د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: الطريق الصعب إلي عالمية حقوق الإنسان 5/11/2008, 11:59 pm | |
| الطريق الصعب إلي عالمية حقوق الإنسان بقلم : د. أحمد يوسف القرعي مع العد التنازلي للاحتفال بالذكري الستين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في10 ديسمبر المقبل, يبدو واضحا أن الطريق إلي تعزيز حقوق الإنسان في عالمنا المعاصر مازال طويلا وشاقا وصعبا ويتطلب ـ من وجهة نظر تشاؤمية ـ ستين عاما أخري حتي تتحقق علي أرض الواقع روح الإعلان العالمي1948 قبل نصوصه, وحتي يتحقق الالتزام بمواثيق حقوق الإنسان من قبل الدول الكبري قبل الدول الصغري, وحتي تلتزم كل حكومة بحقوق الإنسان علي أرض الواقع قبل الترويج الإعلامي لها.... وحتي... وحتي... إلخ.
وفي سياق دعوته إلي بناء كومنولث كوني واحد أبرز المفكر الماليزي المعروف محاضير بن محمد أهمية مفهوم عالمية حقوق الإنسان من منطلق دعوته إلي عولمة أكثر عدلا وانصافا لمصلحة كل الشعوب وكل الدول كبيرها وصغيرها, وهنا يؤكد مفكرنا ضرورة مناقشة وإعادة تعريف مسألة حقوق الإنسان دون أن يدعي أحد أو دولة أو شعب أو حضارة أن من حقه أو حقها احتكار الحكمة أو معرفة ما يمثل حقوق الإنسان ويبدو واضحا أن مفكرنا يوجه نقده اللاذع بصفة خاصة إلي الإدارة الأمريكية, ومن أبرز المآخذ التي يسجلها مفكرنا ممارسة ازدواجية المعايير في مجال ممارسة حقوق الإنسان والتدخل السافر في الشئون الداخيلة للدول علي الرغم من استقلالها ويكفي الإشارة هنا إلي ما جري خلال السنوات الثماني العجاف للإدارة الأمريكية الحالية2001 ـ2008 والتي جعلت الناخب الأمريكي هذا الأسبوع يرجح كفة الديمقراطيين في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعل وعسي أن يتداركوا سقطة الجمهوريين وفشلهم في العمل علي تحقيق عالمية حقوق الإنسان, مما أشاع وجهة النظر التشاؤمية بشأن صعوبة تحقيق هذا المطلب الدولي من ناحية وارتكاب مخالفات عديدة ومتنوعة لمختلف مواثيق حقوق الإنسان. وفي سياق تلك النظرة التشاؤمية راجت وجهات نظر لا أخلاقية تدعو إلي خصوصية حقوق الإنسان وتدعي أن صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في10 ديسمبر1948 تحديدا, كان يخص الإنسان الأوروبي بصفة خاصة دون الشعوب الأخري بزعم أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كان رد فعل لظهور نتاج الثورة الصناعية في أوروبا, وما حققته من اشباع مختلف الاحتياجات الأساسية للأفراد هناك, فصبغت عليهم صفة الإنسانية, وبالتالي ـ كما يزعمون ـ يستحقون الحقوق المنصوص عليها في إعلان1948, أما باقي العالم في الجنوب فلم تشبع حاجاته الأساسية آنذاك, وبالتالي كما تدعي وجهة النظر اللانسانية فإن دول الجنوب لاتزال في مرتبة أقل من الإنسانية ومن ثم ليس لهم أي حقوق.
وفي هذا السياق أيضا ادعي الغرب منذ وقت مبكر أن الحضارة الحديثة هي حضارة الغرب بينما الحضارة ـ في الواقع ـ هي تراكم حضاري أسهمت فيه كل البشرية, لكن الغرب استحوذ علي ثمار هذا التراكم الحضاري وجاءت جامعة هارفارد وغيرها من الجامعات الأمريكية والغربية لتثير هوجة صدام الحضارات منذ بداية التسعينيات ولم تهدأ بعد وأثرت تلك الهوجة علي اخلاقيات الدعوة إلي عالمية حقوق الإنسان. ولا عجب أن تبادر منظمة اليونيسكو الدولية منذ وقت مبكر وحتي الآن إلي سد تلك الفجوة التي استحدثها المروجون لخصوصية حقوق الإنسان لشعوب دون الأخري والتي تعد انتهاكا أخلاقيا لمختلف مواثيق حقوق الإنسان وقد أورد تقرير اللجنة الدولية المعنية بالتربية للقرن الحادي والعشرين وهي اللجنة التابعة لمنظمة اليونيسكو الدولية عددا من القيم الأخلاقية التي يجب أن تتزامن مع الدعوة إلي عالمية حقق الإنسان.. وفي مقدمتها: * الاعتراف بحقوق الإنسان المقترن بالشعور بالمسئوليات الاجتماعية, ومن الأهمية بمكان عدم الفصل بين الحقوق والواجبات, وعدم فرض رؤية إثنية لحقوق الإنسان منقولة عن الغرب, بل ينبغي صون هذا المفهوم وفقا للتقاليد والثقافية والسياقات الوطنية والإقليمية والتوفيق بين حقوق الفرد وحقوق الجماعة. * تفهم الاختلافات والتعددية الثقافية والتسامح إزاءها كشرط مسبق لا غني عنه لتحقيق التماسك الاجتماعي والتعايش السلمي وتسوية النزاعات عن طريق التفاوض بدلا من استخدام القوة والعمل علي تحقيق السلام في العالم. * الاهتمام والعناية بالآخرين, باعتبار ذلك من القيم الحاسمة للتربية في المستقبل وتعبيرا ذاتيا عن الرأفة الإنسانية التي نبديها لا لأفراد أسرنا وزملائنا فحسب وإنما أيضا لجميع الأشخاص المحرومين أو المرضي أو الفقراء أو المعاقين التي تقترن بالحرص علي رفاه البشرية وسلامة كوكب الأرض.
ولعل الترويج لمثل تلك القيم التي تدعو إليها منظمة اليونسكو يسهم في تحقيق عالمية أو كونية حقوق الإنسان بمعني تزايد القبول العام لاحترام حقوق الإنسان وترابط تلك الحقوق وتكاملها وعدم تجزئتها فهي منظومة حقوق في نسيج واحد لا يمكن فصله ولا يمكن استئثار شعب دون شعوب أخري بتلك الحقوق. نشرت بجريدة الأهرام عدد 6/11/2008 | |
|