مقال هام جداً للأستاذ الكبير/ لبيب السباعى - نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام المصرية
الأرقام التي يعلنها الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي عن مرتبات أعضاء هيئة التدريس بالجامعات تثير دهشة هؤلاء الأساتذة أنفسهم ويزعمون ـ سامحهم الله ـ أنهم لا يعرفون شيئا عن تلك المبالغ التي يقول الوزير إنهم يتقاضونها كمرتبات وهم في انتظار تدخل الرئيس حسني مبارك لتصحيح أوضاعهم بعد تدهور مكانتهم, خصوصا أن وعود الدكتور هاني هلال, مازالت في انتظار التطبيق برغم أن هذه الوعود لا تلقي استجابة كاملة من مجتمع هيئة التدريس.
أستاذ فاضل كتب يقول إن أحوال أساتذة الجامعات أصبحت لا تحتمل والمرتب الهزيل الذي يتقاضاه الأستاذ لا يساعده علي عيشه كريمة أو حتي غير كريمة حيث لا يتجاوز المرتب الأساسي للأستاذ500 جنيه رغم تصريحات الوزير بأن هذا المرتب يتجاوز ثلاثة آلاف جنيه والوزير يعلم قيمة الراتب الأساسي وما يعلنه هو مبلغ قد يتحقق إذا أضيفت الحوافز والمستنقعات علي رأي الفنان سعيد صالح, أما الأستاذ الكبير الذي يشرف علي رسائل الماجستير أو الدكتوراه فهو من السعداء والمحظوظين حيث يتقاضي ـ في عين العدو ـ تسعة وسبعين جنيها كاملة مقابل الإشراف علي رسالة الدكتوراة!! وللأسف الصورة غير واضحة عن هذا الواقع المرير.. فالبعض يتصور أن أساتذة الجامعة كلهم يتمتعون بدخول طيبة أو علي الأقل معقولة والحقيقة أن من يستطيع منهم أن يعيش بدون بهدلة نسبة لا تتجاوز2% وهم أصحاب المهن الأخري مثل الأطباء أو المهندسين أو عدد محدود للغاية من أساتذة القانون أو المحاسبة, بالإضافة طبعا إلي هؤلاء الذين ميزهم نظام البرامج المتميزة المدفوعة بعد أن أصبح هنـاك أســــتاذ ـ لامؤاخذة ـ عادي وأستاذ آخر متميز علي رأسه تاج من الريش!! والأخير طبعا يناله من الحب جانب كبير من الدخل نظير تدريسه للطلاب المتميزين.
ويضيف لقد سعدنا جميعا بفوز فريقنا القومي لكرة القدم بكأس بطولة الأمم الإفريقية ونتشرف ونفخر به ونشجعه بكل قوة, ولكن بصراحة أصابنا نحن الأساتذة الشعور بالحسرة والآسي علي أحوالنا المزرية وتأثرنا بمدي اهتمام الدولة وكل المسئولين بالسادة الأفاضل حضرات اللاعبين بالفريق وجهازه الفني والطبي والإداري.. وقد بشرتنا الصحف جميعها بأن كل لاعب ـ ربنا يبارك له ـ قد حصل علي مائة ألف جنيه عن مباراة ساحل العاج في الدور قبـــل النهائي!! بسم الله ما شاء الله مائة ألف جنيه عن تسعين دقيقة!! شوف تبقي الدقيقة الواحـدة بكام؟ علما بأن أستاذ الجامعة لا يحصل علي نصف هذا المبلغ كمكافأة في نهاية الخدمة بعد أربعين سنة كاملة من العمل والتعليم!! أي أن لاعب كرة قدم عمره أقل من ثلاثين عاما يحصل في تسعين دقيقة علي ضعف ما يحصل عليه أستاذ الجامعة وهو علي أبواب المعاش!! وبشرتنا الصحف ـ أيضا لكي نزداد فرحا وسرورا ـ بأن مرتب السيد المحترم الفاضل الكابتن مدرب المنتخب القومي قد تقرر زيادته لتحسين أحواله في ظل ارتفاع الأسعار ليصبح هذا المرتب مائة ألف جنيه كل شهر بدلا من خمسة وسبعين ألفا فقط!! أي أن مرتب سيادته ـ بارك الله له ـ فيه حوالي ثلاثة آلاف جنيه يوميا بما فيها أيام الأجازات الأسبوعية والدينية والقومية وغيرها.. وإذا كان دخل الأستاذ شاملا الحوافز وغيرها لا يقترب من رقم الثلاثة آلاف جنيه شهريا فإن ذلك معناه أن مرتب سيادة المدرب القدير في اليوم الواحد يعادل مرتب أستاذ الجامعة في الشهر!! اللهم لا حسد وربنا يبارك له, ولكن السؤال هو هل يمكن أن نفكر كيف يعيش أستاذ الجامعة بالمرتب الهزيل الذي يتقاضاه؟! هل نعاقبه لأنه اختار طريق العلم بدلا من كرة القدم؟!!
وحتي تقتلنا الحسرة علي أحوالنا ـ يضيف الأستاذ ـ هلت علينا السيدة الفاضلة الراقصة نجوي فؤاد بعنوان صحفي بارز تصرخ فيه سيادتها أين العدالة ؟ حيث تطالب الجهات الإنتاجية في مدينة الإنتاج وصوت القاهرة بتعديل أجرها الذي هو ـ يا حرام ـ لا يتجاوز ثلاثة آلاف جنيه عن الحلقة التليفزيونية الواحدة وطالبت مرارا برفعه دون جدوي رغم ما قدمته من عطاء في عالم الرقص لا ينكره إلا حاقد أو مغرض!!.
ويتساءل الأستاذ بمرارة هل أخطأنا الطريق؟ إن كل ما نطلبه فقط هو أن نعيش حياة كريمة.. ولا نطالب أو نحلم ـ والعياذ بالله ـ بأن نقترب من السادة الأفاضل لاعبي الكرة أو الفنانين كان الله في عونهم وأعانهم علي تحمل ارتفاع الأسعار مع ما يتقاضونه من مئات الألوف من الجنيهات التي لا تكفي متطلبات الحياة!!
والأستاذ الجامعي متأثر لأنه يتصور أن لاعب الكرة يتقاضي مائة ألف جنيه فقط وأظن أن رحمة الله سبحانه وتعالي جعلت معلومات الأستاذ الكروية تقف عند هذا الحد لأنه لو عرف أن حضرات اللاعبين يتقاضون عدة ملايين كل عام, ولو علم أن السيد عصام الحضري مثلا علي وشك أن يتقاضي عشرة ملايين من الجنيهات في عامين فقط.. لو علم الأستاذ الفاضل ببعض ذلك لأصابه ما هو أكثر من الأسي والمرارة!!
نقلاً عن جريدة الأهرام المصرية عدد 25/4/2008