إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تعليم اللغة العربية في تركيا بين بالأمس واليوم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

تعليم اللغة العربية في تركيا بين بالأمس واليوم Empty
مُساهمةموضوع: تعليم اللغة العربية في تركيا بين بالأمس واليوم   تعليم اللغة العربية في تركيا بين بالأمس واليوم Empty18/12/2008, 4:14 pm


تعليم اللغة العربية في تركيا بين بالأمس واليوم
د.عبد الحليم محمد عصفور

تشاطر الأتراك والعرب روابط تاريخية وثقافية عميقة قائمة على الثقافة الإسلامية المشتركة. حين أظل الإسلام الإمبراطورية العثمانية خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، فتلاقى العرب والأتراك على مراحل، حيث انضمت سوريا ولبنان وفلسطين ومصر ومنطقة الحجاز للسلطنة العثمانية في عهد السلطان بايزيد الثاني (1481م ـ1512م) والسلطان ياووز سليم (1512م ـ1520م)، والعراق والبصرة وليبيا والجزائر واليمن والسواحل الشرقية لشبه الجزيرة العربية في عهد السلطان سليمان القانوني (1527م ـ 1566م)، وجنوب شبه الجزيرة العربية واليمن (1568م) وتونس (1574) والمغرب (1577م) في عهد الصدر الأعظم صوكوللو محمد باشا. ومع دخول الإمبراطورية العثمانية مرحلة الانحطاط بدأت الدول الأوروبية بغزو هذه الأراضي واحدة تلو الأخرى.‏

كان تعليم اللغة العربية من الوسائل الحتمية الكفيلة باستمرار النظام الإداري الذي ورثه العثمانيون من الأتراك السلجوقيين والذي لم تكن فيه الثقافة التركية الطابع الغالب في المجتمع الإسلامي بل كانت منصهرة في ثقافة إسلامية مشتركة.أما في الوقت الراهن عندما يقال «تعليم اللغة الأجنبية» فلا يخطر على البال عادة إلا تعلم اللغات مثل الإنجليزية والألمانية والفرنسية وغيرها من اللغات الأوروبية الشائعة. فهناك قناعة شائعة في تركيا على أن تعليم اللغة العربية يندرج ضمن التعليم الديني.‏

نظرة تاريخية سريعة‏
لقد نشأت الثقافة التركية الإسلامية بعد اعتناق الأتراك للإسلام في عهد القراخانيين (932م ـ1212م) الذين اتخذوا الحروف العربية في كتابة لغتهم التركية، وبذلك احتلت لغة القرآن مكانة مرموقة في حياة الأتراك. إذ كانت اللغة الرسمية للدولة التركية في الأناضول هي اللغة العربية وذلك حتى القرن الثاني عشر. وقد ظلت محتفظة بهذه المكانة حتى القرن الثالث عشر قبل أن تحل محلها اللغة الفارسية تدريجيًا. ‏
لقد كانت المدارس التقليدية هي المؤسسات التعليمية الوحيدة في الدولة السلجوقية. وكانت لغة التعليم فيها هي اللغة الفارسية. أما تعليم النحو والصرف العربيين في تلك المدارس فكان جاريًا لغرض استيعاب الكتب الدينية والمراجع الإسلامية الرئيسة. لذلك فإن الهدف المنشود من تعليم اللغة العربية لم يكن لتعليم اللغة نفسها بل لترسيخ التعليم الديني بواسطة لغة القرآن. ‏
أما العهد العثماني فمن الممكن دراسته من ناحية تعليم اللغة العربية في مرحلتين، الأولى «مرحلة ما قبل تأسيس المدارس الرسمية» (1299م ـ1773م)، والثانية «مرحلة المدارس الرسمية» (1773م ـ1923م ). مرحلة ما قبل تأسيس المدارس الرسمية (1299م ـ1773م) كانت لغة التعليم خلال هذه المرحلة هي اللغة العربية، إلا أن الهدف من تعليم اللغة العربية ليس إلا فهم الكتب المدرسية السارية في ذلك الوقت، واستيعاب المصادر الإسلامية الرئيسة من تفسير وحديث وفقه إسلامي. وكان تعليم اللغة العربية يعتمد على تعليم القواعد النحوية والصرفية عن طريق حفظ كتب الصرف وهي «أمثلة»، «بناء»، «مقصود»، «عزّي»، «الشافية»، وكتب النحو وهي «العوامل»، «إظهار»، «الكافية»، «ملاّ جامع»... إلخ. وكانت طريقة التعليم هي تدريس الكتب المذكورة ثم قراءتها عن ظهر القلب. وهي طريقة تقوم على الاستدلال حيث تعطى القواعد أولاً وتليها بعض الأمثلة العشوائية وبمعزل عن السياق اللغوي غالبًا. ولم تكن لهذه المدارس مناهج دراسية معتمدة من قبل إحدى الجهات الرسمية في ذلك الوقت. فكانت معلومات طلابها مقتصرة على فحوى هذه الكتب من قواعد وعلل معظمها غير عملية. وبذلك كانوا يتعلمون معلومات عن اللغة العربية وليست اللغة العربية نفسها. وبذلك فتعليم اللغة العربية في تلك المرحلة , أشبه بتعليم اللاتينية والإغريقية لدى الغرب في العصور القديمة.‏

