المقدمة
يعد موضوع العولمة ، مدار جدل جدي بين الأوساط الجامعية والإعلامية والاجتماعيين وعلماء النفس والفلاسفة والمفكرين وعلماء البيئة والطبيعة والتيارات السياسية والمجتمع المدني ، ويلاحظ ذلك من خلال إعداد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات والتحليلات التي لم تثمر عن شيء يذكر ، لأن الإرادة الحقيقية غير متوفرة وان مروجي ظاهرة العولمة مصرون بالاستمرار بنهجهم ، وأن هاجس الأكثرية في النخبة الوطنية المثقفة والواعية من الطرف الآخر ينتابها الشك والريبة بسبب الغموض الذي يلف هذا المصطلح الكوني ((اللُغز)) وعدم الحصول على الإجابات الوافية لأسئلة سبق وان طُرحت في لقاءات سابقة مباشرة أو غير مباشرة 000 ونسمع تطمينات وآمال تطلق من هنا وهناك من جهات محسوبة على العولمة ، وحتى من جنسيات عربية بقصد الإقناع دون الإفصاح عن حقيقة ما يجري0 إن الترويج للعولمة قد ظهر بوضوح بعد اكتشاف الفضاء الخارجي ونصب الأجهزة الاستخباراتية المتنوعة (غزو الفضاء) وقيام حوادث عالمية نذكر من بينها التحول المفاجئ في الحرب الباردة ، وتفكيك المعسكر الاشتراكي بعد حربي يوغسلافيا والعراق (الأولى) في التسعينات من القرن الماضي ، وإنهاء حلف وارسو ، وتحديد الترسانة النووية ورؤوس صواريخ سولت 2 من جانب السوفيت ، وتدمير قسم منها زمن الرئيس يلسن من جانب واحد ودخول دول اشتراكية إلى الاتحاد الأوربي ( اتفاقيـة شنغن ) ، ومن ثم بدء رسم خارطة أمريكية جديدة للعالم ( خارطة الطرق )0 جاءت حرب أفغانستان ثم العراق الثانية والتدخلات في دارفور والصومال ولبنان، وتطويق سوريا والتلويح بتدمير إيران، ولكن الجدير بالذكرإن أول من أطلق اسم العولمة على هذه الظاهرة هو عالم الاجتماع الكندي ((مارشال ماك لولهن)) عام 1964 .
كانت العولمة إحدى أهم وسائل الدعاية للأفكار الغربية الجديدة الناتجة من التطور التقني والعلمي الهائل لشبكة الاتصالات وانتشار الفضائيات وشبكة المعلومات (inter net ( حيث أدخلت البهرجة إلى العالم العربي مبهورين بها وبوسائلها التقنية المتقدمة، فقد أحدثت تغيرات في البرامج والمناهج التعليمية وانصرف التلاميذ عن أداء دورهم الايجابي بل أثرت على مستوى القراءة والكتابة والتفكير كون ما حدث يعتبر ثورة هائلة جديدة لم يعتد المجتمع العربي عليها على الرغم مما تحمله من منافع وايجابيات تسهم في تطور العلم والمعرفة واختزال للزمن ، ولذلك انعكس ذلك سلباً على المجتمع العربي وثقافتـه وتراثه وحضارته بالاستغلال الخاطئ لهذه التقنية من كلا المجتمعين العربي والغربي واستغلالها من قبل البعض لأغراض منافية للأخلاق والعادات والقيم الاجتماعية للمسلمين خلافاً لما جاء بالقرآن الكريم، فضلاً عن الإساءات الصارخة والتي تمثل جزاءً من التأثير السلبي للعولمة على الثقافة العربية ، والقادم أعظم طالما أن هناك استغلالاً قسرياً يفرض لتغيير
معتقداتنا والتدخل في الصغيرة والكبيرة وهذا ما يستدعي الحذر الشديد ، والبحث عن وسائل تحصين الشباب والأسرة التي هي نواة المجتمع العربي من دون انتظار 00
إن المعلن من العولمة يجعل العالم قرية كونية مصغرة تستطيع تبادل المعلومات والمنافع فيما بينها ولكن هناك وجه آخر لها قد يوصل إلى نوع من الاستعمار والاحتكار الجديد إذا لم يتم التعامل معها واستغلالها بالطريقة الصحيحة بعيدًا عن المنافع السياسية والاقتصادية ذات الجانب الواحد حيث يتمثل بالسيطرة على العقول والثروات ، واستباحة للمجتمعات المحافظة والمسالمة ومن ثم زيادة القهر الطبقي والاجتماعي من خلال إشعال الحـروب وكوارث التهجير الطائفي والعـرقي وقبول المرتزقـة في المجتمع العربي ليقاتل أهله وعشيرته من خلال التدني في المستوى الثقافي والعلمي
تجمع لدى الباحث مادة علمية غزيرة بسبب كثرة ما نشر ، إذ أن القليل منه يحمل النظرة الوردية والكثير يحمل النظرة التشاؤمية0 وان اسلوب البحث العلمي الذي تم إتباعه يقوم على أساسيين هما الاستقصاء والتحليل العلمي معاً0
ينقسم البحث إلى اقسام وفصول ومباحث مترابطة بعضها البعض وذات علاقة بعنوان الرسالة حيث يتناول القسم الأول دراسة في العولمة ويتفرع عنه فصلان: في الأول سنتطرق فيه إلى العولمة نشأتها00وتطورهاتم ثم الاهداف0 وفي الفصل الثاني سنتناول فيه دراسة في مفهوم الثقافة ، ثم يتم دراسة ثقافة العولمة وتجلياتها وماذا يعني هذا المفهوم بالنسبة إلى الثقافة العربية، أما القسم الثاني سيتضمن دراسة في والثقافة العربية الإسلامية ويتفرع عنه الفصلان التاليان: الفصل الأول سنتناول دراسة واقع المجتمع العربي الإسلامي من خلال دراسة واقع البنية الاجتماعية لهذا المجتمع كما سيتم دراسة واقع الثقافة العربية المتمثلة في اللغة العربية والبحث في إيجاد الوسائل الكفيلة في المحافظة عليها. أما الفصل الثاني سيتم فيه دراسة ظاهرة العولمة وتأثيراتها في المجتمع العربي والإسلامي بكل جوانبه.
واجه الباحث الكثير من المشاكل من حيث الحصول على المعلومات الحيادية والمنتقاة بسبب كثرة ما نشر في مختلف وسائل الإعلام المرئي والمكتوب00وكان عليه أن يمحص المعلومة الدقيقة بغية الوصول إلى الأمانة العلمية 0
وأخيراً ستكون هناك الخاتمة التي تتضمن ملخصاً يشتمل على أهم ما تم تناوله في البحث ومن ثم موجز عن أهم التوصيات التي خرج بها البحث والانتقال في النهاية إلى أهم المصادر والمراجع التي اعتمد عليها البحث 0