فى تحقيق نشرته جريدة الدستور فى عددها الأسبوعى الصادر فى 14/11/2008 تساءل الكاتب محمد الخولى بمناسبة فوز السيناتور أسود البشرة باراك أوباما برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الأقوى والأكبر فى العالم، تساءل : هل المصريون عنصريون ؟ وفى اجابته عن هذا السؤال يؤكد الكاتب أن المصريين عنصريون!! ويدلل على ذلك بقوله :
"في مصر لابد أن نعترف بأننا كشعب وحكومة ننظر إلي أصحاب البشرة السوداء نظرة دونية، وأحياناً ما ننادي صاحب هذه البشرة «بالعبد» أو «البربري» أو «الزنجي» لا فرق هنا لا بين الحكومة التي تتعامل مع أصحاب البشرة السوداء بعنف وقسوة... لا فرق هنا بين صاحب البشرة المصري أو الأفريقي، خير دليل علي ذلك هو ما حدث يومي 29 و30 ديسمبر 2005 بميدان مصطفي محمود بمنطقة المهندسين. وما تعرض له عدد من اللاجئين السودانيين الذين كانوا معتصمين في الميدان أمام المفوضية العليا لشئون اللاجئين بالقاهرة مطالبين بإعادة توطينهم في دولة أجنبية من اعتداء شديد من قبل الشرطة المصرية، الغريب في أمر هذه الواقعة أنها كشفت عن أن هناك شيئاً تفعله الحكومة وبالأخص الشرطة يفرح الناس به فكان رد فعل المصريين الذين تواجدوا في المنطقة أثناء قيام الشرطة بهذه الهجمة غريبًا، حيث بدت عليهم السعادة بل إنهم كانوا يشجعون العساكر ويصفقون ويشجعون ويصفرون كلما تقدم العساكر أو أزالوا خيمة وكانت جملة «والله يستاهلوا السود المسيحيين دول إلي بيحصل فيهم»!"
وهو يدعم رأيه هذا بالاستناد إلى رأى الدكتورة هناء الجوهري ـ أستاذة علم الاجتماع بآداب القاهرة ـ والتى ترى فيه أن المصريين عنصريون «جداً» تجاه ذوي البشرة السمراء سواء كانوا أفارقة أو حتي نوبيين أو من ينتمون إلي محافظات جنوب الصعيد أو الأمريكان من أصول أفريقية ولفتت الجوهري إلي أن أسباب النظرة العنصرية للمصريين تجاه السود ترجع إلي إصابة المجتمع المصري بنوع من التمايز الطبقي والعرقي أيضاً فالغني أفضل من الفقير والأبيض أحسن من الأسود.
ولكن أستاذنا الدكتور سمير نعيم أحمد ـ أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس ـ كان له رأى مغاير تماماً فى هذا الموضوع، حيث أكد أنه علي الرغم من أن المصريين لا يرحبون بالزواج من ذوي البشرة السوداء إلا أن ذلك لا يعني أن لديهم عنصرية فلا تنطبق عليهم باقي مؤشرات العنصرية، وأضاف نعيم أنه لا يعتقد أن نظرة المصريين للسود تتسم بالعنصرية كما هو الحال بالنسبة للنظرة إليهم في دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها من الدول الأوروبية!! ودلل نعيم علي كلامه بأن المصري أياً كان نوعه لا يفرق بين السود والبيض عند التعيين في الوظائف كما هو الحال في أمريكا وأن المصريين لا يرفضون الإقامة في عقار يوجد فيه ذوو بشرة سوداء ويضيف نعيم في تاريخ مصر لم يكتب مصري علي محله «ممنوع دخول السود والكلاب» كما حدث من الأمريكان ولفت نعيم إلي أن وصف أصحاب البشرة السوداء بالعبيد أو البربر من جانب عدد كبير من المصريين لا يدل علي العنصرية؛ لأن التاريخ يذكر لنا أنه كان هناك عبيد أفارقة يأتي بهم الأتراك إلي مصر لخدمتهم وكان هناك تلازم بين كلمة عبد كلمة أسود حتي أصبح هناك تساو في المعني في الموروث الثقافي وبسؤال نعيم عن الكيفية التي يوصف فيه الأمريكان بأنهم أكثر الشعوب عنصرية تجاه ذوي البشرة السوداء وفي الوقت نفسه ينتخبون باراك أوباما الأمريكي من أصل كيني صاحب البشرة السوداء للرئاسة الأمريكية أجاب بأن الرئيس أنور السادات كان أقرب إلي السواد هو الآخر ولم يعترض المصريون علي رئاسته لهم بسبب لونه، وشدد نعيم علي أنه لا يعتقد أن المصريين تهمهم تلك النقطة إلا من باب أصوات النساء اللاتي لا يحببن الرجل الأسود.
وفي نفس الاتجاه يؤكد الدكتور إبراهيم البيومي غانم- الخبير بقسم بحوث وقياسات الرأي العام بالمركز القومي للبحوث - أن المجتمع المصري غير عنصري علي الإطلاق خاصة تجاه ذوي البشرة السوداء ودلل غانم علي ذلك بأن المصريين يعتبرون أنفسهم ضمت شعوب القارة السوداء وتتساوي مصر مع جميع الدول الأفريقية في الهم الذي لحق بهم بسبب الاستثمار ولفت غانم إلي أن أسباب الاعتقاد بوجود تمييز من المصريين ضد السود يرجع إلي عهدما قبل الثورة وهي الفترة التي اتسمت بوجود بيئة اجتماعية يسود فيها عدد قليل من الناس يمتلكون الثروة ووجود عدد كبير من الناس يعملون لديهم من ضمن هؤلاء الناس عدد كبير من السودانيين الذين اشتهروا بمهن معينة مثل الطباخ والسفرجي والشماشرجي أي أن الأمر كله مرتبط بتكوين اقتصادي واجتماعي تسيطر فيه فئة تمتلك المال علي طبقة معينة من ضمنها السود الذين كانوا موجودين في مصر في هذا الوقت ويشتهرون بامتهانهم لمهن معينة وأكد غانم أن الأمر كله بعيد عن فكرة العنصرية وإنما مجرد وظائف علي فئة موجودة إلا أن الأمر اختلف جذريًا بعد الثورة وأصبح لا يوجد أي فرق بين أبيض وأسود أو بين مصري وسوداني أو جنسية أفريقية أخري.