غرس الوداد
تكاثرت عليّ إساءات الأصدقاء والجيران ، فقلت :
هَدْهدْ بشدوِكَ ثورةَ الأشجانِ
واصفِقْ سُلافَكَ من ندى نيسان
ما العيشُ إلاّ لفتةٌ من شادنٍ
لَدْنِ الملامِسِ فاترِ الأجفان
أو همسةٌ هَزَّتْ بُنيّاتِ الهوى
هَزَّ النسيمِ سواعدَ الريحانِ
أوْ مجلسٌ حلَّ الوِدادُ كؤوسَهُ
فجلا الشرابُ طويَّةَ النُدمانِ
فاغنمْ من الأيامِ سِحْرَ ربيعِها
في ظلِّ وارفةٍ وفَرْعٍ حانِ
أسْمِعْ نديمَكَ ما يَلَذُّ سماعُهُ
واحذرْ إثارةَ كامن الأضغانِ
واحرصْ على ودِّ الصديقِ وعِرضِهِ
إنْ غابَ واستُرْ زلَّةَ الخلاّنِ
ما الناسُ إنْ قُطِعتْ حبالُ وِدادهم
إلاّ كجاريةٍ بلا رُبّانِ
***
ما المَرْءُ مهما اغترَّ إلاّ رملةٌ
ضاعتْ بمُتَّسِعٍ من الشطآنِ
كم ذا تمادى بالغوايةِ جاهلٌ
حتّى إذا ما لَجَّ في الطُغيان
طالتْهُ أنيابُ الردى فكأنَّه
ما حلَّ يوماً عالَمَ الإمكان
فدعِ الزمانَ يَرُدُّهُ عن غيِّهِ
فالدهرُ أقوى من ذوي السُلْطان
واهجُرْ دياراً لا تَرى في أهلِها
إلاّ الفسادَ وكَثْرَةَ الخُوّانِ
خيرٌ لِنَفْسِكَ إنْ يسؤْ جُلاّسُها
سُكْنى الكهوفِ وإلْفَةُ الثُعبان
فلئن تُجالسَ ناقعاتِ السُمِّ أو
تقضي الحياةَ بصحبة السِرْحانِ
خيرٌ وأهنأ من جليسٍ خائنٍ
أو صاحبٍ مسْتَكْبِرٍ مَنّانِ
***
ما أنتَ بالإنسانِ ما لم تتّصفْ
بمكارم الأخلاقِ في الإنسانِ
فالمرْءُ إنسانٌ بحُسْنِ صنيعِهِ
وصفاتِهِ لا بارْتفاعِ الشانِ
وإذا رفلتَ بثوبِ عِزٍّ ساعةً
لا تأمننَّ تقلُّبَ الأزمانِ
ما العُمْرُ ــ إنْ طالَ المدى أو لم يَطُلْ
إلاّ دقائقَ ، بُدِّدتْ ، وثوان
فازرعْ بها في كلِّ رُكْنٍ زهرةً
واسْتَبْقِ وارِفةً بكلِّ مكان
ما خَلَّفَ الإنسانُ خيراً من شذاً
ينسابُ معطاراً بكلِّ أوانِ