د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: د. محمود عزمي.. المدافع القوي عن حقوق الإنسان 13/12/2008, 12:48 pm | |
| د. محمود عزمي.. المدافع القوي عن حقوق الإنسان بقلم: د. علي الدين هلال من الجدير بنا ونحن نحتفل بمناسبة مرور60 سنة علي صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان ان نتذكر الرجال الذين عاصروا وشاركوا في صنع هذه الوثيقة التاريخية المهمة واسماء الرجال الذين قاموا بأدوار رائدة في الترويج ونشر مفهوم حقوق الانسان في مصر, يأتي علي رأس هؤلاء د. محمود عزمي(1889 ــ1954) والذي عاش حياة حافلة في مجالات الصحافة والفكر والعمل الحزبي والحكومي والدبلوماسي وكان من المشاركين في المناقشات التي دارت في اروقة الامم المتحدة خلال اعوام1946 ـ1948 والتي توجها اصدار الاعلان.
وليس ادل علي الدور الذي قام به د.محمود عزمي من العبارة التي وردت في الدراسة التي اصدرتها اللجنة الامريكية لحرية الاديان الدولية عام2005 اي بعد نصف قرن من وفاته ـ بعنوان بين الدين والدولة والحق في حرية الدين او المعتقد والتي ورد فيه بالنص ان الدور الذي لعبه ممثل مصر د. محمود عزمي خلال فترة صياغة وتمرير الاعلان يوفر مثالا علي التوق الي عالمية هذه الوثيقة. لقد كان د.محمود عزمي مدافعا قويا عن حقوق الانسان لجميع الافراد بما فيهم النساء والاقليات وقد دافع بشراسة عن الاعلان واشار الي التاريخ الطويل والمتعدد الحضارات والديانات لبلاده لتوضيح ان الالتزام بحقوق الانسان ليس مبدأ غربيا بل بشري عالمية.
فمن هو محمود عزمي؟ وماهو الدور الذي قام به؟ من واقع الكتاب الذي ألفه الاستاذ هاني نسيرة عنه فإنه شاب مصري ولد عام1889 في احدي قري مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية, التحق بكلية الحقوق ونظرا لتفوقه اختارته الجامعة ليكون مبعوثا لها عام1909 فسافر الي فرنسا للحصول علي درجة الدكتوراه, وبعد عودته عاش حياة حافلة بالاحداث والعطاء العام. ففي مجال الصحافة, اشتغل بعديد من الجرائد مثل العلم والسياسة والشرق الجديد والمحروسة وعمل مراسلا للاهرام في باريس ولندن ورأس تحرير مجلة روز اليوسف, وفي مجال التدريس عمل مدرسا للاقتصاد بمدرسة التجارة العليا, وفي كلية الحقوق بجامعة بغداد, كما قام بالتدريس بمعهد التحرير والترجمة والصحافة وفي مجال العمل الحكومي اشتغل مديرا لادارة التشريع بمصلحة الضرائب, وفي المجال السياسي شارك في تأسيس الحزب الديمقراطي.
