إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قراءة متأنية للمرحلة التأسيسية بقلم عزالدين مبارك*

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابوالراشدات
عضو نشيط




ذكر عدد الرسائل : 66
العمر : 69
التخصص : اقتصاد
الدولة : تونس
تاريخ التسجيل : 11/08/2011

قراءة متأنية للمرحلة التأسيسية بقلم عزالدين مبارك* Empty
مُساهمةموضوع: قراءة متأنية للمرحلة التأسيسية بقلم عزالدين مبارك*   قراءة متأنية للمرحلة التأسيسية بقلم عزالدين مبارك* Empty22/3/2013, 6:27 pm

قراءة متأنية للمرحلة التأسيسية
بقلم عزالدين مبارك*

يمكن للمرء الآن وبعد مرور فترة لا بأس بها من الخوض في مسألة جدوى الفترة التأسيسية الانتقالية وهل كانت فعلا ضرورية أم هي مجرد مضيعة للوقت؟ فالسؤال المطروح بإلحاح متى تنتهي هذه الفترة ويتم المرور إلى مؤسسات مستقرة وثابتة خاصة بعد أن كثر الجدل والتجاذبات وعم الغموض المشهد السياسي وتأزمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وبات من الضروري وضع نهاية لهذه المدة.
فبعد انهيار النظام السابق بصفة فجئية غير متوقعة اختلط الحابل بالنابل ولم يكن هناك تصور واضح أمام الحركات السياسية التي عادت للنشاط من جديد على عجلة من أمرها وقد كان المد الجماهيري طاغيا ومتجاوزا القبضة الأمنية المنهارة تحت أنظار الجيش الذي خير الحياد والوقوف على الربوة.
وكان الخوف هو سيد الموقف بحيث توارت جحافل المنخرطين والمنتمين ومناضلي التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل وكانت الاعتصامات هي التي تحدد الموقف السياسي للحكومات المتلاحقة.
وفي البداية تشبث الجميع بقشة الدستور القديم فأتى رئيس مجلس النواب رئيسا مؤقتا وكان من الممكن انتخاب رئيس جديد بعد 60 يوما وإعداد دستور جديد وإصلاحات سياسية فيما بعد لكن أراد البعض الالتفاف على الصيرورة الدستورية القائمة عندئذ واستندوا على الشرعية الثورية في غياب قيادات الثورة الغائبة والتي لم تكن جاهزة ومتمكنة فألغوا الدستور جملة وتفصيلا وتركوا البلاد على كف عفريت.
وكانت فكرة المرحلة التأسيسية قد تبلورت في الأذهان ونادى المنادي بانتخاب مجلس تأسيسي وقد تم ذلك برعاية حكومة الباجي قايد السبسي التي سلمت مقاليد السلطة الفعلية لحكومة الترويكا بزعامة النهضة لأن الرئيس المؤقت حسب الدستور الصغير صلاحياته محدودة ويكاد يكون منصبه شرفيا.
وهذا الانتقال الديمقراطي للسلطة يعد الانجاز السياسي الأبرز لحكومة الباجي لأنه ما عدى ذلك لم تتحقق المطالب الشعبية ولم تتحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بصفة ملموسة بل اشتدت الاحتجاجات والاعتصامات والمواجهات الأمنية وتطورت نسب الفقر والبطالة إلى مستويات غير مسبوقة.
وبدأت المرحلة التأسيسية بهيمنة النهضة المالكة للأغلبية على آليات صنع القرارات وكتابة الدستور متمسكة بالشرعية الانتخابية ومتجاوزة نقد المعارضة المتشتتة والمبعثرة في أحزاب غير متجذرة في الواقع الشعبي التونسي وقليلة الأنصار بحكم سطوة الاستبداد في فترة الديكتاتورية.
