إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نحو رؤية استراتيجية لدور مصر في عالم يتغير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

نحو رؤية استراتيجية لدور مصر في عالم يتغير Empty
مُساهمةموضوع: نحو رؤية استراتيجية لدور مصر في عالم يتغير   نحو رؤية استراتيجية لدور مصر في عالم يتغير Empty16/5/2009, 2:22 pm


نحو رؤية استراتيجية لدور مصر في عالم يتغير
بقلم‏:‏ د‏.‏ علي الدين هلال

تشير مختلف التحليلات إلي أن هناك تحولات عميقة تحدث في العالم علي مستويين‏:‏ الأول أن توازن القوي القائم يتغير تحت تأثير الصعود التاريخي للصين والدول الأسيوية مما يعيد توزيع مصادر الثروة الاقتصادية والنفوذ السياسي علي قمة العالم‏.‏ والثاني أن انتخاب الرئيس أوباما يشير إلي تحولات عميقة مماثلة في التوجهات والرأي العام الأمريكي مما يبشر بمرحلة جديدة في علاقة أمريكا بالعالم‏.‏ وهكذا‏,‏ فما بين التغير علي مستوي العالم والتغير علي مستوي القوة العظمي الرئيسية فيه تتحول توازنات‏,‏ وتتبدل مصالح‏,‏ وتنشأ تحالفات جديدة‏.‏


في هذا السياق من السيولة الدولية لم يعد من المناسب ترقب التطورات وتحليلها والاحتفاء بها أو نقدها‏,‏ ولكن يصبح من الضروري اتخاذ زمام المبادرة والمشاركة في صنع الأحداث والتأثير علي مسارها من خلال رؤية إستراتيجية وطنية تمثل وجهة النظر المصرية في العالم المحيط بنا وفي الدور الذي تقوم به مصر‏.‏ رؤية يكون لديها شجاعة المراجعة والتصويب وإعادة النظر فإذا كان العالم كله قد تغير‏,‏ فمن الطبيعي أن تتغير رؤانا وأدوارنا‏,‏ ويزيد من أهمية ذلك إدراك الإدارة الأمريكية الجديدة لثقل مصر ومكانتها والذي أكده القرار الذي أتخذه اوباما شخصيا بأن تكون مصر هي المكان الذي يوجه منه رسالته المرتقبة للعالمين العربي والإسلامي‏,‏ ولابد أنه قارن بين بدائل مختلفة ووفقا لحسابات متعددة كان نتيجتها أن مصر هي أكثر البدائل مناسبة‏.‏

وإذا كان الرئيس مبارك سوف يلتقي بأوباما مرتين في أقل من أسبوعين مرة في واشنطن والأخري في القاهرة‏,‏ وسوف يستمع إلي رؤيته لمشاكل المنطقة والحلول الممكنة لها‏,‏ وعن مستقبل التطور السياسي والاقتصادي فيها‏,‏ فإن أوباما سوف يستمع أيضا إلي الرؤية المصرية من الرئيس مبارك وإلي الدور الذي تقوم به في هذا العالم المتغير والمضطرب والأرجح أن هذا الحوار بين الزعيمين‏,‏ ـ خصوصا أن إدارة أوباما مازالت تتلمس طريقها بعد‏,‏ سوف يكون له تأثيراته علي سلوك الإدارة الأمريكية‏.‏