ولكن مايهمنا هنا هو دوره في مجال حقوق الانسان والذي بدأ مبكرا في عام1931 عندما اسس في باريس الجمعية المصرية لحقوق الانسان والتي انضمت للفيدرالية الدولية لحقوق الانسان وشارك عزمي في اجتماعات المجلس الاقتصادي و الاجتماعي خلال الدورة الاولي للجمعية العامة للامم المتحدة التي عقدت في لندن في يناير ـ فبراير1946 ثم شارك في جلسات المجلس في الدورتين التاليتين بمدينة جنيف السويسرية عامي1947 ـ.1948
ومن خلال عضويته في لجنة حقوق الانسان حذر من خطر الانزلاق وراء بعض التيارات التي هدفت الي تشجيع التبشير الديني في الدول الاسلامية, واعترض علي اقتراح تعديل المادة الواردة في مشروع الاعلان الخاصة بالحق في تغيير العقيدة والتفصيل فيها واوصي بالاكتفاء بالنص العام علي حرية الفكر والعقيدة والدين واقامة الشعائر وهوماتمت الموافقة عليه كما اعترض عزمي علي محاولات بعض الدول الكبري لجعل تطبيق الاعلان غير ملزم لها في المستعمرات التي تسيطر عليها والاقاليم التي لاتتمتع بالحكم الذاتي, واعتبر ذلك التفافا علي الطابع العالمي للاعلان الذي يتجه الي جميع البشر بغض النظر عن الاوضاع السياسية التي يخضعون لها. ثم شارك عزمي في جلسات الجمعية العامة التي عقدت في قصر شابو بباريس عام1948, والتي تم فيها التوقيع علي الاعلان العالمي لحقوق الانسان بواسطة مندوبي58 دولة وهم كل اعضاء الامم المتحدة وقتذاك.
واستمر دور عزمي علي مستوي الامم المتحدة, ففي عام1949 اختير عضوا بلجنة حرية الاعلام والتي انتخبته رئيسا لها في العام التالي, وفي عام1951 اصبح عزمي ممثلا لمصر في لجنة حقوق الانسان وفي عام1953 انتخب رئيسا لها لمدة عامين, وفي نفس العام اختارته الحكومة المصرية رئيسا لوفد مصر الدائم بالامم المتحدة واستمر في عمله حتي وفاته عام1954 وهو يتحدث مدافعا عن حق مصر مفندا لمزاعم اسرائيل بشأن حادثة الباخرة بات جليم التي احتجزتها السلطات المصرية ومنعتها من المرور في قناة السويس استنادا الي وجود حالة حرب بين البلدين.
وعلي المستوي الداخلي, استمر عزمي في الدفاع عن ضرورة احترام حقوق الانسان باعتبارها الركن الاساسي للنظام الديمقراطي, واشترك بالرأي والكتابة في شرح مضمون الاعلان العالمي لحقوق الانسان واهميته لكل الشعوب مؤكدا الطابع العالمي والانساني له وانه لايجب ان ينسب الي ثقافة معينة دون غيرها بل انه ملك للبشرية كلها. وانه يرتبط كما يرد في ديباجته بمبدأ الاعتراف بالكرامة الإنسانية المتأصلة في سائر اعضاء الاسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة وان هذا الاعتراف هو اساس الحرية والعدل والمساواة في العالم وان مايهدف اليه البشر هو عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفاقة والفزع.
وفي يوم السبت1949/12/10 وبمناسبة الذكري الاولي لاصدار الاعلان العالمي ألقي الدكتور عزمي محاضرة في نادي الاتحاد الثقافي المصري كما تحدث في الندوة التي نظمتها كلية الحقوق بجامعة فؤاد الاول( جامعة القاهرة) والتي شارك فيها الاستاذ شفيق غربال المؤرخ المصري العظيم والتي كان يشغل وقتها منصب وكيل وزارة المعارف, ثم قام عزمي بإصدار كتاب عن حقوق الانسان في عام1950 عرض فيه لمضمون الاعلان وفلسفته وطابعه العالمي الانساني ومؤكدا ان تعزيز احترام هذه الحقوق والحريات ينبغي ان يتم من خلال التعليم والتربية وكذا من خلال وجود بنية قانونية قوامها الدستور والتشريع لضمان تنفيذها.
وكتب د. عزمي كثيرا في ضرورة المساواة بين كل الناس في الحقوق السياسية بغض النظر عن المعتقد السياسي وخصوصا بين الرجال والنساء ورفض استخدام العنف في الحياة السياسية, ولخص عقيدته في هذا الشأن بقوله: حقوق الانسان عندي من اعز ما أصبو أن أراه سائدا للجماعة المصرية من اعتبارات. نشرت بجريدة الأهرام عدد السبت 13/12/2008 | |
|