إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 دور حركة عدم الانحياز في إدارة العولمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

دور حركة عدم الانحياز في إدارة العولمة Empty
مُساهمةموضوع: دور حركة عدم الانحياز في إدارة العولمة   دور حركة عدم الانحياز في إدارة العولمة Empty19/7/2009, 2:02 pm


دور حركة عدم الانحياز في إدارة العولمة
بقلم: د‏.‏ طه عبد العليم

رغم التمايز الاقتصادي بين مجموعات البلدان النامية استمرت أدوار حركة عدم الانحياز وغيرها من المنابر التي تدافع عن مصالحها الاقتصادية المشتركة‏.‏ وجاءت الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة كاشفة لحقائق أن العولمة الاقتصادية تحمل مخاطر وخسائر بجانب الفرص والمكاسب وأن إدارة العولمة تتسم بعدم انصاف الفقراء لصالح الأغنياء بما يخل بعدالة توزيع الثروة العالمية‏,‏ وأن تصحيح مسار عملية العولمة بما يعزز تنمية الاقتصاد الحقيقي لا غني عنه للتنمية المستدامة‏.‏

وقد تطور تاريخيا تعبير حركة عدم الانحياز‏,‏ وفي قلبها مجموعة الـ‏77,‏ عن تناقض مصالح الجنوب مع مصالح الشمال‏.‏ وهكذا‏,‏ فقد طالب إعلان القاهرة في الستينيات بإدارة دولية أكثر عدالة للتجارة والمدفوعات الدولية‏,‏ ثم تبلورت في السبعينيات الدعوة إلي إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد يعزز التنمية الاقتصادية والأمن الاقتصادي لبلدان الجنوب‏,‏ وأخيرا تصاعدت مطالب الجنوب من الثمانينيات لتحريره من وطأة الديون الخارجية وفوائدها الثقيلة التي ضيعت عقدا علي التنمية‏.‏ ومع نهاية الحرب العالمية الباردة وصعود العولمة الاقتصادية واشتداد تمايز اقتصادات الجنوب بدا أن ما يفرق البلدان النامية قد تغلب ما يوحدها‏.‏ بيد أن الإدارة غير المنصفة للعولمة والتفاوت الحاد في توزيع مكاسبها من منظور شتي مجموعات الاقتصادات النامية‏,‏ عادت لتوحد صف الجنوب من أجل إدارة ديموقراطية حقا للعولمة وتصحيح مسار عملية العولمة ذاتها‏.‏
وفي سياق مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية‏,‏ وما سبقها من أزمات الغذاء والطاقة وغيرها وما ترتب عليها من آثار وخيمة علي جميع بلدان الجنوب‏,‏ وخاصة الأقل نموا والأشد فقرا‏,‏ كانت‏'‏ وثيقة‏'‏ و‏'‏إعلان‏'‏ و‏'‏خطة عمل‏'‏ شرم الشيخ الصادرة عن القمة الخامسة عشرة لدول عدم الانحياز في مصر‏,‏ تعبيرا عن جديد في التوجه الاقتصادي لحركة عدم الانحياز‏.‏ فقد نبهت‏'‏ الوثيقة الختامية‏'‏ إلي أن تداعيات الأزمة العالمية تؤثر سلبا وبشدة علي النمو الاقتصادي والتنمية في الدول النامية علي نحو قد يزيد الفقر فيها‏,‏ ونددت بالتأثير السلبي للإجراءات الأحادية التي تفرضها بعض الدول المتقدمة في مجال الإصلاحات المنشودة عالميا في مجال العلاقات الاقتصادية والتجارية الدولية والقواعد التي تحكمها علي نحو يتم علي حساب الدول النامية‏.‏

