إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإستشراق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الطائر التائه
عضو نشيط




ذكر عدد الرسائل : 90
العمر : 35
التخصص : الفلسفة
الدولة : العراق
تاريخ التسجيل : 26/02/2010

الإستشراق Empty
مُساهمةموضوع: الإستشراق   الإستشراق Empty13/6/2011, 9:09 pm

الفصل الاول:
يتعرض إدوارد سعيد في الفصل الأول من كتابه الإستشراق والمعنون ب " مجال الإستشراق" إلى إثارة الإشكال المرتبط بنشأة الإستشراق ونموه في إطار المعطيات التاريخية التي لا تنفصل في كل حال من الأحوال عن سيرورة النزوعات الفلسفية والسياسية في ان .
وانطلاقا من استعراضه للعلاقة القائمة بين الغرب والشرق وجد أن الإسلام قد ظل بالنسبة لأروبا مصدر قلق دائم وخطر يرتبط بها. حيث ظهر ميل ثابث لدى رجال الكنيسة خلال واحد العصورا لوسطى وأوائل النهضة لإفتعال هواة بين الجمهور الأوروبي والمعتقدات الإسلامية التي تجد مصدرها في الكتاب المقدس إلى جانب المصادرالأخرى التي ظهرت في شكل قادر على أن يكون بمثابة حجة تقنع المسيحيين بالحقيقة الدينية المطلقة.
دفعت هذم المعطيات المسيحيين إلى محاولة التفكير بجدية في كيفية إيقاف المد الإسلامي ؛ وذلك من خلال محاولة التدخل في تعديل صورة الشرق والإسلام واصباغها بإيديولوجية غربية من شأنها أن تساهم في زعزعة مقومات المجتمعات الإسلامية . من هنا كثرة الدراسات الاستشراقية التي أحاطت الإسلام بمجموعة من الأحكام والأراء المغالطة للواقع والحاجبة للحقائق.
ولقد تم التنظير للإسلام باعتباره تجربة مصاغة معادلة لتجربة سابقة(المسيحية)، والحقت بالرسول (ص) مجموعة من الخصائص والصفات المهينة، بحيث اعتبر ناشرا لوعي زائف بين هراطقة عصاة( هرطقة محمد ).
إضافة إلى ماسبق قوله يسجل إدوارد سعيد أنه تم اعتبار الإسلام تقليدا مخادعا للمسيحية ؛ والرسول(ص) منتحلا لشخصية المسيح؛ كما تم اسقاط تسمية " المحمدية" على الدين الإسلامي؛ وهي التسمية الغربية التي تختزل الكثير من الإهانة والتلميح إلى أن الدين الإسلامي هو مجرد كلام فارغ من المعنى يقترن باسم مخترعه ومنتحله.
ويرى إدوارد سعيد أنه خلال هذه المرحلة ازدادت الصورة الأوروبية الصارمة للإسلام حدة مكونة تشكيلة واسعة من الأبحاث والأعمال الشعرية والجلبية...هذا من جهة ؛ ومن جهة أخرى إذا ما حاولنا التأريخ لظاهرة الاتشراق انطلاقا من القرنين التاسع عشر والعشرون، فإننا نجد أنه أصبح صيغة من صيع الإسقاط الغربي الذاتي على الشرق وإرادة السيطرة عليه من خلال الحضور البارز للبعد السياسي والسلطوي في الدراسات الإستشراقية ؛ التي تسعى إلى اكتشاف مناطق جديدة ومنثم تمهيدها للإستعمار السياسي بل وجعلها سوق لتفريغ الفائض الإقتصادي؛ أي التحول باختصار من مجرد القيام بأبحاث علمية إلى رغبة واضحة في ترسيخ السيطرة الإمبريالية على اعتبار أن المعرفة سلا استراتيجي " فمعرفة الان هي سياسة الغد".

