالجملة غير قادر على تنظيم المعلومات التي حصل عليها ، وبالتالي يفشل في تفسير النتائج، وطالما حدث ذلك بالدراسة عديمة القيمة لأنها لا تقدم معرفة كافية أو صحيحة عن الظاهرة.

إذا حدث ذلك كما في المثال، فالمحلل هنا لابد أن يشير إلى أن البحث الجديد سوف يستفيد من هذه الدراسة بشكل انعكاسي ، بمعنى أنه سوف يتجنب الأهداف العديدة التي لا يمكن تحقيقها،

ولكن هناك دراسات بناءة ، سيظهر ذلك من تحليل الدراسات السابقة

وهكذا الأمور تسير
ربما بعض الأفكار غير واضحة تماما في هذه المداخلة، فإن كان للقارئ استفسار فلا يتردد

يحتاج كل باحث قبل البدء بدراسة موضوع ما الى الأطلاع على ما تمت كتابته فى نفس الموضوع
هذا الى جانب الأطلاع على الموضوعات القريبة منه والقريبة من التخصص
وهذا لتحقيق مجموعة من الأهداف:
الأول: معرفة الجوانب التى تمت دراستها بالفعل والتى غطتها البحوث السابقة ومحاولة تناول جوانب جديدة مبتكرة أو تناول الجوانب السابقة ولكن بطربقة مبتكرة
الثانى: التعرف على الثغرات التى لم تغطيها الأبحاث السابقة ومحاولة تغطيتها فى البحث الحالى
الثالث: التعرف على المنهج والنظرية التى أعتمدت عليها الأبحاث السابقة ومقارنتها بالمنهج والنظرية المعتمد عليها فى البحث الحالى للتأكيد على أهمية المنهج والطريقة المعتمد عليها
الرابع: العمل على إثارة مجموعة من التساؤلات التى ستجيب عنها الدراسة والتى لم تجب عنها الدراسات السابقة
وفى النهاية شكرآ على مجهوداتكم العظيمة بهذا المنتدى الرائع

نعم الحق ما قلتي : ولكني أود أن أركز على نقطة هامة التي من أجلها وضعت هذا الموضوع، وهو الممارسة الحقيقية الفعلية التي يقوم بها الباحث أثناء تناول هذا الجزء.

لقد حللت العديد من رسائل الدكتوراه والماجستير، والبحوث المنشورة في دوريات ، ووجدت أن هذه الممارسة من أضعف الجوانب لدى الباحث السوسيولوجي العربي، لذلك فنحن نقوم هنا بوضع الكثير من التفاصيل ، حتى لا يقع شباب الباحثين فيما وقعنا فيه.

أرجو أن يتواصل حوارك مع الموضوع، وإن كان لديك الوقت فلتجربي عرض واحدة من الدراسات في أي ميدان وتقومي بتحليله ، ولكن دون ذكر اسم الباحث ، حتى لا نثير حرجا لأحد.

تحية حارة الى ادارة المنتدى والى الاستاذ الذي تفضل بطرح هذا الموضوع
الدراسات السابقة هي كل ما كتب حول موضوع معين .ومن وجهة نظري ارى ضرورة الاطلاع على هذه الدراسات خاصة بالنسبة لطلبة الاسلاك العليا الماجستير و الدكتوراه.حيث على الطالب ان يتتبع جذور الموضوع المراد دراسته اي اغلب ما كتب عنه قديما وحديث حتى تتكون لديه نظرة مجملة عنه .فلدراسة المنطق مثلا لا بد للدارس من تتبع كل الكتب المهتمة بالموضوع منذ ارسطو ومرورا بابن سينا وابن رشد وغيرهم حتى يومنا هذا مع المناطقة المعاصرين

الأستاذ خالد
تحيات طيبات من عند الله

كما أن من بين مشكلات تناول الدراسات السابقة من التحليل، هي الحالة النفسية التي تسيطر على الباحث حين يكتب رأيه في دراسة سابقة، فقد قرأت ما يشبه الظاهرة، لعدد كبير من الباحثين، يحاول بشكل تعسفي، أن ينفي اي ايجابية عن أن بحث سابق، وكأن هذا المتعسف ولد ليكون المهدي المنتظر لهذا التخصص العلمي,

انا طالبة ماجستير واشكركم على الجهد الكبير وارجو المزيد من المعلومات حول مشكلة الدراسة

الأخت الفضلى
لاتوجد مشكلة أن نكتب لك الآن ما يتعلق "بمشكلة الدراسة"

ولكن أفضل أن يكون الحوار ايجابي، بمعنى أننا سنساعد بعضنا البعض في استنباط معنى مشكلة البحث أو الدراسة، لأنها أيضا من المصطلحات المشوشة لدى شباب الباحثين.

وبناء على ذلك سوف أنتظر ردك، لتذكرين فيه ما مفهوم مشكلة الدراسة بالنسبة لك، باللغة العادية الدارجة، ودون أن ترهقي نفسك بالرجوع لكتب المناهج، فقط ما يجود به خاطرك أثناء الرد ، اكتبيه ومنه سوف ننطلق إلى نقطة أخرى حتى يتم لك الوعي التام بمشكلة الدراسة.

تحياتي

السلام عليكم و رحمة الله و براكاته ، في الواقع أعتذر مسبقا لأعضاء المنتدى ، لأن مشاركتي لا تهذف إلى إثراء النقاش حول مسألة الدراسات السابقة و علاقتها بالبحوث الأكادمية ، فهي بكل موضوعية تدخل ضمن صياغة الإشكالية في شطرها الأول ، ماذا أعرف؟ ليأتي بعدها الشطر الثاني : ماذا أريد أن أعرف ، و أخيرا الشطر الثالث : كيف أعرف ماذا أريد معرفته .
في الواقع أن سبب مشاركتي هو الرغبة في طلب معروف من الأستاذ أحمد موسى بدوي وهو إيفادي بملخص عن دكتوراه التي قام بنشرها في مركز الوحدة العربية و الموسومة بأبعاد الاجتماعية لإنتاج المعرفة و اكتسابها و التي نشرت ضمن سلسلة دكتوراه . لأني بحث عنها في الجزائر لكني لم أجدها .
في الحقيقة أنني أحضر رسالة دكتوراه في علم الاجتماع الثقافي حول موضوع قريب من موضوع الأستاذ بدوي و المتمحور حول أثر النسق القيمي في بناء الفكرة لدى الباحث السوسيولوجي الجزائري . و كما ترى سيدي فإن رسالتك لها من الأهمية ما يجعل الخصول عليها أمرا مفروضا و حتميا ، لكن للأسف لم تدخل الجزائر بعد . لذى أكون لك من الشاكرين سيدي الكريم لو تستطيع إيفادي بملخص للرسالة . على العنوان الإلكتوني التالي : fekrouni_zaoui@yahoo.fr
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته .

في البداية : اتمنى أن يقرأ مشاركتي د. أحمد موسى بدوي على الرغم من تأخرها وأتوجه إليه بالسؤال وإلى باقي الأعضاء ألا تعتقدون معي أن التركيز الكبير على الدراسات السابقة في دراساتنا خاصة في الماجستير والدكتوراه لأنها تتم وفق قيود قد أدى إلى إهمال الكثير من المواضيع المهمة والحساسة والغى دور الدراسات الاستكشافية ؟ وأن اهتمامنا بالمنهجية المنغلقة قد ادى إلى وجود بحوث رتيبة ومكرره ، وفقيرة من الناحية العلمية، ألا نحتاج إلى إعادة للنظر في استخدام المنهجية في علم الاجتماع ، ألا نحاول ان نطور من منهجية علم الاجتماع . وبالمناسبة أحب أن أثني على قوة علم الاجتماع في مصر من حيث المنهجية ، وبخاصة وأنا مقبل على دراسة الدكتوراه في مصر، إلا أننا بحاجة ملحة إلى إعطاء أكثر مرونة في التعامل مع المنهجية عند القيام بالدراسات والتي تتضمن التوظيف السليم للدراسات السابقة.