لكن الجديد الهام مقارنة بزمن الصراع مع‏'‏ الاستعمار الجديد‏'‏ والصدام بين‏'‏ الرأسمالية والاشتراكية‏'‏ هو أن تأكيد قادة عدم الانحياز علي التزامهم بتعزيز التنسيق والتعاون بين الدول النامية أعضاء حركتهم السياسية والتجمع الاقتصادي في مجموعة الـ‏77,‏ قد ترافق مع تأكيدهم علي أن الأزمة العالمية تقتضي التعاون المكثف بين الدول المتقدمة والنامية لتجاوز ما ألحقته بالجميع من أضرار بالتنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي والسلم والأمن وحقوق الإنسان‏.‏ كما اعترفت الوثيقة بما تتيحه العولمة من فرص ومكاسب‏,‏ رغم ما تثيره من مخاطر وتحديات من منظور الدول النامية‏.‏ ومن ثم لم تدع الوثيقة إلي نبذ العولمة‏,‏ وإنما أشارت‏-‏ وبحق‏-‏ إلي ما أدت إليه من توزيع غير متكافيء للمزايا علي نحو جعل الدول النامية أشد تأثرا بالآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية وتغير المناخ وأزمات الغذاء والطاقة‏.‏ بل وأكدت الحركة الحاجة لأن تتحول العولمة إلي قوة ايجابية لمصلحة جميع الشعوب ببذل الجهود لوضع استراتيجية عالمية تعطي أولوية للتنمية الدولية‏.‏ ودعا الزعماء إلي استكشاف آليات جديدة تمكن دول الحركة من تقديم المساعدة لأي دولة عضو في حالة تعرضها لأضرار أو عقوبات أو مقاطعة اقتصادية‏.‏ وتسليما بمكاسب تحرير التجارة ودعت‏'‏ الوثيقة الختامية‏'‏ إلي العمل للتوصل إلي نظام تجاري عالمي يستند إلي قواعد تتسم بالإنصاف وعدم التمييز بانجاح مفاوضات جولة الدوحة التي تتسم بالتوازن‏.‏

وفيما يتعلق بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية وأسبابها وتداعياتها وآليات مواجهتها مشددا علي الدور المركزي للأمم المتحدة في تخفيف آثار الأزمة علي الدول النامية أكد‏'‏ إعلان شرم الشيخ‏'‏ علي الحاجة إلي إصلاح جوهري في عملية صناعة القرارات ووضع المعايير المالية الاقتصادية في المؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف وما قد يتطلبه تطوير عملها من اتفاقيات دولية جديدة بما يعزز دور الدول النامية‏.‏ كما شدد الإعلان علي أهمية ضمان توفير الأمن الغذائي لشعوب الدول الأعضاء‏,‏ وخاصة بتعزيز التعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة ووكالات الأمم المتحدة ومنظماتها‏.‏ وأما‏'‏ خطة عمل شرم الشيخ‏'‏ التي اعتمدها قادة دول وحكومات حركة عدم الانحياز‏,‏ فقد دعت إلي تفعيل وتحسين آليات التنسيق بين مواقف دول الحركة بما يحمي مصالحها داخل منظمات ووكالات الأمم المتحدة أو الهيئات الدولية ذات الصلة‏.‏ وشددت الخطة علي ضرورة التعاون بين دول الجنوب‏,‏ باعتباره‏'‏ مكملا للتعاون بين الشمال والجنوب‏',‏ مع استمرار التنسيق والتعاون بين مجموعة الـ‏'77‏ والصين‏'‏ وحركة عدم الانحياز‏.‏

وإنطلاقا من حقيقة عدم انصاف‏'‏ إدارة العولمة‏'‏ دعا الرئيس مبارك في افتتاح القمة إلي‏'‏ نظام دولي سياسي واقتصادي وتجاري جديد‏..‏ أكثر عدلا وتوازنا‏..‏ ينأي عن الانتقائية وازدواج المعايير‏..‏ يحقق مصالح الجميع‏..‏ ويراعي شواغل الدول النامية وأولوياتها‏..‏ ويرسي ديمقراطية التعامل بين الدول الغنية والفقيرة‏..‏ ويحقق التمثيل المتوازن للعالم النامي‏'.‏ وتسليما بما تحمله‏'‏ عملية العولمة‏'‏ من فرص شدد علي ضرورة الوصول بمواقف دول الحركة إلي‏'‏ الشركاء علي اتساع العالم‏..‏ بصوت قوي ومسموع‏..‏ علي نحو ما قمت به ـ مع بعض قادة دول الحركة ـ خلال القمة الأخيرة لمجموعة الدول الثماني الصناعية في إيطاليا‏..‏ دفاعا عن مصالح الدول النامية‏'.‏
والواقع أن كل ما سبق يثبت حقيقة المصالح المشتركة لغالبية البلدان النامية التي تضمها حركة عدم الانحياز‏.‏ ورغم هذا فإن الالتباس‏,‏الذي أثاره‏'‏ مسمي عدم الانحياز‏'‏ بعد نهاية نظام القطبين وصعود نظام القطب الواحد‏,‏ مشروع‏.‏ بيد أن هذا الالتباس‏,‏ رغم ضرورة إزالته‏,‏ يخفت مع بشائر صعود نظام تعدد الأقطاب‏,‏ لن تغيب فيه دوافع‏'‏ الصراع‏'‏ رغم عوامل‏'‏ الوحدة‏'‏ بين القوي الكبري‏,‏ في ميدان الاقتصاد وغيره من ميادين التنافس الدولي‏.‏ ولا جدال في تمايز البلدان أعضاء الحركة بين مجموعة البلدان الصناعية الجديدة والصاعدة المصدرة للسلع المصنعة والبلدان المصدرة للنفط والغاز والبلدان المصدرة للمواد الأولية الأخري الزراعية والتعدينية والبلدان المصدرة للخدمات والبلدان متنوعة الصادرات‏..‏ إلخ لكنها جميعا رغم تباين مكاسب مجموعاتها المتباينة من عملية العولمة بتفاوت أنصبتها من الثروة العالمية المتعاظمة تعاني من عدم انصاف إدارة العولمة‏,‏ وخاصة جراء إضعاف دورها في وضع قواعد وعمل مؤسسات النظام الاقتصادي العالمي‏,‏ الرسمية وغير الرسمية‏,‏ كما تعاني من انكشافها إزاء تصدير الأزمات الاقتصادية من الشمال إلي الجنوب‏.‏

وتزيد وضوحا أهمية ما جاء في وثيقة وإعلان وخطة قمة شرم الشيخ لحركة عدم الانحياز‏,‏ كما تتجلي ضرورة دور الحركة في تصحيح مسار إدارة العولمة باعتبارها المنبر الأوسع للبلدان النامية‏,‏ إذا أدركنا أن مراجعة النظم الاقتصادية الوطنية تواكبها مراجعة للنظام الاقتصادي الدولي في ضوء التعلم الايجابي من الأزمة الاقتصادية العالمية‏.‏ وإذا كانت مراجعة النظم الوطنية تنطلق من نبذ المفاضلة بين أدوار السوق والدولة باعتبارهما متكاملين‏,‏ وتدعو للجمع بين الكفاءة الاقتصادية وعدالة التوزيع باعتبارهما متلازمين‏,‏ وتنطلق من التسليم بأفضلية اقتصاد السوق بشرط أن يكون اجتماعيا يحقق التوازن بين الربح الخاص وربحية المجتمع بتعزيز المسئولية المجتمعية للشركات‏,‏ فإن مراجعة النظام الدولي بدورها تنطلق من نبذ المفاضلة بين التجارة الحرة وفتح الأسواق والتجارة العادلة والحماية المبررة باعتبارهما متكاملين‏,‏ وتدعو للجمع بين تحرير تدفقات الاستثمارات والأموال والعملات وبين تنظيم هذه التدفقات باعتبارهما متلازمين أيضا‏,‏ وهو ما يستهدف حماية مصالح جميع الشركاء وخاصة بتعزيز المسئولية الدولية للشركات‏.
نشرت بجريدة الأهرام عدد 19/7/2009
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
دور حركة عدم الانحياز في إدارة العولمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» جغرافيات العولمة .. قراءة في تحديات العولمة الاقتصادية والسياسية والثقافية
»  شهادة إدارة الأفراد نظام الساعات المعتمدة (تستكمل بها الدراسة الأكاديمية)
» مساهمة في تاريخ حركة التحليل النفسي
»  7 دول عربية تشارك في مؤتمر تكنولوجيا إدارة البلديات
» التعددية الإثنية .. إدارة الصراعات وإستراتيجيات التسوية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: