إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نظام النقد الدولي‏..‏ الجانب المجهول من كينز

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

نظام النقد الدولي‏..‏ الجانب المجهول من كينز Empty
مُساهمةموضوع: نظام النقد الدولي‏..‏ الجانب المجهول من كينز   نظام النقد الدولي‏..‏ الجانب المجهول من كينز Empty12/4/2009, 10:10 pm


نظام النقد الدولي‏..‏ الجانب المجهول من كينز
بقلم : د‏.‏ حازم الببلاوي
‏أعادت الازمة المالية العالمية اسم الاقتصادي الانجليزي جون ماينر كينز إلي الساحة من جديد‏,‏ وكان اسم كينز قد قفز إلي الواجهة بعد الازمة المالية في الثلاثينات من القرن الماضي‏,‏ وعندها كان السائد في النظرية الاقتصادية التقليدية هو ان اقتصاد السوق قادر علي تصحيح اخطائه بنفسه‏,‏ وان البطالة امر عارض لايمكن ان يدوم‏,‏ وان المطلوب فقط هو ان تمتنع الحكومات عن التدخل في الحياة الاقتصادية حتي تتحقق العمالة الكاملة ويستمر النمو الاقتصادي‏,‏ وجاءت الازمة المالية في ذلك الوقت لتكذب هذه العقيدة‏,‏ وهنا تقدم كينز في مؤلفه عن النظرية العامة للعمالة وسعر الفائدة والنقود‏1936‏ مؤكدا ان الازمات الاقتصادية تقع نتيجة لنقص الطلب‏,‏ وانه لامناص من تدخل الحكومات بسياسات للانفاق لاعادة الانتعاش إلي الاقتصاد‏,‏ وقد نجحت سياسات كينز التدخلية في اعادة الحيوية إلي النشاط الاقتصادي‏,‏ وعرف الاقتصاد العالمي خلال ربع القرن التالي للحرب العالمية الثانية فترة مجيدة من النمو الاقتصادي والاستقرار في معظم دول العالم‏.‏ ومع ذلك تعرضت افكار كينز إلي ردة وشبه ثورة مضادة منذ الثمانينات بدءا بحكومة تاتشر في انجلترا ثم ريجان في أمريكا‏,‏ وبدأ اتجاه
معارض لكل تدخل حكومي في الحياة الاقتصادية‏,‏ وكان علي رأس المعارضين الاقتصادي الأمريكي ميلتون فريدمان‏.‏


احياء الكينزية‏:‏
والآن وبعد ان انفجرت من جديد الازمة المالية العالمية الحالية منذ‏2008,‏ اعاد العالم اكتشاف افكار كينز في أن التوازن لايتحقق تلقائيا في اقتصاد السوق‏,‏ بل ان هذا الاقتصاد خاصة اسواق المال قادر علي اخفاء الاخطاء والاختلالات لسنوات قبل ان تظهر علي السطح وتنفجر‏,‏ كما حدث في الشهور الاخيرة للفقاعة المالية وبذلك عادت النظرية الكينزية من جديد للاضواء‏,‏ ولم يعد الحديث عن دور الدولة في الاقتصاد ـ إلي جانب السوق ـ مدعاة إلي الاعتذار بل اصبح امرا مطلوبا من جميع الأوساط‏,‏ ولعل الولايات المتحدة الأمريكية ـ قلعة الحرية الاقتصادية ـ قد أوضحت خلال الشهور القليلة الماضية انه دون تدخل من الدولة بشكل حاسم فان الأمور يمكن ان تتجه إلي كارثة اقتصادية تعم العالم‏,‏ وجاء اجتماع مجموعة العشرين منذ ايام للتأكيد علي الدور المتزايد للدولة في الاقتصاد‏.‏ وليس الغرض من هذه المقالة اعادة ترديد ما ذكره كينز عن أهمية السياسات الاقتصادية التدخلية لحماية مستوي النشاط الاقتصادي مع العدالة الاجتماعية‏,‏ وانما ما أود الاشارة إليه هو جانب آخر من آراء كينز ـ غير المشهورة ـ في صدد تشكيل نظام النقد العالمي‏,‏ وكيف ان افكاره والتي استبعدت في بداية الاربعينيات من القرن الماضي‏,‏ ربما تكون مفيدة الآن ونحن نتحدث عن اصلاح هذا النظام‏.‏ فعندما بدأت تباشير نهاية الحرب العالمية الثانية واتضح ان انتصار الحلفاء كاد ان يصبح مضمونا‏,‏ بدأت الحكومتان الأمريكية والبريطانية في الاعداد لنظام نقدي جديد لما بعد الحرب‏,‏ يتجنب المساويء القائمة في العلاقات الدولية آنذاك والتي ادت إلي نوع من الحروب الاقتصادية الصامتة بين الدول الصناعية وانتهت بقيام الحرب العالمية‏,‏ وقد اتفق في ذلك الوقت علي أهمية ارساء قواعد جديدة تضمن حرية التجارة واستقرار العملات وحرية انتقال رءوس الاموال‏.‏
وشكلت الحكومتان لجنة لاعداد تصوراتهما عن النظام النقدي المقترح لما بعد الحرب‏,‏ وكان الوفد البريطاني برئاسة كينز في حين كان الوفد الأمريكي برئاسة وايت‏,‏ وقدم الوفدان تصوراتهما‏,‏ وانتهي الأمر بالأخذ ـ بشكل عام ـ بالخطوط الرئيسية الواردة في مقترحات الوفد الأمريكي مع تجاهل مقترحات كينز‏,‏ وانتهي الأمر بتشكيل النظام الدولي الجديد وفقا لذلك في مؤتمر بريتون وودز‏1944‏ علي أساس انشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي‏.‏
وتبدو أهمية أفكار كينز عن تشكيل نظام النقد الدولي اذا أعدنا قراءة مقترحاته في ذلك الوقت لما ينبغي ان يكون عليه نظام النقد الدولي‏,‏ وحتي نفهم الدلالة الحقيقية لتلك المقترحات‏,‏ فقد يكون من المناسب ان نعيد إلي الاذهان بعض اخطر مساويء نظام النقد الحالي‏.‏

عيوب النظام النقدي الحالي‏:
يقوم النظام النقدي الحالي من الناحية الواقعية علي أساس الدولار‏,‏ أي علي اساس عملة وطنية تصدر من دولة لها سياساتها الوطنية‏,‏ وكذلك فانه رغم ان اتفاقية صندوق النقد الدولي تدعو إلي التأكيد علي أهمية التوازن في العلاقات الدولية‏,‏ فان سياسات الصندوق لاتتضمن اية قيود أو جزاءات علي دول الفائض‏,‏ فهي تقتصر علي فرض بعض القيود علي دول العجز وحدها حين تحتاج إلي الاقتراض من الصندوق‏,‏ ومن هنا اصبحت الاختلالات في موازين المدفوعات هي السمة الغالبة بين الدول‏.‏ وقد اثار استخدام الدولار ـ وهو عملة وطنية ـ كأساس للمعاملات الدولية انتقادات كثيرة‏,‏ منها انه يحابي الدولة المصدرة لهذه العملة‏,‏ بأن يوفر لها مزايا في الحصول علي موارد اقتصادية من العالم بلا مقابل حقيقي بمجرد توفير أوراق نقدية للتعامل الدولار‏,‏ وبذلك تتمتع الولايات المتحدة تجاه العالم بما يشبه الحق في فرض ضرائب علي العالم‏,‏ مقابل استخدام الدولار في المعاملات الدولية‏.‏ ولكن هناك عيبا آخر وهو ان اصدار هذه العملة للتعامل الدولي يأخذ في الاعتبار بالدرجة الأولي مصالح الاقتصاد الوطني الأمريكي‏,‏ وليس بالضرورة مصالح العالم‏,‏ فالسياسة النقدية الأمريكية هي بالدرجة الأولي سياسة أمريكية وطنية لاتأخذ بالاعتبارات الدولية إلا بالقدر الذي يناسبها‏.‏
وأخيرا فان قيام الولايات المتحدة الأمريكية باصدار الدولار لاستخدامه في المعاملات الدولية يعني ان تصبح الولايات المتحدة ـ عمليا ـ بمثابة البنك المركزي العالمي الذي يصدر النقود الدولار للتعامل النقدي الدولي‏,‏ ومعروف ان البنك المركزي ـ في اية دولة ـ يصدر النقود في شكل مديونية عليه‏,‏ ولذلك فان مديونية الولايات المتحدة الأمريكية للعالم تعتبر جزءا عضويا في النظام النقدي العالمي‏,‏ فالدولارات لكي تتوافر للعالم تتطلب ان تصبح الولايات المتحدة مدينة للعالم الخارجي بهذه الدولارات‏,‏ وبذلك فان المديونية الأمريكية المتعاظمة هي نتيجة طبيعية لدور أمريكا باعتبارها الدولة المصدرة للعملة الدولية‏,‏ وبذلك يصبح وجود العجز في ميزان المدفوعات الأمريكية امرا لامناص منه‏.‏ فماذا اقترح كينز قبل نهاية الحرب العالمية الثانية فيما يتعلق بالنظام النقد الدولي؟

اقتراحات كينز لنظام نقدي مختلف‏:‏
تضمنت اقتراحات كينز وضع التوازن في العلاقات الدولية كأسس لسلامة المعاملات الدولية‏,‏ ولذلك فقد كان كينز لاينظر بعين الرضا لكل اختلال في موازين المدفوعات‏,‏ يستوي في ذلك الفائض والعجز‏,‏ وعلي عكس النظام الحالي الذي لايفرض اية قيود أو جزاءات علي دول الفائض فقد رأي كينز ان اختلال التوازن في العلاقات الدولية هو مسئولية مشتركة بين دول العجز ودول الفائض‏,‏ فالعجز لايتصور قيامه إلا اذا وجد فائض مقابل لدي طرف آخر‏,‏ ولذلك فان كينز لم يكتف بفرض قيود علي دول العجز‏,‏ بل اقترح فرض جزاءات ايضا علي دول الفائض‏,‏ فاذا تراكمت الفوائض لدولة ما لعدة سنوات‏,‏ فانها تكون معرضة لالغاء هذه الفوائض وبهذا الشكل يضع النظام المقترح ضغطا علي دول الفائض لكي تعمل علي تخفيض او الغاء هذه الفوائض بتشجيعها علي الاستيراد من الدول الأخري‏,‏ خاصة من دول العجز‏,‏ مما يؤدي إلي فتح فرص جديدة امام دول العجز للتصدير لدول الفائض‏.‏ ولكن كينز لايكتفي بذلك‏,‏ بل هو يريد ان يكون النظام دوليا بالمعني الكامل‏,‏ بحيث لاتكون النقود الدولية مجرد عملة وطنية تتداول دوليا بل تقوم مؤسسة دولية باصدار عملة دولية في شكل ائتمان‏,‏ تقدمه هذه المؤسسة للدولة المحتاجة عن طريق عملة جديدة اطلق عليها اسم البانكور فالمؤسسة الدولية المقترحة لاتقرض نقودا وطنية لاحدي الدول‏,‏ وانما تصدر ائتمانا عليها‏,‏ ويقبل هذا الائتمان في التعامل من مختلف الدول‏,‏ وهكذا تتحول هذه المؤسسة النقدية الدولية إلي نوع من البنك المركزي العالمي الذي يصدر نقودا دولية باعتبارها ائتمانا علي الاقتصاد العالمي وتقبل من جميع الدول‏,‏ وبطبيعة الاحوال فان ادارة هذه المؤسسة خاصة فيما يتعلق بالاصدار النقدي تكون علي مستوي جماعي ويراعي في اصدارها احتياجات الاقتصاد العالمي‏,‏ ولايخفي ان ظهور حقوق السحب الخاصة في نهاية الستينيات قد أخذ بشكل جزئي بمفهوم كينز عن اصدار نقود دولية في شكل ائتمان يصدر عن صندوق النقد الدولي‏,‏ ولكن مازال دور حقوق السحب الخاصة محدودا جدا في المعاملات الدولية‏,‏ وفي اجتماعهم الأخير قررت مجموعة العشرين زيادة حقوق السحب الخاصة بمبلغ‏250‏ مليار دولار‏,‏ نصيب الدول الصناعية منها نحو‏60%‏ وهي زيادة في موارد صندوق النقد الدولي‏.‏
وكان الاقتصادي الأمريكي توبن‏TOBIN‏ قد اقترح ان تفرض ضريبة علي المضاربات المالية لتوظيف حصيلتها في خدمة المصالح العامة للمجتمع الدولي مثل حماية البيئة‏,‏ ولاشك ان الاخذ باقتراح مماثل لما قدمه كينز واصدار مثل هذه العملة الدولية من مؤسسة دولية يمكن ان يكون مساعدا لفرض مثل هذه الضريبة‏,‏ فهنا يمكن ان تقتطع المؤسسة الدولية عمولة او رسما عند منح الائتمان للمقترضين يخصص للانفاق لأغراض التنمية البشرية في العالم‏.‏

العودة إلي كينز مرة أخري‏:‏
الحديث عن اصلاح النظام النقدي الدولي قد يتطلب البدء في التفكير في اصدار عملة دولية جديدة‏,‏ واعادة موضوع التوازن في العلاقات الدولية إلي صلب اهتمامات الاقتصاد العالمي‏.‏ وهنا فقد لانكون في حاجة إلي اختراع كينز جديد للمعاونة علي انقاذ العالم من الازمة المالية الحالية كما سبق ان فعلها في السابق‏,‏ ويكفي ان نعيد قراءة كينز القديم والله أعلم‏.‏
نشرت بجريدة الأهرام عدد 12/4/2009
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
نظام النقد الدولي‏..‏ الجانب المجهول من كينز
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» برامج صندوق النقد الدولي وأزمة التنمية في الدول النامية
» إعلان نظام الثورة
» قواعد القانون الدولي الإنساني والتعامل الدولي
» المعرى ذلك المجهول
» البحرين تلغى رسمياً نظام الكفيل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: