وبعد أن أنهيتُ أعمالي هناك وبعت بضاعتي ، وهَمَمْتُ بركوبِ السيارة حانت منّي الْتِفاتـةٌ فرأيت (سعادت) واقـفـةً على شرفة منزلها لتودِّعني فكانت القصيدة الأخيرة في منبج وهي بعنوان :
يومُ الوداع
يومَ الوداعِ فلا سَقَتْكَ طَلولُ
كم أرَّقتْنا في البُعادِ طُلولُ
رقّي ــ سعادُ ــ وودِّعينا فالنَوى
مُرٌّ ــ فَدَيْتُكِ ــ والفراقُ طويلُ
لا ذُقْتِ ما ذاق الفؤادُ من الهوى
أَبَداً فَمَا أَمْرُ الغَرامِ قليلُ
أوَ تُسعفينَ ــ أيا سعادُ ــ بنظرةٍ ؟
ــ يا أُنْسَ روحي ــ هل لذاك سبيلُ ؟
فلَعلَّني أقضي وأُدْفَنُ ــ عندَها
وعسى تُوافي تُرْبَتي وتقولُ
نَمْ يا حبيبي ما عَرَفْتُكَ صادقاً
حتّى قضيتَ وحان منـكَ رحيلُ
نَمْ يا حبيبي .. قد وَهَبْتُكَ مُهْجَتي
يومَ القيامة إذ يدومُ وُصولُ
حرّمتُ نفسي عن سِواك وإنني
حتى نُزَفَّ إلى الجِنانِ بَتولُ
إنْ حَرَّم المـولى لِقانا هاهنا
فلنا لقاءٌ في الجِنان طويلُ
وهُناك لن نلقى عَذولاً ظالماً
ما ثَمَّ إلاَّ خُلَّةٌ وخليلُ
إنَّ العواذلَ أَسْرفوا في عذْلنا
يا ليتَ شعري هل هناكَ عَـذولُ ؟