إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 د. محمود عبد الفضيل يكتب: غرق وول ستريت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

د. محمود عبد الفضيل يكتب: غرق وول ستريت Empty
مُساهمةموضوع: د. محمود عبد الفضيل يكتب: غرق وول ستريت   د. محمود عبد الفضيل يكتب: غرق وول ستريت Empty27/2/2009, 11:30 pm

د. محمود عبد الفضيل يكتب: غرق وول ستريت Fadeel03-02-09
غرق وول ستريت
د. محمود عبد الفضيل
أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة

شهدت حقبتا الثمانينيات والتسعينيات اتساع دائرة التعامل فى الأصول المالية (من أسهم وسندات)، ومشتقاتها من عقول آجلة وعقود خيارات، على نحو ليس له مثيل من قبل. ودخلت مجموعة جديدة من المدخرين- صغارا من أبناء الطبقة الوسطى، وكبارا، مثل صناديق التأمينات والمعاشات- أسواق المال والبورصات العالمية المفتوحة على مصراعيها فى ظل العولمة فى البلدان المتقدمة وفى الأسواق الناشئة. وارتفعت كتلة الأموال والمدخرات 'بلا حدود' التى تتم المخاطرة بها والمضاربة بها فى أسواق المال، جريا وراء 'التكاثر المالي' المنفصم تماما عن عمليات التراكم الإنتاجى، والذى أصبح سمة مميزة للتطور الرأسمالى الحديث فى ظل صعود 'رأس المال المالي'، واتساع شبكة واسعة من شركات السمسرة والوساطة المالية، وصناديق الاستثمار والمخاطرة..


وفى ظل هذه 'السكرة المالية'، اندفعت أعداد وفئات من المدخرين ومن المضاربين المحترفين إلى دخول لعبة 'الحظ والمصادفة' فى أسواق المال العالمية. وعندما انهارت الأسواق المالية فى آسيا خلال صيف عام 1997، جاءت التحليلات من البلدان الرأسمالية المتقدمة لتلقى بالمسئولية على قلة الخبرة للمؤسسات المالية فى تلك البلدان، وضعف القطاع المالى هناك، وانعدام رقابة البنوك المركزية، والفساد، وغير ذلك من المسببات. وصدق البعض هذه التحليلات لفترة، وكأن الأزمة ليست 'أزمة النظام المالى الجديد' فى مجمله، الذى يعجز عن التأمين ضد مخاطر السوق المالية المتزايدة، وعدم كفاية رأس المال للشركات المالية وصناديق المخاطرة لتغطية مخاطر السوق غير المتوقعة.

ورغم هذا الضعف البنيوى لهياكل الأسواق المالية، ولاتساع دائرة المعاملات التى تتسم بارتفاع درجات المخاطرة والانكشاف، فقد ظل الشعار المطروح من شركات المال والسمسرة العالمية لكل العملاء: 'لا تخشوا شيئا فى المستقبل، إنكم تتعاملون مع أكبر شركات السمسرة المالية فى العالم، ولدينا خبراء يستطيعون مضاعفة أموالك خلال فترة وجيزة من الزمن، وأن كل المخاطر محسوبة بدقة ومغطاة بالكامل'.

وهكذا، اتسعت دائرة نشاط شركات السمسرة والوساطة المالية وصناديق المخاطرة، التى كان شغلها الشاغل الاتجار فى المخاطر من خلال عقود ما يسمى 'المشتقات المالية'. ففى خلال التسعينيات، اتسع حجم الاتجار فى 'المشتقات المالية' التى تعتبر أداة مهمة من أدوات المضاربة المستقبلية، من خلال ما يسمى 'عقود المقايضة'، و'العقود المستقبلية على العملات'، و'عقود الخيار'، خاصة بالأسهم والعملات، وغيرها من التباديل والتوافيق التى تم استحداثها خلال السنوات الأخيرة.

ولقد تصاعد حجم هذه المعاملات بشكل خطير منذ أوائل التسعينيات، لكى يرتفع حجم المعاملات من نحو 292 مليار دولار أمريكى عام 1990 ليصل إلى نحو 850 مليار دولار أمريكى خلال النصف الأول من عام 1994 وحده.
ولهذا، نجد أن العالم كله يعيش قبل الأزمة الأخيرة فى سبتمبر 2008 حالة من 'الهوس المالي'، حيث يصفى المستثمرون استثماراتهم فى الأصول الحقيقية (أو المضمونة) ولكنها محدودة العائد، لكى يندفع الجميع نحو عالم الصكوك والعقود المالية التى أصبحت بمثابة 'ورق يانصيب' والطريق إلى الثراء السريع.

وهكذا، أخذت عربة المضاربات المالية تسير بسرعات جنونية، والنشاط يجرى بشكل محموم، حتى وقعت الواقعة وانهارت كبرى الشركات والقلاع المالية فى 'وول ستريت'، قلب النظام المالى المعولم.
وقبل ذلك، غرقت شركة 'LTCM"، أى المسماة 'إدارة رأس المال طويلة الأجل'، تلك الشركة التى كانت تتعامل فى محافظ مالية فى حدود 200 مليار دولار أمريكى، وأصبحت على حافة الإفلاس. وهى الشركة التى كان يشارك فى ملكيتها وإدارتها اثنان من أكبر علماء الاقتصاد فى مجال 'الاستثمار فى المشتقات المالية'، وهما: 'ميرتون' و'شولز' الحاصلان على جائزة نوبل فى العلوم الاقتصادية عام 1997، لقيامهما بتطوير أدوات تحليلية ونماذج رياضية للتحوط ضد المخاطر المالية لهذا النوع من الأصول والصكوك المالية.

ولقد أدى انهيار هذه الشركة إلى اضطرابات واسعة فى أسواق المال العالمية، طالت أسواق المال والقطاع المصرفى فى اليابان وأوروبا ونيويورك. بل لقد طالب أعضاء الكونجرس الأمريكى بفتح تحقيق وجلسات استماع حول كيف يعتمد استقرار كل النظام المالى فى نيويورك على صندوق استثمار واحد كبير عالى المخاطر.
كل هذا كان بمثابة 'إنذار مبكر' يشير إلى أن أوضاع أسواق المال ومخاطرها، مع التوسع فى الاتجار فى المشتقات المالية، ليس لها كبير، وأن 'العتاولة' وقعوا فى شر أعمالهم، كما يقول المثل الدارج. ومن هنا، فإن الأزمة المالية الحالية التى تضرب أطنابها فى كل بقاع العالم، عبر أوروبا، وآسيا، وطوكيو، وموسكو، والخليج، ليست نتيجة خلل وظيفى فى أداء النظام المالى العالمى، وإنما تشير إلى أن هناك 'شيئا فاسدا فى الامبراطورية الجديدة'، تماما كما قال هاملت 'إن هناك شيئا فاسدا (أو عفنا) فى دولة الدنمارك'.

إذ إن الخلل الحقيقى يكمن فى أن النظام المالى المعولم، بمضارباته ومراهناته على 'المشتقات المالية' وعلى 'العقود الآجلة' عابرة الحدود، قد تحول إلى ساحة قمار كبيرة يلعب فيها الملايين بأموالهم الصغيرة والكبيرة. وهكذا، اقترب 'الاقتصاد المالى الحديث' من الممارسات التى سماها اللورد كينز فى الثلاثينيات اقتصاد الكازينو. ومن هنا، تجئ الدعوة الملحة لتأسيس 'معمار جديد للنظام المالى العالمي'، يساند النمو والتراكم الإنتاجى الحقيقى فى كل من العالمين المتقدم والآخذ فى النمو.
نشرت بمجلة السياسة الدولية عدد يناير 2009
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
د. محمود عبد الفضيل يكتب: غرق وول ستريت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الكاتب الكبير محمود عوض يكتب: الســـودان وليـس المفرمـة
» الكاتب الكبير محمود عوض يكتب: إسرائيل فى السودان جنوباً وغرباً
» الكاتب الكبير محمود عوض يكتب: نهاية دراويش العولمة المنفلتة..؟
» وول ستريت الثانية : نهاية إيديولوجيا العولمة
» من قتل الأقباط؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: