تنطلق اليوم من البحرين تظاهرة بيئية، هي الأولى من نوعها على الصعيد الرسمي العربي، بعنوان «المنتدى العربي للبيئة والتنمية» بمشاركة 15 وزيراً وخبراء من الدول العربية، في مسعى الى تطوير سياسات تزاوج بين حماية البيئة ومشاريع التنمية.
ويأتي المنتدى وسط انشغال دولي بأزمة مال عالمية لم يسبق لها مثيل، لم توفر شظاياها الدول العربية، وما تبعها من تراجع مدوٍّ لأسعار النفط، لم يوقفه قرار «منظمة الدول المصدرة للنفط» (أوبك) أول من أمس خفضَ الانتاج بمعدل 1.5 مليون برميل يومياً، أقله في الساعات التي تلت صدور القرار، وانعكاس التراجع على مشاريع التنمية وموازنات الدول المنتجة.
والمنتدى أول محاولة عربية رسمية مشتركة لمواجهة تحديات المستقبل والتأسيس لعمل جدي يحمي البيئة العربية، واعتاد العالم العربي الاحتفال سنوياً بـ «يوم البيئة» في 14 تشرين الأول (اكتوبر) من كل سنة، كما تبنت جامعة الدول العربية شعاراً بيئياً سنوياً من أجل تركيز الاهتمام عليه وتنسيق الجهود العربية لتطويق الأخطار المحيطة بالبيئة والحؤول دون استفحالها.
كثيرة هي الأخطار البيئية التي تعانيها الدول العربية، إلا أن أبرزها التلوث المائي والهوائي، وتراكم النفايات الصناعية، والأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية، والمواد المشعة.
واعتبر «تقرير التنمية البشرية لعام 2006» الدول العربية منطقة قاحلة نسبياً بسبب ندرة المياه والاستغلال المجحف للآبار الجوفية، محذراً من أن المنطقة العربية، في غياب أي تغيير جذري لهذا المسار، ستتأخر 27 سنة عن تحقيق الأهداف الإنمائية العالمية للألفية الثانية الخاصة بالمياه والصرف الصحي. وأشار التقرير لعام 2007 - 2008 الى ان التغير المناخي سيزيد سوء هذه الحال، معتبراً أن الدول العربية من أكثر دول العالم تأثراً بالتغيرات المناخية. وتراوح التوقعات المرتقبة لها بين تنامي معدلات الجفاف وتدهور التربة والتصحر.
إلا أن الدول العربية لا تواجه لوحدها أخطار البيئة، بل يدعمها «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي»، بهدف بناء قدرات ووضع برامج تنمية مستدامة، انطلاقاً من حاجاتها في مكافحة التصحر ومكافحة الفقر والتشجيع على التنمية في المناطق الأكثر جفافاً، كما يؤمّن البرنامج الدعم التقني والتمويل لتحسين إدارة المياه.
ومهما كان مصير المقررات التي سيخرج بها المنتدى عبر تقرير وضعته لجنة في إشراف المدير التنفيذي السابق لـ «برنامج الأمم المتحدة للبيئة» مصطفى كمال، وتناول مواضيع التنمية البشرية العربية والتحضير ونوعية الهواء وموارد المياه العذبة والبيئة البحرية والتصحر وإدارة النفايات وتأثير المناخ والمبيدات والأسمدة والبيئة والحروب والتشريع البيئي والتربية البيئية والبحوث العلمية وقضايا التمويل، تكمن أهمية المناسبة في أن أصحاب القرار في الدول العربية وضعوا أصابعهم على جرح من بين جروح عربية كثيرة ما زالت تنزف منذ عقود.
نقلاً عن جريدة الحياة عدد 26/10/2008