د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: الغزو الثقافي 17/2/2009, 5:02 pm | |
| الغزو الثقافي بقلم: إبراهيم حاج عبدي لو حاولنا، نظرياً، أن نستثني المادة الإعلامية الأجنبية مثل الأفلام الروائية الطويلة، والتسجيلية، والوثائقية، والمسلسلات، وبرامج الأطفال، والطبيعة، والعلوم، والأدب، والرياضة، والسيارات، والموضة... الخ، فما الذي سيبقى للفضائيات العربية؟ لن يبقى سوى بعض المسلسلات، وأغان هابطة، وفيض من الأخبار «المفخخة»، والتقارير «الموقوتة» التي تكتب عقب كل مجزرة.
تتغذى الفضائيات العربية في معظم الأحيان، إذاً، على المادة التي تأتي من الغرب، من دون أن يكون لها فضل في إنتاج أي برامج وثائقية، أو استطلاعات خاصة بها... وحتى عندما نشاهد برنامجاً عن شأن يهم المنطقة، ويتحدث عن قضاياها، وعن هموم قاطنيها، فإن المُنْتِج غالباً ما يكون غربياً. هذه ليست دعوة الى «التقوقع» على الذات، وإغلاق الشاشات العربية أمام المادة الإعلامية المقبلة من الغرب بحجة «الغزو الإعلامي» أو ما شابه من المقولات. فمن الطبيعي أن تستعين الفضائيات، التي تبث على مدار اليوم، ببرامج وأفلام منفذة ومنتجة بأموال أجنبية، لكن الملاحظ أن واقع الحال قد تجاوز مجرد الاستعانة، ليكون نوعاً من «الاعتماد الكلي» على ما يصنع في استوديوات الغرب (ونعني بالغرب، بصورة خاصة، الولايات المتحدة الأميركية، وأوروبا).
الفضائيات العربية تتهافت على تمويل المسلسلات الدرامية، وعلى إنتاج «فيديو كليبات» هابطة تصرف عليها الملايين. وباستثناء هذين الجانبين، فإن هذه الفضائيات تتقاعس عن تمويل أي برنامج، أو فيلم وثائقي سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو فني... على غرار تلك البرامج «الجادة، والرصينة» التي نراها بتوقيع الـ «بي بي سي»، أو «سي إن إن» أو غيرهما من المحطات ذات السمعة العالمية.
لا يكمن العذر في هذا التقصير في الجانب المادي، بل على العكس قد تفوق موازنة بعض المحطات العربية موازنة مثيلاتها الأجنبية، ويجد هذا الكلام دليله في بعض البرامج المنوعة «السطحية» التي يبدو من ديكوراتها وأضوائها ان كلفتها المادية باهظة... ولا يكمن العذر كذلك، في، ندرة الكفاءات الإعلامية والإخراجية والفنية، ويمكن أن نذكر أمثلة كثيرة، هنا، أيضاً. المشكلة، إذاً، تكمن في الذهنية التي تدير تلك الفضائيات، فهي ذهنية تسعى إلى الربح السريع، وتتكل، بلا حدود، على المادة الإعلامية الجاهزة، فلماذا تتكبد عناء انجاز برنامج منجز سلفاً، ولا يكلفها عرضه شيئاً سوى الترجمة، ناطقة كانت أم مكتوبة على الشاشة!
بعد كل ذلك سنسمع من يتحدث عن «الغزو الثقافي»، وعن «الاستلاب الفكري»، وعن «التدفق الإعلامي الأحادي الجانب» إلى غير ذلك من المقولات النظرية الكبيرة، والتي لا تعني شيئاً سوى أنها «جعجعة بلا طحن». نشرت بجريدة الحياة عدد 17/02/2009
| |
|