د. فرغلى هارون
المدير العـام
عدد الرسائل : 3278 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: بيانات النمو والتضخم بحاجة للمراجعة 12/11/2009, 3:13 pm | |
|
بيانات النمو والتضخم بحاجة للمراجعة بقلم: أحمد السيد النجار رئيس تحرير تقرير الاتجاهات الاقتصادية والاستراتيجية بمركز الأهرام للدراسات
جريدة الأهرام عدد 12 نوفمبر 2009 في المؤتمر الأخير للحزب الوطني قدمت الحكومة قائمة متنوعة من البيانات الاقتصادية التي تظهر أداء الحكومة علي أنه إيجابي خلافا لما تقول به المعارضة والعديد من الدراسات المستقلة. ومن المفيد للأمة وللحكومة والمعارضة ان يتم تمحيص تلك البيانات من أجل الوقوف علي حقيقة الأداء الاقتصادي للحكومة, حتي يمكن تطوير اداء الاقتصاد والسياسات التي يدار علي أساسها, سواء من خلال هذه الحكومة او من خلال حكومة جديدة تفرضها ضرورات التغيير والتطوير.وتشير البيانات الرسمية الي ان معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي قد بلغ6.9%,7.1%,7.2%,4.8% في الأعوام المالية2009/2008,2008/2007,2007/2006,2006/2005 بالترتيب. وتبدو هذه المعدلات باستثناء العام المالي الأخير الذي شهد الكساد العالمي العظيم الجديد, مرتفعة, بغض النظر عمن ذهبت إليه ثمار هذا النمو إذا كان قد حدث فعليا علي النحو الذي تشير إليه البيانات الرسمية. لكن البيانات الرسمية تشير علي سبيل المثال إلي أن معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي بسعر السوق الجارية( أي بدون استبعاد تأثيرات التضخم) قد بلغ20.4% في العام المالي2008/2007 حسب بيانات النشرة الإحصائية الشهرية الصادرة عن البنك المركزي المصري( عدد يونيه2009, صـــــ17), بينما بلغ معدل التضخم في العام نفسه نحو20.2% حسب نفس المصدر( ص20), فكيف يمكن والحال هكذا ان يكون معدل النمو الحقيقي الذي استبعدت منه تأثيرات التضخم قد بلغ7.2% في العام المالي المذكور؟! إنه مستحيل علميا, بل هو نمو ينطوي علي نسبة عالية من التغير في قمية الناتج( تضخمي) وليس في حجمه. والحقيقة ان معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي يعتمد علي الاستثمارات الجديدة, وعلي تحسن الإنتاجية في المشروعات القائمة. ووفقا للبيانات الرسمية فإن معدل الاستثمار( نسبة الاستثمار الي الناتج المحلي الإجمالي بسعر السوق), بلغ نحو18.7%,20.9%,22.3%,19.2% في الأعوام المالية2009/2008,2008/2007,2007/2006,2006/2005 بالترتيب, وهذه المعدلات تكفي بالكاد في افضل الاحوال لتحقيق معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي يدور حول مستوي3% علي أساس ان العائد السنوي علي هذه الاستثمارات يدور حول مستوي15% من قيمة الأموال المستثمرة, أي مايوازي3% من التاتج المحلي الإجمالي تقريبا. وإذا أضفنا إليه التحسن الممكن في إنتاجية الجهاز الإنتاجي القائم فعليا فإن معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي من الممكن ان يبلغ4% في أفضل الأحوال, هذا في حالة إسهام تلك الاستثمارات في الناتج بصورة سريعة وفعالة.وقد جاء النمو الاقتصادي في مصر, أيا كان الرقم الحقيقي له, في وقت كان الاقتصاد العالمي يحقق خلاله أعلي معدلات نموه منذ30 عاما حتي ولو كان نموا مبنيا علي أسس هشة تداعت بعد ذلك. وبلغ النمو الاقتصادي ذروته في دول آسيا الناهضة حيث بلغ9%,9.8%,10.6%,7.7% في الأعوام المذكورة بالترتيب. وبلغ المعدل في الصين نحو10.4%,11.6%,13%,9% في الأعوام المذكورة بالترتيب, حسب بيانات صندوق النقد الدولي. كما أن القطاعات المسئولة عن النمو كانت هي القطاعات الأولية والعقارية والمالية وقناة السويس. كما ان نظام الأجور الذي يحدد اقتسام القيمة المضافة بين أرباب العمل في القطاعين العام والخاص, وبين العاملين لديهم, هو نظام سييء كلية يؤدي الي سوء توزيع الدخل ولا علاقة له بمتطلبات الحياة وحفز العمل والابتكار, ويكفي ان نذكر ان الحد الأدني للأجر في هذا النظام هو105 جنيهات وفقا للتصريحات الحكومية, وأن الوظيفة الواحدة في الجهاز الحكومي والهيئات الاقتصادية والقطاع العام لعاملين يحملون نفس المؤهل, ولهم نفس الاقدمية, ويتلقون نفس التقديرات عن عملهم, لها عدة أجور شاملة, يبلغ بعضها أكثر من عشرة أضعاف البعض الآخر, كما ان الأجور الاساسية التي يتسم توزيعها بالانضباط, لا تزيد عن19% من مخصصات الأجور وما في حكمها للعاملين بالدولة, بينما تستحوذ الأجور الاضافية علي النسبة الباقية, وهو التوزيع الغريب الذي جعل بعض موظفي الدولة يحصلون علي دخول شهرية تتجاوز ألفي ضعف للحد الأدني للأجور. كما ان الحديث عن زيادة الأجور بنسبة100% خلال السنوات الأربع الماضية, لم يوضح أن تلك الزيادة هي نسبة من المرتبات الأساسية المحدودة أصلا, بينما تطبق ارتفاعات الأسعار علي مجمل استهلاك المواطنين وضمنهم الموظفون, من السلع والخدمات, وبذلك تعجز المرتبات حتي بعد ارتفاع الاجور الاساسية, عن مواجهة ارتفاعات الأسعار الشاملة. وقد ارتفع معدل التضخم ( معدل ارتفاع اسعار المستهلكين) في مصر من4.7% عام2005/2004, إلي7.2% عام2006/2005, إلي8.6% عام2007/2006, إلي20.2% عام2008/2007 وتشير بيانات صندوق النقد الدولي الي ان هذا المعدل بلغ16.5% في العام2009/2008. لكن هذه البيانات الرسمية الخاصة بالتضخم لاتعبر عن الحالة الحقيقية لحركة الأسعار ومعدل التضخم الأعلي بكثير في مصر, نظرا لأن معدل التضخم هو من أكثر المؤشرات التي تتعرض للحسابات غير الدقيقة, حيث يتم تحديد الأوزان النسبية للسلع والخدمات في السلة التي يقاس التضخم علي أساسها, في اتجاه تقليل وزن السلع والخدمات التي ارتفعت أسعارها بقوة, وزيادة الوزن النسبي لتلك التي لم ترتفع اسعارها او ارتفعت بمعدلات صغيرة. ومن الضروري الإشارة الي ان ارتفاع معدل التضخم, يؤدي الي إعادة توزيع الدخل لصالح الأثرياء وأصحاب حقوق الملكية, علي حساب اصحاب حقوق العمل من العمال والموظفين وأصحاب المعاشات, مما يؤدي لزيادة الاختلال في توزيع الدخل في مصر. وهناك مخاوف مشروعة من ارتفاع معدلات التضخم مجددا في ظل تفاقم الدين الداخلي في مصر.ومن الضروري الإشارة الي ان ارتفاع معدل التضخم يؤدي لاضطراب حسابات الاستثمار القائمة علي توقعات المستقبل, ويشجع علي الاندفاع غير الرشيد الي تكديس الثروات في الاستثمار العقاري والمعادن النفيسة وفي المضاربة في البورصة, وهي مجالات استثمارية تشكل علامة علي الاقتصادات المفتقدة للثقافة الاستثمارية الضرورية لتطور الاستثمارات في الاقتصاد العيني الزراعي والصناعي والخدمي المتطور, وهي الاستثمارات الحقيقية التي يمكن ان تدعم التطور الاقتصادي الفعال لاي بلد.
| |
|