د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| |
د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: ابن خلدون - لحظة غروب الحضارة 29/8/2009, 9:16 pm | |
| ابن خلدون - لحظة غروب الحضارة دراسة بقلم الدكتور أحمد موسى بدوى إن المهتم بالبحث والدراسة في فكر المفكر العربي عبد الرحمن ابن خلدون، لابد وأنه قد استوفى الكثير من البيانات عن حياة هذا العالم الجليل، ونحن في هذا المقام، لن نثقل على القارئ بسرد تفاصيل حياته، ولكننا نقدم له أهم المحطات التاريخية الهامة. والتي أثرت بشكل مباشر في تكوينه الفكري والعقلي، فلكل محطة آثارها الفكرية وأيضاً إنتاجها المتميز عند ابن خلدون، وتتأسس هذه الورقة عن حياة ابن خلدون على منظور سوسيولوجيا المعرفة، ومنظور علم النفس الاجتماعي.
-1- أسرة ابن خلدون ينتمي عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي، إلى أسرة "بني خلدون" التي تنحدر أصولها إلى منطقة حضرموت بجنوب الجزيرة العربية، وقد استقرت هذه الأسرة، بعد فتح المسلمين للأندلس في مدينة اشبيلية، واشتغل أفرادها بالسياسة والعلم والأدب، وأصبحت من كبرى العائلات الأرستقراطية في هذه المدينة، واحتلت الكثير من المناصب السياسية والادراية العليا هناك، وبعد سقوط اشبيلية عام 1248م هاجر "بنو خلدون" إلى سبتة بالمغرب، ولم يكن صعبا عليهم أن يواصلوا نشاطهم السياسي والعلمي والأدبي، فاحتلوا في شمال إفريقيا على العموم العديد من المناصب. وفي تونس استقر والد ابن خلدون، وأصبح أحد رجال الدولة المرموقين، ولكنه اعتزل السياسة عام 1337م، واشتغل بالتدريس، وكان شغوفا بالأدب والشعر والمنطق والفلسفة، وكانت داره قبلة للمثقفين في تونس. من هذه النبذة عن أسرة ابن خلدون، يمكننا أن نستخلص أن عبد الرحمن ابن خلدون، قد نشأ نشأة أرستقراطية، وحصل على تربية علمية، بوعي من والده، وأنه شب في بيئة ثقافية رفيعة المستوى. إن شهرة أسرته الواسعة في مجال السياسة وحب الأدب والعلم، وميراث أجداده في تولي أعظم المناصب السياسية، قد أكسب ابن خلدون منذ البدء الشغف بالسياسة والطموح لبلوغ ما بلغه الأجداد. -2- تونس ومرحلة النبوغ المبكر ولد ابن خلدون في تونس عام 1332م، وكانت تونس وشمال افريقية بوجه عام، تموج بالصراعات السياسية، وقيام الدويلات وانهيارها، فهذه الفترة، تمثل مرحلة انكماش الحضارة العربية، وتونس ليست خارج السياق، فقد كانت تمثل بؤرة القلاقل السياسية في المغرب العربي. وكانت العصبية القبلية هي وقود هذه القلاقل، في هذا المناخ السياسي المتوتر، نشأ ابن خلدون، متسلحا بالعلم وبالميراث السياسي لأسرته، ونبوغه العقلي وطموحه الجامح، واعتلى أول منصب كبير في حياته، وهو شاب ابن العشرين، فأصبح" مساعد وزير" وتلقى أول درس عملي في السياسة، وظهرت عبقريته في التعامل مع القبائل البدوية، التي كانت تمثل عماد الصراع السياسي في هذه المنطقة ووقوده. ونستخلص من هذه المرحلة ، أن ابن خلدون استطاع أن يوظف ملكاته العقلية، وتكوينه العلمي الرفيع وميراثه (الهابيتوس الأسري) وطموحة السياسي، فأصبح سياسيا محترفا عند بلوغه سن العشرين. وأن الدرس التطبيقي الأول في حياته الاحترافية والخاص بالتعامل مع العصبية القبلية، قد شكل مع أصوله الحضرية الضاربة "ثنائية" تمثل نقطة ارتكاز نظريته الاجتماعية التي ستظهر فيما بعد. -3- المغرب، ومرحلة النضوج العلمي والسياسي رحل ابن خلدون إلى المغرب، وقضى بها ثمانية سنوات حتى عام 1362م ، وعاش خلالها حياة فكرية وأدبية مزدهرة، وأصبح " مستشار سياسيا" في أحيان ومستشارا عسكريا في أحيان أخرى، بحسب مرحلة الصراع على السلطة، ولكن بصفة عامة فقد كانت هذه المنطقة تمثل بيئة مشابهة لتونس، ومنه نستخلص أن ابن خلدون واصل في المغرب ممارسة السياسة وتراكم خبرته وملاحظاته، إلى جانب الاهتمام بالعلوم والآداب. -4- الأندلس، ومزاحمة العلمي للسياسي قضى ابن خلدون في الأندلس عدة سنوات حتى عام 1365م قضاها في غرناطة، وكان سفيرا للصلح وانتهى مسعاه بالنجاح، فقرر البقاء، وعمل بالسياسة، والتقى خلالها بالأديب الكبير ابن الخطيب، وتعرف على الثقافة الأندلسية المتفردة، وكانت رحلته إلى الأندلس رحلة استقرار، وتأمل، ويستخلص من هذه المحطة، أن طموح ابن خلدون السياسي بدأ ينكمش ، ولكنه ما يزال مستمر، وبدأت طموحاته العلمية تظهر، وتريد أن تعبر عن نفسها، لقد كان عقل ابن خلدون الموسوعي يحمل تراكمات ومادة علمية، تلح على صاحبها أن يعمل على تصنيفها، وإخراجها من المعتقل السياسي الذي وضعت فيه. -5- العودة إلى شمال إفريقية، وانزياح السياسي لصالح العلمي عاد ابن خلدون إلى المغرب العربي، وهو يحمل همومه العلمية، وتنتظر الفرصة لإلقاء همومه السياسية، فقضى في بيسكره ست سنوات من 1366-1373م ، اختلط فيها بالقبائل والعشائر البدوية، اختلاط العالم الملاحظ المتأمل – لحظة انكماش السياسي- وكأنه يستكمل جمع الشواهد، ووضع اللمسات الأخيرة لبحثه الميداني الذي استغرق عقدين من الزمان، قضاها في بحر السياسة. -6- قلعة بني سلامة – لحظة التفجر العلمي إن السنوات الستة التي قضاها في بيسكره، متأملا ، مفكرا وملاحظا، أثمرت في النهاية إلى قرار العزلة والمنفى الاختياري الذي اتخذه ابن خلدون في الفترة من 1374-1378م ، وخلال هذه السنوات الأربعة، أخرج ابن خلدون مخزون العقود الأربعة التي قضى نصفها في التعلم ونصفها الثاني في ممارسة السياسة، ووضع في هذه القلعة خلاصة نظرياته، فكانت مقدمة ابن خلدون، وبدأ في كتابة "كتاب العبر" وبعد أن وضع الإطار العام لنظريته، شعر بالحاجة إلى القراءة وتوثيق ما أنجزه فقرر العودة إلى تونس، ومكث في تونس أربع سنوات من 1378-1382م قضاها في تنقيح مؤلفه، وتدريس نظريته في التاريخ والعمران البشري.
-7- مصر- خاتمة الرحلة كانت مصر، هي المحطة الأخيرة في حياة ابن خلدون الثرية، وشهدت البلورة النهائية لنظرياته، واشتغل في مصر بالتدريس والقضاء، وتولى منصب شيخ المذهب المالكي في مصر، واستطاع أن يكمل كتابه العبر، ويضيف فصولا جديدة في المقدمة، وكان يغادر مصر في رحلات قصيرة إلى الحجاز والقدس ودمشق، ويعود إلى مصر مرة أخرى إلى أن توفي في 1406م، بقي أن نذكر أن ابن خلدون قد عاش طوال حياته في مناخ "المؤامرة" فقد كان خصما لدودا للصفوة الثقافية في أي بلد يحل فيها مقيما، لسبب بسيط، هو أن نبوغه وعبقريته وخبرته السياسية والاجتماعية المشهودة، كانت تتيح له دائما حظوة ومنصب لدى أمراء البلاد التي يحل بها، ويكون ذلك على حساب أصحاب المكانات فيها، وهو ما يثير غيرة وحسد الصفوة الثقافية، وقد تعامل ابن خلدون مع هذه المؤامرات بواقعية شديدة، أضافت إلى حسه النقدي وصقلته. -8- سوسيولوجيا المعرفة الخلدونية خاتمة نستطيع القول أن ابن خلدون بفضل تلقيه تربية علمية رفيعة المستوى، ومتنوعة المشارب، وبانتمائه إلى أسرة توارثت احتراف السياسة، قد اكتسب طموحا سياسيا جامحا، واستطاع في وقت مبكر بفضل العوامل السابقة، أن يمارس السياسة ويصل إلى أعلى المناصب، وأن نظريته الاجتماعية، قد تأسست على الملاحظة العيانية الواقعية، وأنها بنيت على مبدأ السببية، وأنه عاش معظم حياته في بلاط الأمراء فاكتسب حسا أدبيا إلى جانب تطوينه العلمي الراقي، فأصبح ناقدا أدبيا ومجددا في أساليب الكتابة، وأنه مارس التدريس في عدة مدارس، فقدم فكرا تربويا مدعوم بجوانب تطبيقية، تمثل حالة استثنائية في مجال التدريس. وعليه فإن الاهتمامات المعرفية لابن خلدون وفقا لهذا السياق النفسي والاجتماعي كانت في الفلسفة الواقعية، والاجتماع العام، والسياسي والاقتصادي، والأدب، والتربية بالإضافة إلى الاهتمام الطبيعي بالمعرفة الدينية.
| |
|
نوار 2006
ضــيف
عدد الرسائل : 7 العمر : 51 التخصص : مدرسه الدولة : النرويج تاريخ التسجيل : 31/05/2013
| موضوع: رد: ابن خلدون.. سيرة ومسيرة 7/6/2013, 8:30 pm | |
| اخواني السلام عليكم ممكن تنزلون مقدمه ابن خلدون اذا بها مجال | |
|