وخلال فترة حكم النهضة اشتدت المنافسة بين أربعة أطراف رئيسية للاستحواذ على المشهد السياسي المنفلت بطبعه والخارج عن الضوابط والمسؤولية وهي النهضة كحزب سياسي له مشروع إسلامي معتدل والتيار اليساري الديمقراطي والتيار الدستوري والتيار السلفي.
وفي غياب الآليات الديمقراطية الراسخة فقد استعمل كل شق ما لديه من أدوات فكرية ولوجستية ومالية وشعبية في شيطنة الطرف الآخر لجلب الأنصار والمريدين إلى حضيرته وعينه على الانتخابات القادمة واشتد صراخ المعارضة تحت قبة التأسيسي وقد خاب ظنها في هذا التمشي الذي ربما ندمت على النداء إليه بعد فوات الأوان وأعطت رقبتها لحساب العدد في انتظار حسنة أو صدقة من هنا وهناك.
وفي السياسة لا توجد النوايا الحسنة أو هدايا لوجه الله فهي سوق المزايدات والتنازلات والضرب تحت الحزام والتقلبات اللامعقولة في المواقف ففي ظل كل هذا أصبح المجلس التأسيسي بعد مرور فترة طويلة ولم نر الدخان الأبيض يظهر بعد، مكانا للجدل العقيم وحب الظهور الاعلامي والمناكفات وحتى الخروج عن آداب الحوار واللياقة.
وقد مل الشعب الكريم في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية من تمطط هذه الفترة التأسيسية بدون منفعة محققة سوى ربح الوقت والانتفاع بالامتيازات أطول فترة ممكنة لأن كتابة الدستور عن طريق لجنة خبراء بعد تحديد الأولويات والخطوط العريضة من طرف النواب وبعد ذلك يتم الاستفتاء عليه شعبيا أفيد وأنجع للمجموعة الوطنية. وهذه العملية لا يمكن أن تتجاوز ستة أشهر على أقصى تقدير كما يمكن الاعتماد على دستور 1959 وتنقيحه.
فالدستور هو وثيقة عامة تحدد طبيعة النظام وتحدد مهام وآليات انتخاب السلطات الثلاث والعلاقة بينهم والتفاصيل ستحددها القوانين بعد ذلك وهي هامة لأنها تمس مصالح الناس وحياتهم الخاصة والعامة. وقبل وبعد ذلك فالمهم هو العقلية التي ستشرف على تنفيذ القوانين وتصرفات أهل السياسة والحكم وعلاقتهم بالمواطن. فالقوانين مهما كانت جيدة ومتقدمة لا تساوي شيئا في بيئة غير ديمقراطية وعادلة.
أما مهمة مراقبة الحكومة فقد بقيت غامضة وغير واضحة بحيث يستمع المجلس وهو سيد نفسه كما يقولون إلى الوزراء المنتمين للأحزاب الحاكمة دون أخذ المبادرة بالتوجيه والتعديل إذا رأى عيبا أو تجاوزا وهو صاحب القرار الأول والأخير وبهذا وقع التخلي عن سيادته المنوطة بعهدته من طرف الشعب ولم يقم بواجبه.
وخلاصة القول أن الفترة التأسيسية قد طالت أكثر من اللزوم وإلى حد الآن لم تتمخض عن حلول إيجابية ومقنعة بحيث لم يتم انجاز الدستور وبقية القوانين الهادفة إلى تكريس الحياة الديمقراطية المستقبلية وخلقت وضعا شديد التوتر بين الفرقاء السياسيين وجدلا عقيما أدى في أحيان كثيرة إلى الفوضى والعنف وغاب التوافق ونكران الذات في سبيل المصلحة الوطنية مما كلف المجموعة هدرا للوقت والمال.
ورغم ذلك فقد عاش الشعب تجربة فريدة من نوعها ولو كانت مؤلمة في بعض الأحيان ويبقى الحلم جائزا وتتغلب الحكمة على السفسطة والموضوعي على الشخصي حتى نصل في منظور قريب إلى شط الأمان.
*كاتب ومحلل سياسي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قراءة متأنية للمرحلة التأسيسية بقلم عزالدين مبارك*
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: