د. فرغلى هارون
المدير العـام
 عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008
 | | موضوع: العولمة الاقتصادية Economic Globalization 7/6/2008, 2:03 am | |
| " تعنى العولمة الاقتصادية وفقاً لتعريف البنك الدولى، نظاماً تجارياً عالمياً مفتوحاً تزول فيه العوائق أمام حركة السلع والبضائع والخدمات وعوامل الانتاج خاصة رأس المال عبر الحدود الدولية، وتغدو فيه التجارة الدولية الحرة والمتعددة الأطراف هى القاعدة وهذا يؤدى فى النهاية إلى تكامل اقتصادى عالمى متزايد فى أسواق السلع والخدمات ورأس المال." ([i])
ويعرفها نبيل حشاد بأنها " زيادة درجة الاعتماد المتبادل بين الدول على مستوى العالم من خلال زيادة حجم ونوعيات التبادل التجارى، سواء بالنسبة للسلع أو الخدمات، بالإضافة إلى انتقال رؤوس الأموال والتكنولوجيا بين الدول المختلفة." ([ii])
كما يمكن تعريفها بأنها " مرحلة من مراحل النظام الرأسمالى العالمى، وفيها تذوب الشئون الاقتصادية للدولة القومية فى الإطار العالمى، دون اعتبار للحدود السياسية للدول، وفيها ينتقل الانتاج الرأسمالى من عالمية التبادل والتوزيع إلى عالمية الانتاج وإعادة الانتاج فى ظل هيمنة الدول المتقدمة والشركات متعددة الجنسيات والمنظمات العالمية، وإنهاء أى تدخل للدولة فى النشاط الاقتصادى، وتبنى كل ما هو فى مصلحة رأس المال الذى يتجه نحو انتاج المعلومات." ([iii])
ويرى البعض أن عولمة الاقتصاد يقصد بها " تلك العملية التى تهدف إلى توحيد أجزاء الاقتصاد العالمى وإلغاء الحواجز التى تحول دون الحرية الكاملة لتدفق عناصره ومبادلاته وحركة عوامل الانتاج سواء أكان رأسمال أو عمل أو تكنولوجيا أو غير ذلك. وهى تساوى التغير التكنولوجى زائداً فتح الأسواق للتجارة الدولية والاستثمار مضافاً إليه التغير السياسى." ([iv])
ومن الملاحظ على هذه التعريفات أنها تتفق فى عناصر محددة أهمها:
1- إزالة الحدود فيما بين الدول، وتخفيف قبضة الدولة الوطنية على حدودها.
2- إزدياد حرية حركة رأس المال والبضائع والمنتجات فيما بين الدول.
3- تدويل عملية الانتاج وعدم الاكتفاء بتدويل عملية التوزيع والتسويق.
4- اتجاه الاقتصاد فى ظل العولمة إلى مزيد من التكامل على مستوى العالم.
" والعولمة الاقتصادية أخذت أبعادها فى المرحلة الراهنة بانتصار القوى الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وانهيار الاتحاد السوفيتى والأنظمة الاشتراكية فى دول أوربا الشرقية، فاستعاد النظام الاقتصادى الاجتماعى الرأسمالى هيمنته وانتشاره بدينامية جديدة مؤسسة على اقتصاد السوق والموجة الثالثة (الثورة المعلوماتية) وإدماج القسم الأعظم من الاقتصادات الوطنية بالسوق الرأسمالية العالمية، بحيث أصبحت هذه الاقتصادات أسيرة لمفاهيم السوق والمنافسة الاحتكارية التى تتحكم فيها القمم الاقتصادية العملاقة متخطية الحدود والقيود، مستندة إلى قوى السوق وباشراف مؤسسات العولمة الاقتصادية الثلاث، صندوق النقد الدولى، البنك الدولى للإنشاء والتعمير، المنظمة العالمية للتجارة خليفة (الغات). وتبدو ملامح العولمة فى الاقتصاد من خلال المظاهر التالية:
- الاتجاه المتزايد نحو التكتل الاقتصادى للاستفادة من التطورات التقنية الهائلة.
- تنامى دور الشركات متعدية الجنسية (عبر القومية) وتزايد أرباحها واتساع أسواقها وتعاظم نفوذها فى التجارة الدولية.
- تزايد دور المؤسسات المالية الدولية بشكل مباشر وبخاصة فى تصميم برامج الإصلاح الاقتصادى وسياسات التثبيت والتكيف الهيكلى فى الدول النامية (التحول إلى اقتصاد السوق).
- تدويل بعض المشكلات الاقتصادية مثل الفقر، التنمية المستدامة، السكان والتنمية، التنمية البشرية، التلوث وحماية البيئة، والتوجه العالمى لتنسيق عمليات معالجة هذه المشكلات.
- تعاظم دور الثورة التقنية الثالثة وتأثيرها فى الاقتصاد العالمى.
- بروز ظاهرة القرية العالمية، وتقليص المسافات نتيجة لتطور وسائل النقل والمواصلات وزيادة الاحتكاك بين الشعوب.
- تطور وسائل الإعلام وتأثيرها على طبيعة البشر وتطلعاتهم وسلوكهم.
- تعاظم دور المعلوماتية والإدارة والمراقبة من إدارة المعلومات." ([v])
" والعولمة الاقتصادية تسيطر على اقتصاد العالم بأسره من خلال آلياتها الثلاث وهى: (1) البنك الدولى للإنشاء والتعمير: والذى يختص بالسياسات المالية للدول الأعضاء من خلال برامج التسهيلات والقروض التى يمنحها مقابل اشتراط قيام الدولة المتلقية للتسهيلات بإجراءات محددة يجب تنفيذها فى مجال الاقتصاد. (2) صندوق النقد الدولى: ويختص بالسياسات النقدية للدول الأعضاء من خلال برامج سياسات التثبيت والتكيف الهيكلى. (3) منظمة التجارة العالمية: وتختص بالسياسات التجارية للدول الأعضاء من خلال ما تفرضه من اتفاقيات." ([vi])
ويضاف إلى الآليات الثلاث السابقة آلية رابعة تتمثل فى الشركات متعدية الجنسيات: التى أخذت تسيطر على الاقتصاد العالمى من خلال شبكاتها المتعددة، حيث يقدر أن حوالى 65 ألف شركة متعدية الجنسية، وحوالى 850 ألف فرع تابع لها تشكل العناصر الرئيسية لمنظومة الانتاج المعولم. وتعتبر بمثابة المدير الفعلى لعمليات العولمة الاقتصادية، حيث تتخذ القرارات الأساسية فى النظام الاقتصادى العالمى، وتضع قواعده، وتحدد آليات عمل مؤسساته، بما يتفق مع مصالحها، فى تجاهل تام لسيادة الدول ومعايير الديمقراطية والشفافية والمساءلة.
وفى ضوء التحليل السابق يمكننا تعريف العولمة الاقتصادية بأنها: ( تلك العملية التى تهدف إلى تعميم النظام الاقتصادى الرأسمالى "اقتصاد السوق" على مستوى العالم بما تتضمنه من تحرير للتجارة الدولية وفتح للأسواق وإزالة لكافة الحدود السياسية والجغرافية والجمركية لتحقيق الحرية الكاملة لتدفق رأس المال والمنتجات والخدمات والمعلومات، إضافة إلى تدويل عملية الانتاج والتوزيع، وإنهاء دور الدولة القومية فى تنظيم النشاط الاقتصادى، ونشر ثقافة السوق الرأسمالى الغربى، باستخدام آليات محددة تتمثل فى: البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ومنظمة التجارة العالمية والشركات متعدية الجنسيات، وما تفرضه هذه الآليات من شروط وتسنه من قوانين وتبرمه من اتفاقيات).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
([i])عبد الهادى الرفاعى وآخران، العولمة وبعض الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عنها، مجلة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية، سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 27، العدد 1، 2005. ص 200
([ii])نبيل حشاد، مرجع سابق. ص 13
([iii])فتحى أبو الفضل وآخران، دور الدولة والمؤسسات فى ظل العولمة، مكتبة الأسرة، 2004. ص 29
([iv])نوزاد عبد الرحمن الهيتى، مستقبل التنمية فى الوطن العربى فى ظل المتغيرات العالمية المعاصرة، مجلة علوم إنسانية، السنة الرابعة، العدد 31، نوفمبر 2006. الموقع الالكترونى: www.ulum.nl/
([v])مصطفى محمد العبد الله الكفرى، عولمة الاقتصاد والاقتصاديات العربية، مجلة الفكر السياسى، السنة الثانية، العددان الرابع والخامس، شتاء 98/1999. الموقع الالكترونى: www.awu-dam.org
([vi])فتحى أبو الفضل وآخران، مرجع سابق. ص ص 30-31 | |
|