التعرف على الشرق :
يحاول إدواد سعيد تحت هذا العنوان أن يوضح العلاقة التي تجمع بين موضوعين عظيمين في التحليل العلمي لموضوع الإستشراق وهما: المعرفة والقوة ؛ على اعتبار أن المعرفة الرصينة والفعالة التي تكون موضوع التنفيذ تصبح قوة وسلطة ؛ حيث يقترح إدوارد سعيد مجموعة من الأمثلة على استعمالات هذه الفكرة لدى المستشرقين.
فارثر جيمس حين يلقي محاضرة على مجلس العموم البريطاني ، يسيطر على ذهنه ضرورة الإحتلال البريطاني لمصر والسيطرة عليها بفوقية من خلال” معرفتنا لمصر، لا بالقوة العسكرية أو الإقتصادية بالدرجة الأولى“؛ أذ تعني المعرفة في نظر بلفور المسح الكامل لحظارة ما من أصولها الأولى إلى ذروتها ثم انحطاطها؛ وتعني طبعا امتلاك القدرة على القيام بهذا المسح المعرفي الشامل؛ وهكذا فالمعرفة البريطانية لمصر هي في رؤية بلفور مصر نفسها، وأعباء المعرفة تجعل أسئلة كالدونية والإستعلاء تبدو تافهة؛ ولا ينكر بلفور في أي سياق فوقية بريطانيا ودونية مصر بل يعتبرها مسلمات بديهية حين يص عواقب المعرفة حيث يقول : ” قبل كل شيء ، أنظر إلى حقائق القضية. إن الأمم الغربية فور انبثاقها من التاريخ تظهر تباشر القدرة على حكم الذات...لأنها تمتلك مزايا خاصة ... ويمكنك أن تنظر إلى تاريخ الشرقيين بأكمله فيما يسمى، بشكل عام ، المشرق دون أن تجد أثرا لحكم الذات على الإطلاق. كل القرون العظيمة التي مرت على الشرقيين – ولقد كانت عظيمة جدا- انقظت في ظل الطغيان، ظل الحكم المطلق . وكل اسهاماتهم العظيمة في الحضارة الإنسانية- ولقد كانت عظيمة- أنجزت في ظل هذا النمط من الحكم . فقد خلف فاتح فاتحا، وتلت سيطرة سيطرة؛ غير أنك في دورات القدر والمصير كلها لا ترى أمة واحدة من هذه الأمم تؤسس بدافع من حركتها الذاتية ما نسميه نحن من وجهة نظر غربية ، حكم الذات؛ هذه هي الحقيقة، وليست القضية قضية فوقية أو دونية. زقد يقول حكيم شرقي حق إن الحكومة العملية الفاعلة التي ألزمنا بها أنفسنا في مصر وفي أماكن أخرى ليست مما يليق بفيلسوف- زإن هذا النوع من العمل هو العمل القذر؛ العمل الوضيع؛ عمل أداء الضروري من الجهد“.
وما دامت هذه هي الحقيقة في نظر بلفور فإن ممارسة الحكم الإستعماري على بلاد الشرق وعدم إعطائها استقلالها الجزئي أو الكامل هو خير لها؛ إذ أن التجربة تظهر أن الشرقيين عرفوا في ظل النمط الإستعماري حكومة أفضل بكثير من مما عرفوه خلال تاريخ وجودهم الطويل ؛ إذ أن الإحتلال ليس مصدر خير لهم فقط بل هو نفع لكل الغرب المتحضر . من هنا أهمية البعد البرغماتي في تحليل السياسات الإستشراقية التي أرسى معالمها بلفور من خلال دراسته لمصر.
ينصب بلفور إذن نفسه ناطقا باسم أوروبا بأكملها؛ ويدعي أنه يعرف ما هو خير للسكان بشكل أفضل مما يمك أن يعرفوه أنفسهم . لكن في مقابل ذلك فإن مصر التي كانت ثرواتها تنهب إلى بريطانيا التي كانت تعادل صادراتها إلى مصر جميع صادرات بريطانيا إلى إفريقيا بأكملها؛ حيث كانت شؤونها تدار تبعا لنظرية عامة عبر عنها بلفور بعبارة بليغة الأهمية في هذا المستوى من الدراسة وهي: " فثمة غربيون؛ وثمة شرقيون والسابقون يسيطرون والتالون ينبغي أن يخضعوا للسيطرة"؛ وذلك يعني عادة أن تحتل أراضيهم ، وأن تدار شؤوتهم الداخلية بصرامة، وأن توضع دماؤهم وثرواتهم تحت تصرف هذه الدولة الغربية أو تلك .
أما فيما يخص ممثل انجلترا في مصر " إيفلن بارينغ" وهو اللورد كرومرفإنه يرى من جديد أن المعرفة بالعروق المحكومة أو الشرقيين هي التي تجعل حكمهم سهلا ومجديا؛ فالمعرفة بهم وبعرقهم، وبخصائصهم، وبثقافتهم، وتاريخهم وتقاليدهم، ومجتمعاتهم، وامكانياتهم هي التي من شأنها أن تساهم في إحكام السيكرة الشمولية عليهم.
وقد امن كرومر بأنه وضع معرفته بالشرقيين موضع التنفيذ في حكمه لمصر؛ دون أن يشير إطلاقا إلى أن اإنسان المصري الذي يسيطر عليه ويحكمه هو انسان مسلوب الإرادة والثروات معطل عن كل فعالية، ولا ينال من مراكز التعليم والإرساليات في ظل الإستعمار إلا المقدار الذي يهدف إلي تمزيق نسيج بلده الثقافي وتمجيد الاحتلال وترسيخ الفوقية الغربية؛ حيث يمير كرومر في كتابه" مصر الحديثة" بين الإنسان الغربي والشرقي فيقول: ”قال لي سير ألفرد لايل مرة: إن الدقة كريهة بالنسبة للعقل الشرقي. وعلى كل إنسان أنجلو-هندي أن يتذكر هذا المبدأ الأساسي والافتقار إلى الدقة الذي يتحلل بسهولة ليصبح انعداما للحقيقة؛ هو في الواقع الخصيصة الرئيسية للعقل الشرقي “ . لكن في مقابل ذلك يتم وصف الأوروبي من خلال ربط شخصيته بمجموعة من الصفات الإيجابية، فهو ذو محاكمة عقلية دقيقة؛ وتقريره للحقائق خال من أي التباس، وهو منطقي مطبوع؛ والشرقيون على خلاف ذلك غافلين محرومين من الحيوية والقدرة على المبادرة مجبولين على حب "الإطراء الباذخ" والدسيسة والدهاء فيما بينهم ؛ فوضويون يعجزون عن إدراك أن الطرقات والأرصفة شقت وبنيت لكي يمشي الإنسان عليها؛ وهم حسب كرومر عريقون في الكذب وكسالى وسيئو الظن؛ وهم في ذلك على طرف نقيض من العرق الأنجلوساكسوني في وضوحه ومباشرته ونبله.
يلاحظ إدوارد سعيد في سياق تحليله لفكر كل من بلفور وكرومر أن لغة هذين الأخيرين تحتوي الشرقي وتؤطره بأطر طاغية ، وتحكم عليه أدبيا بصفات معينة تبرر استعماره؛ وإتخاذ القرار بديلا عنه ؛ فيسأل بذلك عن مصدر هذه الأطر والتعميمات الطاغية في لغة الرجلين. وفي محاولة للإجابة عن هذا السؤال يرى إدوارد سعيد أن كل من بلفوروكرومر كان بامكانهما أن يقولا أن يقولا ما قالاه خلال السنوات الأولى من القرن العشرين لأن ثراثا من الإستشراق موروث من الماضي الأوروبي، زودهم بمفردات وصور بالغيه ومجازات ليقولاه بها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإستشراق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: