إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التدين وأثره فى الصحة النفسية للفرد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

التدين وأثره فى الصحة النفسية للفرد Empty
مُساهمةموضوع: التدين وأثره فى الصحة النفسية للفرد   التدين وأثره فى الصحة النفسية للفرد Empty7/6/2008, 3:20 am

المتأمل فى الأساليب المختلفة التى يبتكرها علماء النفس للعلاج النفسى وإعادة التوافق بين الإنسان وذاته وبينه وبين مجتمعه، يلاحظ أن هذه الأساليب على كثرتها وتنوعها – ما بين علاج كيماوى باستخدام العقاقير، أو علاج بالصدمات الكهربية، أو عن طريق التحليل النفسى، أو غيرها- إلا أنها جميعاً تغفل عاملاً هاماً فى العلاج النفسى ألا وهو الدين.
وقد يرجع ذلك إلى أن نشأة العلم الغربى والتى واكبت النهضة الأوربية كانت فى أساسها ثورة فكرية موجهة ضد الكنيسة الأوربية التى وقفت طويلاً فى وجه الأفكار العلمية الجديدة وأضطهدت الكثير من العلماء، ومن هنا كان تجاهل الدين ودوره فى الصحة النفسية للفرد وفى العلاج النفسى نتيجة حتمية للثورة الفكرية ضد رجال الكنيسة الغربية الذين يمثلون الدين فى نظر الفكر الأوربى.
وإن كان بعض علماء النفس المحدثين قد تنبهوا إلى أهمية الناحية الروحية فى البناء النفسى للإنسان، إلا أنهم اتجهوا ناحية التصوف بمعناه السائد فى الديانات الهندوكية ومثيلاتها، ولم يقدر لهم العودة إلى الدين الإلهى الذى نزلت به رسالات السماء.
ولكن الحقيقة التى لا شك فيها أن العقيدة فى الله وفى عدله ورحمته، وفى العوض والجزاء عنده فى دار الخلود، تهب الإنسان الصحة النفسية والقوة الروحية، فتشع فى كيانه البهجة، ويغمر روحه التفاؤل، وتتسع فى عينه دائرة الوجود، وينظر إلى الحياة بمنظار مشرق، ويهون عليه ما يلقى وما يكابد فى حياته، ويجد من العزاء والرجاء والسكينة، ما لا يقوم مقامه ولا يغنى عنه علم ولا فلسفة ولا مال ولا ولد ولا مُلك المشرق والمغرب، ورضى الله عن عمر إذ قال: ما أصبت بمصيبة إلا كان لله علىَّ فيها أربع نعم؛ أنها لم تكن فى دينى، وأنها لم تكن أكبر منها، وأننى لم أحرم الرضا عند نزولها، وأننى أرجو ثواب الله عليها.
أما الذى يعيش فى دنياه بغير دين، بغير إيمان يرجع إليه فى أموره كلها وبخاصة إذا ادلهمت الخطوب وتتابعت الكروب والتبست على الناس المسالك والدروب، فإنه يعيش مضطرب النفس متحير الفكر مبلبل الاتجاه ممزق الكيان، ولهذا نرى الذين يعيشون بغير عقيدة راسخة يتعرضون أكثر من غيرهم للقلق النفسى، إذا صدمتهم نكبات الحياة، فإما انتحروا انتحاراً سريعاً، وإما عاشوا مرضى النفوس، أمواتاً كالأحياء على نحو ما قال الشاعر العربى القديم:
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
إنما الميت من يعيش كـئيباً كاسفاً باله، قليل الرجاء

وهذا ما يقرره علماء النفس وأطباء العلاج النفسى فى العصر الحديث، وهو ما سجله المفكرون فى العالم كله، فها هو المؤرخ والفيلسوف (أرنولد توينبى) يقول: الدين إحدى الملكات الضرورية الطبيعية البشرية، وحسبنا القول بأن افتقار المرء للدين يدفعه إلى حالة من اليأس الروحى. ويقول الدكتور (كارل بانج) فى كتابه (الإنسان العصرى يبحث عن نفسه): إن كل المرضى الذين استشارونى خلال الثلاثين سنة الماضية من كل أنحاء العالم كان سبب مرضهم هو نقص إيمانهم وتزعزع عقائدهم، ولم ينالوا الشفاء إلا بعد أن استعادوا إيمانهم. ويقول الفيلسوف (وليم جيمس): إن أعظم علاج للقلق هو الإيمان. ويقول الدكتور (بريال): إن المرء المتدين حقاً لا يعانى قط مرضاً نفسياً. ويقول (ديل كارنيجى) فى كتابه (دع القلق وأبدأ الحياة): إن أطباء النفس يدركون أن الإيمان القوى والاستمساك بالدين كفيلان بأن يقهرا القلق والتوتر العصبى. وقد أفاض الدكتور (هنرى لنك) فى كتابه (العودة إلى الإيمان) فى بيان ذلك والتدليل عليه بما لمسه وجربه من وقائع وفيرة خلال عمله فى العلاج النفسى.
وقد أكدت إحدى الإحصائيات الرسمية فى الولايات المتحدة الأمريكية أن أكثر من ثمانين فى المائة (80%) من مرضى المدن الأمريكية الكبرى يعانون أمراضاً ناتجة عن الأعصاب، وأن من أهم جذور هذه الأمراض النفسية: الكراهية والحقد والجريمة واليأس والترقب والشك والأثرة، وكل هذه الأعراض تتعلق مباشرة بالحياة المحرومة من الإيمان بالله.
ومن هنا فإن الإيمان بالله عز وجل يعتبر أنجع علاج نفسى يقى الإنسان من أمراض هذا العصر المتعددة، والمتمثلة فى أكثر مظاهرها بالخوف والقلق، فإنسان هذا العصر مادى بكل ما تحمله الكلمة من معان، فهو يحاول جمع المال بكل السبل، ويدخره خوفاً من الفقر، ويحاول أن يخترع السلاح الفتاك، ويكدسه خوفاً على نفسه من الغير، ويحاول أن يستمتع بحياته فيلهو ويعبث ما شاء له اللهو والعبث خوفاً من التقدم فى العمر والعجز عن اغتراف اللذات، فأصبح يعيش ليومه ونفسه فقط، ومن هنا كان قلقه وحزنه، ولكن الإيمان يبعد الإنسان عن كل هذا، فهو يعلمه أن مصيره بيد الله، وأن كل شىء بيد الله، وأن النفع والضر بيد الله، فيستسلم لإرادة الله واثقاً مطمئناً من عدله ورحمته ويجد فى ذلك التسليم الحصن الحصين والملجأ الأمين الذى يهبه الاطمئنان، فلا يجزع لشىء، وإنما يتسلح بإيمانه ليكون له الملاذ الأول والأخير الذى يجد فيه سكينة النفس، أما من حرم الإيمان فإنه يحرم نعمة السكينة والطمأنينة فيصبح فريسة سهلة للخوف والقلق الذى يجعله يعيش فى اضطراب دائم وهم مقيم.
وخلاصة القول أن الدين يعمل على غرس مجموعة من القيم الروحية والعادات الأخلاقية السامية، والتكيف النفسى ما هو إلا محصلة هذه العادات التى تسمو بالفرد وتجعل طرائقه فى الحياة متسمة بطابع الاتزان والهدوء والثبات الانفعالى، وهذه القيم الأخلاقية والروحية قادرة بعد توحد الإنسان معها وتشربه لها على أن تجنبه كل ما قد يفسد عليه حياته أو يعصف بهدوئه وراحته النفسية
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
التدين وأثره فى الصحة النفسية للفرد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الرضا الزواجي وأثره على بعض جوانب الصحة النفسية - ماجستير
» التدين المغشوش
» أسس الصحة النفسية للدكتور عبد العزيز القوصى
» د. محمد السيد سعيد يكتب عن: التدين والتقدم
» التخلف و التدين في العالم الإسلامي (كتيب).

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: