إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 د. محمد السيد سعيد يكتب عن: التدين والتقدم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

د. محمد السيد سعيد يكتب عن: التدين والتقدم Empty
مُساهمةموضوع: د. محمد السيد سعيد يكتب عن: التدين والتقدم   د. محمد السيد سعيد يكتب عن: التدين والتقدم Empty14/2/2009, 10:44 pm


التدين والتقدم
بقلم: د. محمد السيد سعيد
المصريون أكثر شعوب العالم تديناً. هذا هو الاستنتاج الذي خرج به المسح الأخير لمعهد «جالوب» عن ظاهرة التدين في 186 دولة وصدر منذ أيام.
ونحن كمصريين نعرف هذه الحقيقة عن ظهر قلب ونقارن بفخر واعتزاز سلوكنا الديني بغيرنا من شعوب الأمم العربية والمسلمة وننتهي دائماً بأننا الأكثر تديناً والأقرب إلي روح الدين أيضاً. ولم تُتح لي الظروف حتي الآن قراءة المسح الذي قام به معهد «جالوب» مكتفياً بالتقرير المفصل الذي قدمته قناة الـ «بي بي سي» التليفزيونية. ويخيل لي أن طريقة اكتساب التدين سطحية وذاتية إلي حد كبير. إذ اكتفي التقرير بسؤال مفردات العينة عن أهمية الدين في حياتها وخرج التقرير أيضاً بنتيجة طريفة وهي أن المسلمين والأمريكيين متقاربين من حيث الاهتمام بالدين. وبالفعل يلحظ من عاش في أمريكا هذه الظاهرة وبالذات من عاش في الولايات المعروفة باسم الحزام الإنجيلي، حيث لا تكاد طرق التفكير تختلف في قضايا الدين عن منطقة القبائل في باكستان مثلاً.

هذه الحقيقة تنهي أسطورة التعارض الثنائي بين المجتمع الحديث والتقليدي، ففي قلب المجتمع الأكثر حداثة في العالم كان هناك دائماً نوع من التدين الصارم، الذي يقترب من القرون الوسطي.
والجديد في الصورة هو أنه ثبت عدم سلامة القول بأن المجتمع الذي يقوم علي الدين لا يستطيع أن يحقق مظاهر التقدم التي نعرفها في الدول الحديثة. ومن اللافت للنظر أن المجتمعين اللذين يحققان سرعات عالية نسبياً في التقدم الاقتصادي والتكنولوجي في منطقتنا الإسلامية متأثران بالدين بصور مختلفة. ففي تركيا جرت صياغة دولة علمانية سمحت أخيراً بحكومة إسلامية منتخبة ديمقراطياً بعد حرب شعواء علي الفكر الإسلامي حققت هذه الحكومة أعلي معدلات التقدم الاقتصادي في التاريخ الحديث لتركيا. أما في إيران فيقوم نظام ولاية الفقيه ويعيش المجتمع حالة ثورة أيديولوجية دينية متواصلة منذ عام 1979 ومع ذلك آخر التطورات هو تمكنها من إرسال قمر صناعي مصنع محلياً إلي الفضاء وتحقق إيران معدلات عالية من النمو الصناعي وتتطور هياكلها الاقتصادية كماً ونوعاً، يوماً بعد يوم رغم الحصار.

ولكن ذلك لا يعني أن التدين بالذات هو سبب التقدم، ويعد هذا القول تزييفاً للحقيقة مثلما لو قلنا إن التدين بذاته هو سبب الفقر والتخلف. فالمهم هو المحتوي الثقافي والأخلاقي للتدين في حياة مختلف الشعوب. وقد يكون هذا المحتوي متدنياً إلي حد بعيد ولا يعرف دافعاً حقيقياً للتطور، بل يرفض سائر مظاهره غير المادية. وفي حالة تركيا نجد أن التدين متأثر بشدة بالتقاليد الصوفية من ناحية وبالخبرات البروتستانتية التي عاش في ظلها ملايين من الأتراك من ناحية أخري. أما في إيران فالتقاليد القومية والتراث العلمي والمعرفي والإبداعي الفريد تمتزج بقوة بالطريقة التي يمارس بها الناس واجباتهم الدينية.

ويخيل لي أن ما فشلنا فيه في مصر هو الوصول إلي محتوي ثقافي وأخلاقي عال لطريقتنا في التدين، فمن الناحية السياسية مازلنا عاجزين عن الأخذ بحل ديمقراطي كما طورته تركيا مثلاً. أما تراثنا العلمي والمعرفي فهو موضع احتقار شديد من هؤلاء الذين ينظر لهم كحراس للعقيدة، أما علي المستوي المدني فالعلاقة بين القيم الإيجابية للدين والسلوك الفعلي، تكاد تغيب تماماً ويمكن أن يكون المرء أكثر تديناً وأكثر فساداً أو أكثر تديناً وأكثر استغلالاً، فضلاً بالطبع عن أن يكون الأكثر بعداً عن العقل والعقلانية، هذا هو ما كشفت عنه سلسلة طويلة من الأحكام القضائية التي ظهرت في العام الماضي
نشرت بجريدة البديل عدد 14/2/2009
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
د. محمد السيد سعيد يكتب عن: التدين والتقدم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: