د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: العدالة الإجتماعية كمدخل لتأكيد الإنتماء الإجتماعي - د. علي ليلة 9/10/2009, 3:06 pm | |
| العدالة الإجتماعية كمدخل لتأكيد الإنتماء الإجتماعي د. علي ليلة أستاذ النظرية الإجتماعية جامعة عين شمس القاعدة الأساسية للوجود الإجتماعي السوي أن تتأكد حالة من المساواة في الحصول علي الفرص المتاحة بالوطن, بحيث يساعد ذلك علي أحساس المواطن بأن له حقوق في هذا الوطن. فإذا حصل علي هذه الحقوق, فإن ذلك يدعم قيامه بواجباته للإرتقاء بأوضاع الوطن بما يساعد علي تاكيد إنتمائه له وإرتباطه به. وأن الإخلال بالعدالة الإجتماعية من خلال إستحواذ بعض الفئات الإجتماعية علي غالبية الفرص المتاحة وحرمان فئات أخري من هذه الفرص, يعد إخلالا بمبدأ العدالة الإجتماعية الأمر الذي يضعف إرتباط المواطنين جميعا بوطنهم ويوهن إنتمائهم له. فالذين حصلوا علي فرص أكبر, تتولد لديهم عادة' الأخد' أو الحصول علي الفرص دون تقديم عطاء مقابل للمجتمع. والذين حرموا من هذه الفرص تتولد لديهم مشاعر الرفض والحنق لأنهم برغم قيامهم بمسئولياتهم الإجتماعية لم يحصلوا علي حقوقهم أو نصيبهم من هذه الفرص. والتالي يضعف إنتمائهم لمجتمعهم وإرتباطهم به. وذلك يرجع إلي جوهر العقد الإجتماعي المؤسس لحالة الإجتماع الإنساني تؤكد علي مبدأ المساواة في الفرص بحيث تشكل هذه المساواة أساسا قويا لحالة وعواطف المواطنة.
ونحن إذا تأملنا حالة العدالة الإجتماعية في مجتمعنا فسوف نلاحظ إختلالا واضحا لمبادئ العدالة الإجتماعية في مجالات عديدة, ويتمثل المجال الأول الذي يحتل في إطاره مبدأ العدالة الإجتماعية لصالح الأغنياء وعلي حساب الفقراء في نصيب مختلف الشرائح الإجتماعية من أجمالي الدخل القومي. فإستنادا إلي تقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لسنة2005 أن أفقر10% يحصلوا علي نحو7,3 من الدخل القومي وان أغني20% يحصلون علي نحو2,41% من الدخل القومي. ومن شأن عدم التوازن في توزيع الدخل القومي أن يؤدي, إذا إستمر علي هذا النحو إلي تأسيس حالة من الإستقطاب الطبقي الذي تنهار في إطاره الطبقة المتوسطة. وهو الإستقطاب الذي يؤدي في بعض الأحيان إلي تفجر الصراع الطبقي, وفي أحيان اخري قد يؤدي إلي ضعف الإنتماء الإجتماعي. فالأغنياء يحصلون علي نصيب الأسد من الكعكة الإجتماعية, ولم يقوموا بمسئولياتهم الإجتماعية تجاه المجتمع, فإن ذلك يعد مؤشرا علي ضعف إنتمائهم له ووهن إرتباطهم بهم. ولأن الفقراء في المقابل محرومون من عديد من الفرص الإقتصادية, فإن ذلك من شأنه يؤثر علي إنتمائهم الإجتماعي وإرتباطهم بمجتمعهم بطبيعة الحال. وهو الأمر الذي يعني أن غياب العدالة التوزيعية فيما يتعلق بتوزيع الفرص الإقتصادية يؤثر علي العلاقة بين المواطنين والمجتمع. بالإضافة إلي ذلك فقد تغيب العدالة الإجتماعية عن توزيع الفرص التعليمية, وترجع أهمية توفير الفرص التعليمية هنا إلي أن التعليم يشكل قاعدة الوعي. وإمتلاك الإنسان للوعي يجعله قادر علي متابعة تطور المجتمع, بل المشاركة الإيجابية في دفع عجلة تحديثه. يضاف إلي ذلك أنه من السهل تعبئة الشعب المتعلم في إتجاه تحقيق أهداف مجتمعية أساسية, إضافة إلي أن التعليم يساعد في فهم المواطن لتفاعلات وأحداث مجتمعه, ومتطلبات المشاركة والإسهام في دفع حركته. وفي محاولة التعرف علي توزيع الفرص التعليمية في المجتمع المصري فسوف نجد أنه إستنادا إلي بيانات تقرير التنمية البشرية فإن نسبة الأمية بين السكان البالغين في المجتمع المصري بلغت نحو6,48%, كما بلغت معدلات القراءة بين السكان البالغين نحو4,51%, وأن نسبة القيد الإجمالي في مختلف المراحل التعليمية بلغت نحو69%, وهو ما يعني أن ثمة إختلال في العدالة التوزيعية فيما يتعلق بتوزيع فرص التعليم. بحيث يشير ذلك إلي أن ما يقترب من نصف المجتمع لا يمتلك الوعي الكافي لمتابعة ما يحدث فيه, أو غير قادر علي المشاركة الفعالة في أحداثة. فالإنسان المتعلم والذي يمتلك الوعي يكون في الحقيقة أميل إلي تكوين وجهة نظر في الأحداث المحيطة به, ومن ثم الحرص علي المشاركة الإيجابية في دفع عجلة تحديثه. هذا بالإضافة إلي أن عدم العدالة في توزيع الفرص التعليمية, إنما يعبر عن حالة من الظلم الإجتماعي الذي يصيب قطاع واضح من المواطنين ويهمشهم عن فهم ما يدور في المجتمع وإتجاه حركتة. ويتضافر مع غياب العدالة الإجتماعية في توزيع الفرص الإقتصادية والتعليمية غيابها كذلك عن توزيع الفرص الصحية. وتتجلي اهمية الفرص الصحية, في أن حصول المواطنين علي هذه الفرص, إلي جانب أنه يمنحهم إحساسا بتحقيق العدل الإجتماعي. فإنه يعمل علي تطوير الحالة الصحية العامة للمجتمع, وهي الحالة التي إذا تحققت فإنها تعمل علي الحفاظ علي الصحة العامة. كما تعمل علي زيادة المناعة الصحية للمجتمع بحيث يؤدي إرتفاع مستوي صحته العامة إلي عدم تهيئة الظروف لإنتشارالأمراض والأوبئة في المجتمع. إضافة إلي وجود مواطنين أصحاء قادرين علي دفع عجلة الإنتاج في المجتمع. ونحن إذا تأملنا الخدمات الصحية في المجتمع المصري فسوف نجد أن توزيعها يخل بمبدأ العدالة الإجتماعية, فإلي جانب تردي آداء المؤسسات الصحية التي بدأ الفساد الأخلاقي يدب علي ساحتها. مؤشر ذلك الأحداث التي بدأت حول سرقه أعضاء المواطنين أثناء إجرائهم للعمليات الجراحية, وهي وإن كانت حالات محدودة إلا أنه يمكن إعتبارها مؤشرا لفساد يصيب خدمة يحتاجها الجميع, بما فيهم البسطاء من البشر. فإذا تأملنا توزيع الخدمات الصحية في مجتمعنا المصري, فسوف نجد أن العمر المتوسط عند الولادة يصل إلي8,64 سنة وأنه إن كان أعلي من المستوي العالمي المنخفض لهذه الخدمة(7,56), إلا أنه دون المستوي المتوسط(5,67). كذلك يصل عدد السكان الذين لا يحصلون علي مياة صحية مأمونة13%, والذين لا يحصلون علي خدمات صحية1% أخري إضافة إلي عدد السكان الذين لا يحصلون علي خدمات الصرف الصحي نحو12%. وهو ما يعني أن توزيع الخدمات الصحية وإن كان يقترب من تحقيق العدالة الإجتماعية, ألا أن نوعية الخدمات المقدمة لمختلف الشرائح الإجتماعية هو الذي يقلص فاعلية تحقق هذا المبدأ. بالإضافة إلي ذلك فقد يحدث إخلال بمبدأ العدالة الإجتماعية فيما يتعلق بتوزيع الفرص وتحيزها نحو الحضر علي حساب الريف. فبرغم أن الريف في مختلف مجتمعات العالم الثالث يضم جملة السكان المنتجين في المجتمع. لكون الريف الذي يتولي في الغالب إعاشة الحضر علي ما يذهب التراث الفكري الإنساني. إلا أننا نجد أن الحضر هو الذي يفوز عادة بنصيب الأسد فيما يتعلق بالخدمات الأساسية. وذلك يرجع بطبيعة الحال إلي أن أجهزة الدولة والسلطة قائمة في الحضر, ومن ثم فهي تميل بدرجة أكثر إلي تطوير السياق الذي تعيش فيه. يضاف إلي ذلك أن سكان الحضر هم السكان الأعلي صوتا من حيث المطالبة بحقوقهم في الخدمات الأساسية. وفي محاولة تأمل تفعيل مبدأ العدالة الإجتماعية بين الريف والحضر في المجتمع المصري, فسوف نجد بداية أن سكان الريف بلغ تعدادهم الآن نحو56% في مقابل44% للحضر. وبرغم ذلك نجد إستئثار الحضر بغالبية الخدمات علي حساب الريف, فمثلا فيما يتعلق بالخدمات الصحية فسوف نجد أن هذه الخدمات متوفرة في الريف بنسبة99% في مقابل100% للحضر, بفجوة تصل إلي1%. وفيما يتصل بمياه الشرب الآمنة والصحية نجد أنها متوفرة بنسبة86% للريف في مقابل توفرها بنسبة95% في الحضر بفجوة تصل إلي9%. أما بالنسبة لتوفر الصرف الصحي فسوف نجد أنها متوفرة بالنسبة للريف بنسبة26% وبالنسبة للحضر بنسبة80% بفجوة تصل إلي44%, وهو ما يشير إلي الإخلال النسبي بمبدأ العدالة الإجتماعية, وأن عاني بعض سكان الحضر من الإخلال النسبي بهذا المبدأ. في هذا الإطار فإن عدم مراعاة مبدأ العدال الإجتماعي من شانه أن يعمل علي توسيع مساحة التهميش الإجتماعي في المجتمع, وهو ما يعني دفع قطاع كبير من سكان المجتمع إلي هامشة. لا يتمتعون بمختلف الفرص التي ينبغي أن تكون متاحة لهم مقارنة بالآخرين الذين قد يحصلون علي الفرص بوفرة أعلي من غيرهم. الأمر الذي يضعف الولاء والإنتماء للوطن عند الجميع سواء الذي يحصلون علي وفرة من الفرص, دون أن يسهموا في تحمل أعباء المجتمع, بما يتوازي مع الفرص التي يحصلون عليها. وهو ما يشكل قاعدة للسلوك الإنتهازي الذي يتعاملون به مع المجتمع ومن ثم بضرون بأوضاعه. أو المحرومين من الحصول علي هذه الفرص وهي الحالة التي تدفعهم إلي الإنسحاب من تحمل مسئوليتهم تجاه المجتمع, بحيث يعاني المجتمع في جملته من خسارة إسهامات أبنائه في تطوير أوضاعه, نتيجة لعدم مراعاته لهذا مبدأ العدالة الإجتماعية والتوزيعية. نشرت بمجلة الأهرام الاقتصادى عدد 13/7/2009
| |
|
ماجستير اجتماعي
ضــيف
عدد الرسائل : 9 العمر : 50 التخصص : علم اجتماع الدولة : السعودية تاريخ التسجيل : 16/11/2010
| موضوع: رد: العدالة الإجتماعية كمدخل لتأكيد الإنتماء الإجتماعي - د. علي ليلة 17/11/2010, 5:27 pm | |
| الغريب ان كثير من الحكومات والدول تعرف تأثير غياب العدالة الاجتماعية على انتماء وولاء مواطنيها ومع ذلك فهي تتجاهل هذه القضية وكأنها تحدث في كوكب آخر بعيد عن هذه الدوله ، أم ان هناك من يضلل عقول الحكام والرؤساء تجاه هذه القضيه الرئيسية ، ويحاول اخفاء آثارها المستقبلية ، بل أني استطيع أن أجزم ان هؤلاء المهمشين اجتماعياً يكونون مثل القنبلة الموقوته المزروعة في خاصرتها ، وهم ف نفس الوقت من أخلص الناس وأكثرهم وفاء لواعطوا أقل حقوقهم ، بعكس من يحصلون على نصيب الأسد الذين يستأثرون بكل شيء ونجدهم أول من يبيع المواطنة والولاء بل أنهم اكثر من يقوم بذلك لانهم لم تعد ترضيهم اي حصة اوقسمة بل اصبحوا يتطلعون لما هو اكبر من ذلك . | |
|