مرحلة المدارس الرسمية (1773م ـ1923م(‏
في هذه المرحلة تم لأول مرة تأسيس مدارس رسمية على المستوى المتوسط تابعة لـ«نظارة المعارف» (وزارة التربية) في الوقت الذي واصلت فيه المدارس التقليدية التي تمولها الأوقاف دراستها على المنهاج القديم الأنف الذكر. وكانت دراسة اللغة العربية في هذه المدارس «الجديدة» تجرى كمادة مساندة لتعليم التركية العثمانية بجانب اللغة الفارسية. وقد جرى تعليم اللغة العربية في هذه المدارس "الجديدة" في إطار تعليم قواعد الصرف والنحو العربيين التي من شأنها تسهيل دراسة التركية العثمانية التي أصبحت لغة «مختلطة» من التركية والعربية والفارسية من ناحية ثروة الكلمات والتراكيب اللغوية والبناء. ومن السهل تقويم أسباب فشل تعليم اللغة العربية في هذه المدارس إذا أخذنا بعين الاعتبار عدم تمكن معلمي تلك المدارس من إجراء أسهل حوار ثنائي مع أبناء العرب في عهدهم. لذلك لم تكن حالة تعليم اللغة العربية في هذه المدارس «الجديدة» مختلفة عن التعليم الجاري في المدارس التقليدية.‏
البحث عن مناهج جديدة ظل تعليم اللغة العربية في المدارس التقليدية كما هو، خلال مرحلة المدارس الرسمية التي ظهرت فيها جهود فردية في سبيل تسجيل خطوات ناجحة في تدريس اللغة العربية. فعلى سبيل المثال كان «الحاج إبراهيم أفندي»، وهو مؤسس مدرسة" دار التعليم" الابتدائية الخاصة في عام 1882م، ذائع الصيت بفضل طريقته الجديدة في تعليم اللغة العربية لتلاميذ هذه المدرسة الذين تتراوح أعمارهم بين 11ـ14 سنة. وعليه فقد أصدر السلطان والحكومة أوامر هما لتطبيق وتطوير «تعليم اللغة العربية بطريقة الحاج إبراهيم أفندي» الذي يقوم على شرح قواعد الصرف والنحو العربيين شرحًا وافياً ليسجلها الطلاب بعد ذلك في كراساتهم، وبالتالي إجراء تدريبات كافية حول القاعدة المشروحة من قبل الطلاب. وكانت كل حصة تتضمن مراجعة الدرس السابق وتعلم قواعد لغوية جديدة ثم حفظها، فضلاً عن توجيه الاهتمام لمهارات التحدث والترجمة من التركية إلى العربية. إلا أن هذه الطريقة لم تكتسب إقبالاً شاملاً وظلت مجهودًا فرديًا.‏

تعليم اللغة العربية من تأسيس الجمهورية التركية إلى يومنا‏
تركزت الجهود في عهد مصطفى كمال أتاتورك على تطوير التعليم على المستوى الابتدائي، الأمر الذي أدى إلى تكثيف الجهود على تعليم اللغة التركية التي أصبحت عنصرًا أساسيًا من عناصر القومية التركية. وقد صدر في عام 1924م ضمن هذه الجهود قانون" توحيد التعليم" الذي تم بموجبه توحيد جميع المؤسسات التعليمية والتربوية تحت رعاية وزارة التربية الوطنية والقاضي بإلغاء المدارس التقليدية التي سبق ذكرها. وكانت الفترة ما بين 1930م ـ1950م بمثابة فترة «ركود» بالنسبة لتعليم اللغة العربية في جمهورية تركيا. إلا أنه في أعقاب الخمسينيات حيث انتشرت مدارس الأئمة والخطباء في أنحاء البلاد، أصبحت اللغة العربية تُدرس في هذه المدارس كمادة دراسية مساندة لمواد أخرى من تفسير وحديث وفقه وغيرها من المواد المهنية، وكذلك في كليات الشريعة أو ما يسمونها بالإلهيات وأقسام اللغة العربية وآدابها التابعة لمختلف الجامعات.‏

تعليم اللغة العربية في ثانويات الأئمة والخطباء‏
تفيد إحصائيات العام الدراسي 2000/2001م بدراسة 95716 طالبًا في 600 ثانوية للأئمة والخطباء في أنحاء البلاد. ومدة الدراسة في هذه الثانويات التي تعتبر «مهنية» هي أربع سنوات تتضمن السنة التحضيرية لتعليم اللغة العربية خلال السنة الأولى من خلال 15 حصة أسبوعيًا. أما في السنوات الثلاث التالية فيتم تدريس اللغة العربية من خلال أربع حصص أسبوعيًا كل سنة.‏
إن تعليم اللغة العربية في هذه الثانويات لم يحقق النجاح المطلوب وذلك لعدة أسباب، من أبرزها عدم توافر المؤهلات الدراسية عمومًا لدى معلمي مادة اللغة العربية لكون معظمهم متخرجين من كليات الشريعة التي ليست من تخصصها تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها. ولا يزيد عدد معلمي مادة اللغة العربية المتخرجين في أحد أقسام اللغة العربية وآدابها بالجامعات على 171 معلمًا فقط. كما أن عدم توافر مواد دراسية مناسبة لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها وبالأحرى لتدريسها للأتراك، أدى دورًا سلبيا في تعليم اللغة العربية.‏

تعليم اللغة العربية في كليات الشريعة‏
اتخذت كليات الشريعة التي تستمر مدة الدراسة فيها أربع سنوات تشكيلاً جديدًا في السنوات الأخيرة، حيث تم تقسيمها إلى فرعين، أحدهما يدرب طلابه لإعداد الباحثين في مجال العلوم الإسلامية وكذلك لتغطية احتياج الكادر الإداري والتربوي لدى المؤسسات الدينية الرسمية، والفرع الثاني يتولى تدريب معلمين لمادة الدين والأخلاق إي لإلزامية للمدارس على المستوى المتوسط والثانوي. يدرس طلاب النوع الأول من كليات الإلهيات مادة اللغة العربية من خلال تسع حصص أسبوعيًا في السنة الأولى، وأربع حصص أسبوعيًا في السنة الثانية، وحصتين في السنة الثالثة والرابعة على التوالي. أما النوع الثاني من هذه الكليات فيجري تعليم اللغة العربية فيها خلال السنتين الأولى والثانية فقط، وذلك من خلال خمس حصص في السنة الأولى وأربع حصص في السنة الثانية. والهدف من دراسة اللغة العربية في هذه الكليات هو تمكين الطالب ودعمه لغويًا لاستيعاب علوم القرآن وفهم النصوص الدينية المكتوبة باللغة العربية. كما أن للنوع الأول من هذه الكليات فروع اللغة العربية وبلاغتها تتم فيها الدراسة على مستويي الماجستير والدكتوراه في مجال البلاغة العربية والنحو العربي والمدارس النحوية والأدب الإسلامي.‏

تعليم اللغة العربية في الجامعات التركية‏
هناك 6 جامعات تركية حكومية تتضمن أقسامًا خاصة بتعليم اللغة العربية وآدابها، وهي:‏
1ـ جامعة غازي بأنقرة ـ كلية التربية ـ قسم تدريس اللغة العربية.‏
2ـ جامعة أنقرة ـ كلية ا للغات والتاريخ والجغرافيا ـ قسم اللغة العربية وآدابها.‏
3ـ جامعة اسطنبول ـ كلية الآداب ـ قسم اللغة العربية وآدابها.‏
4ـ جامعة أتاتورك بمدينة أرضروم ـ كلية العلوم و الآداب ـ قسم اللغة العربية وآدابها.‏
5 ـ جامعة سلجوق بمدينة كونيا ـ كلية العلوم و الآداب قسم اللغة العربية وآدابها .‏
6ـ جامعة كيريككالة ـ كلية العلوم و الآداب ـ قسم اللغة العربية وآدابها .‏
تم تأسيس قسم تدريس اللغة العربية/جامعة غازي بأنقرة في عام 1985م خصيصًا لغرض تدريب معلمي مادة اللغة العربية بثانويات الأئمة والخطباء ولتدريس «العربية الحية» للطلاب الجامعيين. وهو القسم الوحيد الذي يخضع طلابه لدراسة «السنة التحضيرية» بهدف تعلم المهارات الأساسية للغة العربية من خلال 25 حصة إلى30 حصة دراسية أسبوعيًا، تتم خلالها متابعة سلسلة «العربية للحياة» المنشورة من معهد اللغة العربية ـ جامعة الملك سعود، بالإضافة إلى نشاطات دراسية إضافية يعدها المحاضرون. والمدة الدراسية هي خمس سنوات مع السنة التحضيرية .‏
أما أقسام اللغة العربية الباقية فمدة الدراسة فيها هي أربع سنوات يتم خلالها التركيز على الأدب العربي والبحث العلمي بجانب المواد الدراسية الرامية إلى تدريس المهارات اللغوية الأساسية. كما تجري في الأقسام الثلاثة الأولى الأنفة الذكر دراسة اللغة العربية على مستويي الماجستير والدكتوراه.‏

إن المشكلات والصعوبات التي تعانيها هذه الأقسام ليست مختلفة تمامًا عن التي تعانيها ثانويات الأئمة والخطباء بالنسبة لتعليم اللغة العربية. فعلى سبيل المثال لا يوجد مختبر لغوي لأي من هذه الأقسام، ولا مكتبة تشمل كتبًا باللغة العربية يستفيد منها الطالب لتطوير مهاراته اللغوية. فان إمكانيات الطالب لقراءة رواية أو قصة عربية مقتصرة على ما يوفره له المحاضر أو عضو التدريس بإمكانياته المحدودة. لذلك فإن هناك مسؤوليات كبيرة تقع على عاتق سفارات الدول العربية وبخاصة الملحقيات الثقافية المعتمدة لدى تركيا لإقامة حوار ـ على أقل تقدير ـ مع تلك الأقسام للبحث عن السبل الكفيلة بتزويد الطلاب وأعضاء التدريس على حد سواء بكتب ومواد دراسية باللغة العربية، وتنسيق ندوات أكاديمية مشتركة بين الكوادر العلمية، وتنظيم أسابيع ثقافية متبادلة، وتنسيق مشاريع تعليمية مشتركة وغيرها من النشاطات التي من شأنها دفع عجلة تعليم اللغة العربية تمشيًا مع المناهج والطرق الحديثة؛ إذ يتعامل الناس عادة مع الشعب الذي يجيدون لغته بأسلوب أكثر ودية.‏
جريدة الاسبوع الادبي العدد 1122 تاريخ 11/10/2008
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
تعليم اللغة العربية في تركيا بين بالأمس واليوم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تمكين اللغة العربية
» اللغة العربية معناها ومبناها
» اللغة العربية مسئولية قومية
» المحسنات في اللغة العربية ووظيفتها
» مصر .. بلا وزير تعليم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: