مراحل
الاشكالية الاشكالية هي المقاربة او المنظور
النظري الذي قررنا تبنيه لمعالجة المشكلة المطروحة ع[بر السؤال الاولي وهي تشكل مرحلة مفصلية في البحث تقع بين القطع والبناء ، وهي تتم في
الغالب عبر مراحل ثلاث وهي :
اولا :
تحديد المقاربات وتبيان الاشكاليات الممكنة : يتعلق الأمر في هذه
المرحلة
بمعاينة المشكلة كما هي مطروحة في التساؤل الأولي ، يتعلق الامر باستغلال القراءات
و المقابلات الاستكشافية وتحديد
ما تم تم توضيحه عبرها من جوانب مختلفة للمسألة ، وهي متابعة ما تم خلال المرحلة
السابقة بمنهجية أدق ، وبمزيد من التعمق ، فغالبا ما يتم التطرق للمسألة باتجاهات
نظرية متباينة تحتاج الى توضيح خصائصها
الاساسية والجوهرية .
بالامكان تحديد المنظورات المختلفة والتمييز بينها انطلاقا من سلسلة من
المعايير مثل المفاهيم المرشدة والمحددة للنظر في الظواهر ، القضايا والمقترحات
المركزية التي ينطلق منها الفكر لتنظيم عمله ، ولكي يتمكن الباحث من القيام بهذه
الخطوة بنجاح عليه ان يكون له اطلاع واسع على النظريات ومختلف التصنيفات
لأنماط وصور المعقولية (النمط
السببي،الوظيفي،البنيوي ،التأويلي ،الفاعلي ،الجدلي) وبهذا التصنيف يمكننا ان ندرك
بصورة افضل الأسس التي تقوم عليها مختلف المقاربات ومقارنتها فيما بينها ، هذا
الربط العلائقي هو الذي يجعل الظاهرة قابلة للفهم ، من هذه الزاوية يعني اعداد
الاشكالية تحديد ثلاث عناصر مجتمعة هي :1)ما الذي نسعى الى تفسيره ،2)وبأي شيئ
سنربطه علائقيا ،3)ونمط العلاقة الذي نتوقعه بين العنصرين الأولين .
إذن تقوم الفترة الاولى من اعداد الاشكالية الى تحديد
مختلف الاشكاليات الممكنة ،وتوضيح الافتراضات المسبقة والمقارنة بينها ،والتفكير
في مستلزماتها المنهجية .
ثانيا :
مرحلة تكوين الإشكالية :
يتعلـق
الأمر في هذه المرحلة باعتماد اشكالية خاصة بالبحث ، بالفعل تكون الاشكالية مبدأ
التوجه النظري للبحث وتحدد خطوط القوة فيه
،وتمنحه تماسكه وقدرته على الاكتشاف ،وهي تتيح للتحليلات ان تنتظم في بنية وألا
تحتجر في وجهة نظر جامدة .
في مستوى الملموس هناك طريقتان للتعاطي مع هذه المسألة :
1ـ تقوم على الاخذ بإطار نظري موجود ،ومتوافق مع المسألة المدروسة
،ومفهوم تماما من حيث مفاهيمه وأفكاره الرئيسة .هذا السيناريو يرتكز اذا على الاستغلال الامثل لإشكالية من الاشكاليات
،ولأدوات نظرية سبق واثبتت جدواها ،وذلك بأن ندخل عليها ـ عند الاقتضاء ـ تعديلات
وتصحيحات تجعلها اكثر توافقا مع موضوع الدراسة
2 ـ تقوم على الرجوع الى عدة مقاربات
نظرية مختلفة ، هذه الامكانية ينبغي ان لا تستغل الا من قبل الباحثين المجربين حسب
ريمون كيفي
ان الإفصاح عن الاشكالية هو كذلك مناسبة لإعادة صياغة السؤال الاولي إن إعادة صياغة التساؤل
الأولي ضمن المفاهيم الخاصة بالمخل المختار ، و كذلك فتح آفاق للإجابة عنه ليست عمليات بسيطة و هينة ، ذلك حتى و إن تعلق الأمر
بنظرية معروفة ، فإن إعادة صياغة الإشكالية بطريقة واضحة
و منسجمة هو أمر ضروري لأن إهمال هذه العملية من
شأنه أن يؤدي غالبا بالباحث المبتدئ إلى الفشل في المرحلة الموالية المتعلقة بالبناء و ستكون فروض هذا البناء متسمة بالسطحية و التفكك و من ثم فإذا كانت مرحلة
البناء فاشلة فإن البحث كله سيكون كذلك
فالمهم ليس هو الانحياز إلى تصور نظري ما أو إلى
آخر ، و لكن المفيد هو إظهار ما ينجر عن الاختيار لإشكالية ما ، أي بلورة
فائدة هذا الخيار بكل وضوح و كذا إبراز الضرورة بدقة لاختيار إحداها دون الأخرى. فلهذا كله يمكن للباحث أن يضع حدا للغموض و الأوهام .
ثالثا : مرحلـة توضيـح الإشكاليـة:
حينما نكون بصدد مرحلة توضيح الإشكالية
توضيحا معمقا ، فقد لا نمتلك أحيانا كل الوسائل
النظرية الضرورية الأمر الذي يستدعي على
أقل تقدير إجراء قراءات مكملة ، و من هنا تظهر ضرورة الدروس النظرية ، المتبعة بالموازاة للتكوين المنهجي و تنول الأطر
التصورية المجردة كل الأهمية.
إن توضيح الإشكالية معناه الوصف الدقيق للإطار النظري
الذي يندرج
ضمنه المسعى الشخصي للباحث ، أي تحديد المفاهيم الأساسية
و الإرتباطات الموجودة فيما بينها ، و كذلك رسم البناء
المفاهيمي المتضمن لاختيار المقترحات ، و التي بدورها سيتم
إعدادها لاحقا كإجابة على التساؤل الأولي. فمن هنا يتم وضع المخطط الذي يبنى عليه نموذج التحليل و كذلك رسم الخطوط العريضة لهذا البناء الذي يسمى أحيانا بالفرضية العامة أو الموجهة. لكن نقول من
الآن أن
الإشــــكالــــية لا يمكن أن تبلغ الغاية فعلا إلا ببناء
نموذج التحليل .
و صفوة القول إن الإشكالية
هي الإطار النظري الشخصي ، الذي من خلاله يتم طرح المشـكل و تتحدد الإجابـة عنه لاحقا.. و إن كلا من التساؤل الأولي ، و الإستكشاف و
الإشكالية يمثل الخطوات الثلاث الأولــى من مخــــــطط
البحــــث و التي يسودها تفاعل جلي فيما بينها ، و تحظى عملية إعداد
الإشكالية أهمية كبرى خصوصا حينما يتعلق الأمر بطرح إشكالية جديدة و مع ذلك فالإشكالية في حد ذاتها تبقى خطوة ضرورية حتى و إن كان موضوعها
يندرج ضمن إطار نظري موجود من قبل.