د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: الروائية البريطانية دوريس ليسنج .. صاحبة نوبل للأداب 2007 18/12/2008, 4:08 pm | |
| دوريس ليسنغ بقلم/ محمد إبراهيم العبد الله ولدت الكاتبة والروائية البريطانية دوريس ليسنغ في تشرين الأول من عام 1919 لأبوين بريطانيين. عمل والدها في المصرف الإمبراطوري في بلاد فارس (إيران حالياً) وقد أصيب بالشلل أثناء الحرب العالمية الأولى، أما والدتها فقد كانت ممرضة.
في عام 1925 غرر بالعائلة وانتقلت إلى مستعمرة في جنوب زمبابوي لزراعة الذرة الصفراء هناك حيث المحصول الرائج في ذلك الوقت الذي يعد بالمال الوفير. لم يكن التأقلم مع البيئة الجديدة صعباً على والدتها على الرغم من الحياة القاسية التي أمضتها في المستعمرة هناك، والأكثر من هذا حاولت أن توفر لعائلتها حياة متحضرة راقية بين الناس البدائيين، إلا أنها لم تنجح في زراعة هذا المحصول الواعد بعد أن حازت مئات الهكتارات من الأدغال. تحدثت ليسنغ عن طفولتها بقليل من السعادة وكثير من الألم، وما العالم الطبيعي الذي استشفته مع شقيقها إلا هروباً من حالة البؤس التي كانت تعيشها. كانت تحرص والدتها دوماً على أن توفر لها الحياة الراقية، ولهذا فقد فرضت نظاماً حياتياً صارماً في بيتها. فقد أدخلت دوريس مدرسة الدير، المكان الذي يشرف عليه الراهبات ويروين الكثير من القصص عن جهنم وهلاك البشرية. بعد ذلك دخلت دوريس المدرسة الثانوية ولم تستطع إكمال دراستها، وبهذا خرجت من تعليمها الرسمي وهي لا تزال في سن الثالثة عشرة. كرّست دوريس ليسنغ جلّ وقتها على تثقيف ذاتها كما العديد من الكاتبات في أفريقيا الجنوبية أمثال أوليف شرينر ونادين غوردماير، وقد علّقت دوريس على هذا مؤخراً بقولها «الطفولة البائسة قد تنتج كتاباً روائيين متميزين، نعم، أعتقد أن هذا صحيح، إلا أنه لم يكن جلياً لي وقتها. طبعاً، لم أفكر حينها بأن أصبح كاتبة، كنت أفكر دوماً بالطريقة التي أهرب بها من البيت». قرأت ليسنغ لكبار الكتاب أمثال ديكنز وسكوت وستيفنسون وكيبلنج، كما قرأت في وقت لاحق للورانس وستندهول، وتوليستري ودستويفسكي، وأغنى خيالها القصص التي كانت تسمعها وقت النوم. أمضت سنواتها الأولى تتجرع مرارة الحرب العالمية الأولى من خلال القصص التي يرويها والدها، فقد كتبت عن هذا بقولها «لقد خرجنا جميعاً من رحم الحرب التي طوتنا وعركتنا، لكن يبدو أننا سننساها». هربت دوريس من أمها وهي في سن الخامسة عشر، وعملت مربية أطفال. قدَم لها رب العمل كتباً سياسية واجتماعية لتقرأها في تلك الفترة كما كتبت، كانت في توق أيروسي كبير، ودخلت في حالة من الخيال الرومانسي بعد الإحباط الذي أصابها من خاطبها، وقد كتبت في هذا الوقت بعض القصص، وتقول: إنها باعت اثنتين منها لمجلات في جنوب أفريقيا. حياة ليسنغ كانت تحدياً لما كانت تعتقد به من أنَ الناس لا يمكنهم الوقوف بوجه التيار الجارف لعصرهم، وقد صارعت الكينونة الثقافية والبيولوجية التي أوصلتها إلى الانخراط في زواج وأمومة دون أن تتذمر. قالت مرة تتحدث عن جيل والدتها: «هناك جيل كامل من النساء كأنما توقفت حياتهن حين رزقوا أطفالاً». أصيب معظمهم بمرض عصابي جميل بسبب ـ على ما أعتقد ـ التباين بين ما تعلموه في المدرسة وما يحدث لهم. تعتقد ليسنغ أنها أكثر قدرة على التحرر من معظم الناس لأنها أصبحت كاتبة. «بالنسبة لها الكتابة عملية جلوس عن بعد والتقاط ما هو خام وفردي، وغير منتقد وغير متفحص لدى العموم». في عام 1937 انتقلت إلى ساليسباري، حيث عملت هناك عاملة مقسم لمدة عام. تزوجت في سن التاسعة عشر من فرانك وليسون ورزقت منه طفلين. بعد سنوات قليلة أحست بأنها تتعامل مع شخصية خشيت أن تدمرها، فغادرت عائلتها وبقيت في ساليسباري والتحقت بنادي أدبي يساري يضم مجموعة من الشيوعيين «الذين يقرؤون كل شيء ولا يعتقدون أن القراءة تحمل حالة من التميز» . تزوجت غتفرايد ليسنغ العضو الرئيس في هذه المجموعة بعد التحاقها بهذا النادي بوقت قصير وأنجبت منه طفلاً. بعد الحرب العالمية الأولى بدأت ليسنغ تتحرر من وهم الشيوعية إلى أن تخلصت منه كاملاً عام 1954 بحلول عام 1949 انتقلت ليسنغ إلى لندن مع ابنها الشاب ونشرت في العام ذاته روايتها الأولى بعنوان «العشب يغني» وبهذا بدأت سيرتها الأدبية ككاتبة محترفة. تعتبر هذه الرواية سيرة ذاتية لها، فالجزء الأكبر منها يتحدث عن تجاربها في أفريقيا ويستكشف ذاكرة الطفولة لديها وانشغالها الجاد بالسياسة والشؤون الاجتماعية. كتبت ليسنغ عن صراع الثقافات، والظلم الكبير والتمييز العنصري، والصراع بين القوى المتناقضة داخل شخصية الأفراد، الصراع بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة. شجبت في قصصها ورواياتها التي كتبتها في أفريقيا في خمسينيات وستينيات القرن العشرين تصرف المستعمرين البيض في أفريقيا الجنوبية. وقد أعلن في كل من روديسيا الجنوبية (زمبابوي) وجنوب أفريقيا بأن دوريس شخصية غير مرغوب بها لصراحتها وكتاباتها الجريئة. قرأت دوريس ليسنغ روايات القرن التاسع عشر وحاولت أن توفق بينها وبين متطلبات القرن العشرين وما جاء به من أفكار. وبعد أن كتبت سلسلة «أطفال العنف»1951 ـ 1959، الرواية التقليدية على صعيد الشكل التي تتناول التطور الذي طرأ على ضمير البطلة مارثا كويست، تكون بهذا ليسنغ قد أوجدت أرضية صلبة لروايتها «المفكرة الذهبية» (1962)، هذه التجربة السردية الجديدة التي تستعيد بها ليسنغ الذوات المتعددة للمرأة المعاصرة بتفاصيل فيها الكثير من العمق والمفاجأة. الروايات الأخرى لليسنغ تشمل «الإرهابي الطيب» 1985، و«الطفل الخامس» 1988، كما نشرت روايتين باسم مستعار جين سومرز وهما «يوميات جار طيب» 1983، و«إن استطاع العجوز.....» 1984. وكتبت أيضاً أعمالاً غير روائية تتضمن كتباً عن القطط، وحب منذ الطفولة. وظهر كتاب لها في عام 1995 بعنوان «تحت جلدي: الجزء الأول من سيرتي الذاتية حتى عام 1949» وحصل على جائزة جيمس تيت لأفضل سيرة ذاتية. في حزيران من عام 1995 تلقت درجة الشرف من جامعة هارفارد، وزادت في العام ذاته جنون أفريقيا منذ أن رحلت عنها عام 1956 بسبب آرائها السياسية، ومن السخرية أن تجد الترحيب والتهليل بها ككاتبة وبنفس الموضوعات التي أبعدت لأجلها منذ أربعين عاماً. تعاونت مع المصور شارلي أدلارد وأصدرا طبعة فريدة واستثنائية لروايتها «لعبة اللعبة». كما أعاد نشر هاربر كولينز «الذهاب إلى البيت» و«سعياً وراء الإنجليزي» في الولايات المتحدة عام 1996 بعد ثلاثين عاماً من نفادها. هذان الكتابان المهمان الجميلان قدما رؤية استثنائية لشخصية ليسنغ وحياتها ورؤاها. بعد سبع سنوات نشر هاربر كولينز روايتها الأولى «الحب ثانية» في عام 1996. وفي مقابلة لها وصفت ليسنغ الإحباط الذي انتابها في جولتها العالمية التي استغرقت أربعة عشر أسبوعاً والتي كانت تهدف من خلالها إلى تعزيز سيرتها الذاتية «أخبرت الناشرين بأنني لو بقيت في بيتي وأنجزت كتاباً لكان هذا أفضل لي ولهم، لكنهم لم يستمعوا إلي. بعد ذلك تشبثت قدمي الصغيرتان بمنزلي وقلت لن أتزحزح منه ولن أسمح إلا بمقابلة واحدة فقط». وظلت تتوالى عليها التشريفات، فكانت على رأس المرشحين لجائزة نوبل للآداب، وجائزة اتحاد الكتاب البريطانيين للرواية في عام 1996. نشر هاربر كولينز في وقت متأخر من العام ذاته مسرحية «العب مع النمر ومسرحيات أخرى»، وتشمل أيضاً «الباب المغني» و«لكل بريّته الخاصة». وفي خطوة غامضة نشر هاربر كولينز هذا المخطوط في المملكة المتحدة فقط ولم ينشره في الولايات المتحدة وكان هذا خيبة أمل لقرائها في أمريكا الشمالية. في عام 1997 تعاونت مرة أخرى مع فيليب جلاس، وقدما نصاً للأوبرا «الزواج بين المنطقة الثالثة والرابعة والخامسة» الذي عرض بشهر أيار لأول مرة في هيلدلبيرغ في ألمانيا. ثم جاء «نزهة في الظلال» الجزء الذي طال انتظاره لأنه كتاب آخر عن سيرتها الذاتية، ونشر لأول مرة في تشرين الأول من العام ذاته، وتم ترشيحه لجائزة حلقة نقاد الكتاب الوطني كأفضل سيرة ذاتية. هذا الكتاب يوثق وصولها إلى إنكلترا في عام 1949 ويفضي إلى نشر «المفكرة الذهبية» وكان هذا هو الجزء الأخير من سيرتها لأنها لم تكتب الجزء الثالث. روايتها الجديدة بعنوان «مارا ودان» نشرت لأول مرة في كانون الأول من عام 1999 في الولايات المتحدة ونشرت في بريطانيا في نيسان من العام ذاته. وقد أعلنت في مقابلة في صحيفة ديلي تلغراف «كنت أكتبها بشغف وحينما انتهيت منها حزنت كثيراً لأنها حررت عقلي». في الحادي والثلاثين من كانون الأول عام 1999 وقبل حلول الألفية الثالثة، وفي قائمة الشرف البريطانية الأخيرة عينت دوريس ليسنغ «المرافق الشرف»، الأمر الملكي الذي يعطى لهؤلاء الذين قدموا خدمات وطنية جليلة، كما كشفت بأنها رفضت عرضاً بأن تصبح سيدة الإمبراطورية البريطانية لأنه لا يوجد إمبرطورية، أما عن تسميتها بمرافق شرف فقد أوضحت بأن هذا يعني أنك «لا تدعى شيئاً، ولم يكن هذا مطلباً. لقد أحببت هذا». قائمة الشرف تم اختيارها من قبل حكومة حزب العمال لتشرّف الناس في كل مناحي الحياة لمساهماتهم في مهنهم وأفعالهم الخيرة. وقد منحتها هذه الدرجة رسمياً الملكة إليزابيث الثانية. في كانون الأول من عام 2000 «تم الكشف عن صورة دوريس ليسنغ التي رسمها ليوناردو ماكومب في معرض الصور الوطني. كما نشر في ربيع 2000 في بريطانيا» بن في العالم» «وهي تتمة لـ «الطفل الخامس»، ونشرت في الولايات المتحدة في صيف العام ذاته. في عام 2001 منحت جائزة أمير أستورياس للأدب، وهي إحدى الجوائز الأسبانية الرفيعة تكريماً لأعمالها الأدبية المتألقة في الدفاع عن الحرية وقضايا العالم الثالث. ومنحت جائزة ديفيد كوهين للأدب البريطاني. في عام 2005 كانت على قائمة المرشحين لجائزة مان بروكر الدولية. وفي عام 2007 حازت على جائزة نوبل للآداب. أحدث رواية كتبتها بعنوان «الصدع». جريدة الاسبوع الادبي العدد 1083 تاريخ 8/12/2007 | |
|