إن رؤية مصر للعالم تستند إلي أربعة عناصر جوهرية‏.‏
العنصر الأول أن العالم المعاصر يحكمه مزيج من توازن القوي وتوازن المصالح‏,‏ وأن ازدياد دور المصالح في العلاقات الدولية لم يلغ دور القوة التي مازالت ‏(‏ وبالذات في مناطق الصراعات وعدم الاستقرار مثل المنطقة التي نعيش فيها‏)‏ ضمان للسلام وحماية له‏.‏
والعنصر الثاني أن العالم يشهد عديدا من مظاهر عدم العدالة الدولية والتمييز وازدياد الهوة بين الأغنياء والفقراء بين الدول وفي داخل الدولة الواحدة‏,‏ وأن تيار العولمة كانت له آثاره السلبية الوخيمة التي بلغت ذروتها في الأزمة الاقتصادية الراهنة‏,‏ وأن التعامل مع هذه الأزمة يتطلب التأكيد علي دور الدولة في تنظيم السوق ورقابته‏,‏ وعلي أن الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية هما وجهان لعملة واحدة وأنه لا يجب التضحية بإحداها علي حساب الأخري‏.‏
والعنصر الثالث هو الاعتماد علي مبادئ الشرعية الدولية ممثلة في الأمم المتحدة كمرجعية سياسية وأخلاقية‏,‏ وأن القانون الدولي هو أداة حماية للدول الصغيرة والضعيفة ضد تغول الأقوياء‏,‏ وأن الصراعات الدولية ينبغي حلها وفقا للقانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها وحكم نفسها وأن كل أشكال الاحتلال وإنكار حق الشعوب في الاستقلال هو زائل لا محالة‏.‏
والعنصر الرابع أن الإرهاب هو عرض لا سبب وأن مرجعة هو سياسة الغطرسة الإمبراطورية وازدواجية المعايير والكيل بمكيالين والهيمنة وفرض الأمر الواقع بالقوة وأنه مع رفض أسلوب الإرهاب‏,‏ فإن التعامل معه يكون بحصار أسبابه وإزالتها‏.‏ وكل ما تقدم يكون في إطار علاقات دولية تقوم علي التكافؤ والمساواة واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها‏,‏ وأن حرص مصر علي استقلال قرارها الوطني هو ليس محل تفاوض أو مساواة‏.‏

وعلي المستوي الإقليمي‏,‏ فإن رؤية مصر تتمثل في أن الصراع العربي الإسرائيل هو جوهر الصراع في المنطقة والعنصر الرئيسي المسبب للتوتر والانقسام‏,‏ وأن حله يتمثل حسب قرارات الأمم المتحدة في انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام‏1967‏ وفي قيام الدولة الفلسطينية‏.‏ وأنه يترتب علي حل هذا الصراع غياب المصدر الرئيسي للتوتر وسوف يكون من شأن ذلك إحداث إستقرار وتهدئة عامة في المنطقة يجعلها أكثر قدرة علي الحل السلمي للنزاعات الأخري‏.‏ وفي نفس السياق‏,‏ فإن الرؤية المصرية للمنطقة تنطلق من أنها منطقة عربية في المقام الأول‏,‏ وإن كانت صفتها وهويتها العربية لا يحولان دون قيام تفاعلات تعاونية وإيجابية مع الدول الإقليمية الأخري في المنطقة‏.‏

ولمصر دور أساسي سواء علي المستوي العالمي أو الإقليمي‏.‏
فهي أولا شريكة في التطور العالمي‏,‏ مواكبة له‏,‏ ومساهمة فيه‏.‏ ودورها التاريخي أنها كانت نافذة المنطقة علي العالم الخارجي وبوابتها التي جاء من خلالها مجمل التطورات الحديثة في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية والثقافة والسياسة‏.‏ وأحد جوانب قوة مصر‏(‏ الدولة والمجتمع‏)‏ هي القدرة علي التفاعل الخلاق مع التطورات الجديدة‏,‏ واستيعاب الحديث دون التنازل عن الهوية الثقافية والحضارية‏.‏

وهي ثانيا بتكوينها وسلوكها تعد رمزا لمفهوم الدولة الحديثة وللشعب الواحد الذي أنصهر في بوتقة الوطنية المصرية‏(‏ إن مظاهر التوتر الديني الراهنة هي بثور مؤقتة لها أسبابها وحلولها‏).‏ وهي بسلوكها العروة الوثقي التي توحد الفرقاء وتقرب بين المختلفين وتترفع عن اللدد في الخصومة‏.‏ وبحكم وزنها وثقلها تحافظ علي جسور العلاقة مع أغلب الأطراف فمصر أكبر من أن تكون مجرد وسيط لأن أي وساطة لها نهاية بحكم التعريف‏,‏ كما أنه لا تصبح أسيرة لأحد الملفات الإقليمية أو رهينة له لأن دورها العالمي والإقليمي يتجاوز أي ملف آو موضوع ولديها من الثقة بالذات ما يجعلها تراقب أولئك الباحثين عن دور أو زعامة وتتدخل في الوقت المناسب لوقف ما تعتبره ماسا بالمصالح العربية‏.‏ مصر بحجمها وعدد مواطنيها وثقلها التاريخي هي رمانة الميزان التي تحقق التوازن والاستقرار وترسم باختياراتها الإستراتيجية مسار التطور الإقليمي في الأمور الداخلية والخارجية‏.‏
وعندما تقوم مصر بهذا الدور فإنها لا تبحث عن قيادة ولا تتطلع إلي زعامة ولا تدخل في تنافس مع طرف أخر فالقيادة الحقة هي التأثير من خلال القدوة والنموذج‏,‏ وهي المبادرة في طرح الأفكار والحلول والتعبير عن مكونات الأمن العربي والدفاع عنها وهي احترام الآراء الأخري واحتواؤها والعمل في تواضع وكبرياء‏.‏ فدرس التاريخ والواقع أنه لا يمكن تجاوز دور مصر أو الالتفاف عليه‏,‏ وأنها الصخرة أو الجدار الذي تحطمت عليه محاولات الاختراق والتفكيك للمنطقة من وقت طويل وحتي إدارة بوش تحت مسميات محاربة الإرهاب ونشر الديمقراطية ومشروعات الشرق الأوسط الكبير‏.‏

وهي ثالثا تدرك أن أي دور خارجي يستند إلي تنمية عناصر القوة الشاملة‏(‏ قوة الدولة والمجتمع والفرد‏)‏ التقليدية منها أو الناعمة وتوظيفها بشكل متناغم بما يخدم المصالح الوطنية والقومية‏.‏ وأنه لذلك تقوم مصر بعملية إصلاح شاملة في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية‏,‏ وبمنهج متدرج يحافظ علي الاستقرار في إطار التغيير وأن سياسات الإصلاح تسعي لدعم أركان الدولة المدنية والمجتمع الديمقراطي الذي ينهض علي تعددية حزبية نشطة ومجتمع مدني قوي ومواطنين أحرار‏.‏ وأن التطور الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان هو مطلب مصري قبل أن يكون رغبة أمريكية أو دولية‏.‏
كما تسعي سياسات الإصلاح إلي إقامة اقتصاد يوفر الاحتياجات الأساسية المادية والمعنوية لأغلبية الناس‏,‏ وأن معدلات النمو الاقتصادي ليست غاية في حد ذاتها بل إن مكونات النمو وعناصره بما يضمن عدالة توزيع عائده واستدامته هو الهدف‏,‏ فالسياسة الاجتماعية ينبغي أن تكون عنصرا أصيلا في السياسة الاقتصادية‏.‏ والهدف الكبير في هذا المجال هو دعم والإسراع بعملية تصنيع مصر وتوطين الأنماط التكنولوجية المتقدمة فيها والتقدم في التنمية البشرية بما يحقق زيادة معدلات الإنتاجية الاقتصادية‏,‏ وهو هدف تستطيع الولايات المتحدة أن تسهم فيه بالكثير إذا أدركت أن قوة مصر واستقرارها هما عنصر حاسم في تحقيق الاستقرار الإقليمي‏.‏

لقد كتبت من قبل في هذا المكان عن ضرورة التوقف عن الحديث عن ماذا يريد أوباما وأن نركز علي‏:‏ ماذا نريد نحن؟ وأن يكون لنا رؤية إستراتيجية تمثل مصالحنا من ناحية وتبرز عناصر المصلحة المشتركة مع الولايات المتحدة من ناحية أخري‏,‏ وأن نعلن عن هذه الرؤية بشكل علمي وبطريقة واضحة وبثقة عالية بالنفس وبقدرتنا كمصريين علي تحقيقها لأن أكبر خطر يتهدد أي مجتمع هو الهزيمة من الداخل أو ضعف الثقة بالنفس‏.‏
هذه هي عناصر لرؤية إستراتيجية للعالم ولدور مصر فيه والأرجح أن أوباما سوف يستمع من الرئيس مبارك إلي بعض أو كل هذه العناصر وأكثر فنحن في لحظة تاريخية يتوقف فيها المستقبل علي قدرة المجتمعات علي الخيال السياسي‏..‏ المطلوب هو تجديد الحلم المصري‏.‏
نشرت بجريدة الأهرام عدد 16/5/2009
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
نحو رؤية استراتيجية لدور مصر في عالم يتغير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأثر التنموي للمشروعات الصغيرة في ظل استراتيجية التنمية - ماجستير
» الشخصية المصرية في عالم متغير
» أصحى يا عالم!!
» التنمية في عالم متغير دراسة في مفهوم التنمية ومؤشراتها
» كتب سلسلة عالم المعرفة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: